عاش الفلسطينيون الذين اعتقلهم جيش الاحتلال الإسرائيلي من حي الزيتون شرق مدينة غزة، ليالي طويلة وقاسية، جراء التعذيب الذي تعرضوا له على يد الجنود خلال فترة اعتقالهم.
وروى بعض الفلسطينيين الذين أفرج عنهم مؤخرا، للأناضول، بعضا من فصول التعذيب الذي تعرضوا له خلال الاعتقال من «الضرب المبرح، والصعقات الكهربائية، والتعليق من الأرجل لساعات طويلة»، فضلا عن «التهديد والترهيب».


ما حرم المعتقلين، وفق شهاداتهم، من النوم والطعام حيث كان الجنود يقدمون لهم الخبز الفاسد والمتعفن.
وبدت على هؤلاء الفلسطينيين ملامح الإعياء الشديد جراء التعذيب والضرب الذي تعرضوا له خلال فترة الاعتقال، قائلين إنهم «لم يتخيلوه يوما».
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ هجمات واسعة على جميع مناطق قطاع غزة جوا وبرا وبحرا، منذ بداية عدوانه المدمر في 7 أكتوبر الماضي.

لحظات مخيفة
يقول الفلسطيني جهاد ياسين (43 عاما)، المفرج عنه حديثا، إن لحظات الاعتقال الأولى كانت «وحشية ومخيفة». وأضاف للأناضول، إن الجيش اعتقله لمدة «11 يوما، تعرض خلالها للتعذيب بالصعقات الكهربائية». وأوضح أنه أمضى أوقاته، خلال فترة الاعتقال «مقيدا ومكبلا ويواجه أقسى أنواع التعذيب التي ما زالت أثارها على جسده حتى هذه اللحظة».
وذكر أنه من لحظة الاعتقال شرع الجيش بـ»عصب أعين المعتقلين واقتيادهم إلى مناطق مجهولة، حيث أبقوا عليهم مكبلي الأيدي والأرجل لمدة يومين كاملين، دون طعام». وأوضح أن الجيش «رش على أجسادهم مواد غريبة، وغير مألوفة بالنسبة لهم، الأمر الذي جعلهم فريسة للحشرات». واستكمل قائلا: «كانوا ينقلوننا إلى أماكن متعددة، لم نكن نعلم أين هي هذه الأماكن، ثم تركونا عراة في البرد والهواء».

طعام متعفن وفاسد
وعن ظروف الاعتقال، قال ياسين إن المعتقلين لم يعرفوا النوم بسبب التعذيب الذي كانوا يتعرضون له، خاصة الصعقات الكهربائية.
وأضاف أنه في أفضل الحالات يمكن للمعتقل النوم بضع ساعات فقط، ليتم إيقاظه من قبل الجنود ما بين الساعة 4-6 فجرا حيث كانوا يتركوننا جالسين أرضا على ركبنا منذ ذلك الوقت وحتى الساعة 12 بعد منتصف الليل». وفيما يتعلق بالطعام، قال ياسين إن الجنود كانوا يقدمون للمعتقلين طعاما سيئا للغاية وتظهر عليه علامات العفن.
الشاب محمود العالول، أفرج عنه مؤخرا حيث اعتقل من حي الزيتون شرق مدينة غزة، يتفق مع سابقه قائلا: «كان الجنود يحضرون لكل معتقل 3 أرغفة من الخبز الفاسد، ويتركونها أمامه وهو مقيد لتناولها، لكنهم لم يكونوا يستطيعون التقاطها».
وتابع، في حديثه للأناضول، أنه عانى من الجوع خلال فترة الاعتقال لمدة أسبوع كامل، حيث كان يرفض «الأكل»، كونه فاسدا.
وأشار إلى أن الجيش كان يرفض «فك قيود اليدين والقدمين عند دخول المعتقلين لدورات المياه».
وحول ظروف الاعتقال، قال العالول، إنه وباقي المعتقلين «تعرضوا لضرب إسرائيلي مبرح».
وأضاف: «في بداية الاعتقال تركنا الجيش لمدة 6 ساعات مقيدي الأيدي خلف ظهورنا وجالسين على ركبنا». وتابع العالول: «اقتادنا الجيش في الساعة السادسة فجرا، مشيا على الأقدام لمسافة طويلة، ثم انهال علينا الجنود ضربا في منطقة الساحة شرق مدينة غزة». وبيّن أن الجنود الإسرائيليين كانوا «ينهالون بالضرب المبرح على كل من لم يكن يحفظ رقم هويته»، لافتا إلى أنهم كانوا يركزون في «ضربهم بالهراوات على الرأس». 
هجوم مفاجئ
الفلسطينية حنان عودة، إحدى النازحات من حي الزيتون، تقول إن الجيش الإسرائيلي انقض عليهم بشكل مفاجئ بعد ساعات الفجر، وبدأوا بتجريف منزلهم بالقاطنين فيه. وأضافت للأناضول: «ألقى الجيش تجاهنا العديد من القذائف صوب المنزل، حتى شعرنا بأن المنزل سيهدم على كل من فيه».
حينها، بدأ الأطفال والنساء بالصراخ، ليتحدث إليهم الجيش ويطلبون منهم الخروج من المنزل واحدا تلو الآخر. وأوضحت أن الجيش منعهم من اصطحاب أي «حقائب أو أكياس معهم»، فيما عمل على فصل النساء والأطفال عن الرجال في وقت لاحق.
وذكرت أنهم أجبروا الرجال على خلع ملابسهم وسط برود الجو آنذاك، واقتادهم بعد مصادرة هوياتهم وهواتفهم وأموالهم إلى خارج المنزل».
واستكملت قائلة: «بعدها سمعنا أصوات إطلاق نيران، وبعدها لم نعرف شيئا عن مصير الرجال».

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: مدينة غزة حي الزيتون جيش الاحتلال الإسرائيلي تعذيب الفلسطينيين خلال فترة

إقرأ أيضاً:

بنك الأهداف.. فيلم للجزيرة يوثق إستراتيجيات حرب الاحتلال بغزة

ويوثق الفيلم الذي يبث عبر منصة "الجزيرة 360" (يمكن متابعته كاملا عبر هذا الرابط) الصور والأدلة الدامغة لكيفية تحوّل الأحياء السكنية والمرافق المدنية إلى أهداف مباشرة، في استهداف يعكس نمطا عسكريا ممنهجا يتجاوز الأهداف المعلنة للحرب.

ومنذ اليوم الثالث من اندلاع الحرب على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، بدأ فريق تحقيقات الجزيرة توثيق الإستراتيجيات العسكرية الإسرائيلية التي طُبقت على القطاع، معتمدا على تحليل صور الأقمار الاصطناعية وشهادات شهود عيان وآراء خبراء دوليين.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4هكذا تحاول إسرائيل تقويض قدرة غزة على التعافيlist 2 of 47 تكتيكات للاحتلال بين حرب غزة وهجوم الضفة الغربيةlist 3 of 4ما خيارات حماس للتعامل مع إجراءات نتنياهو ضد غزة؟list 4 of 4كيف غيرت حرب 7 أكتوبر مسار الاستخبارات الإسرائيلية؟end of list

ويكشف الفيلم الوثائقي عن تناقض صارخ بين الأهداف المعلنة للحرب والنتائج الميدانية، التي اتسمت بتدمير ممنهج للمدن واستهداف مباشر للمدنيين، فمنذ اللحظات الأولى للحرب، انتهج جيش الاحتلال 3 إستراتيجيات رئيسية هي: القصف البساطي، وتسطيح الأرض، والخط الأحمر.

ووفق ما يبينه التحقيق، اعتمدت هذه الإستراتيجيات على التدمير الشامل للأحياء السكنية، واستهداف المدنيين بشكل متعمد، وتصفية كل ما يتحرك ضمن مناطق عسكرية حددها الاحتلال.

واعتمدت الإستراتيجية الأولى على إسقاط قنابل ثقيلة الوزن (2000 رطل) لتدمير مساحات شاسعة من الأحياء السكنية، وبينما هدفت الثانية إلى محو معالم المناطق الزراعية والبنية التحتية، سمحت الثالثة بإطلاق النار العشوائي على أي حركة مدنية قرب الخطوط العسكرية.

إعلان

وبحسب تحليل صور الأقمار الاصطناعية التي أجراها كوري شير، الباحث في مركز الدراسات العليا بجامعة نيويورك، فإن سطوع المناطق المأهولة في غزة تلاشى بنسبة كبيرة منذ بداية الحرب، مما يشير إلى تدمير أكثر من 60% من أحياء مثل "حي الرمال"، الذي كان مركزا تجاريا وثقافيا.

عقيدة الضحية

أما مدير مختبر أبحاث علم بيئة الصراع الممول من "الناسا" جامون فان دن هوك، فأكد أن غزة شهدت تدميرا غير مسبوق مقارنة بمناطق نزاع أخرى، رغم صغر مساحتها وارتفاع الكثافة السكانية، إذ لم تكن عمليات القصف مجرد رد عسكري، بل اتبعت عقيدة الضاحية الإسرائيلية، التي تهدف إلى إحداث صدمة نفسية جماعية عبر تدمير البنى التحتية.

ويوضح الخبير العسكري تيودور بوستول، الذي عمل مع البحرية الأميركية، أن الهجوم على "حي الرمال" في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023 لم يستهدف مواقع عسكرية، بل كان "انتقاما خالصا" ضد مراكز الحياة المدنية.

وبدت آثار هذه العقيدة جلية في تدمير الجامعات والمستشفيات وحتى سوق الأسماك في حي الرمال، مما حوله إلى "كومة ركام"، وفق وصف المصور سليمان حجي الذي فقد منزله وشركته في القصف.

ولم تقتصر الإستراتيجيات على المناطق الحضرية، بل طالت الأراضي الزراعية التي تشكل مصدرا رئيسيا للغذاء، حيث تكشف بيانات الأقمار الاصطناعية التي حللتها الباحثة هين أن أكثر من ثلث الحقول الزراعية دُمرت، بالإضافة إلى تدمير ميناء الصيادين ومحطات تحلية المياه.

أما إستراتيجية الخط الأحمر، فقد حوّلت المناطق المعلنة "آمنة" إلى مصائد مميتة، ومن ذلك حادثة "دوار النابلسي" (فبراير/شباط 2024) حيث قُتل 117 مدنيا عندما كانوا ينتظرون شاحنات المساعدات، بعد أن أطلقت الآليات العسكرية النار على الحشود التي اقتربت من "الخط الأحمر".

التوثيق الموسع الذي قدمه الفيلم شمل تحليلات قانونية من خبراء دوليين، من بينهم المحامي الأميركي بورس فين الذي وصف الإستراتيجية الإسرائيلية بأنها ترتقي إلى جريمة إبادة جماعية.

إعلان أداة ممنهجة

ويؤكد التحقيق، بناء على تقارير حقوقية، أن الجيش الإسرائيلي تعمد استهداف البنية التحتية الحيوية مثل المستشفيات والمخابز وشبكات المياه، مما أدى إلى أزمة إنسانية حادة، ويشير كذلك إلى أن الحصار المفروض على غزة لم يكن مجرد إجراء أمني، بل أداة ممنهجة لفرض التجويع والضغط على السكان المدنيين.

وفي جنوبي القطاع، والذي أعلنته إسرائيل "منطقة آمنة"، استمر القصف بالإستراتيجيات العسكرية نفسها، مما أسفر عن مقتل آلاف النازحين الذين كانوا يحاولون الفرار من نيران الحرب، بل إن بعض المواقع التي قُصفت لم تكن تشكل أي تهديد عسكري، وفق تحليل أجراه مختبر أدلة الأزمات في منظمة العفو الدولية.

ويُعلق على ذلك مدير منظمة العفو الدولية بالولايات المتحدة بول أوبراين "لم نجد أي دليل على استخدام حماس للمواقع المدنية التي دمرها الاحتلال.. الاستهداف كان عشوائيا ومتعمدا".

وفي ظل هذه المعطيات، يطرح الفيلم تساؤلات عن الأهداف الحقيقية للحرب، فرغم إعلان إسرائيل أنها تستهدف القضاء على قدرات المقاومة، فإن تحليل الخرائط الجوية وصور الأقمار الاصطناعية يثبت أن الدمار طال الأحياء المدنية في المقام الأول.

وعلى مدى 471 يوما، وثق الفيلم تدمير أكثر من 157 ألف مبنى، ومقتل 30 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، في حين تؤكد الصور التي التقطتها طائرات مسيرة لـ"حي الرمال" شيئا واحدا، وهو أن الحرب لم تترك حجرا على حجر، فقط لتثبت أن بنك أهداف الاحتلال كان دوما مدنيا.

7/3/2025

مقالات مشابهة

  • فتح باب التسجيل للطلبة المؤهلين في برنامج “فصول موهبة” للعام الدراسي القادم 2025-2026م
  • ذكرى انتصارات العاشر من رمضان.. جنود مصر يحطمون أسطورة «الجيش الذي لايقهر»
  • الحمد لله، الجيش أثبت في النهاية إنّه شغّال بي خطّة
  • الاحتلال الإسرائيلي يعترف بخروج أكثر من 10 آلاف جندي عن الخدمة منذ 7 من أكتوبر 2023م
  • يديعوت أحرونوت: الجيش في أزمة غير مسبوقة
  • يديعوت أحرونوت: الجيش الإسرائيلي في أزمة غير مسبوقة
  • مصادر إسرائيلية: الجيش هاجم موقعا عثر فيه لاحقا على جثث 6 أسرى بغزة
  • 21 أسيرة فلسطينية بينهن طفلتان يتعرضن لجرائم منظمة في سجون الاحتلال
  • معدل الاعتقال الاحتياطي انخفض بنحو الثلث وفقا لتقرير النيابة العامة
  • بنك الأهداف.. فيلم للجزيرة يوثق إستراتيجيات حرب الاحتلال بغزة