أزمة البحر الأحمر تنعكس على لبنان: الأسعار سترتفع وهذا القطاع هو الأكثر تأثراً
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
في معرض دخولها على خط العدوان الإسرائيلي العنيف على قطاع غزة، شنت جماعة أنصار الله الحوثيين ما لا يقل عن 100 هجوم صاروخي وبطائرات من دون طيار ضد عشرات السفن في البحر الأحمر، مهددة باستهداف كل السفن المتجهة نحو إسرائيل. إثر ذلك، علّقت كبرى شركات النقل الدولية أنشطتها هناك وقررت الالتفاف حول إفريقيا، وهي رحلة تستغرق وقتاً أطول ملاحياً.
انعكاس بديهي على لبنان
التوتر في البحر الأحمر، عملية لها العديد من التداعيات التي تتجاوز بطبيعة الحال إطار الإقتصاد اللبناني، بحسب عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا البروفيسور بيار الخوري.
وفي حديث لـ"لبنان 24"، عزا الخوري خطورة هذه التداعيات لأهمية البحر الأحمر من ناحية التجارة الدولية وسلاسل الإمداد العالمية، سواء من البضائع المنتجة التي تصل إلى المستهلك النهائي، أو البضائع الوسيطة، موضحاً أن 80% من الشحن العالمي يمرّ عبر البحر و20% من هذه التجارة تمرّ عبر البحر الأحمر وقناة السويس.
ولفت إلى أن الأحداث الراهنة التي طرأت على البحر الأحمر ستنعكس بشكل بديهي على لبنان، إلا أن انعكاساته الكبرى ستكون استتباعاً لما سيحلّ بالاقتصاد العالمي برمته، خاصة في حال تأثر قطاع التوريد النفطي العالمي.
كلفة البضائع سترتفع
وفي هذا الإطار، أشار الخوري إلى أنه بسبب توقف أكثر من 100 شركة عن المرور في البحر الأحمر وإعادة إعتمادها خط "رأس الرجاء الصالح" كبديل لممرّات البحر الأحمر، فسترتفع كلفة البضائع التي ستمرّ على هذا الخط، كما سترتفع كلفة التأمين على البضائع التي ستمرّ عبر البحر الأحمر وقناة السويس.
وأوضح أن انعكاس ذلك على بلد مستورد كلبنان سيكون كبيراً لكون الشحن جزءا من تسعير كل ما هو مستورد، لافتاً إلى أنه حتى الساعة ما من مشكلة مباشرة، إلا أن الأزمة ستطلّ برأسها مع ما سيحمله الإستيراد الضروري للعام الجديد، ومع احتمال التوجه نحو تصعيد عسكري إضافي في المنطقة.
وفي السياق عينه، كان نائب رئيس الاتحاد العربي لغرف الملاحة والرئيس السابق لغرفة الملاحة الدولية إيلي زخور قد أكد في تصريح له أن المستهلك اللبناني سيتأثر بالتكلفة الإضافية للدوران حول أفريقيا وخط رأس الرجاء الصالح، ما سيجبر شركات الشحن العالمية على زيادة أجور الشحن لتغطيتها، الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع والبضائع المستوردة.
وبحسب الخوري، فإن قطاع الطاقة في لبنان هو الأكثر تأثراً بهكذا أحداث بشكل أساسي، إلا أن كل ما هو مستورد مرجّح للتأثر أيضاً بما يحصل.
كما أشار إلى أن كلفة الصادرات ستصبح أعلى، بالإضافة إلى أن البواخر لن تكون متوفرة بشكل كبير ما سيرفع كلفة الشحن برمتها لسببين أساسيين هما التأمين وتوفر البواخر.
المشكلة الأساسية
واعتبر الخوري أن للبنان ديناميته الخاصة بالنسبة للأسعار لأن البلد اليوم يعتمد على مصدرين لاستمرار الحركة الإقتصادية، الأول هو البضائع المستوردة والثاني هو التحويلات، وهما مصدران يضجّان بمفهوم التأثير على الأسعار، فيصبح الطلب أعلى دوماً من قدرة الإقتصاد على توفير البضائع.
وأضاف أن حجم تأثير مشكلة البحر الأحمر على الأسعار سيكون حاضراً، محذراً من أن المشكلة الأساسية التي قد تطرأ مع استمرار التصعيد هي انقطاع البضائع أكثر من مجرد ارتفاع الأسعار.
وفي وقت اعتبر فيه الخوري أن لبنان هو "في وجه العاصفة"، أشار إلى أن أزمة البحر الأحمر هي مشكلة جيواستراتيجية عظمى، إذ أن الممرات التي يتمّ الصراع عليها اليوم هي حرب بحار، أي بين طريق الحرير وبين الممر الهندي، وبين الدور المستقبلي لقناة السويس، وبين التفكير بعلاقة حرب غزة بهذه الممرات وما يعرف بقناة "بن غوريون"، مشدداً على أن هذه الحرب ستؤثر على المنطقة وعلى لبنان بشكل كبير لأن عناصر حمايته غائبة تماماً باعتباره بلداً مستورداً وغير منتج ووضعه الداخلي غير مستقرّ بتاتاً.
صرخات تعلو
وفيما تتجه الأنظار نحو القطاعات الرئيسية في البلاد إزاء تدهور الأوضاع في البحر الأحمر، فالخوف الأكبر هو على قطاع المحروقات، في ظل أي اشتباك قد يطرأ فجأة، بحسب عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس.
وقال البراكس لـ"لبنان 24": "على الرغم من أن أكثرية استيرادنا مصدره حوض البحر الأبيض المتوسط، إلا أن أي أزمة ممكن أن تؤثر على أسعار النفط عالمياً، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان بسبب ارتفاع أسعار التأمين والشحن".
كما علت صرخة المزارعين الذين يشعرون بالقلق على محاصيلهم ومصيرها، مع تكدّس مئات الأطنان من الخضراوات والفاكهة داخل حاويات في الساحات الجمركية لعدم وصول سفن شركات الشحن البحري التي ينتظرونها إلى مرفأ بيروت، بحسب بيان صادر عن رئيس تجمع مزارعي وفلاحي البقاع ابراهيم ترشيشي، الذي دعا لإيجاد البديل عن التصدير عبر خط البحر الأحمر.
أما رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي فأشار في حديث صحافي له إلى أنه في حال لم تغّير شركات الشحن مسارها، يفترض وصول بضائع في أوائل شباط، مشدداً على أنه "في الوقت الحاضر المواد الغذائية متوفرة، أما مخاوفنا فتتمحور حول إمكانية مواجهة نقص في الامداد في المرحلة المقبلة". المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: فی البحر الأحمر على لبنان إلى أن إلا أن
إقرأ أيضاً:
الصيادون.. رهائن التصعيد الحوثي وتوترات البحر الأحمر
الصورة ارشيفية
تشهد سواحل محافظة الحديدة على البحر الأحمر فصولاً متجددة من معاناة الصيادين اليمنيين، إذ يعصف بهم تدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في ظل استمرار التصعيد الحوثي، ما زاد من مآسيهم وعمّق تحديات الحياة التي يواجهونها يومياً.
وفي حادث مأساوي حديث، انقلب قارب صيد على بُعد 21 ميلاً بحرياً من ميناء الاصطياد السمكي بالحديدة، مما أسفر عن وفاة خمسة صيادين، وهم: "سالم عايش، ومحمد علي، ويحيى علي، وعصام أحمد، ومحمد أحمد".
ورغم فداحة هذا الحادث، لم تتخذ مليشيا الحوثي أي إجراءات لإنقاذ الضحايا، ما أثار غضباً واسعاً بين أهاليهم الذين فقدوا المعيلين الرئيسيين لأسرهم، وتركهم في حالة من الألم والحزن.
وبحسب مصادر محلية لوكالة خبر، فإن مليشيا الحوثي لم تلتفت إلى الكارثة، ولم تقدم أي دعم لعمليات البحث أو استعادة الجثث المفقودة، مما زاد من تفاقم الأوضاع الإنسانية للصيادين وعائلاتهم، الذين يواجهون يومياً مخاطر متزايدة في ظل سيطرة الحوثيين على البحر الأحمر، حيث حولوا مياهه إلى منطقة تعج بالتوترات الأمنية، مما ضاعف من معاناتهم الاقتصادية والمعيشية.
وفي فصل آخر من معاناة الصيادين، يواجه سبعة عشر صياداً من محافظة الحديدة ظروف احتجاز قاسية في السودان، بعد أن دفعتهم الأمواج العاتية إلى المياه السودانية، حيث أوقفتهم السلطات هناك واحتجزتهم منذ أكثر من خمسة أشهر.
ورغم جهود السفارة اليمنية للتفاوض مع الجانب السوداني، إلا أن هذه الجهود لم تُحقق تقدماً يُذكر، مما زاد من قلق ذويهم الذين ينتظرون عودتهم بقلق وترقب.
وإزاء هذه المأساة المتعددة الوجوه، ناشدت عائلات الضخايا والمحتجزين المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية التدخل السريع لإيجاد حلول، واستعادة جثث أبنائهم، وتقديم الدعم اللازم لأسرهم.
ويؤكد الأهالي حاجتهم المُلِحّة لمساندة دولية لتحسين أوضاعهم، وحماية أرواح الصيادين الذين يتعرضون لمخاطر متزايدة في ظل الإهمال الحوثي المتعمد والأوضاع المعيشية الصعبة.
وتسبب تعطيل مليشيا الحوثي أغلب مراكز الإنزال السمكي في محافظة الحديدة الخاضعة لسيطرتها، ما دفع ببعض الصيادين إلى تأجير قواربهم للمليشيا، بينما وُضع آخرون في موقف خطير، إذ تُجبرهم الجماعة على الاقتراب من السفن الحربية لـ"تحالف الازدهار"، لتعريضهم لخطر التورط كأهداف في الصراعات المتصاعدة ضد تلك القوات.
وباتت الهجمات الحوثية واستغلال قوارب الصيادين في تنفيذها مصدر خوف كبير للصيادين، حيث أصبحت جميع قواربهم محل اشتباه واستهداف مباشر من قبل القوات الدولية من جانب والقوات الإريترية من جانب آخر، فضلا عن الانتهاكات والتعسفات الحوثية، مما حال دون استمرارهم في الصيد ودفعهم إلى التوقف عن العمل، خوفاً على أرواحهم.
وبينما يعتمد آلاف الصيادين من أبناء الحديدة ومديريات الساحل الغربي على صيد الأسماك كمصدر أساسي لمعيشتهم، جاءت هذه الظروف المتفاقمة لتزيد من تعقيد حياتهم وحياة أسرهم.
وفي ضوء هذه الأزمات، أشار الناشط المجتمعي عادل راشد إلى أن تزايد عسكرة البحر الأحمر سيؤثر سلباً على الصيادين وأسرهم، مؤكداً أن آلاف العائلات، التي تعتمد على الصيد كمصدر وحيد للرزق في ظل الظروف الراهنة، باتت تواجه تهديداً مباشراً لمعيشتها ومستقبل أبنائها.