الجفاف الشديد يفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي والمائي في اليمن
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
قال توفيق الشرجبي، وزير المياه والبيئة في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، أن التغيرات المناخية تؤثر سلباً على إنتاج الغذاء في اليمن، مما فاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي والمائي وسط استمرار الصراع في هذا البلد المصنف كأحد أفقر الدول العربية.
وجاء في تقرير حديث للبنك الدولي أن اليمن يُعد من بين أكثر بلدان العالم فقراً في المياه، حيث لا يحصل أكثر من 55 في المئة من السكان، أي نحو 18 مليون نسمة، على المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي المأمونة.
وقال الشرجبي في مقابلة مع رويترز «خلال العقد الأخير أصبح للتغيرات المناخية آثار كارثية على البيئة بشكل عام، وعلى الإنتاج الزراعي والسمكي والحيواني بشكل خاص. تتعرض العديد من المناطق اليمنية إلى ارتفاع درجات الحرارة، والجفاف الطويل، وتذبذب سقوط الأمطار، وتغير في مواعيد مواسم الزراعة والحصاد المرتبطة بالمواسم المطرية أو العواصف والأعاصير والسيول الجارفة وتدهور التربة الزراعية بشكل كبير ونضوب وتلوث مصادر المياه الذي أجبر السكان إلى الهجرة الداخلية والنزوح بحثا عن المياه والخدمات».
وأوضح الشرجبي أن «تأثيرات التغيرات المناخية على المناطق الساحلية، من العوامل المهمة في هجرة الكثير من أنواع الأسماك التي لا تتحمل تلك التغيرات».
وكان البنك الدولي قد أفاد في تقرير حديث أن انعدام الأمن الغذائي يمثل التحدي الأكبر الذي يواجه اليمن حالياً في ظل استمرار الحرب وتصاعد معدلات التضخم وتغير المناخ.
وقال في تقرير نُشر منتصف الشهر الجاري، تحت عنوان «مكافحة انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في خضم تحديات متعددة»، أن عدد اليمنيين الذين يعانون من الجوع كل يوم زاد بمقدار 6.4 مليون شخص خلال التسع سنوات الأخيرة من الحرب وتداعياتها الاقتصادية والإنسانية الكارثية.
وأشار التقرير إلى ارتفاع عدد الذين يعانون من الجوع في اليمن إلى 17 مليون شخص في 2023 من 10.6 مليون في عام 2014.
تمدد التصحر مع خسارة 3-5% من الأراضي الزراعية سنوياً
وتشير تقارير وبيانات رسمية إلى تأثر جميع المناطق الزراعية في اليمن من ظروف الجفاف مع ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة خلال الأعوام الماضية، وارتفاع نسبة اتساع التصحر من 90 في المئة عام 2014 إلى 97 في المئة عام 2022، الأمر الذي أدى إلى خسارة سنوية تتراوح بين ثلاثة وخمسة في المئة من الأراضي الصالحة للزراعة. وقدّرت تلك البيانات تكلفة تغير المناخ في قطاع الزراعة بأكثر من 64 في المئة من إجمالي خسائر الاقتصاد اليمني، بينما زادت فجوة الغذاء إلى 40 في المئة.
كما تقدّر حجم الأراضي المتدهورة من التقلبات المناخية بـ5.6 مليون هكتار أي بنسبة تصل إلى 12.5 في المئة من إجمالي مساحة الأراضي الزراعية.
انطلاقا من هذا الواقع، قال الشرجبي أن «اليمن يحتاج إلى الكثير من المشاريع لمواجهة التغيرات المناخية، حيث تشكل التغيرات المناخية تحدياً كبيراً لجميع دول العالم الثالث، وعلى وجه الخصوص اليمن، كونها أكثر حساسية للتغيرات المناخية، وهذا ما تؤكده الكثير من تقارير الخبراء».
لكنه أكد أن «الحكومة شرعت في اتخاذ العديد من الإجراءات والمعالجات، وبدأت في تنفيذ عدة مشاريع ممولة من المانحين كمساعدات أو منح من الدول الصديقة والشقيقة والصناديق التمويلية للتخفيف من تفاقم آثار تغير المناخ على الأمن الغذائي في اليمن، وبتدخلات مختلفة في تحسين إدارة المياه وتدابير الحفاظ عليها والاستثمار في البنية التحتية للمياه».
من المشاريع التي تعمل عليها الحكومة اليمنية أنظمة تجميع مياه الأمطار وشبكات الري الصغيرة، وتعزيز توافر المياه للزراعة وممارسات كفاءة المياه وتثقيف المزارعين حول الاستخدام المستدام للمياه، وإنشاء أنظمة إنذار مبكر والاستثمار في تحسين قدرات مراقبة الطقس والتنبؤ به، ونشر الإنذارات للمزارعين والمجتمعات الضعيفة.
من جهة ثانية، أفاد وزير المياه والبيئة اليمني بأن «اليمن يعد من الدول الأقل نمواً، وبالتالي لا توجد فيها صناعات ثقيلة أو لها تأثير كبير في الانبعاثات، إذ تكاد تكون نسبة الانبعاثات معدومة، حيث تتمتع البلاد بغطاء نباتي كبير ومسطحات مائية كبيرة، ولازالت البلاد تتمتع بتنوع حيوي ثري، وبرغم ذلك نعمل على التقليل من استخدامات الوقود الأحفوري لتخفيض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري ضمن تعهدات اليمن للوفاء بالتزاماته نحو المجتمع الدولي».
وأكد أنه لهذا الغرض تعمل وزارة المياه والبيئة حالياً على إعداد إستراتيجية وطنية للخروج التدريجي من استخدام الوقود الأحفوري والتحول للطاقة المتجددة في عمليات توليد الطاقة، وإنتاج وضخ مياه الشرب من خلال إدارة حقول المياه بالطاقة الشمسية.
و يعتمد قطاع الكهرباء في اليمن بشكل كبير على الوقود الأحفوري، وخصوصاً النفط والغاز اللذين يمثّلان ما يقرب من 90 في المئة من إنتاج الكهرباء محلياً.
واليمن منتج صغير للنفط، وتراجع إنتاجه حالياً إلى 60 ألف برميل يومياً بعد أن كان قبل الحرب يتراوح ما بين 150 و200 ألف برميل يومياً في حين كان يزيد الإنتاج على 450 ألف برميل يومياً في عام 2007 بحسب البيانات الرسمية.
وأكد وزير المياه اليمني عزم الحكومة على اعتماد إمدادات الطاقة المتجددة والنظيفة كحل لأزمة قطاع الطاقة المستعصية في اليمن، حيث ستدخل أول محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في مدينة عدن الخدمة مع مطلع العام الجديد 2024 بقدرة 120 ميغاوات بتمويل إماراتي كمرحلة أولى قابلة للتوسع لنحو 300 ميغاوات، ومثلها محطة في مدينة المخا على البحر الأحمر، التي ستسهم في تقليل كُلفة توليد الكهرباء في ساعات النهار والتقليل من استخدامات الوقود.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن جفاف الأمن الغذائي أمطار ماء انعدام الأمن الغذائی التغیرات المناخیة فی المئة من فی الیمن
إقرأ أيضاً:
خسائر بالمليارات.. الكوارث المناخية تضرب العالم بقوة
تضرب الكوارث المناخية العالم بقوة متزايدة، متسببة في أضرار جسيمة عبر القارات، وخسائر بالمليارات. فالجفاف، وموجات الحر، والأمطار الغزيرة تؤدي إلى نتائج كارثية، كما حدث في ولاية كارولاينا الجنوبية، حيث تسببت الرياح والظروف الجافة في اندلاع أكثر من 100 حريق غابات خلال عطلة نهاية أسبوع واحدة.
وفي عام 2024، تجاوزت تكلفة عشرة من أكثر الكوارث المناخية ضررًا 229 مليار دولار، وأودت بحياة 2000 شخص. تحملت الولايات المتحدة ثلاثة أرباع هذه الخسائر، حيث خلف كل من إعصاري «هيلين» و«ميلتون» أضرارًا تفوق 50 مليار دولار. كما شهدت دول أخرى كوارث كبرى، مثل إعصار «ياغي» في جنوب شرق آسيا، والعاصفة «بوريس» في أوروبا، إلى جانب الفيضانات في الصين، وبافاريا، وفالنسيا، والبرازيل.
ومع ارتفاع درجة حرارة الكوكب وانتشار التقلبات الجوية، فإن الأحداث المناخية المركبة على وشك إحداث دمار أكبر: فقد توقعت دراسة نشرت العام الماضي في مجلة نيتشر أن الأضرار المناخية قد تكلف الاقتصاد العالمي 38 تريليون دولار (بأسعار عام 2005) سنويًا بحلول منتصف القرن.
ونقلت شبكة «بلومبرج» عن ديبوراه بروسنان، عالمة المخاطر المناخية التي ترأس شركة ديبوراه بروسنان وشركاه، إن حرائق لوس أنجلوس توضح بوضوح خطورة الأحداث المناخية المتعددة التي تؤدي إلى كارثة أكبر.
واندلعت حرائق باليساديس وإيتون وغيرها بعد أن شهدت الولاية شتاءين متتاليين من الأمطار الوفيرة التي سمحت بنمو النباتات بكثرة. كان العام الماضي أحد أكثر الأعوام دفئًا في كاليفورنيا على الإطلاق، مما أدى إلى جفاف تلك النباتات وبداية جفاف مفاجئ في النصف الجنوبي من الولاية. وانتشر الجفاف من حوالي 17% من الولاية في أواخر ديسمبر إلى ما يقرب من 32% في أوائل يناير عندما بدأت الحرائق.
وقالت بروسنان: «شهدت لوس أنجلوس حرائق عادية، ولكن مع تفاقم الجفاف المطول وارتفاع درجات الحرارة - وكلاهما مرتبط بتغير المناخ - كانت النتيجة أسوأ».
قد يكون التوصل إلى التكاليف المباشرة للأحداث المتتالية أمرًا صعبًا لأن الأضرار غالبًا ما يتم إحصاؤها من خلال العواصف أو الحرائق الفردية. أطلقت حرائق كاليفورنيا أضرارًا من المتوقع أن تصل إلى 164 مليار دولار. وبالمقارنة، فإن الخسائر المالية للجفاف الذي سبقها لم تظهر بعد في أي تقييمات حكومية أمريكية. لم ينته الحدث المركب بمجرد إخماد الحرائق أيضًا: فقد شهدت المنطقة أمطارًا غزيرة تتساقط على الأراضي المتضررة من الحرائق، مما أدى إلى انهيارات طينية.
وحدث موقف مماثل في أستراليا، حيث أعقب الجفاف من عام 2017 إلى عام 2019 حرائق الصيف الأسود في عامي 2019 و2020 والتي بلغت مطالبات التأمين عليها ما يصل إلى 1.5 مليار دولار.
وقال دوج ريتشاردسون، عالم أبحاث الطقس والمناخ في جامعة نيو ساوث ويلز، إن الأحداث المركبة لها تأثيرات كبيرة وهي نادرة نسبيًا، مما يجعل من الصعب البحث فيها.
اقرأ أيضاًحالة الطقس اليوم: ارتفاع في درجات الحرارة والعظمى بالقاهرة تسجل 23 درجة
ارتفاع درجات الحرارة.. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس اليوم الأحد 9 مارس 2025
مائل للدفء نهارا.. حالة الطقس المتوقعة اليوم الأحد 9 مارس 2025