لجريدة عمان:
2024-07-05@12:13:47 GMT

كيف سيكون شكل الأدب والفن بعد طوفان غزة؟

تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT

كيف سيكون شكل الأدب والفن بعد طوفان غزة؟

لم يكن قصف طائرات إسرائيل للمعالم الثقافية في غزة عشوائيا أو صدفيا، كان الهدف تدمير ثقافة البلد أيضا إلى جانب تدمير اقتصادها وبنيتها التحتية، يعرف الاحتلال تماما أن الثقافة المضادة لروايته وهواجسه الاحتلالية هي التي تتحكم بصمود وإرادة الفلسطينيين، وهو يظن واهما بأن تدمير مكتبات غزة ومؤسساتها الثقافية وبناياتها الحضارية واغتيال شعرائها ومفكريها وأكاديمييها وإعلامييها سوف يقضي على الوجود الحضاري للشعب الفلسطيني وهو لا يعرف أن القضاء على ثقافة شعب مهمة مستحيلة علميا، فالثقافة ليست فقط مكتبة ومعلما ثقافيا وبناية عتيقة وشعراء، إنها فكرة ضخمة ذات جذور عميقة راسخة في حياة الفلسطينيين وأسلوب حياتهم وتفكيرهم وأحلامهم، وأن المكتبة والمراكز الثقافية يمكن أن تبنى من جديد والشعراء سوف يتناسلون من نفس الفكرة.

الأسئلة المطروحة بقوة الآن هي: ما تأثير طوفان غزة على الوعي الثقافي العالمي؟ كيف سيكون سقف الخيال الأدبي؟ ومضامين الأدب والفن في فلسطين والعالم العربي؟ هل ستتغير أشكال ومضامين كتابة الرواية مثلا؟ هل ستعود إلى التراث بحثا عن جذور ما؟ هل ستذهب إلى واقعية شديدة بالتزام واضح؟ أم إلى سريالية أكثر وتشظ أشد وغموض؟ هل ستتعمق نبرة السخرية من كل شيء؟، هل سيكون هناك مقاربة لحس عبثي ما؟ ماذا عن النص الشعري؟ عن لغته عن تقنياته وإيقاعه وموضوعاته؟ والمسرح، ماذا سيكتب مسرحيو فلسطين والعالم العربي؟ وكيف سيبدو شكل المسرحية وفضاؤها؟ ثم ماذا عن اللوحة؟ ماذا سيرسم التشكيليون؟ بأية ألوان وخامات؟.

يقول الشاعر والناقد المغربي صلاح بوسريف: (الأدب الفلسطيني، لم يبق كما كان من قبل، يعيش في ظل القضية، وموضوعه هو الاستقلال أو الحرية، في علاقة بالاحتلال، وما ترتب عنه من مشكلات ترتبط بالحق في الوجود، أو في الإقامة في وطن حر طليق، بل إن الأدب الفلسطيني، نقل القضية من المعنى المباشر، إلى معنى مجازي أكثر عمقا وتأثيرا، ودخل التخييلي في الواقعي، ليضفي على الحق في الوجود معنى أوسع، ما وسع اللغة نفسها، ووسع الخيال والرؤية، ووسع الواقع نفسه، لتصبح القضية قضية لا تخص الفلسطينيين وحدهم، بل هي قضية كونية تهم الإنسان. هذا ما نجده في الفكر، وفي الشعر، وفي القصة والرواية، وفي الفن أيضا.

لم يعد هذا الأدب أسير حدث، لأن الأحداث تتوالى ثم تختفي لتدخل التاريخ، والأدب ليس تاريخا أو ماضيا ينتهي بانتهاء الحدث، بل هو مستقبل، ما يكون أفقا، وما يقبل علينا ونسير نحوه. هذا، في ظني، هو أكبر تحول عرفه الأدب الفلسطيني، قياسات بما كان عليه من قبل، وما يجري في غزة، سيكون، في أدبيته، جزءا من هذا المعنى الكوني للأدب الفلسطيني، وليس، أدبا محكوما بسياجات القضية أو الحدث.

بينما يرى القاص والروائي الأردني مفلج العدوان أن

(طوفان الأقصى شكل حالة مفصلية في الوعي والثقافة العربية والفلسطينية على السواء، وأظن أن هذا الطوفان شكل سفينة إنقاذ للأدب العربي، بعد حالة الخذلان والانكفاء على الذات والمحتوى الذي ظهر كثيرا فيما كُتب سابقا من رواية وقصة وشعر وأدب بشكل عام، ومهما كانت نتيجة هذه المعركة التي عنوانها الشهادة والبطولة والمذابح والدماء وتآمر الإنسانية والعالم وقبح وجه العدو الصهيوني، فكل ما انبثق عنه الطوفان سيشكل ذخيرة حية لكتابة وأدب جديد غير محايد، ويمتلك موقفا، ويعبر عن وعي وثقافة عكستها معركة طوفان الأقصى ليس على شارع غزة وفلسطين، بل عند الأطفال والشباب والرجال والنساء في عالمنا العربي، وجعلت للأديب عينا ثالثة فيها مجس فائق الحساسية لكتابة الحالة، والصورة، وحبر الدم، واللغة الجديدة التي رأيناها تتشكل أبجدية مغايرة سيكتب من خلالها أدبا مختلفا، يعبر عن الحالة الجديدة، والعالم الجديد مع وبعد طوفان الأقصى). ويميل الشاعر السوري مروان علي إلى فكرة أن الأحداث العظيمة تحتاج وقتا لرصد تأثيرها: (بكل تأكيد لن يمر هذا الزلزال الذي ترك أثرا كبيرا ليس على غزة بوصفها مركز الزلزال بل على فلسطين والمنطقة كلها. لذلك ستكون مهمة الأدب والفن كبيرة في مرحلة ما بعد الزلزال سواء على صعيد كتابة نص أدبي أو فني مختلف.

القسم الأكبر من هذه المهمة تحديدا ملقى على عاتق الكتاب والشعراء والفنانين الفلسطينيين دون إعفاء الكتاب العرب منها.

ولكن أحيانا تستغرق الكتابة عن الأحداث الكبرى وقتا لأن الكاتب يراجع نفسه بعدها وينشغل كثيرا بسؤال (جدوى الكتابة) أمام هول ما حدث.

ومع ذلك سنجد فنا جديدا (يضيف ويوثق أيضا) وكتابة جديدة خصوصا في فلسطين التي تمضي أمامنا ونمضي خلفها نحو الحرية في الحياة وفِي الكتابة والفن أيضا). ويركز الروائي الفلسطيني مازن علي سعادة على تأثير طوفان غزة على وعي العالم تجاه منطقتنا وثقافتنا وحقوقنا، (التغيير الذي أحدثته غزة الأسطورة أنها حررت الوعي العالمي من الصدأ الذي تراكم في تلافيف ذلك الوعي خلال عشرات السنوات. غزة حررت الحقيقة في العالم ونشلت قضية شعبنا من حضيض الهاوية التي آلت إليها لأسباب عديدة. وأسقطت الأقنعة الزائفة وكشفت مدى التزوير التاريخي الذي مارسه العالم المدعو حرا زورا وبهتانا، فقد وضعت المفاهيم والقيم الأوروبية، الشرعية الدولية، العدالة، حقوق الإنسان والحرية في ميزان الدم الفلسطيني، ميزان الدم الفلسطيني الذي أحدث زلزالا وأعاد الاعتبار للفكر الإنساني). وبصفتها ابنة غزة تبدي الشاعرة هند جودة ثقتها بقدرة الغزيين على النهوض ثقافيا من خراب المشهد:

(لن يكون مفاجئا إذا قلت إن جيش الاحتلال قام بتدمير أشهر المكتبات العامة وأهم المراكز الثقافية والمسارح في غزة إن لم يكن جميعها ومع أن حجم الخراب غير معروف بالكامل بسبب قطع طرق الوصول إلى مدينة غزة وقطع الاتصالات وعدم قدرة الناس على التجول بشكل حر لاستكشاف الحصيلة النهائية للخراب عدا أن العدوان لم ينته بعد على غزة، إذن كيف سيكون شكل الحالة الثقافية؟ ربما سيكون من المبكر الحديث عن تجمعات ثقافية واضحة في الأيام التالية بعد انقشاع الحرب، وسيبحث الناجون من الكتاب كباقي الناس عن بيوتهم أو ما تبقى منها ولا أستطيع تخيل فعاليات ثقافية أو فنية إلا إذا كانت لأغراض الرثاء والتأبين في البداية خاصة مع رحيل عدد من الكتاب والشعراء وأصحاب المراكز الثقافية، إنه سؤال صعب حقا ومع إيماني بأن أهل غزة يتميزون بسرعة نفض الحزن ويبدون جديين جدا وسريعين في مداواة جراحهم وهذا مما خبرناه بعد كل حرب، إلا أن هذه الحرب كانت الأقسى والأكثر تدميرا للملامح المدنية والأكثر وحشية. ولكن مما يدعو للأمل هو استمرار الكتاب والشعراء في الكتابة والنشر عبر منصات التواصل الاجتماعي). أما القاص الفلسطيني الشهير محمود شقير فيتوقع أن يكون خيال الأدباء في أزمة بعد الفظاعات التي حدثت، وانتعاش نوع السيرة الذاتية والشهادات الإبداعية:

(أظن أن شكل السيرة الذاتية وكذلك السيرة الغيرية والشهادات ويوميات الحرب والصمود هي التي ستأخذ مقام الصدارة في الأدب الفلسطيني بعد هذه الحرب، وسيأتي بعدها الشعر في شكليه الكلاسيكي والحديث بالنظر إلى قدرته السريعة على الاستجابة للأحداث.

قد تظهر قصص وروايات توثيقية.

وأظن أن المعاناة الفظيعة أثناء الحرب ستضع تحديا أمام خيال المبدعين بالنظر إلى أن تلك المعاناة أكبر مما قد يتخيله المبدعون.

لكن الأدب الرصين قادر مع الزمن على ابتداع التقنيات المطلوبة للتعبير عما وقع)..

.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الأدب الفلسطینی

إقرأ أيضاً:

صحيفة أمريكية: زوارق اليمن المسيرة لم يسبق لها مثيل في المواجهات البحرية

يمانيون../
عبرت صحيفة أمريكية عن اشادتها بالتطور الهائل الذي تشهده القدرات العسكرية للجيش اليمني، مؤكدة في الوقت ذاته عن قلق واشنطن بشأن الزوارق المسيّرة الجديدة للقوات المسلحة اليمنية.

وأكدت صحيفة “بيزنز انسايدر” الأمريكية، في عددها الصادر الثلاثاء، أن زوارق اليمن المسيرة لم يسبق لها مثيل في المواجهات البحرية.

ونقلت الصحيفة عن خبراء عسكريين أمريكيين قولهم، إن تزايد مشاركة الزوارق المسيرة في العمليات العسكرية التي يشهدها البحر الأحمر والنجاح الذي تحقق لها، يشير إلى تعلم اليمنيين من النتائج السابقة، وأنهم قادرون على تعديل عملياتهم وفقاً لذلك.

وكانت القوات المسلحة اليمنية، قد أزاحت الأحد الماضي، الستار عن زورق (طوفان المدمر) الذي يتميز بقدرة تدميرية عالية وتكنولوجيا متقدمة، حيث يعد هذا الكشف هو الرابع خلال شهر يونيو المنصرم لسلاح نوعي دخل معركة الإسناد لغزة، ابتدأ من صاروخ (فلسطين) الباليستي، مروراً بزورق (طوفان1)، ثم صاروخ (حاطم2) الباليستي الفرط صوتي.

و “طوفان المدمر” هو زورق حربي مسيّر محلي الصنع، له قدرة تدميرية عالية، ويحمل رأساً حربياً يزن 1000 – 1500 كجم، وهو مزود بتكنولوجيا متقدمة، وبتحكم يدوي وتحكم عن بعد، وتبلغ سرعته 45 ميلاً بحرياً في الساعة، ويعمل في جميع الظروف البحرية.

مقالات مشابهة

  • هنية يشيد بجهود الشعب الأردني لنصرة الشعب الفلسطيني
  • مسير شعبي في مديرية الثورة بالأمانة نصرة لغزة ودعماً لمعركة “طوفان الاقصى”
  • أمل الثقافة ودورها
  • جلسة حوارية تناقش القيم الفكرية والأدبية لفلسطين
  • عروض فنية وسينما ولقاءات أدبية.. الثقافة الفلسطينية تواصل مهامها رغم الحرب
  • الأدب والفن والعمارة الإنسانية فى ضيافة اتحاد كتاب مصر
  • التفاعل المُعقَّد بين الأدب والعلم والنظام الرأسمالي
  • نادي الأسير: الاحتلال الإسرائيلي اعتقل 20 فلسطينيًا بالضفة الغربية
  • قصائد وجدانية ووطنية في المحطة الثقافية بجرمانا
  • صحيفة أمريكية: زوارق اليمن المسيرة لم يسبق لها مثيل في المواجهات البحرية