نشرت صحيفة "التايمز" مقالا للصحفي روجر بويز، أشار فيه إلى أن الحسابات الأمريكية للتعامل مع هجمات الحوثي في البحر الأحمر  يقلل من أهمية عمق التخطيط الاستراتيجي الذي يجري في طهران، لافتا إلى أن واشنطن تدمر طائرات الحوثيين المسيرة التي تكلف الواحدة منها ألفي دولار بصواريخ تصل تكلفة كل منها إلى 2 مليون دولار.



وقال بويز في المقال الذي ترجمته "عربي21"، إن "بناء أولى القوات البحرية الحديثة في عصر الإمبراطوريات لإبراز الطموح الإمبراطوري وتأمين التجارة البحرية وإخافة القراصنة. واليوم، بينما يطلق المتمردون الحوثيون الصواريخ والطائرات المسيرة على السفن التجارية التي تحاول العبور من البحر الأبيض المتوسط إلى المحيط الهندي، تبدو المهمة البحرية مشابهة إلى حد ما"، بحسب تعبيره.

وأضاف أنه "في ظاهر الأمر، يتصرف الحوثيون مثل القراصنة من الطراز القديم، وقد ضمنت القوة المتمردة المدعومة من إيران أن يتمتع رجال القبائل بالقوة النارية التي يحتاجون إليها لإدماء أنف الولايات المتحدة".

وذكر أن "حسابات المجتمع الأمني الأمريكي المستهترة تشير إلى أن النزاع في البحر الأحمر سوف تتم تسويته قريبا من خلال استخدام التكتيكات المعتادة المتمثلة في القنابل أو الرشوة. فإما أن تضطر الولايات المتحدة إلى قصف قواعد الحوثيين على طول الساحل اليمني، ما يؤدي إلى استنزاف ترسانتها من الطائرات المسيرة والصواريخ، أو سيتم شراء الحوثيين. لكن هذا أيضا تفكير قديم الطراز. إنه يقلل من أهمية عمق التخطيط الاستراتيجي الذي يجري في طهران".


وأشار إلى أن "ما يحدث هو بداية لحرب صغيرة ذات آثار عالمية. إنها حرب تتحدى قدرة أميركا على القتال في البحر ضد قوة عصابات هدفها النهائي، بقيادة إيران، هو إخراج الولايات المتحدة من الشرق الأوسط. والولايات المتحدة ليست مستعدة لذلك. فالطائرات المسيرة الحوثية التي تكلف الواحدة منها حوالي 2000 دولار يتم إسقاطها بواسطة الصواريخ الأمريكية التي يمكن أن تصل تكلفة كل منها إلى 2 مليون دولار. عاجلا وليس آجلا، سيتعين على المدمرات العودة إلى رصيف الأسلحة الأمريكي لإعادة تحميل 90 أنبوبا صاروخيا أو أكثر. وهذا لا يكلف المال فحسب، بل يترك مجموعات حاملات الطائرات مكشوفة عندما تتركها السفن الحربية الداعمة".

ولفت إلى أن "الحسابات الأميركية في الوقت الراهن هي أن الأمر يستحق تحمل هذه النفقات. إذا تم إصابة سفينة حاويات مدنية واحدة وفقدت حمولتها، فستكون الفاتورة أعلى. وإذا تم تعطيل سفينة حربية غربية، فسوف تصبح القوة العسكرية الأمريكية موضع شك في جميع أنحاء العالم. ولن تكون الولايات المتحدة قادرة على الوفاء بهدفها الذي أعلنته ذاتيا والمتمثل في حماية حرية الملاحة على طرق التجارة".

وشدد الصحفي على أن الأمر لا يقتصر على البحر الأحمر فحسب، بل هناك عدد لا بأس به من الممرات الضيقة، من بينها المضيق التركي الذي يربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأسود، ومضيق هرمز على الخليج الفارسي، ومضائق ملقا التي تربط الخليج الفارسي بالوجهات الآسيوية، مضيق تايوان المتنازع عليه وقناة بنما التي تربط آسيا بالغرب والتي تعاني حاليا من الجفاف.

ونوه إلى أنه في حال تم إغلاق قناة السويس ومضيق باب المندب لفترة أطول، فسيكون هناك اضطراب خطير في سلسلة التوريد، وستستغرق ناقلات النفط والغاز الطبيعي المسال أسبوعا أطول على الأقل للوصول إلى أوروبا، وستكون حركة الحاويات أكثر عرضة للخطر. سوف ترتفع الأسعار، وسيتم تحقيق أهداف التضخم، وسيكون هناك نقص عالمي. أقساط التأمين ترتفع. وسيعاني الاقتصاد المصري غير المستقر أصلا من خسارة رسوم العبور عبر القناة.

وأضاف أنه "ليس من المستغرب إذن أن يختار إسماعيل هنية، الزعيم السياسي الأعلى لحركة حماس، هذه اللحظة لزيارة القاهرة، حيث ليس لديه سوى عدد قليل من الأصدقاء. والسبب المنطقي وراء ذلك هو أن مصر التي تزداد يأسا يجب أن تبذل المزيد من الجهود من أجل التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة".

و "بالتالي، تم تجنيد طياري الطائرات المسيرة الحوثيين لزيادة المخاطر. تعمل إيران على خلق حركة الكماشة، مع حزب الله في الشمال، والحوثيين في الجنوب، والحرس الثوري في سوريا، الذي قُتل أحد كبار مستشاريها في غارة جوية إسرائيلية على ما يبدو خارج دمشق يوم الاثنين"، وفقا للمقال.

وأشار الصحفي إلى أن حزب الله في هذه اللحظة ليس أكثر من مجرد مصدر إزعاج للقوات الإسرائيلية. وقد يتغير ذلك بسرعة، لكن إيران قد ترغب في الاحتفاظ بحزب الله، بجيشه الضخم المدرب على القتال، في الاحتياط في الوقت الحالي، وهو بمثابة وسادة الأمان لإيران في حالة تعرضها لهجوم مباشر.

وتابع بالقول: "الحوثيون، الذين كانوا رائدين في هجوم الطائرات المسيرة في عام 2019 على منشآت النفط السعودية، يجلبون ثلاث سمات إلى الحرب التي تشنها إيران بالوكالة: هدية للحرب غير المتكافئة؛ وحقيقة أنهم من الشيعة الزيدية وبالتالي يثقون في طهران بطريقة لا تحظى بها حماس السنية؛ وقد أظهروا على مدى ثماني سنوات من الصراع ضد السعودية والإمارات أنهم قادرون على الصمود في موقفهم".


وأردف: كثيرا ما تنكر إيران أن الحوثيين هم وكيلها، وهو موقف طهران الافتراضي بالنسبة لجميع القوات الأجنبية التي تعمل لصالحها. ويقول مايكل نايتس، من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إنه لا يمكن الفصل بين إيران والحوثيين، على الرغم من أنهم لا يزالون يتمتعون ببعض الحرية الذاتية. ويقول إن الحوثيين كأنهم "كوريا شمالية غير نووية - لاعب منعزل وعدواني ومسلح جيدا ومعادٍ للولايات المتحدة ويجلس على منطقة جغرافية رئيسية".

ولفت إلى أن معلومات استخباراتية من الحرس الثوري الإيراني، تنبه الحوثيين إلى ما إذا كانت السفينة المستهدفة لها صلات إسرائيلية، موضحا أن مسار ملكية السفن يعد معقدا للغاية لدرجة أنه يتطلب عملاء أذكياء للعمل عليه. وهذا عمل إيران. وكذلك الأمر بالنسبة لتنظيم وتجهيز مراكب التجسس الشراعية. وتقع قاعدة الصواريخ المعروفة للحوثيين بالقرب من صنعاء في اليمن، على بعد حوالي 1800 كيلومتر من ميناء إيلات الإسرائيلي. الصواريخ - جميعها تم اعتراضها - تنطلق باتجاه إيلات وبالقرب منها منذ 19 تشرين الأول/ أكتوبر. إذن ما هو السلاح الذي يمكن أن يطير إلى هذا الحد؟ وتظهر الصور شيئا يشبه إلى حد كبير صاروخ قدر الباليستي الإيراني، الذي يصل مداه الأقصى إلى 1950 كيلومترا، وفقا لكاتب المقال.

وتساءل معد المقال عما إذا كان الإيرانيون سيتدخلون لتحسين الاستهداف الحوثي من خلال تعديل أنظمة الملاحة؟ وهل سيوفرون رؤوس البحث الكهرو- الضوئية للمسيرات الانتحارية التي تقدمها طهران؟، وفقا للتقييمات الغربية، فإن الأمر يبدو كذلك.

وختم مقاله بالقول "تعمل إيران على إشعال حرب على ثلاث جبهات ضد إسرائيل وحُماتها. ويقول المتشددون الأمريكيون، مثل جون بولتون، الذي كان يعمل سابقا في إدارة ترامب، إن ضبط النفس الغربي تجاه إيران يُقرأ هناك على أنه علامة على التدهور الحضاري لأمريكا. وأخشى أن يكون مُحقا".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الحوثي طهران غزة امريكا غزة طهران البحر الاحمر الحوثي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الطائرات المسیرة إلى أن

إقرأ أيضاً:

إيران التي عرفتها من كتاب “الاتحادية والباستور"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

وضع الدكتور محمد محسن أبو النور بين أيدينا وثيقة فكرية مهمة تؤرخ لحقب متتابعة للحالة التي بدت عليها العلاقات المصرية الإيرانية منذ شاه إيران محمد رضا بهلوي حتى الآن، ووضع لها عنوانًا جذابًا باسم "الاتحادية والباستور" ثم عنوانًا شارحًا يقول "العلاقات المصرية – الإيرانية من عبد الناصر إلى بزشكيان". وعلى الرغم من أن بزشكيان وهو الرئيس الإيراني الحالي لم تمر على توليه المسؤولية فترة طويلة، إلا أنه بات ثاني رئيس يزور مصر بعد أحمدي نجاد، إذ حضر إلى القاهرة وشارك في قمة الدول الثماني النامية وكان في الصف الأول بجوار الرئيس السيسي في الصورة التذكارية للقمة، وهو أمر له دلالته، وله ما بعده.

لقد عرفت إيران من الدكتور أبو النور، الذي هاتفته في مساء الثامن من مايو من عام 2018 اتساءل عما يفعله الرئيس الأمريكي وقتها دونالد ترامب، وهو التوقيت الذي انسحب فيه ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة المعروفة باسم "الاتفاق النووي". كنت وقتها محررًا سياسيًا لا أعلم الكثير عن الصراع المرتقب بين واشنطن وطهران، وتساءلت عن قصة "نووي إيران" وشيعيتها وعلاقاتنا معها، ففوجئت به يدرجني ضمن مشروعه الخاص "الغرفة الإيرانية" وذراعها الإعلامي والسياسي والبحثي "المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية" ومن وقتها بدأت أتحسس خطواتي تجاه ذلك الملف المعقد، حتى حصلت على درجة الماجستير في ذلك الملف وبدأت أتحسس خطواتي تجاه الدكتوراه، وأدركت مدى حساسية ما نبحث فيه وعنه.

وفي كل الأحوال فإن كتاب "الاتحادية والباستور" لا يعد مجرد تأريخ لما كانت عليه حالة العلاقات المصرية الإيرانية في السابق، سواء منذ عهد الشاه محمد رضا بهلوي مرورًا بفترة الخميني وما تلاه من رئاسات لإيران، بل إن الكتاب يبدو من محتواه أنه يضع أجندة لما يجب أن يكون عليه شكل العلاقات بين البلدين، مستندًا إلى تاريخ البلدين العريق وجغرافيتها الممتدة، وجيوشهما المنظمة التي تضرب بأصالتها وقدمها في عمق التاريخ.

يحفل الكتاب بالكثير من الأحاديث التي أجراها أبو النور مع المسؤولين المهمين على مستوى الملف الإيراني، ومع زوجة شاه إيران الإمبراطورة فرح ديبا، التي كنت شاهدًا على أحد لقاءاتها معه، فضلًا عن أحاديث وتحليلات عميقة وتفنيدًا كثيرًا لما ذكره الصحفي المصري الأسطورة الأستاذ محمد حسنين هيكل في كتاباته عن إيران، وهو ما يؤكد على ضرورة أن يحوذ كل باحث في الشؤون الإيرانية لهذا الكتاب الذي تقع بين دفتيه إجابات مستفيضة لكثير من علامات الاستفهام التي تشغل الكثيرين من المتخصصين أو غير المتخصصين، خاصة بعدما شاهد العالم كله صواريخ إيران وهي تعبر الشرق الأوسط كله إلى عمق تل أبيب في صراع متشابك بين قوى إقليمية عقدت المشهد السياسي منذ ما بعد السابع من أكتوبر من عام 2023.

لكن أبرز ما في الكتاب أنه يجيب ضمنيًا عن سؤال طالما شغل بال الكثيرين: "ماذا يعكر صفو العلاقات بين القاهرة وطهران على مر الزمن؟ ويضعنا أمام تفاصيل لأعقد الملفات السياسية والعقائدية على الإطلاق، ويجيب عليها بكل سلاسة ووضوح كأننا نعيش مع شخصيات الحدث.

مقالات مشابهة

  • إيران تفتح باب التفاوض لبيع طائرات شاهد بعد عرض أمريكي.. ما الذي نعرفه؟
  • أبرز الإقالات التي أجراها ترامب منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة
  • اتلانتك: كيف يمكن لترامب أن يحبط تهريب الأسلحة عبر البحر الأحمر من قبل الحوثيين (ترجمة خاصة)
  • ما هي الدروس التي استخلصها الجيش الفرنسي بعد ثلاث سنوات من الحرب في أوكرانيا؟
  • تفاصيل هدنة غير معلنة بين الولايات المتحدة والحوثيين
  • وفد حوثي يسافر سراً للمشاركة في تشييع حسن نصر الله ووفد أخر يغادر مطار صنعاء يتم الإعلان عنه.. إستياء واسع لحلفاء المسيرة .. جناح إيران يتفرد بكل التفاصيل
  • تل أبيب تزعم أن إحدى الجثث التي تسلمتها بغزة ليست لأسير إسرائيلي
  • إيران التي عرفتها من كتاب “الاتحادية والباستور"
  • غادة أيوب: يبقى جيشنا فوق كل الافتراءات التي يروجها أتباع إيران في لبنان
  • “غزة ليست للبيع”.. أوروبا تنتفض ضد خطة التهجير التي يتبناها ترامب