واشنطن ترفع «الفيتو» : لا سلام يمنياً إلا بشروطنا
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
الجديد برس:
تواجه رغبة السعودية في الانتهاء من حرب اليمن، تحدّيات صعبة. صحيح أن الرياض تعمل جاهدة على إبقاء جسور التواصل مع صنعاء مباشرة أو عبر الوسطاء العمانيين، وتخشى من أن تفقد الفرصة المتاحة والمثالية لتحقيق رغبتها في الخروج من هذا المستنقع، إلّا أنها في الوقت نفسه، لا تستطيع التهرّب من ضغوط واشنطن التي تسعى إلى ربط اتفاق السلام بوقف القوات اليمنية عملياتها العسكرية في البحر الأحمر، والهادفة إلى رفع الحصار عن قطاع غزة.
وللتملّص من هذه المعضلة، تهرب السعودية من المسؤولية المباشرة عن تعرقل مساعي السلام، وترمي ذلك على الأمم المتحدة التي تلتزم بالسقف الأميركي الرافض لإنهاء الحرب وفقاً لشروط البلدين، أي اليمن والسعودية.
ويأتي هذا بينما تُجري العديد من المؤسسات الأمنية والعسكرية الأميركية دراسات، وترسم سيناريوات حول كيفية التعاطي مع العمليات العسكرية اليمنية في البحر الأحمر. وفي هذا الإطار، نقلت وكالة «بلومبرغ» عن مصادر مطّلعة قولها إن الولايات المتحدة وحلفاءها يدرسون توجيه ضربات عسكرية محتملة إلى اليمن، غير أن مصادر أخرى أوضحت أن الأمر مؤجّل إلى ما بعد أعياد رأس السنة. والواقع أن واشنطن معنيّة، في الوقت نفسه الذي تسعى فيه لتحقيق أهداف حليفتها تل أبيب، بحصر الصراع في غزة ومنعه من الامتداد ليُحدث حريقاً في المنطقة، لكن ما يصعّب مهمتها هو أنها لا تملك كامل الخيوط؛ إذ ثمّة أطراف أخرى، ولا سيما في «محور المقاومة»، لها رأي آخر في حال استمرت الحرب على غزة، وهي تبعث برسائل بالنيران على مساحة واسعة من غرب آسيا.
ومن هنا، تجد القيادة السعودية نفسها أمام مفترق طرق صعب؛ فهي لا تحتمل رفع بطاقتَين حمراوَين في وجه الولايات المتحدة دفعة واحدة، برفض الانضمام إلى التحالف البحري الأميركي الجديد، والسعي أحادياً إلى اتفاق يُنهي الحرب مع «أنصار الله». إلّا أنه خلافاً لرفضها الانجرار إلى تحالف «حارس الازدهار» الذي لا تعتبر نفسها معنيّة به، فإنها لا تستطيع المضيّ من دون حليفها الأميركي نحو التوقيع على اتفاق سلام مع اليمن، بالنظر إلى الرعاية الأميركية للحرب منذ لحظتها الأولى.
وكان سارع المبعوث الأميركي إلى اليمن، تيموثي ليندركينغ، إلى فرملة الاندفاعة السعودية بالقول إن أحداث غزة والتصعيد اليمني في البحر الأحمر أعاقا التوقيع على الاتفاق، في ما يمثّل إشارة واضحة إلى رفض بلاده أي تسوية من دون ربطها بالمطالب الأميركية – الإسرائيلية المتمثّلة في وقف «أنصار الله» هجماتها، والتي كانت قُدّمت، من أجل إنهائها، عروض من مثل الإفراج عن الرواتب، قوبلت برفض صنعاء، وفقاً لصحيفة «دافار» العبرية.
المبعوث الأممي يحاول إدراج نصرة صنعاء للشعب الفلسطيني في مفاوضات السلام اليمنيةوفي السياق نفسه، نقلت وسائل إعلام إماراتية عن مصادر سعودية مطّلعة القول إن واشنطن تمارس ضغوطاً على الرياض لثنيها عن توقيع اتفاق مع «أنصار الله». وتحاول الإدارة الأميركية، في سبيل ذلك، إغراء السعودية بوضع تردّد الأولى في عسكرة البحر الأحمر، في خانة خدمة المملكة وسلامة أراضيها؛ إذ نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أميركيين كبار قولهم إنّ قرار مهاجمة اليمن لم يُتّخذ بعد، عازيةً هذا التردّد إلى الخوف من تجدّد القتال بين السعودية واليمن في هذه المرحلة التي تحاول فيها الولايات المتحدة تجنّب تحويل الحرب في غزة إلى صراع إقليمي أوسع.
ولتكتمل صورة العرقلة الأميركية للتسوية اليمنية – السعودية، جاء البيان الذي أصدره مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، والذي بدا بعيداً كلّ البعد عما اتُّفق عليه بين الجانبين السعودي واليمني، واحتوى نقاطاً مثّلت ارتكاسة في مسار السلام، من مثل وصف السعودية بأنها وسيط وليست طرفاً في الحرب، وعدم الإشارة إلى خروج القوات الأجنبية من اليمن، علماً أن الرياض نفسها وافقت سابقاً على الخروج من الأراضي اليمنية في المرحلة الثانية من الاتفاق.
وعلى خلاف الدول الخليجية، ولا سيما السعودية والإمارات، التي رحّبت بالبيان، اتّهمت صنعاء، المبعوث الأممي، بأنه يحاول التشويش على الموقف اليمني من الحرب في غزة، معتبرة أن «كلّ ما في الأمر وعود مطروحة وكلمات فضفاضة لا قيمة لها على أرض الواقع حتى الآن»، مشدّدة على أن «ما يفرض الواقع هو قوة السلاح وصمود الشعب اليمني».
والجدير ذكره، هنا، أن غروندبرغ حاول، أكثر من مرّة، إدراج العمليات العسكرية اليمنية في البحر الأحمر، في إطار المفاوضات المتّصلة باتفاق السلام، إلا أن رئيس وفد صنعاء، محمد عبد السلام، رفض مناقشة هذا الطرح مطلقاً، موجّهاً كلامه إلى غروندبرغ بالقول «إنك مبعوث لليمن وليس مندوباً عن دولة أخرى».
وفي الإطار نفسه، وصف مستشار وزارة الإعلام اليمنية في صنعاء، توفيق الحميري، ما أعلنه غروندبرغ بأنه «بعيد تماماً عن الواقع وقد يكون خيالياً». ونقلت عنه وكالة «سبوتنيك» القول إن «كل ما جرى هو طرح النقاط للنقاش، ولم يتمّ التوصل إلى الآن إلى أي اتفاق، ولم توقّع الحكومة على أي شيء، وما جرى الحديث عنه من جانب المبعوث الأممي هو شيء من الخيال».
وتابع «أنهم أوجدوا لأنفسهم خريطة طريق لا تتحدّث عن خروج المحتل، وبالتالي الخريطة التي أعلنوا عنها لا قيمة لها، وأعتقد أن حديث المبعوث الأممي محاولة لخلط الأوراق، بالتزامن مع محاولات الضغط على اليمن وعلى وفده التفاوضي، في ظل موقفه المساند للقضية الفلسطينية والمقاومة في غزة».
المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: فی البحر الأحمر المبعوث الأممی الیمنیة فی فی غزة
إقرأ أيضاً:
قصف أمريكي عنيف يستهدف صنعاء.. واشنطن تزعم قصف منشآت للحوثيين
ذكرت وسائل إعلام تابعة لجماعة أنصار الله "الحوثيين"، مساء السبت أن العاصمة اليمنية صنعاء تعرضت لعدوان دون أن تحدد مصدره.
وذكرت قناة المسيرة التابعة للجماعة في خبر عاجل أوردته نقلا عن مراسلها في صنعاء بوقوع العدوان على العاصمة دون أن تورد تفاصيل إضافية.
في المقابل قالت القيادة الوسطى الأمريكية، إنها نفذت ضربات جوية دقيقة ضد منشأة لتخزين الصواريخ ومنشأة قيادة وتحكم للحوثيين في صنعاء.
وبينت القيادة أن القصف يهدف لتعطيل وتقليص عمليات #الحوثيين كالهجمات ضد السفن الحربية بالبحر الأحمر، لافتة إلى أن الضربة تعكس التزامها بحماية القوات الأمريكية والشركاء الإقليميين والشحن الدولي
كما زعمت أنها أسقطت خلال العملية مسيرات تابعة للحوثيين وصاروخ كروز مضاد للسفن فوق البحر الأحمر
وفي وقت سابق اليوم، قال مسؤولون أمنيون إسرائيليون إن تل أبيب تستعد لشن هجوم آخر في اليمن، يتضمن مشاركة دول أخرى، لإيجاد "تعبئة كاملة" تزيد الهجوم على الحوثيين.
يأتي ذلك بعد أن كشف تحقيق لسلاح الجو الإسرائيلي عن إجراء عدة محاولات اعتراض فاشلة للصاروخ الباليستي الذي أُطلق السبت من اليمن وسقط في ملعب بتل أبيب، مخلفا 30 مصابا وأضرارا بعشرات الشقق في المنطقة.
واعترفت وسائل إعلامية إسرائيلية بالفشل استخباريا وفنيا في مواجهة الهجمات التي تنطلق من اليمن، منذ بدء الحرب على غزة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وقالت صحيفة "معاريف" العبرية، السبت، إن "إسرائيل فشلت منذ بداية الحرب على غزة في التصدي لتهديدات الحوثيين الذين أطلقوا على أراضيها أكثر من 200 صاروخ باليستي و170 مسيّرة".
جاء ذلك في تقرير للصحيفة عقب إصابة 20 إسرائيليا جراء سقوط صاروخ باليستي أطلقه الحوثيون على تل أبيب وسط دولة الاحتلال. دون أن يتمكن "الجيش" من اعتراضه.
وقالت "معاريف": "يجب أن ننظر إلى الواقع ونعترف بصوت عال أن إسرائيل فشلت في مواجهة تحدي الحوثيين من اليمن، واستيقظت متأخرة جداً في مواجهة التهديد القادم من الشرق".
وأضافت: "الجيش الإسرائيلي يواجه صعوبة في مواجهة التهديد من اليمن، في الدفاع والهجوم. ومنذ أكثر من عام، ألحق الحوثيون أضرارًا جسيمة في الاقتصاد الإقليمي بشكل عام، وفي الاقتصاد الإسرائيلي بشكل خاص".
وصباح أول أمس الخميس، شن الاحتلال سلسلة غارات على العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظة الحُديدة المطلة على البحر الأحمر غربي البلاد.
و"تضامنا مع غزة" التي تتعرض لحرب إسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قالت جماعة الحوثي إنها بدأت منذ نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، استهداف سفن شحن إسرائيلية أو مرتبطة بها في البحر الأحمر بصواريخ ومسيّرات.
كما بدأت واشنطن ولندن منذ مطلع العام الجاري، شن غارات جوية وهجمات صاروخية على مواقع للحوثيين، وهو ما قابلته الجماعة بإعلان أنها تعتبر كافة السفن الأميركية والبريطانية ضمن أهدافها العسكرية.