ترشيد تكاليف الزواج.. «صرعة» الموسم
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
حسن الساعي: توجه جديد لتقليل تكاليف الزواج
نايف الرميحي: 5 آثار إيجابية لترشيد التكاليف
د.محمود عبدالعزيز: أفراح بالملايين.. وسعادة بدراهم
دعاة يؤكدون أن المغالاة في إقامة الحفلات مخالف للشرع
ثمّن مواطنون توجه بعض الشباب للاقتصاد في حفلات الزواج وذلك للحد من المظاهر السلبية المصاحبة للأعراس والمتمثلة بإنفاق مبالغ مالية كبيرة في إقامة الأعراس من خلال ترشيد التكاليف واقتصار الحفل على إقامته في «المجلس»، بحضور المقربين والجيران وبعض الأصدقاء، بعيداً عن مظاهر الإسراف التي تشكل عبئًا على كاهل الأسر القطرية وكذلك مستقبل الشباب المقبلين على الزواج.
وأكدوا لـ «العرب» أن هذا التوجه لدى بعض الشباب يعكس زيادة الوعي العام بثقافة الآباء والأجداد في تيسير أمور الزواج، عملاً بهدى النبي صلى الله عليه وسلم، مطالبين بـ «تعميم» هذه التوجه بين الشباب للحد من مظاهر الزواج الباذخة والمسرفة، والتي تلقي بظلالها لاحقا على الزوجين اللذين قد يتكبدان ديونًا وتكاليف باهظة منذ بدء حياتهما الزوجية.
وأشاروا أن حفلات الزواج التي أقيمت خلال جائحة كورونا وما فرضته من قيود على التجمعات والاحتفالات، تميزت بالبساطة وخلت من المظاهر المكلفة والمبالغ فيها، مما يعني أن تلك المظاهر يمكن الاستغناء عنها.
أرجع الشاب، حسن اليافعي، تجنبه إنفاق مبالغ مرتفعة في حفل زفافه، إلى حب البساطة وعدم حاجته للمغالاة والتباهي في مظاهر حفلات الزواج، وأشار أن حفل الزواج هدفه الأساسي فرحة الأهل والأقارب، داعيا الشباب المقبلين على الزواج للحد من التكلف وتقليل النفقات ما أمكن، والبعد عن المفاخرة والتباهي وكذلك الاستعانة دائما بنصائح واقتراحات الأصدقاء والأقارب، خاصة ان المقبلين على الزواج أغلبهم في بداية حياتهم العملية، وهو ما يدعوهم لـ «الإستعانة بالأهل» أو البنك لتلبية متطلبات العرس وطلبات العروس.
توجه جديد
وقال الإعلامي حسن الساعي إن ثقافة التخفيف من مظاهر حفلات الزواج بدأت تلقى قبولاً في أوساط العديد من الشباب، مشيرا أنه قابل ثلاثة شباب خلال هذه الفترة الماضية، قرروا جميعاً أن يقيموا حفل زفافهم في المجلس وأن يقتصر على دعوة المقربين والجيران وبعض الأصدقاء.
ودعا الساعي الشباب للاقتداء بهذا السلوك الاجتماعي الحميد، وأشار في تصريحات لـ العرب أن تيسير الزواج وتقليل تكاليفه يعد أحد أهم العوامل التي تسهم في تأسيس أسرة مستقرة مبنية على التفاهم والمودة، بينما التمسك بمظاهر الترف والتكلف في إقامة الحفلات تثقل كاهل الشباب وقد تجعلهم يتحملون ديونا كبيره تلازمهم عدة أعوام، منوهاً بضرورة مراجعة هذا السلوك الاجتماعي الذي يترتب عليه آثار اجتماعية سلبية، من بينها إضافة أعباء مالية على كاهل الشباب وتأخر سن الزواج بين الشباب والفتيات.
ترشيد التكاليف
من جهته، استعرض نايف الرميحي أهم الفوائد المحتملة لتقليل تكاليف الأفراح في مجتمعنا القطري، ومنها الحفاظ على المال، مشيرا أن تكاليف الأعراس والاحتفالات يمكن أن تكون باهظة الثمن، وبالتالي فإن تخفيض هذه التكاليف يمكن أن يوفر الكثير من المال للعائلة كما يمكن استخدام هذا المال في الاستثمار في المستقبل أو لتحقيق أهداف أخرى.
وأوضح ان الفائدة الثانية تتمثل في تقليل الديون، بدلاً من تكبد ديون كبيرة لتمويل حفل الزفاف أو الاحتفالات الكبيرة الأخرى، يمكن للأفراد تجنب الديون أو تقليلها من خلال تبسيط تكاليف الحفلات وترشيد الإنفاق، وكذلك الحفاظ على العادات والتقاليد حيث يمكن للأفراد إيجاد طرق بديلة ميسرة للاحتفال بالأعراس والمناسبات الخاصة بما يتوافق مع القيم والتقاليد الثقافية والدينية دون الحاجة إلى إنفاق كميات كبيرة من المال. ومن بين الآثار الإيجابية لترشيد نفقات الأفراح هو الحد من الضغط الاجتماعي لأن تنظيم حفلات بأسلوب بسيط يمكن أن يقلل من الضغط الاجتماعي على الأسرة والعروسين، ويمكن أن يخلق جواً من الهدوء والبساطة، كما يعطي فرصة للتركيز على الجوانب الأخرى، بدلاً من التركيز بشكل كبير على الجوانب المادية من الاحتفالات، يمكن للأفراد التركيز على الجوانب الروحية والعاطفية والشخصية للمناسبة، وختم الرميحي بقوله إن تقليل تكاليف الأفراح يمكن أن يساهم في خلق تجربة أقل تكلفا.
موقف الشرع
من جانبه، ثمّن فضيلة الشيخ الدكتور محمود عبدالعزيز أبو المعاطي، أستاذ الفقه المقارن وعضو مكتب الفتوى سابقاً، اختيار بعض الشباب الاقتصاد في حفلات الزواج والحد من مظاهر البذخ وإنفاق المبالغ الطائلة على حفلات الزفاف، التي تتحوّل مستقبلًا إلى كابوس يؤرق مضاجع الشباب من حديثي الزواج.
وأوضح فضيلته موقف الشريعة الإسلامية من المغالاة في تكاليف الزواج، مشيراً أن التيسير على الشاب المقبل على الزواج وعدم المبالغة في المطالب يساهم مستقبلًا في تسهيل حياة الزوج والزوجة ويحدّ من المشاكل التي يواجهها لأنه لم يضطر للاستدانة لإنفاق مبالغ مالية كبيرة في أمور لا تقدّم ولا تؤخّر في منظومة الزواج التي يعتبر أساسها المودة والرحمة بين الزوجين. والأصل العام الذي ينبغي أن يحكم الإنسان في نفقته، كما هو الأصل العام الذي يجب أن يحكمه في حياته، هو التوسط والاعتدال ؛ قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ) الفرقان:67.
وأكد أن حفل الزواج من الأمور التي يشرع فيها إظهار الفرح والسرور، وإدخاله على الأهل والزوجة ؛ لكن ذلك لا يعني أن يقع الإنسان في الإسراف، أو إنفاق ما لا يحتاج إليه، أو يمكن إتمام الأمر بدون تكلفة، لأجل أن ذلك يكون مرة واحدة، فالإسراف مرة ممنوع محرم، كما أن الإسراف أكثر من مرة، هو تكرير للوقوع في الممنوع المحرم.
وأضاف: ما زال أهل العلم ينبهون على ترك الإسراف في حفلات الزواج، وما يتعلق بأمره بصفة عامة من النفقات، ويشيرون إلى أن ذلك من أسباب تعقيد أمر الزواج على الراغبين فيه، حتى ازدادت العنوسة بين الفتيات.
أعظم النكاح بركة أيسره
وأكد فضيلته أن المغالاة في المهور وفي إقامة الحفلات مخالف للشرع؛ فإن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة، وكلما قلت المؤونة عظمت البركة، وهذا أمر يرجع في أكثر الأحيان إلى النساء، لأن النساء هن اللاتي يحملن أزواجهن على المغالاة في الحفلات مما نهى عنه الشرع، وهو يدخل تحت قوله سبحانه وتعالى: «ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين «. في حين أن الكثير من النساء يحملن أزواجهن على ذلك، ويقلن إن حفل فلان حدث به كذا وكذا.
وبين فضيلته أن الواجب في مثل هذا الأمر أن يكون الوجه المشروع، ولا يتعدى فيه الإنسان حده، ولا يسرف، لأن الله سبحانه وتعالى نهى عن الإسراف، وقال: « إنه لا يحب المسرفين».
وحول ما يقال وينفق في شهر العسل أوضح أنه تقليد لغير المسلمين وفيه إضاعة أموال كثيرة، وفيه تضييع لكثير من أمور الدين، خصوصاً إذا كان يقضى في بلاد غير إسلامية، فإنهم يرجعون بعادات وتقاليد ضارة لهم ولمجتمعهم، وهذه أمور يخشى منها على الأمة، أما لو سافر الإنسان بزوجته للعمرة أو لزيارة المدينة فهذا لا بأس به إن شاء الله.
وأكد أن المغالاة في المهور والمسابقة في التوسع في الولائم بتجاوز الحدود المعقولة، وتعدادها قبل الزواج وبعده، وما صاحب ذلك من أمور محرمة تدعو إلى تفسخ الأخلاق، من غناء واختلاط الرجال بالنساء في بعض الأحيان، ومباشرة الرجال لخدمة النساء في الفنادق إذا أقيمت الحفلات فيها، يعد من المنكرات، ولما يسببه الانزلاق في هذا الميدان من عجز الكثير من الناس عن نفقات الزواج بل قد يجر هذا التوسع الفاحش إلى انحراف الشباب من بنين وبنات، وقد جاء الشرع بالحث على تخفيف المهور والاعتدال في النفقات والبعد عن الإسراف والتبذير، مشيرا أن الإسراف ممنوع مذموم في كل حال، سواء ما تعلق منه بالزواج أو غيره، والمشروع ألا يشق المرء على نفسه، ولا يكلفها فوق طاقتها، بل ينفق بحسب حاله وما يستطيعه، مع تجنب الإسراف والتبذير في النفقة. «لكن ذلك لا يعني أن نفقة أيام العرس والزواج سوف تكون كنفقته في الأيام المعتادة ؛ فهذا غير مناسب، بل يشرع التوسع في نفقة ذلك عن المعتاد، ولأجل ذلك يسن للرجل أن يجعل في نكاحه وليمة، ويدعو الناس إليها، وهذه تكلفة زائدة عما اعتاده، لكن المعتبر البعد عن الإسراف والتبذير في ذلك كله، ومراعاة كل إنسان لحاله وما يقدر عليه».
ودعا فضيلته المجتمع الى التخلص من هذه الممارسات الخاطئة التي يترتب عليها يأس كثير من الشباب من الزواج وخطورة المسألة تكمن في أننا نصعب الحلال في زمان يسهل فيه الوقوع في الحرام. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ”أولم ولو بشاة” يدل على التيسير؛ نظرا لأن المصلحة الشرعية هي تقليل المهور ونفقات الزواج، والتي باتت أمراً مطلوباً.
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: تيسير نفقات الزواج من المروءة.
وتابع د.عبدالعزيز: الشريعة تحرم الإسراف، قال تعالى: “ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين”، وقال معاوية رضي الله عنه: “ما رأيت سرفاً إلا وإلى جواره حق مضيع”. وقد غضب النبي صلى الله عليه وسلم من الإسراف في المهور حتى قال: “كأنكم تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل”. رواه مسلم. ولقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه بخاتم من حديد وزوج بعضهم بما يحفظ من كتاب الله حيث قال له: “زوجتك بما معك من القرآن”، وبذلك تعتبر المصاريف المبالغة في تكاليف الزواج أمرا خارج إطار الشرع لم يدع إليه الدين الاسلامي الحنيف، بل نهى عنه.
وأكد انه ينبغي أن يتم تغيير العادات السلبية الى عادات إيجابية، نحن في نعم عظيمة تحتاج الى شكر، ومن لوازم شكرها الحفاظ عليها وليس إنفاقها في غير محلها، والتبذير فيما لا طائل منه، هناك طبقات في المجتمع تعاني بسبب السعي الى تقليد غيرها من الطبقات الغنية التي تتفنن في إخراج حفلات الزواج بطرق فيها الكثير من الإسراف.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر حفلات الزواج النبی صلى الله علیه وسلم تکالیف الزواج حفلات الزواج المغالاة فی على الزواج الکثیر من فی إقامة یمکن أن فی حفل
إقرأ أيضاً:
الكنيست يوافق على زيادة ميزانية 2024 لتغطية تكاليف الحرب
صوت الكنيست الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، بالموافقة بالقراءتين الثانية والثالثة على توسيع ميزانية 2024 لتغطية تكاليف الحرب الإضافية.
وحسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، صوت 62 عضوًا في الائتلاف لصالح اقتراح الميزانية وصوت 52 ضده.
ويزيد الاقتراح الميزانية بنحو 33 مليار شيكل (9 مليارات دولار) مع توجه الغالبية العظمى من هذه الأموال إلى الإنفاق الدفاعي.
وكان وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش قال في وقت سابق، إن الأموال الإضافية لن تضيف إلى عجز الموازنة، وإن العجز سيصل إلى هدفه لعام 2024 وهو 6.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي المستهدف.