بلينكن في المكسيك في محاولة لحل معضلة الهجرة
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
بدأ وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الأربعاء، محادثاته في المكسيك سعيا للتوصل إلى حلول لمشكلة تدفق اللاجئين مجددا إلى الحدود بين البلدين، وهي قضية تثير نقاشا سياسيا حادا في الولايات المتحدة.
هذه الزيارة التي تأتي خلال عطلة أعياد نهاية السنة وهو أمر نادر، تجرى فيما يطالب أعضاء الكونغرس الأميركي الجمهوريون باتفاق حول الهجرة مع حكومة الرئيس الأميركي، جو بايدن، في مقابل دعمهم حزمة جديدة من المساعدات لأوكرانيا.
وافتتح الرئيس المكسيكي، أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، الخميس، المحادثات بجلسة مغلقة مع بلينكن والوفد المرافق له الذي يضم وزير الأمن القومي المكلف خصوصا شرطة الحدود، أليخندرو مايوركاس، ومستشارة الأمن الداخلي، ليز شيروود-راندال.
وكان لوبيز أوبرادور أبلغ الصحفيين قبل الاجتماع أن المكسيك "تساعد كثيرا" في معالجة مشكلة الهجرة.
وأضاف "يغادر الناس بلداتهم بسبب الحاجة، وهناك الكثير من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في العالم. من الضروري تعزيز الأنشطة الإنتاجية وخلق فرص عمل بشكل أكبر".
وقال "سنواصل القيام بذلك ونريد التوصل إلى اتفاق"، مضيفا أن الانتخابات الأميركية العام المقبل ستعطي زخما جديدا لهذه القضية.
في الأسابيع الأخيرة، حاول نحو 10 آلاف شخص يوميا عبور الحدود بطريقة غير نظامية في جنوب الولايات المتحدة أي نحو ضعف عددهم مقارنة بفترة ما قبل جائحة كوفيد-19. كذلك غادرت قافلة تضم آلاف المهاجرين جنوب المكسيك الأحد في محاولة للوصول إلى الولايات المتحدة.
واضطرت السلطات الأميركية العاجزة عن التعامل مع هذا العدد الكبير، إلى إغلاق مراكز حدودية للتصدي للمهاجرين الذين يحاولون الدخول بطريقة غير نظامية.
وتعهد الرئيس المكسيكي الذي تحادث هاتفيا مع بايدن في 21 ديسمبر تعزيز إجراءات احتواء المهاجرين في جنوب البلاد عند الحدود مع غواتيمالا.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر إن الوفد سيبحث مع الرئيس المكسيكي في "الضرورة الملحة لتوفير طرق هجرة نظامية وتعزيز الإجراءات العقابية".
مفاوضات صعبةوتستضيف المكسيك بعد إبرامها اتفاقات مع إدارتي بايدن وسلفه دونالد ترامب على أراضيها مهاجرين يسعون لدخول الولايات المتحدة.
وكثف الرئيس الجمهوري السابق الذي يستعد لمواجهة بايدن في الاقتراع الرئاسي في 2024، في الفترة الأخيرة حملته على المهاجرين متهما إياهم "بتسميم دم" الولايات المتحدة في تصريحات اعتبر منتقدوه أنها مستعارة من الخطاب النازي.
في ظل هذه الأجواء السياسة المتوترة، يحاول الديمقراطيون إيجاد اتفاق حول الهجرة مع الجمهوريين في الكونغرس من أجل الموافقة على نفقات بقيمة 61 مليار دولار لمساعدة كييف في حربها مع موسكو.
وحذر البيت الأبيض أنه "سيفتقر للموارد" المخصصة لأوكرانيا "بحلول نهاية السنة".
في إطار هذه المفاوضات، اقترحت إدارة بايدن خصوصا استحداث 1300 وظيفة جديدة في شرطة الحدود.
قرار منطقيوستطلب واشنطن على الأرجح من المكسيك الاحتفاظ بعدد أكبر من المهاجرين على أراضيها من خلال تقديم تصاريح عمل لهم، على ما يرى أندرو رودمان الباحث المتخصص في شؤون المكسيك في مركز الدراسات والأبحاث "ويلسون سنتر" في واشنطن.
ويوضح "تسعى إدارة بايدن إلى أن تظهر لأسباب تتعلق بالسياسة الداخلية أنها تبذل قصارى جهدها" على صعيد هذا الملف. لكن يكمن أحد التحديات في أن الجميع يريد حلا فوريا لمشكلة عالمية موجودة منذ فترة طويلة" مشددا على عدم وجود "عصا سحرية".
ويضيف "غالبية الأفراد يهاجرون لأنهم اتخذوا قرارا منطقيا يتمثل في أن حياتهم ستكون أفضل في الولايات المتحدة".
ويأتي الجزء الأكبر منهم من دول أميركا الوسطى التي ينهشها الفقر والعنف والكوارث الطبيعية.
في الأشهر الأخيرة، سجل ارتفاع في عدد المهاجرين الآتين من هايتي التي يجتاحها عنف العصابات ومن فنزويلا التي فر منها أكثر من سبعة ملايين شخص بحسب الأمم المتحدة بسبب انهيار اقتصادها.
والتقت وكالة فرانس برس، الثلاثاء، في كوالتيتلان ضمن قافلة انطلقت من جنوب المكسيك، بماريا أليسيا ايوا التي أتت من هندوراس على ما قالت لـ"توفير حياة أفضل لأطفالي". وفي حال منعت من بلوغ الولايات المتحدة، تؤكد أنها ستعود أدراجها إلى بلادها "حيث الجريمة منتشرة ولا عمل".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
لماذا يستحيل ترحيل 13 مليون مهاجر كما يريد ترامب؟
واشنطن- أكد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الاثنين الماضي، أنه يعتزم إعلان حالة الطوارئ الوطنية واستخدام الجيش للمساعدة في خططه للترحيل الجماعي لملايين المهاجرين غير النظاميين.
وعلى منصته للتواصل الاجتماعي، تروث سوشيال، أعاد ترامب نشر تغريدة لتوم فيتون الذي يدير مجموعة المراقبة القضائية المحافظة التي قال فيها إن إدارة ترامب "ستعلن حالة طوارئ وطنية وستستخدم الإمكانيات العسكرية لمعالجة الهجرة غير النظامية عبر برنامج ترحيل جماعي"، وعلق عليها بكلمة واحدة، "صحيح".
وخلال حملته الانتخابية، تعهد ترامب بالبدء بعمليات الترحيل الجماعي في اليوم الأول من رئاسته. ويلقى "تشدده" هذا تأييدا كبيرا في الدوائر الجمهورية، خاصة بين أبناء الطبقات العاملة ذات التعليم المحدود، التي يقلقها قدوم ملايين المهاجرين سنويا دون عمليات تدقيق جادة عند عبورهم الحدود، إضافة لما يعتبرونه آثارا ضارة تخفض مرتبات المهن المتدنية، وترفع أسعار الإيجارات والمساكن.
سلطة واسعةويمنح الكونغرس الرؤساء سلطة واسعة لإعلان حالات الطوارئ الوطنية وفقا لتقديرهم وصلاحيات مؤقتة تشمل إعادة توجيه الأموال التي خصصها المشرعون لأغراض أخرى.
وخلال فترة ولايته الأولى، استند ترامب إلى هذه السلطة لإنفاق المزيد على بناء الجدار الحدودي أكثر مما كان الكونغرس على استعداد للسماح به. ورشح توم هومان لشغل مهمة "قيصر الحدود" المعروف بالتشدد والرغبة في ترحيل كل المهاجرين غير النظاميين.
غير أن الحكومة الفدرالية تملك إمكانيات متواضعة لاحتجاز أعداد ضخمة من المهاجرين. وتستخدم سلطات الهجرة الأميركية مرافق ومخيمات لإيوائهم لفترات قصيرة من الزمن. وتشير بيانات وحدة بحثية متخصصة في بيانات الهجرة بجامعة سيراكيوز إلى وجود نحو 39 ألف مهاجر محتجزين حاليا في انتظار عملية ترحيلهم.
وترحل السلطات الأميركية بصورة دورية مئات الآلاف من المهاجرين غير النظاميين سنويا، إلا أن ذلك لم يمنع استمرار تدفق ملايين جدد من الحدود الجنوبية ووصول إجماليهم إلى حوالي 13 مليون شخص، لذلك يستبعد خبراء كُثر تنفيذ ترامب لتعهداته.
وتتطلع إدارة ترامب لتعاون الولايات والمدن في تنفيذ خطتها. والثلاثاء الماضي، عرضت عليه ولاية تكساس مزرعة ضخمة في مقاطعة ستار لبناء مراكز احتجاز عليها. وفي خطاب اطلعت عليه الجزيرة نت، أخطرته مفوضة الأراضي في تكساس داون باكنغهام بشراء مزرعة بمساحة ألف و402 فدان على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، على بعد حوالي 35 ميلا غرب مدينة ماكالين الحدودية.
كما أكدت له أن مكتبها سيعمل مع الوكالات الفدرالية لبناء مراكز احتجاز ضخمة. وكتبت باكنغهام "مكتبي مستعد تماما للدخول في اتفاق مع وزارة الأمن الداخلي والهجرة والجمارك أو دورية حرس الحدود الأميركية للسماح ببناء منشأة لمعالجة واحتجاز وتنسيق أكبر ترحيل للمجرمين العنيفين في تاريخ البلاد".
وتخضع تكساس لسيطرة الجمهوريين، ويعد حاكمها غريغ أبوت من أكثر حكام الولايات الحدودية تشددا ضد المهاجرين، لكن الحكام الديمقراطيين للولايات الثلاث الحدودية الجنوبية الأخرى –كاليفورنيا وأريزونا ونيو مكسيكو- قالوا إنهم لن يساعدوا في عمليات الترحيل الجماعي.
من ناحية أخرى، تنتخب أغلب المدن الجنوبية عُمدا من الحزب الديمقراطي يتحفظون على تقديم أي عون للحكومة الفدرالية في تنفيذ أي عمليات مطاردة أو احتجاز مهاجريين غير نظاميين. ومثلا، أقر مجلس مدينة لوس أنجلوس، أمس الأربعاء، مرسوما بعنوان "مدينة الملاذ" لمنع استخدام الموارد المحلية لمساعدة سلطات الهجرة الفدرالية.
تحديات قانونيةوفي تقرير لمعهد سياسة الهجرة بواشنطن، قالت كاثلين بوش جوزيف "من المرجح أن نرى فجوة بين الولايات الحمراء الجمهورية والزرقاء الديمقراطية تتسع فيما يتعلق بالتعاون مع أهداف الهجرة لإدارة ترامب".
وتشير أحدث الأرقام الصادرة عن وزارة الأمن الداخلي ومعهد أبحاث بيو إلى أن 80% من المهاجرين غير النظاميين يعيشون في الولايات المتحدة منذ أكثر من عقد من الزمان. ويحق للموجودين دون وضع قانوني الحصول على الإجراءات القانونية الواجبة، بما في ذلك جلسة استماع في المحكمة قبل ترحيلهم.
ومن المرجح أن تؤدي الزيادة الكبيرة في عمليات الترحيل إلى توسع كبير في نظام محاكم الهجرة، الذي يعاني من تراكم كبير للغاية نظرا لقلة عدد القضاة.
ومع تبني العديد من أكبر المدن والمقاطعات قوانين تقيد تعاون الشرطة المحلية مع قوات إنفاذ قوانين الهجرة الفدرالية، تعهد ترامب باتخاذ إجراءات ضدها، إلا أن تعقيدات القوانين المحلية والولائية والفدرالية يزيد من تعقيد الصورة. ويُنتظر أن يواجه أي برنامج ترحيل جماعي تحديات قانونية من منظمات مدنية داعمة للمهاجرين وجماعات حقوق الإنسان.
يقول حسام الدين عمر، وهو محام عربي بواشنطن متخصص في قضايا الهجرة، للجزيرة نت، إن سياسات اللجوء تغيرت أثناء سنوات حكم ترامب عدة مرات، بسبب تدخل المحاكم الأميركية ورفض بعضها سياساته لعدم دستوريتها.
وأضاف أن عملية الترحيل طويلة ومعقدة ولا تبدأ إلا بتحديد هوية المهاجر غير النظامي واعتقاله. وبعد ذلك، سيحتاج المحتجزون إلى إيوائهم في مراكز احتجاز قبل مثولهم أمام قاضي الهجرة، وهي عملية قد تستغرق سنوات في ظل التراكم الكبير الذي تعاني منه.
تكلفة كبيرةخلال إدارة الرئيس جو بايدن، ركزت جهود الترحيل على المهاجرين المحتجزين مؤخرا في مناطق حدودية وعلى الذين يتم ترحيلهم من مناطق لا تقع قرب الحدود ممن لديهم سجل إجرامي أو يعتبرون تهديدا للأمن القومي. وسيكون من الصعوبة تحديد واحتجاز غالبية المهاجرين غير النظاميين ممن دخلوا الولايات المتحدة منذ سنوات طويلة.
في الوقت ذاته، يبلغ عدد ضباط وحدة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك (آي سي إي) 20 ألفا، وهو عدد ضئيل لا يكفي للعثور على ملايين المهاجرين أو تعقبهم واحتجازهم. ولا يستغرب خبراء قول ترامب إنه سيشرك الحرس الوطني أو قوات عسكرية أميركية للمساعدة في عمليات الترحيل.
وتاريخيا، اقتصر دور الجيش على وظائف الدعم على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك. ولم يقدم ترامب سوى تفاصيل قليلة حول كيفية تنفيذ خطة الترحيل الجماعي هذه، ووعد بتقديم حوافز لإدارات الشرطة الحكومية والمحلية للمشاركة في عمليات الترحيل.
يقدر الخبراء أن الفاتورة الإجمالية لترحيل مليون مهاجر فقط ستصل إلى عشرات أو حتى مئات المليارات من الدولارات، ويجب توفير وبناء مناطق احتجاز مناسبة لإيواء مئات الآلاف وربما الملايين منهم. كما سيضطر ترامب إلى مضاعفة عدد رحلات الترحيل الجوية، وربما اللجوء لطائرات عسكرية لزيادة قدرة العمليات وسرعتها.
وكشف تقرير صدر عن "مجلس الهجرة الأميركي" أن ترحيل مليون مهاجر سنويا سيكلف سنويا 88 مليار دولار وأن الأمر سيستغرق أكثر من 10 سنوات، ويحتاج لبناء مئات إلى آلاف من مرافق الاحتجاز الجديدة لاعتقال واحتجاز ومعالجة وترحيل جميع المهاجرين المستهدفين البالغ عددهم نحو 13 مليونا.
وبافتراض أن 20% منهم سيغادرون طواعية خلال أي جهد ترحيل جماعي، ستبلغ التكلفة الإجمالية على مدى 10 سنوات (بافتراض معدل تضخم سنوي قدره 2.5%)، 967.9 مليار دولار.