تلويح بالتسوية الاقليمية والمواجهات تتصاعد جنوبا واسرائيل تهدد نصرالله
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
تشهد ساحة الجنوب سباقاً بين الوقائع الميدانية التي تزداد عنفاً وتصعيداً يوماً بعد يوم، وبين التحذيرات التي تتوالى عبر القنوات الديبلوماسيّة من انحدار الوضع الى حرب واسعة.
وسجل يوم أمس تكثيف العمليات العسكرية على جانبي الحدود، بالتوازي مع تحليق مكثف للطيران الحربي الاسرائيلي الذي بلغ اجواء العاصمة بيروت.
وكان البارز في مجريات الاحداث التهديد المباشر الذي أطلقته اسرائيل عبر وزير خارجيتها ايلي كوهين ضد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، حيث قال "على نصر الله أن يفهم أنّه التالي، وإذا كان لا يريد أن يكون التالي، عليه أن ينفّذ فوراً قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، وأن ينسحب "حزب الله" إلى الشمال من الليطاني"، ما أوحى أنّ كوهين يشير الى قتل الجنرال الإيراني موسوي قبل يومين.
في المقابل، تستمر الاتصالات الخارجية التي تطال الملف اللبناني، ويستمر الوسطاء والمبعوثون الغربيون بالوصول إلى لبنان من اجل فتح ثغرة في جدار الازمة الداخلية، ومنع انزلاق الازمة إلى حرب تطال الساحة اللبنانية بشكل كامل.
وبحسب مصادر مطلعة فإن معظم الوسطاء الذين حضروا الى لبنان او تواصلوا مع المعنيين فيه، تحدثوا عن التسوية الاقليمية وضرورة ان يكون لبنان جزءا منها لانها آتية لا محالة، وباتت مؤشراتها واضحة للمتابعين.
وتعتبر المصادر ان التلويح بالتسويات الاقليمية والخارجية جزء من الضغوط على لبنان والاغراءات التي تطال الساحة اللبنانية والمسؤولين فيها لدفعهم للقيام بالحسابات الواقعية المرتبطة بإمكانية حصول تسوية اكبر.
داخليا، أفادت معلومات عن احتمال استئناف رئيس مجلس النواب نبيه بري، بعد عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، تحركه في الملف الرئاسي وملاقاة ايّ جهد خارجي فرنسي او قطري او غير ذلك، يقود الى التعجيل في انتخاب رئيس للجمهورية.
المصدر: لبنان 24
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
السيد نصرالله.. مشاهد على عتبة الألم
أيامٌ تقف بيننا وبين حزننا المؤجّل منذ ما يزيد على شهرين.
يوم عاهدنا النفس على التصبّر وإرجاء الوجع، حتى لا يتمكّن منا عدو استطاع أن يخطف أغلى ما عندنا.
على عتبة الألم والحزن واستحقاق اليتم العميق، تحضر في خاطري مشاهد رسمت علاقتي العاطفية بقائد امتلك الأفئدة، قائد كان يُطاع حباً.
المشهد الأول
في ملعب بنت جبيل، في الـ26 من مايو 2000م، يقف عالم دين شاب على بعد بضع قرى عن الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، في تحدٍّ شجاع وجريء للاحتلال الإسرائيلي بعد أيام قليلة على إخراجه مدحوراً من جنوبي لبنان.
كنت حينها في الـ9 من عمري، طفلاً لا يفقه في السياسة شيئاً، في منزل لا يحب الأحزاب والتحزب، بل لديه موقف سلبي مسبق تجاه كل ما يمتّ إلى الحياة الحزبية في لبنان، كنت أجلس بين جمع يستمع بفرح وفخر، يومها رأيت في عيني والدي للمرة الأولى الإعجاب والتقدير لسياسي وقائد حزب في لبنان (لم يكن يرى فيه حينها أكثر من ذلك).
“إن إسرائيل هذه أوهن من بين العنكبوت”، أذكر قول والدي تعقيباً: “هيدا الزلمي بيحكي دهب”.
وكانت بداية رحلة الفضول عند الطفل ابن الأعوام الـ9 لمعرفة من هو هذا القائد.
المشهد الثاني
في الـ29 من يناير 2004م، تنجح المقاومة الإسلامية في لبنان في إنجاز صفقة لتبادل الأسرى بينها وبين العدو الصهيوني، لتفرج عن 462 أسيراً لبنانياً وفلسطينياً.
مواضيع متعلقة
إرث عماد مغنية في المقاومة.. كيف أسس لمعركة لا حدود لها؟
12 شباط 12:31
لبنان: الاستحقاقات التي تنتظر الحكومة.. تحديات وملفات حساسة
5 شباط 13:07
في مطار بيروت، اجتمعت الشخصيات الرسمية (رئيس الجمهورية، رئيس مجلس النواب، رئيس الوزراء… وغيرهم) في صالون الشرف، بينما أفردت صالات في المطار لعوائل الأسرى الذين ينتظرون وصول أبنائهم.
لحظة وصول سماحة السيد إلى مطار بيروت، اتجهت وسائل الإعلام كلها نحو صالون الشرف، حيث كبار الشخصيات، لتوثق لحظة دخوله، بينما استدار هو باتجاه أهالي الأسرى، حيث ينتظرون، فكانوا أول من التقاهم لينتظر بينهم وصول أبنائهم.
المشهد الثالث
في الـ28 من مارس 2006م، تُلقي القوى الأمنية في لبنان القبض على مجموعة إرهابية مسلحة، تخطط لاغتيال الأمين العام لحزب الله، إبان توجهه إلى مبنى البرلمان اللبناني للمشاركة في إحدى جلسات الحوار الوطني آنذاك.
بعد أيام على إعلان إحباط المحاولة والقبض على عناصر المجموعة الإرهابية، يخرج السيد حسن ليعلن عفوه عن الأفراد المعتقلين، ويُسقط حقه في مقاضاتهم.
أذكر يومها ملامح وجهه، بسمته السمحة، وهو يُعلِن عفوه، كأنّ قلبه كان ممتلئاً بمحبة أولئك الذين كانوا يخططون قتله.
المشهد الرابع
في الأيام الأولى لمعركة الوعد الصادق في يوليو 2006، يظهر السيد حسن في رسالة متلفزة، بدا فيها متعب العينين، مبعثرَ اللحية قليلاً، كان متعباً، وكانت القذائف الإسرائيلية تتساقط على الضاحية الجنوبية في بيروت، وكان الناس يفترشون المدارس والساحات والحدائق العامة، يجمعهم همٌّ واحدٌ، بعد تلك الرسالة، “السيد تعبان”، لم يعد أي شيء يعني لهم في مقابل “شوفته تعبان”.
في اليوم التالي زارنا أحد الأقرباء؛ رجل صرف عمره في الاغتراب ليعود بما مكّنه من شراء بيته وتجهيزه، أتى يومها وكان قد علم، قبل ساعات، باستهداف المبنى الذي يوجد فيه بيته، وحوّله إلى ركام.
قال له أبي “يعوضك الله يا أبا علي”، فأجابه أبو علي: “عمر البيت ما يرجع، بس ما شوف السيد تعبان”.
المشهد الخامس
سأقفز أعواماً طويلة لأصل إلى هذا المشهد:
لحظة كان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ينتظر رد حزب الله على “العرض” الإسرائيلي بتحييد لبنان في مقابل وقف المقاومة إسنادها لقطاع غزة إبان معركة طوفان الأقصى.
وكان ذاك الجواب الذي زرع في قلبي أثراً لن يمحى: “أتعطينا الأمان وأطفال غزة لا أمان لهم؟”.
هكذا كان جوابه.
وبجوابه هذا، وضع روحه قرباناً لنصرة الحق: نصرة فلسطين، ونصرة المستضعفين.
هكذا ارتسم في قلبي قائداَ لم أره يوماً معصوماً عن الخطأ أو الزلل، وخالفته في موارد وموارد، لكنه استطاع أن يُطاع حباً، ومن يُطَعْ حباً فلن تقدر على الفكاك من الانتماء إليه، وإلى ما يمثّل، مهما اختلفت أو تمايزت وتعارضت معه.
كاتب لبناني