الأمم المتحدة تدعو لتطوير النظم الصحية العالمية لمواجهة الأوبئة القادمة
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
أكدت منظمة الأمم المتحدة على أهمية تطوير النظم الصحية العالمية لمواجهة المزيد من الأوبئة القادمة التي قد يتعرض لها العالم.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في رسالته بمناسبة اليوم الدولي للتأهب للأوبئة الذي صادف يوم أمس “الأربعاء”، العالم إلى أن يكون مستعدا للأوبئة القادمة وأن يعمل بناء على الدروس المستفادة من جائحة “كوفيد-19”.
وقال غوتيريش، “إنه ورغم أن وباء “كوفيد-19″ لم يعد حالة صحية عامة طارئة دولية، إلا أنه لا يزال منتشرا باستمرار ولا تزال آثاره الصحية مدمرة، وتداعياته الاقتصادية ملموسة، حيث تعاني العديد من الأنظمة الصحية من التعثر، بينما يحدق بملايين الأطفال خطر الإصابة بالأمراض بعد أن فاتتهم فرص تلقي التطعيمات الروتينية في مرحلة الطفولة”.
ولفت إلى أن جائحة “كوفيد-19″ أثرت على حياة مئات الملايين من البشر، وتسببت في وفاة الملايين، وألحقت آثارا مدمرة بالبشرية، مشيرا إلى أنه ورغم مرور ثلاث سنوات على تطوير اللقاحات الأولى المضادة لهذا الوباء، إلا أن مليارات الأشخاص في البلدان النامية ما زالوا غير محميين من الفيروس.
ونبه إلى أنه و”عندما تحل الجائحة المقبلة، يجب علينا مواجهتها على نحو أفضل، موضحا بأن العالم غير مستعد بعد لذلك، ولذا يجب عليه التأهب واستخلاص الدروس من كوفيد-19”.
وعبر غوتيريش عن إستيائه إزاء قيام الدول الغنية باحتكار إمدادات الرعاية الصحية الوبائية والسيطرة عليها، ودعا إلى ضرورة ضمان حصول الجميع على وسائل التشخيص والعلاج واللقاحات، وإلى تعزيز سلطة منظمة الصحة العالمية وتمويلها.
كما دعا إلى تعزيز التعاون الدولي، بما في ذلك في مجال تحسين مراقبة الفيروسات، وتعزيز الأنظمة الصحية، وتعزيز خطط التغطية الصحية الشاملة، لافتا في هذا الصدد إلى الإعلان السياسي القوي الذي أصدره الاجتماع الرفيع المستوى بشأن الوقاية من الأوبئة والتأهب لها والاستجابة لها، الذي عقد في سبتمبر الماضي.وام
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
مذكرات الجنائية الدولية ومصير نتنياهو !!
في الوقت الذي ازداد فيه عدد الدول في عالم اليوم ليتجاوز إجمالها المائتي دولة في الأمم المتحدة وهي التي تأسست بمشاركة وفود مثلت بضع عشرات فقط ولتتصاعد في الوقت نفسه الدعوة لإصلاح النظام الدولي وبناء نظام دولي جديد قادر على إرساء السلام والعدل والتفاهم بين الدول وعلى أسس ومبادئ متفق عليها كما هو مأمول منذ سنوات عديدة ومع تعدد واستمرار الدعوة إلى الإصلاح وإلى الأخذ بأفضل الرؤى والأفكار ظل الأمر محكوما حتى الآن بأفضل آراء الفلاسفة والمفكرين على الأقل في الإطار النظري واستمر في الوقت نفسه محكوما في تطوره العملي بنظرية القوة أو بمبدأ القوة الذي يفرض نفسه في التعامل بين الأفراد والجماعات والتجمعات والدول صغيرها وكبيرها ووفق إمكانيات التعامل فيما بينها، ومن جهة أخرى فان العالم يضج بكثرة الدعاوى للإصلاح، إصلاح النظام الدولي ممثلا في الأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة، وإعادة النظر في ميثاق الأمم المتحدة وتعديله على مستوى المجتمع الدولي ليتماشى مع متطلبات المجتمع الدولي الحديث، ومع العدالة الدولية والقانون الدولي الإنساني، وفي ظل حالة التنافس والصراعات المتفاقمة بين الدول زادت المواجهات والحروب وسباقات التسلح بكل ما يترتب عليها من نتائج وخسائر في إمكانيات الدول في حاضرها ومستقبلها.
وبينما يعج العالم بالصراعات والدعوات المتناقضة لبناء السلام بين الدول والشعوب وتعزيزه من جانب، وتأجيج الخلافات والصراعات العرقية والاقتصادية والسياسية بين الدول والشعوب والجماعات الإثنية وغيرها من جانب آخر، فان العالم أصبح مكانا أكثر خطرا ويحمل في داخله العديد من التهديدات للإنسان وللبيئة ولمقومات الحياة الضرورية ولنموها وازدهارها أيضا، وما تشهده المنطقة في الشرق الأوسط على سبيل المثال من احتكاكات وحروب وفرز عرقي وتصفية جماعية وأساليب بشعة هي أعمال يندى لها الجبين، جبين الإنسانية جمعاء.
وإذا كان التعامل الإسرائيلي مع القضية الفلسطينية قد اتسم بالبلطجة والتجاوز والاستهتار بالحقوق الفلسطينية التي يعترف بها العالم في الأمم المتحدة عديد من الدول من داخلها والكثير من خارجها وتتعامل مؤسسات الأمم المتحدة معها ببطء شديد وانحياز ضد الفلسطينيين وحقوقهم برغم أن إسرائيل تملأ الدنيا صراخا وشكوى ضد الأمم المتحدة ومزاعم انحيازها ضد إسرائيل والمواقف الأخيرة ضد اليونوفيل من ناحية ، وضد الأونوروا والأمم المتحدة من ناحية ثانية بزعم أنها تنحاز ضد إسرائيل في كل مناسبة فضحت الموقف الإسرائيلي بعد حرب العام الماضي لأن حرب السابع من أكتوبر وافتقارها لأبسط المبادئ الإنسانية وعلى امتداد نحو 15 شهرا منذ أكتوبر من العام الماضي، وما اتسمت به من همجية ولا إنسانية وانتقام متعمد من الفلسطينيين، حيث بلغ عدد الشهداء ما يتجاوز 34 ألف شهيد بالإضافة إلى ما يتجاوز حوالي 104 آلاف جريح قد ايقظ ضمير العالم وفتح عقله وضميره ضد الهمجية الإسرائيلية. ومع طول الحرب واستمرارها واحتجاجات شباب العالم ضدها في العديد من جامعات العالم، في أوروبا والولايات المتحدة وآسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية انقلب السحر على الساحر وأخذ العالم ينقلب ضد إسرائيل، ضد بشاعة ممارساتها التي لم يسلم منها الأطفال وكبار السن والنساء والمستشفيات بل استخدم نتنياهو سلاح الجوع ضد المدن والمعسكرات ومراكز الإيواء التي دمرتها الطائرات الإسرائيلية فضلا عن التدمير الواسع النطاق للبنية الأساسية وللخدمات وللمرافق الصحية وهو ما جعل غزة مدينة لا تصلح للعيش فيها، وهو ما أكدته تقارير الهيئات الإغاثية الدولية. وقد أحدث ذلك كله وغيره تغيرا واسع النطاق في الرأي العام وعلى مستوى العالم وعلى نحو غير مسبوق وهو ما أخذ يطرح نتائجه مع مرور الوقت تمكن واستمرار الهمجية الإسرائيلية على مسمع ومرأى من العالم اجمع . ومع اتساع الإدانة الدولية للممارسات الإسرائيلية لم تتمكن الولايات المتحدة والدول الغربية من حماية إسرائيل ضد الغضب المتزايد ضدها للحد من تسليحها وهو ما نجحت إسرائيل في منع أمريكا من تطبيقه ووقفه في النهاية مما عرقل تطبيق الدول الأوروبية له رغم قناعتها به ولعل مما له قيمة ومعنى كبير أن إدانة السلوك الإسرائيلي صدرت هذه المرة من جانب المحكمة الجنائية الدولية ذاتها برغم محاولات إسرائيل وأصدقائها في العالم منع المحكمة من إصدار مذكرات توقيف في حق نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق جالانت بتهمة الإبادة الجماعية وارتكاب جرائم حرب منها التجويع ومنع إدخال المساعدات الغذائية والطبية واستهداف المؤسسات الطبية الفلسطينية والتدمير الممنهج لها بدورها ومحاولة إخراج اكبر عدد ممكن منها من الخدمة مما يعرقل قيامها بدورها الإنساني في قطاع غزة وقد أدى الإغراق الهمجي الإسرائيلي على الأرض وعمليات القتل الانتقامي للفلسطينيين دون وازع أو ضمير أو تقيد بالقانون الدولي إلى خسارة إسرائيل حجم كبر من التفهم الدولي والتعاطف الكبير السابق معها والذي استند على مزاعم مغلوطة من جانبها ونجحت حرب غزة التي استمرت أكثر من عام في كشف زيفها وسقوطها أمام الكثيرين في العالم بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية ذاتها وفي هذا الإطار فانه يمكن الإشارة إلى بعض الجوانب لعل من أهمها ما يلي :
أولا، إن الولايات المتحدة باعتبارها القوة العظمى في عالم اليوم يمكنها، بحكم إمكاناتها، أن تلعب دورا مؤثرا بحكم مواردها وان تدافع عن إسرائيل وان تلتزم في حمايتها، حدث ذلك من قبل في حرب 67 ، وحدث ذلك مؤخرا عندما تدخلت واشنطن ضد الهجوم الإيراني ضد إسرائيل في شهري أبريل وأكتوبر من العام الجاري ( الفجر الصادق 1، والفجر الصادق 2 ) وأجلت إيران الهجوم الثالث بعد فوز ترامب في انتخابات الرئاسة في الخامس من نوفمبر الجاري انتظارا لتوليه منصبه في 20 يناير القادم وظهور ملامح خططه التي لوح بها حيث رفض موقف المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل وأشار إلى عقوبة قوية ضد المحكمة بعد توليه الحكم رسميا. على انه تجدر الإشارة إلى أن معاقبة المحكمة يمكن أن يكون ايسر وان كان يمكن أن يكون اكثر تعقيدا بحكم الموقف الدولي المعبأ ضد إسرائيل وما قد يصاحبه من مشكلات قد تمس الأمم المتحدة ذاتها خاصة وان نتنياهو يريد المساس بالأمم المتحدة ومؤسساتها بحجة أنها تساند الفلسطينيين دائما.. من جانب آخر فإن إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي التوقيف في حق نتنياهو وجالانت يتسم بالشجاعة والجرأة في مواجهة إسرائيل ويحملها مسؤولية إصدار المذكرات واحتمال حدوث أخطاء إجرائية تحمل المحكمة مسؤوليتها، غير أن هذا الاحتمال غير وارد في ظل الخبرة الكبيرة للأمين العام للمحكمة لسنوات طويلة كما وانه رفض التهديد الذي تعرض له من سنوات طويلة يضاف إلى ذلك انه سبق وأن رفض التهديدات التي وجهت إليه بسبب إصراره على موقفه في التحقيق مع نتنياهو وجالانت أيضا وهي مقومات في صالح المحكمة وتعزز الثقة فيها .
ثانيا، انه إذا كان الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب لا يرحب بوجه عام بالمنظمات الدولية كالأمم المتحدة وحلف الأطلنطي إلا انه لن يغامر بالدخول في مشكلات في الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية إلا في ظل حسابات تأخذ في الاعتبار العلاقات الضيقة والمهمة لواشنطن من ناحية، أي واشنطن والرئيس الأمريكي، ومنها دور الأمم المتحدة في النظام الدولي وهو دور تأثر كثيرا بما يراه الرئيس الأمريكي لبلاده ولنفسه من دور في الشؤون الدولية وكذلك العلاقات بين أمريكا وإسرائيل خاصة في مرحلة تمثل على الأرجح نهاية فترة الحكم بالنسبة لنتنياهو وترامب، فترامب أعلن أنه لن يترشح مرة أخرى للرئاسة في الانتخابات القادمة في أمريكا ونتنياهو لديه من المشكلات الشخصية والعامة ما يجعل خروجه من الحكم مكسبا لأحدهما أو بمثابة شهر عسل له سواء كان خروجا طوعيا أو اضطراريا وفي الحالتين فانه من المنتظر ألا تكون الفترة المتبقية لكليهما في السلطة مريحة أو بمثابة شهر عسل لكليهما لأن المشكلات ستكون كثيرة ومتكررة على الأرجح لأنه ليس لأحدهما ما يخاف عليه في حالة الخلاف مع الآخر سوى صورته لدى الرأي العام وتاريخه الشخصي وعلى أية حال فإن مذكرات المحكمة الجنائية الدولية ستثير الكثير من الجدل في الفترة القادمة وكذلك كثير من الخلافات بالنسبة للعلاقات الأمريكية الإسرائيلية في المستقبل وهو ما سيحسب له الجميع كل وفق ما يراه لصالحه الشخصي والعام.