كتبت دوللي بشعلاني في" الديار": يقول السفير الدكتور بسّام النعماني صاحب كتاب "مائة عام على اتفاقية سايكس- بيكو: قراءة في الخرائط" لـ "الديار"، بأنّ بعض السياسيين في لبنان يردّدون بأنّ "خريطة سايكس- بيكو القديمة ليست مهمة بالنسبة لهم، والمطلوب "إبراز" خريطة التقسيم الجديدة. ولكأن لا مسؤولية لهم عن إستبيان وإستدلال تلك الخرائط من كل الديبلوماسيين والسياسيين والمبعوثين الأجانب الذين يلتقون بهم".


وفي هذا السياق، يُطرح السؤال حول: مَن هم راسمو خرائط منطقة الشرق الأوسط الجديدة؟ هل هم أنفسهم المبعوثون والسفراء والديبلوماسيون الذين يلتقون بالقادة المحليين، ويتداولون خلال محادثاتهم في شؤون المنطقة؟ يُجيب النعماني: "بالطبع، فهؤلاء الخبراء والديبلوماسيون عكفوا على دراسة اللغات العربية والسامية، ودرسوا تاريخ المنطقة بكل تأن. كما وضعوا "سيناريوهات" بطلب مباشر من حكوماتهم من الدول الكبرى ورفعوها لها، وسيواصلون رفعها لخرائط تقسيم المنطقة الجديدة". 
أما المؤرخون وأساتذة التاريخ فهم يدرسون الملفات الموجودة في أرشيف الدول الكبرى، على ما أضاف النعماني، والتي تتعلق بأمور حصلت منذ ما يقارب القرن من الزمان، والتي رأى المسؤولون الكبار والمختصون في هذه الدول، بأن لا مانع من نشرها وجعلها متوافرة للباحثين والدارسين. وهم طبعاً في الأصل يقصدون بشكل أساسي باحثيهم وخبراءهم المحليين، أو الذين يعملون في دوائرهم الحكومية، كي يستفيدوا من الماضي لإستشراف السياسات الجديدة التي ينبغي إتباعها. ولكن سياسة توفير هذه الوثائق للأساتذة والمختصين اللبنانيين والعرب، خضعت بطبيعة الحال لأصول التبادل الثقافي والفكري بين جميع الأطراف. يعني "أنتم تدرسون وثائقنا الرسمية القديمة... فاسمحوا لنا بدراسة وثائقكم الرسمية القديمة"، أي أنها سياسة مقوننة ومدروسة. وبالرغم من ذلك، لا تزال الدول الكبرى، على رغم مرور أحياناً قرن من الزمن، تجعل الكثير من الوثائق والخرائط القديمة غير متوافرة للباحثين اللبنانيين والعرب.
ويكشف بأنّه اطلع شخصياً على الخرائط الخاصّة بالسير مارك سايكس لتقسيم المنطقة في ملفاته الشخصية في مكتبة وندرمير في بريطانيا، والمفاجأة أنّه لم يكن هناك خريطة واحدة، بل أكثر من عشرين خريطة مختلفة! كلها عبارة عن محاولات وتجريبات للتوصل إلى أفضل الحلول لرسم خريطة الشرق الأوسط الجديدة، بعد هزيمة الدولة العثمانية. كما أنّ أرشيف الدولة البريطانية احتوى على الكثير من خرائط التقسيم المرسومة في وزارات الخارجية والمستعمرات والدفاع خلال الحرب العالمية الأولى، والتي توزع الدول يمنة ويساراً بين العشائر والقبائل والقوميات المختلفة.
أمّا أول من طلب إعادة رسم خريطة منطقة الشرق الأوسط، على ما أكّد النعماني، فهو رئيس وزراء العدو الإسرائيلي دايفيد بن غوريون. وهو كتب عن ذلك في مذكراته. ولم يبرز آنذاك خريطة لمشروعه الإقليمي الجديد. إلا إنه دعا إلى تقسيم مصر وسوريا والعراق إلى دويلات متنافرة على صعيد مذهبي وعرقي. كما دعا إلى تقليص حجم لبنان عن طريق التقدّم إلى نهر الليطاني، والبحث عن "كولونيل" ليقود إنقلاباً عسكرياً، ويُحوّل لبنان إلى بلد مسيحي خالص. ولكن فشله في مؤامرة العدوان الثلاثي في العام 1956 ، وفي أن يقنع الولايات المتحدة بإبقاء سيناء محتلّة، قد أدّت إلى خروجه الباكر من الحكم وإعتزاله العمل  السياسي في مستعمرة في صحراء النقب.
وها هي حرب غزة والتدخل العسكري الأميركي المباشر وغير المباشر فيه، على ما قال النعماني، تعيد إثارة نظريات من يقول بـ "إعادة تنظيم" المنطقة ورسم الخرائط "الجديدة" لها مثلما فعل لويس في الماضي. وتدعو "إسرائيل" حالياً الى دفع حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني، وإلا فهي تنوي شن حرباً تدميرية على لبنان كله، وأن تتجرع بيروت كأس ما تعاني منه غزة. كما أنها أعلنت أنها تريد القضاء على حركة حماس وإلغائها من الوجود، ونقل الفلسطينيين من غزة إلى سيناء. والخطوة الثانية لليمين المتطرّف "الإسرائيلي" ستكون "ترانسفير" آخر، ولكن من الضفة الغربية إلى شرق نهر الأردن. وكلّ هذا يندرج في إطار ما يُسمى بـ "إعادة ترتيب أوضاع المنطقة" و"رسم خريطة جديدة" لها.
ويختم السفير النعماني: في الوقت الحالي، لا توجد خريطة واحدة "مفتاح" لتقسيم المنطقة يتم تداولها، بديلة عن خريطة سايكس- بيكو بل على الأرجح عشرات ومئات الخرائط المختلفة، التي يتم تداولها والبحث فيها في مختبرات الدول الكبرى، والجامع بينها كلها هو التقسيم والتفتيت، وما بقي فهو تفاصيل. أما خريطة "سايكس- بيكو فما زالت حية. ولكنها تخلع قناعاً وترتدي قناعاً آخر.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الدول الکبرى

إقرأ أيضاً:

"مدبولي": منظومة الشكاوى أثبتت فعّالية وكفاءة غير مسبوقة في سرعة الاستجابة للمواطنين في مُختلف القطاعات من خلال التواصُل المباشر معهم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تابع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، حصاد جهود منظومة الشكاوى الحكومية المُوحدة بمجلس الوزراء، والجهات الحكومية المرتبطة بها، خلال شهر يناير 2025، وذلك من خلال تقرير مُفصّل أعدّه الدكتور طارق الرفاعي، مدير المنظومة.

 

وشَّدد رئيس مجلس الوزراء مُجدَدًا على تعظيم جهود تلقي ورصد شكاوى المواطنين واستفساراتهم والتعامل معها، بالتنسيق والتعاون مع شتى الأجهزة والهيئات الحكومية المُختصة على المستويات كافة؛ لتحقيق الاستجابات المُثلى، مُؤكدًا أن منظومة الشكاوى الحكومية أثبتت فعّالية وكفاءة متميزة وغير مسبوقة في سرعة الاستجابة لمشكلات المواطنين في مُختلف القطاعات وتقويض أسبابها، من خلال التواصُل المباشر معهم.

 

وفي سياق متصل، أفاد الدكتور طارق الرفاعي بأنه في سبيل تنفيذ توجيهات رئيس الوزراء، تلقت ورصدت منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة 153 ألف شكوى وطلبا واستغاثة خلال شهر يناير الماضي، وعقب الفحص المبدئي والمراجعة للشكاوى والطلبات، تم توجيه 125 ألفا منها لجهات الاختصاص المختلفة المرتبطة بالمنظومة إلكترونيًا، وحفظ 26 ألف شكوى وفقًا لقواعد وضوابط الفحص قبل التوجيه للجهات المعنية، وجار استكمال فحص ودراسة ألفي شكوى تمهيدا لتوجيهها إلى جهات الاختصاص.

 

وأضاف "الرفاعي"، في تقريره، أن الوزارات اختصت بنسبة 66% من إجمالي الشكاوى الموجهة للجهات المعنية خلال يناير؛ حيث تلقت وتعاملت 9 وزارات هي: الداخلية، الصحة والسكان، الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، التربية والتعليم والتعليم الفني، التموين والتجارة الداخلية، التضامن الاجتماعي، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الكهرباء والطاقة المتجددة، والبترول والثروة المعدنية؛ مع 86% من إجمالي ما تم توجيهه من شكاوى وطلبات إلى الوزارات. وقد حققت وزارات: (الأوقاف، البترول والثروة المعدنية، الصحة والسكان، التموين والتجارة الداخلية، النقل، قطاع الأعمال العام، الكهرباء والطاقة المتجددة، الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، الشباب والرياضة، الدفاع، المالية، الصناعة، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، التضامن الاجتماعي، والسياحة والآثار) نسب إنجاز واستجابات مميزة كمًا ونوعًا في التعامل ومعالجة أسباب الشكاوى والرد عليها.

 

كما اختصت المحافظات بنسبة 22% من إجمالي الشكاوى المُوجهة للجهات المُختصة خلال الشهر؛ حيث استقبلت وتعاملت 9 محافظات هي: (القاهرة، الجيزة، الإسكندرية، الشرقية، الدقهلية، المنوفية، البحيرة، الغربية، والقليوبية) مع نسبة 73% من إجمالي الشكاوى الموجهة للمحافظات. وحققت محافظات: (بورسعيد، السويس، الإسماعيلية، أسوان، الأقصر، أسيوط، قنا، سوهاج، مطروح، دمياط، القاهرة، الإسكندرية، القليوبية، الشرقية، الجيزة، وكفر الشيخ) نسب إنجاز متميزة خلال الشهر.

 

هذا، واختص باقي الهيئات المرتبطة بالمنظومة إلكترونيًا بنسبة 12% من إجمالي تلك الشكاوى والطلبات، وحقق كل من: الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، الهيئة القومية لسلامة الغذاء، الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، جهاز حماية المستهلك، مشيخة الأزهر الشريف، هيئة الدواء المصرية، والشركة الوطنية للطرق، نسب إنجاز مميزة في التعامل مع الشكاوى والرد عليها.

 

واستمر البنك المركزي المصري في الإشراف على توجيه الشكاوى الخاصة بالقطاع المصرفي والتي تتلقاها المنظومة للبنوك المختصة وفروعها المختلفة ومتابعة معالجتها لتحقيق أنسب استجابة لكل شكوى وطلب وفقا لطبيعة كل منها وإخطار العملاء أصحاب هذه الشكاوى والطلبات بالنتيجة. وفي الإطار ذاته، حققت جامعات (قناة السويس، المنوفية، القاهرة، عين شمس، الزقازيق، بنها، بني سويف، طنطا، المنيا، والأزهر) معدلات مرتفعة في إنجاز وسرعة حسم الشكاوى الموجهة إليها.

 

وحول أهم جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال شهر يناير، أوضح الدكتور طارق الرفاعي، من خلال تقريره، أن المنظومة قامت بالتعامل بعناية وسرعة كبيرة مع جميع الشكاوى والطلبات والاستغاثات المسجلة، كما تم تحليل مضمونها واستخلاص النتائج والمؤشرات منها للمساهمة في إزالة أسبابها والحد من تكرارها، وذلك بالتنسيق مع الوزارات والمحافظات والهيئات الحكومية المختصة. 

 

وأضاف مدير المنظومة أن قطاع الإسكان والمرافق كان الأكثر نصيبًا من الشكاوى والطلبات والبلاغات التي تلقتها المنظومة خلال الشهر، حيث قامت وزارتا الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والتنمية المحلية، والمحافظات المعنية بالتعامل مع أكثر من 26.5 ألف شكوى وطلب، تضمنت 19.6 ألف شكوى وطلب وبلاغ مرتبط بقطاع الإسكان. وقد أولت الوزارتان، وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، والمحافظات المختصة اهتمامًا كبيرًا لفحص جميع الشكاوى والتعامل معها وفقًا لطبيعة كل منها. بالإضافة إلى 6.9 ألف شكوى وبلاغ مرتبط بمرفق مياه الشرب والصرف الصحي، وتعاملت معها الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي والشركات التابعة لها والمحافظات المعنية باتخاذ التدابير اللازمة للحد من أسبابها ومعالجتها والرد على المواطنين بشأنها.

مقالات مشابهة

  • العلاقات العُمانية الإيرانية في 5 عقود
  • الجيش الإسرائيلي يصدر أوامر الجديدة لسكان قطاع غزة
  • العصيمي: درجات الحرارة سترتفع بعد غد وأمطار متفرقة على الرياض
  • العالم بين النظام القديم والنظام الجديد
  • 20 عاما من الابتكار.. خرائط جوجل التقنية غيرت تضاريس العالم
  • قانونية مستقبل وطن: مصر صمام الأمان للمنطقة ولن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية
  • خبير يكشف المكاسب الاقتصادية من قرار إنشاء ميناء طابا البحري الجديد
  • الأردن والبريكس: الفرصة الأخيرة للانضمام إلى النظام الاقتصادي الجديد
  • مسيرة حاشدة تضم 5000 يقودها “النعماني” بجامعة سوهاج
  • "مدبولي": منظومة الشكاوى أثبتت فعّالية وكفاءة غير مسبوقة في سرعة الاستجابة للمواطنين في مُختلف القطاعات من خلال التواصُل المباشر معهم