اتفاقيةسايكس- بيكو حيّة وخرائط التقسيم الجديد للمنطقة مُختلف... فهل ستُلبنَن؟!
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
كتبت دوللي بشعلاني في" الديار": يقول السفير الدكتور بسّام النعماني صاحب كتاب "مائة عام على اتفاقية سايكس- بيكو: قراءة في الخرائط" لـ "الديار"، بأنّ بعض السياسيين في لبنان يردّدون بأنّ "خريطة سايكس- بيكو القديمة ليست مهمة بالنسبة لهم، والمطلوب "إبراز" خريطة التقسيم الجديدة. ولكأن لا مسؤولية لهم عن إستبيان وإستدلال تلك الخرائط من كل الديبلوماسيين والسياسيين والمبعوثين الأجانب الذين يلتقون بهم".
وفي هذا السياق، يُطرح السؤال حول: مَن هم راسمو خرائط منطقة الشرق الأوسط الجديدة؟ هل هم أنفسهم المبعوثون والسفراء والديبلوماسيون الذين يلتقون بالقادة المحليين، ويتداولون خلال محادثاتهم في شؤون المنطقة؟ يُجيب النعماني: "بالطبع، فهؤلاء الخبراء والديبلوماسيون عكفوا على دراسة اللغات العربية والسامية، ودرسوا تاريخ المنطقة بكل تأن. كما وضعوا "سيناريوهات" بطلب مباشر من حكوماتهم من الدول الكبرى ورفعوها لها، وسيواصلون رفعها لخرائط تقسيم المنطقة الجديدة".
أما المؤرخون وأساتذة التاريخ فهم يدرسون الملفات الموجودة في أرشيف الدول الكبرى، على ما أضاف النعماني، والتي تتعلق بأمور حصلت منذ ما يقارب القرن من الزمان، والتي رأى المسؤولون الكبار والمختصون في هذه الدول، بأن لا مانع من نشرها وجعلها متوافرة للباحثين والدارسين. وهم طبعاً في الأصل يقصدون بشكل أساسي باحثيهم وخبراءهم المحليين، أو الذين يعملون في دوائرهم الحكومية، كي يستفيدوا من الماضي لإستشراف السياسات الجديدة التي ينبغي إتباعها. ولكن سياسة توفير هذه الوثائق للأساتذة والمختصين اللبنانيين والعرب، خضعت بطبيعة الحال لأصول التبادل الثقافي والفكري بين جميع الأطراف. يعني "أنتم تدرسون وثائقنا الرسمية القديمة... فاسمحوا لنا بدراسة وثائقكم الرسمية القديمة"، أي أنها سياسة مقوننة ومدروسة. وبالرغم من ذلك، لا تزال الدول الكبرى، على رغم مرور أحياناً قرن من الزمن، تجعل الكثير من الوثائق والخرائط القديمة غير متوافرة للباحثين اللبنانيين والعرب.
ويكشف بأنّه اطلع شخصياً على الخرائط الخاصّة بالسير مارك سايكس لتقسيم المنطقة في ملفاته الشخصية في مكتبة وندرمير في بريطانيا، والمفاجأة أنّه لم يكن هناك خريطة واحدة، بل أكثر من عشرين خريطة مختلفة! كلها عبارة عن محاولات وتجريبات للتوصل إلى أفضل الحلول لرسم خريطة الشرق الأوسط الجديدة، بعد هزيمة الدولة العثمانية. كما أنّ أرشيف الدولة البريطانية احتوى على الكثير من خرائط التقسيم المرسومة في وزارات الخارجية والمستعمرات والدفاع خلال الحرب العالمية الأولى، والتي توزع الدول يمنة ويساراً بين العشائر والقبائل والقوميات المختلفة.
أمّا أول من طلب إعادة رسم خريطة منطقة الشرق الأوسط، على ما أكّد النعماني، فهو رئيس وزراء العدو الإسرائيلي دايفيد بن غوريون. وهو كتب عن ذلك في مذكراته. ولم يبرز آنذاك خريطة لمشروعه الإقليمي الجديد. إلا إنه دعا إلى تقسيم مصر وسوريا والعراق إلى دويلات متنافرة على صعيد مذهبي وعرقي. كما دعا إلى تقليص حجم لبنان عن طريق التقدّم إلى نهر الليطاني، والبحث عن "كولونيل" ليقود إنقلاباً عسكرياً، ويُحوّل لبنان إلى بلد مسيحي خالص. ولكن فشله في مؤامرة العدوان الثلاثي في العام 1956 ، وفي أن يقنع الولايات المتحدة بإبقاء سيناء محتلّة، قد أدّت إلى خروجه الباكر من الحكم وإعتزاله العمل السياسي في مستعمرة في صحراء النقب.
وها هي حرب غزة والتدخل العسكري الأميركي المباشر وغير المباشر فيه، على ما قال النعماني، تعيد إثارة نظريات من يقول بـ "إعادة تنظيم" المنطقة ورسم الخرائط "الجديدة" لها مثلما فعل لويس في الماضي. وتدعو "إسرائيل" حالياً الى دفع حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني، وإلا فهي تنوي شن حرباً تدميرية على لبنان كله، وأن تتجرع بيروت كأس ما تعاني منه غزة. كما أنها أعلنت أنها تريد القضاء على حركة حماس وإلغائها من الوجود، ونقل الفلسطينيين من غزة إلى سيناء. والخطوة الثانية لليمين المتطرّف "الإسرائيلي" ستكون "ترانسفير" آخر، ولكن من الضفة الغربية إلى شرق نهر الأردن. وكلّ هذا يندرج في إطار ما يُسمى بـ "إعادة ترتيب أوضاع المنطقة" و"رسم خريطة جديدة" لها.
ويختم السفير النعماني: في الوقت الحالي، لا توجد خريطة واحدة "مفتاح" لتقسيم المنطقة يتم تداولها، بديلة عن خريطة سايكس- بيكو بل على الأرجح عشرات ومئات الخرائط المختلفة، التي يتم تداولها والبحث فيها في مختبرات الدول الكبرى، والجامع بينها كلها هو التقسيم والتفتيت، وما بقي فهو تفاصيل. أما خريطة "سايكس- بيكو فما زالت حية. ولكنها تخلع قناعاً وترتدي قناعاً آخر.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الدول الکبرى
إقرأ أيضاً:
«ترامب» ينشر خريطة أمريكا الجديدة التي تضم كندا.. و«ترودو» يرد
بعد تصريحاته المثيرة للجدل بشأن “ضم كندا”، نشر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الأربعاء، صورتين تظهران خريطة للولايات المتحدة وقد ضمت إليها كندا.
وفي منشور على منصة “تروث سوشيال” علق ترامب على إحدى الصور التي تظهر الخريطة الموحدة لأميركا وجارتها الشمالية معا تحت العلم الأميركي قائلا: “أوه كندا”.
وكان ترامب قد تعهد باستخدام “القوة الاقتصادية” ضد كندا، الحليف المجاور الذي دعا لضمه إلى أراضي الولايات المتحدة. وعندما سئل عما إذا كان سيستخدم القوة العسكرية، أجاب ترامب: “لا. القوة الاقتصادية”.
وأضاف أن اندماج “كندا والولايات المتحدة سيكون خطوة إيجابية. تخيلوا ما سيبدو عليه الوضع عند التخلص من هذا الخط المرسوم بشكل مصطنع. وسيكون ذلك أيضا أفضل كثيرا على صعيد الأمن القومي”.
يأتي ذلك غداة تجديد الرئيس المنتخب دعوته لضم كندا، وذلك عقب إعلان ترودو استقالته.
وردا على هذه التصريحات، أكد رئيس الوزراء الكندي المستقيل جاستن ترودو ووزيرة خارجيته ميلاني جولي، أن بلدهما “لن تنحني” أمام تهديدات ترامب. وشدد ترودو على أن “كندا لن تكون أبدا، على الإطلاق، جزءا من الولايات المتحدة” قائلاً إن ذلك “أشبه بفرصة بقاء كرة ثلج في الجحيم”.
وقال ترودو على منصة “إكس”: “لا توجد فرصة، ولا حتى فرصة بقاء كرة ثلج في الجحيم، أن تصبح كندا جزءاً من الولايات المتحدة. العمال والمجتمعات في بلدينا يستفيدون من كوننا أكبر شريك أمني وتجاري واحدنا للآخر”.
وكان ترودو قد قبل دعوة ترمب بعد أن هدد الرئيس الأميركي المنتخب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع الواردات الكندية إلى الولايات المتحدة، ما لم تبذل كندا المزيد من الجهود لوقف تدفق المخدرات غير القانونية والمهاجرين عبر الحدود المشتركة بين البلدين.
وتجاهل ترودو وحكومته تصريحات ترامب، التي تضمنت بشكل متكرر الإشارة إلى رئيس الوزراء بلقب “الحاكم ترودو”، ووصفها بأنها مجرد مزاح ودود.
ولكن يبدو أن المزاح فقد أثره على ترودو بعدما تحدث ترمب بالتفصيل عن الأسباب التي تجعله يرى أن كندا يجب أن تصبح ولاية أميركية في المؤتمر الصحافي في مارالاجو، وهو حدث معروف بطبيعته غير الرسمية، حيث صرح ترمب بأنه سيستخدم “القوة الاقتصادية” ضد كندا.
وردت وزيرة الخارجية الكندية، ميلاني جولي، الثلاثاء، على تصريحات ترمب على منصة “إكس”، قائلة: “تصريحات الرئيس المنتخب ترمب تكشف عن جهل تام بما يجعل كندا دولة قوية. اقتصادنا قوي. شعبنا قوي. ولن نتراجع أمام التهديدات”.
كما رد زعيم حزب المحافظين، بيير بويليفر، على ترمب عبر “إكس”، متخذاً “موقفاً متحدياً”، استهدف فيه ليس فقط الرئيس المنتخب بل أيضاً خصومه السياسيين المحليين.
وكتب بويليفر: “نحن دولة عظيمة ومستقلة”، مشيراً إلى أن كندا تزود الولايات المتحدة بـ”مصادر طاقة عالية الجودة وموثوقة تماماً” تقدر بمليارات الدولارات، بينما تشتري في المقابل منتجات أميركية بمليارات الدولارات.
وأضاف بويليفر: “حكومتنا الضعيفة والبائسة المؤلفة من الحزب الديمقراطي الجديد والحزب الليبرالي فشلت في توضيح هذه النقاط البديهية”.
وخلال مؤتمره الصحافي، أكد ترامب بقوة وجهة نظره بأن الولايات المتحدة تحتاج إلى الاستحواذ على جزيرة جرينلاند من الدنمارك أو ضمها، بالإضافة إلى السيطرة على قناة بنما، لحماية المصالح الأمنية الأميركية.