التهجير على طاولة تفاهمات «اليوم التالي»
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
هل أغلقت الحرب على غزة ملف» التهجير»، أم أنها فتحته من جديد ؟
الأكيد أن هذا الملف ما زال مفتوحا، وسيبقى كذلك إلى حين أن تتغير موازين القوى باتجاه يسمح للفلسطينيين بانتزاع دولتهم وحقوقهم، ما يعزز ذلك أن إسرائيل، منذ تأسيسها، وضعت مشروع تهجير الفلسطينيين، على أجندتها، كما أدرجته على جدول أهداف حربها الأخيرة، التي ما تزال قائمة، واعتبرته شرطا لضمان وجودها واستمرارها كدولة يهودية، رئيس وزرائها أعلن، مؤخرا، أن مشاورات تجري مع أطراف عديدة لإجلاء «طوعي» لعرب غزة إلى دول العالم، وزير الهجرة الكندي ذكر أن بلاده ستطلق، مطلع العام القادم، برنامجا للهجرة، يتيح لسكان غزة الحصول على تأشيرات إقامة، دون شروط مسبقة.
قائمة الدول المرشحة للانخراط في عملية استقبال اللجوء الفلسطيني يبدو أنها ستكون طويلة، ومزدحمة بالمتطوعين و»القبّيضة «، خاصة بعد أن تم إجهاض فكرة التهجير القسري الذي رفضته مصر والأردن، ولاحقا أمريكا، على هذه القائمة، كما تشير بعض التسريبات، إحدى الدول الإفريقية (اعتذر عن عدم ذكر اسمها) حيث تجري تفاهمات معها، في سياق وساطة من إحدى الدول العربية، لاستضافة نحو 1,000,000 فلسطيني من غزة والضفة الغربية، هؤلاء الضيوف، أو جزء منهم، حسب ما يتم طرحه من حوافز، سيشكلون طبقة من الخبراء والعمال المهرة، المؤهلين للمساهمة في عملية «الإعمار»هناك، بمجالاتها المختلفة، كما ان الصفقة ستساعد هذه الدولة على الخروج من عزلتها الدولية، واستعادة الأمن والاستقرار السياسي، وفقا لضمانات أمريكية وغربية تم تقديمها، وما تزال قيد النقاش.
تحت مظلة المساعدات الإنسانية، وإعادة التعمير في غزة، ربما تفتح العديد من الدول، في المنطقة وخارجها، أبوابها لاستقبال أعداد من الراغبين بالهجرة من غزة أو الضفة الغربية، تماما كما حدث بعد النكسة في السبعينات من القرن الماضي، ويبدو (وهذا الأخطر) أن تل أبيب تدفع بهذا الملف في سياق تفهمات «سرية» تجري لوقف الحرب، أو أي ترتيبات «لليوم التالي «، وفي تقديري أن أطرافا، عربية وإقليمية ودولية، أصبحت جاهزة للقيام بدور ما للمساعدة في هذا الاتجاه.
أدرك، تماما، أن أغلبية الفلسطينيين صامدون ومتمسكون بأرضهم، كما أنهم تعلموا من دروس اللجوء والنزوح، الشاهد والدليل ما فعله أهل غزة حتى الآن، لكن ما حدث، سواء في غزة أو الضفة الغربية، بفعل ممارسات المحتل الوحشية، هذه التي أعدمت كل مقومات الحياة الإنسانية، يمكن أن يشكل ضغوطا قاهرة على بعض الفلسطينيين، لاسيما الشباب، تدفعهم إلى الهجرة، بحثا عن فرصة عمل، أو مكان آمن، كما حصل لغيرهم من الشعوب التي عانت من الحروب (السوريون مثلا)، وبالتالي ستجد تل أبيب الفرصة مواتية لتكرار ما فعلته في سياق عمليات التهجير المستمرة للفلسطينيين، من منع للعودة، ومصادرة للأملاك.. الخ.
للتذكير، والتنبيه أيضا، يبلغ عدد الفلسطينيين 14,5 مليون، نصفهم تقريبا (7 مليون) في فلسطين التاريخية، فيما يتوزع النصف الآخر على معظم دول العالم (معظمهم في الأردن وسوريا ولبنان ومصر)، علما أن الهجرة الفلسطينية لم تتوقف مع حرب 67، بل استمرت حتى ما بعد أوسلو، ( منذ 7 أكتوبر الماضي أُجبر سكان 13 تجمعا في الضفة الغربية على الهجرة بسبب عنف المستوطنين )، ما يعني مسألتين، الأولى : حلم « التهجير» ما زال قائما في المخيلة الصهيونية، وهو قيد التنفيذ أيضا، المسألة الثانية : الحرب على غزة أعطت إسرائيل فرصة كبرى للتخلص من مشكلتها الأساسية (السكان )، وهي تعتقد أن النجاح في ملف التهجير سيكون علامة من علامات الانتصار في الحرب.
في ظل الظروف والتحولات التي أنتجها العدوان الاسرائيلي، عربيا وإقليميا ودوليا، يمكن لهذا الملف (النكبة الجديدة) أن يظل مفتوحا، وجاهزا للتنفيذ، يبقى الرهان، فقط، على صمود الفلسطينيين، ثم وجود قوة رفض عربي لإفشال تمريره، أو تنفيذه، بموازاة قوة عون ومساعدة تدعم صمودهم، وتمكنهم من البقاء في أرضهم، السؤال : هل سيكون الرهان في محله؟ أتمنى ذلك.
(الدستور الأردنية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الفلسطينيين فلسطين غزة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
تحريض المستوطنين في نابلس سياسة ممنهجة لطرد الفلسطينيين
نابلس- تعرض منزل عائلة الحاج عبد الغني زيادة لاقتحامات جنود الاحتلال الإسرائيلي وعصابات المستوطنين، 3 مرات خلال هذا الشهر فقط، بالإضافة إلى الاعتداء على أفراد العائلة والتنكيل المستمر بهم. ويزداد الخوف يوما عن آخر من "كارثة" كبرى يلحقها المستوطنون بالعائلة نفسها وبغيرها.
في قرية مادما جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، حيث تعيش عائلة المواطن الفلسطيني زيادة، أضحت الاقتحامات يومية، وهو حال تعيشه القرى والمدن الفلسطينية يوميا، ويرافقها كل أشكال الاعتداءات والتنكيل من جنود الاحتلال والمستوطنين على السواء.
بادعاءات كاذبة وتحريض المستوطنين المستمر ضد الأهالي تتواصل الاعتداءات التي فاق عددها أيام الحرب الإسرائيلية على غزة مرة ونصف مقارنة بما قبل الحرب.
ومع كل اقتحام تعيش عائلة زيادة كوابيس مرعبة، فالكبار يتم التنكيل بهم وضربهم واحتجازهم والتحقيق معهم ميدانيا، والصغار أصيبوا بحالة خوف وهلع مستمرة وتفاقمت أوضاعهم الصحية والنفسية، وأصيب بعض أفراد العائلة برصاص الجنود فيما اعتقل آخرون لأشهر وسنوات.
جانب من قرية مادما جنوب نابلس وطريق مستوطنة يتسهار الالتفافي (الجزيرة) مكر المستوطنينوتخشى العائلة خطرا أكبر و"كارثة"، كما يقول نجلها بهجت زيادة، بسبب مكر المستوطنين وترصدهم بالمنزل الذي يقطنه 25 شخصا لارتكاب جريمتهم التي اعتادوا فعلها بأكثر من موقع، وتحريضهم المستمر عليه وعلى المنازل القريبة منه بفعل محاذاتها للشارع الاستيطاني المعروف بـ"التفافي يتسهار" والذي يقطع أراضي القرية ويصادر جزءا كبيرا منها.
ويضيف زيادة للجزيرة نت أنهم لجؤوا، وفي محاولة لحماية أنفسهم، لاتخاذ تحصينات، كتشييد السياج الشائك بمحيط المنزل، ونصب الإنارة، وتركيب بوابة حديدية ضخمة، والحرص على وجودهم باستمرار داخل المنزل والتناوب على حراسته، ومع ذلك تتصاعد هجمات المستوطنين وجيش الاحتلال الذي حوَّل المنزل لهدف له بكل اقتحام.
يقوم المستوطنون خاصة في الآونة الأخيرة بدور أكبر من مهاجمة المواطنين، ويمارسون التحريض على الفلسطينيين كسياسة ممنهجة، بما يشمل منع وصولهم لأراضيهم ومراقبة بنائهم وهدمه بأيديهم إن تطلب الأمر، وتجييش الجنود الإسرائيليين واستخدامهم كأداة تنفيذ بيد المستوطنين.
ويُقلق الأهالي الذين تتاخم منازلهم شارع "يتسهار"، والتي تزيد على 30 منزلا، النوايا المبطنة والخطط التي لا يخفيها الاحتلال والهادفة للتضييق عليهم وتهجيرهم من منازلهم، لا سيما في تهديداته للأهالي بأنه سيقتلع أشجار زيتونهم من طرف الشارع ويجرف الأرض ويشيد جدارا بمحاذاة الطريق ليحاصر المنازل أكثر ويعرقل خروج المواطنين.
عبد الله زيادة، رئيس المجلس القروي في مادما، أكد أن ما يجري ضد قريته "انتقام" يقوم به جيش الاحتلال والمستوطنون "المجندون أصلا" حسب وصفه.
اقتحامات متكررةويقول رئيس مجلس مادما للجزيرة نت إن هذا الانتقام يظهر في توقيف أهالي القرية لدى مرورهم عبر الحواجز والتنكيل بهم، إضافة لحجم وطريقة الاقتحام، سواء من حيث أعداد الجنود الضخمة التي تصل أحيانا لنحو 300 جندي في الهجوم الواحد، أو الآليات المستخدمة وما يرافق ذلك من عمليات تجريف وإغلاق لطرق القرية، فضلا عن حماية المستوطنين وتأمين هجومهم على القرية.
يضاف إلى ذلك، بحسب زيادة، تحويل منازل المواطنين التي اقتحم الاحتلال أكثر من 80% منها لثكنات عسكرية ومراكز تحقيق ميداني، ومحاصرة القرية لساعات طويلة وفرض طوق عسكري عليها.
ويضيف المسؤول القروي "يمارس الاحتلال كل هذا الإرهاب للتضييق على الناس وطردهم من أرضهم".
ويعمل الاحتلال على تهويد قرية مادما (2600 نسمة) بالكامل، ومن حوالي 3500 دونم (الدونم يساوي ألف مترمربع) يحرم المواطنين الوصول إلى 1500 دونم منها بالرغم من كونها أراضي مصنفة "بي" أي تحت إدارة السلطة الفلسطينية، ويصنف الجيش الإسرائيلي 1000 دونم بأنها "سي" ويخضعها لسيطرته الكاملة.
وتجثم على جزء كبير من أراضي القرية مستوطنة "يتسهار"، ويقيم الاحتلال نقطتين عسكريتين تزيدان في حصار القرية وشارعا استيطانيا يهددها على الدوام.
ويلفت رئيس المجلس القروي زيادة إلى أن "الاقتحامات الإسرائيلية للقرية تجاوزت 600 منذ الحرب على غزة وبأشكال متعددة، ويصاحب ذلك إطلاق النار بكل أشكاله والغاز المدمع وإغلاق القرية وشل حركتها وترهيب السكان، وكأنهم يخططون لشيء أكثر خطورة".
وتشير معطيات هيئة الجدار والاستيطان (جهة رسمية) وفق آخر إحصاء نشر مطلع الشهر الجاري، إلى أن الاحتلال نفذ ومنذ الحرب على غزة 689 عملية هدم في الضفة الغربية والقدس لمنازل مأهولة ومنشآت زراعية واقتصادية وغيرها، ووزعت أكثر من 630 إخطارا، فيما شن جيش الاحتلال والمستوطنون أكثر من 16 ألفا و663 اعتداء ضد الفلسطينيين.
هدم الحلموفي منطقة نابلس الجديدة جنوب المدينة، وحيث لا تقل المسألة خطرا عما تواجهه القرى والسكان من اقتحامات واعتداءات، ارتفعت وبشكل غير مسبوق وتيرة الهدم وإخطار عشرات المنازل بوقف البناء في المكان ذاته في تهديد واضح للمنطقة.
وفي وقت قصير، ومنذ أقل من شهرين، صعّد الاحتلال تهديده للمنطقة وهدم عددا من المنازل والمنشآت السكنية وأخطر نحو 45 منزلا بوقف البناء والهدم، آخرها كان قبل أيام، بادعاء أنها مناطق "سي" ولا تملك التراخيص اللازمة، وهي ذريعته التي بات يسوقها لكل هدم يقوم به.
وكان منزل الحاج عبد الرؤوف الخليلي (أبو معروف) أحدها، ومن قريب عمَّر جزءا منه وسكن فيه أحد أبنائه محاولا تحقيق حلم طالما راوده بأن يكون له ولعائلته منزل خاص بهم.
ويقول أبو معروف، مطلعا الجزيرة نت على معاناته بفعل إخطارات الاحتلال، "قضيت في سجون الاحتلال 20 عاما، وادخرت ما أملك في شراء الأرض والبناء فوقها، وأسكنت ابني لحين إنهاء تجهيز المنزل بالكامل ولتثبيته بالأرض أكثر، ولعدم توفر مسكن آخر في الوقت نفسه".
وأمام هول الإجراء الإسرائيلي وعنصريته، يؤكد أبو معروف أن الاحتلال يهدف إلى "تفريغ المنطقة من السكان وتهجيرهم منها، لكن هذا لن يكون، ولن نسمح لأحد بخطف حلمنا منا"، وهذا لسان حال الفلسطينيين عموما.