في دائرة الخطر.. النساء الحوامل في غزة يفتقدن الرعاية الصحيّة
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
تُواجه النساء الفلسطينيّات، في ظلّ تواصل الحرب الضّارية على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، معاناة يوميّة بسبب قلّة الأسرّة والأطبّاء والرعاية الصحيّة الجيّدة قبل الولادة وبعدها، نظرا إلى الأوضاع المأساويّة للمستشفيات التي لم تسلم من القصف الإسرائيلي.
وتعيش النساء الفلسطينيّات ظروفا استثنائية بسبب معاناتهنّ إذ روت إحدى النساء الحوامل لقناة الجزيرة حالة الهلع والخوف التي عاشتها: “كنت في شهري الثامن ومن المتوقّع ولادتي في أي وقت.
في هذا السّياق أكّدت مؤسّسة “أكشن إيد” فلسطين أنّ عشرات الآلاف من النساء الحوامل يعانين الجوع الشديد بسبب الأزمة الغذائيّة المتصاعدة في غزة. وقالت إنّ الأمّهات الفلسطينيّات يُعانين سوء التّغذية، ما من شأنه أن يحُدّ من قدرتهنّ على إرضاع أطفالهنّ حديثي الولادة من خلال الرضاعة الطبيعيّة. ويُعاني 71% من سكّان غزّة حاليّا، حسب المؤسسة، الجوع الحادّ، في حين أنّ 98% من السكّان ليس لديهم ما يكفي من الطعام، حسب المرصد الأورومتوسّطي لحقوق الإنسان.
وتُؤثّر هذه الأزمة الغذائيّة، في النّساء الحوامل والأمّهات وأطفالهنّ الصغار بشكل حادّ، إذ بيّنت مؤسسة “أكشن إيد” أنّ هناك 50,000 امرأة حامل، و68,000 مرضع في غزة وفق بيانات الأمم المتحدة الأخيرة، هنّ بحاجة إلى تدخّلات وقائية وعلاجيّة وغذائيّة فوريّة منقذة للحياة. كما يعاني 7685 طفلا دون سنّ الخامسة من الهزال الذي يهدّد حياتهم، ما يجعلهم عرضة لتأخّر النمو والمرض والوفاة في الحالات الشّديدة، في حين يتمّ تصنيف أكثر من 4000 طفل يعانون حالات الهزال الشديد، وهم بحاجة إلى علاج منقذ للحياة.
ورغم أنّ الحدّ الأدنى الذي يحتاجه الفرد الواحد يبلغ 15 لترا للبقاء على قيد الحياة، إلاّ أن النساء الحوامل والمراضع يحتجن أيضا إلى 7.5 لترات إضافية من المياه الصالحة للشرب يوميا للحفاظ على صحتهنّ وصحة أطفالهنّ. في المقابل يبلغ متوسّط كميّة المياه التي يحصل عليها الشخص الواحد في قطاع غزة 1.5 لتر يوميّا لتغطية جميع احتياجاته من الشرب والاستحمام والتنظيف، ما قد يُعرّض صحّة الحوامل للخطر ويُفاقم مأساتهنّ. وأشارت مؤسّسة “أكشن إيد” فلسطين، إلى أنّه رغم حجم الاحتياجات الهائلة في قطاع غزّة، إلاّ أنّ حجم المساعدات التي تدخل القطاع ما يزال غير كاف على الإطلاق.
من جهتها قالت مسؤولة التواصل والمناصرة في منظّمة أكشن إيد فلسطين رهام جعفري: “لا نملك الكلمات لوصف حجم الرعب الذي يتحمّله سكّان قطاع غزة، إذ يعاني جميع السكّان الجوع، لكنّ النساء الحوامل والمراضع وأطفالهنّ، الأكثر معاناة، إنّ القصص التي نسمعها مروّعة، تضطرّ الأمّهات إلى مشاهدة أطفالهنّ وهم يصرخون ويبكون من الجوع بلا حول ولا قوة، كما أنهنّ عاجزات تماما عن فعل أيّ شيء”.
وأضافت: “قد تزداد الأمور سوءا بشكل مرعب، ليس هناك مجال لتضييع الوقت، كل يوم يموت مئات الأشخاص في غزة بسبب القصف وقريبا سيموت المئات أيضا من الجوع والمرض، إن وقف إطلاق النار الفوري والدائم هو وحده الذي سيمنع وقوع المزيد من الوفيات على الإطلاق، ويسمح بدخول الغذاء والوقود والأدوية وغيرها من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة على نطاق واسع وضروري”.
ونقلت “أكشن إيد” حالة أم (ختام) لخمسة أطفال من بينهم طفل حديث الولادة، نزحت إلى مدرسة في دير البلح، ولا تملك الطعام لإطعام أطفالها، قائلة: “لا يوجد ماء ولا طعام لنأكله، ابنتي الصغيرة تعاني من طفح جلدي بسبب قلّة النظافة هنا، وضعنا صعب للغاية، كيف لنا أن نشرب الماء؟ نتساءل هل يوجد ما يكفي لنا وللأطفال؟ بالطبع لا! لا توجد مياه نظيفة، نحن بالكاد نسدّ رمقنا، لديّ أيضا أربعة أطفال آخرين يريدون تناول الطعام منذ الصّباح لكن لا يوجد خبز”.
وتضيف ختام التي نزحت من منزلها بسبب القصف بعد يومين فقط من ولادتها: “صدرت أوامر إخلاء المنازل بعد ولادتي بيومين فقط، كنت متعبة جدّا في مرحلة ما بعد الولادة بعد خروجي من المستشفى مع استمرار النّزيف، كنت أحمل ابنتي، كنّا نسير تحت الصواريخ والقصف، ونجلس لبعض الوقت لنستريح على الرصيف والشوارع”. وكان صندوق الأمم المتّحدة للسكان في فلسطين، كشف أخيرا أنّ النساء الحوامل في قطاع غزة، لا يتمكنن من الحصول على الخدمات الصحية الأساسيّة.
وأضاف الصندوق، في بيان -نشر سابقا- على منصّة “إكس”، أنّ “50 ألف امرأة حامل في قطاع غزّة لا يستطعن الحصول على الخدمات الصحية، 5 آلاف و500 منهن سوف يلدن خلال أكتوبر/تشرين الأول الجاري”.
وأكّد الصندوق أن النساء “يحتجن إلى رعاية صحية وحماية عاجلة”، وحث جميع الأطراف على “التقيد بالالتزامات بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان”. وقالت وزارة الصحة الفلسطينيّة إنّ مستشفيات قطاع غزّة تعاني من نقص في الوقود والأدوية والمستلزمات الطبيّة جرّاء الحرب الإسرائيليّة على القطاع.
وأعلنت وزارة الصحة بغزّة، الأربعاء 27 ديسمبر، ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى 21 ألفا و110 شهداء و55 ألفا و243 جريحا منذ السابع من أكتوبر.
وواصل جيش الاحتلال قصف مختلف مناطق قطاع غزة برا وجوا وبحرا، لليوم الـ82 فقد شنت مقاتلات الاحتلال غارات عنيفة على شرق مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، فيما استهدفت مدفعيته منزلا شرق رفح، حسب وسائل إعلام محليّة.
وقالت الوزارة إن قوّات الاحتلال ارتكبت، أمس الثلاثاء، 16 مجزرة بحق عوائل بكاملها راح ضحيتها 195 شهيدا و325 مصابا. وتشير السلطات في غزة إلى وجود آلاف الشهداء والجرحى العالقين تحت الأنقاض وفي الطرقات، حيث يتعذر انتشالهم بسبب القصف المتواصل ومنع الاحتلال طواقم الإسعاف من ذلك.
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: النساء الحوامل قطاع غزة أکشن إید فی غزة
إقرأ أيضاً:
"الجنس مقابل السمك".. كيف تُستغلّ النساء في زامبيا بسبب الجفاف وقلة المساعدات الدولية
في زامبيا، تم الإبلاغ عن أكثر من 42,000 حالة عنف قائم على الجنس بين عامي 2023 و2024، وسط ظروف اقتصادية قاسية أدت إلى تفاقم معاناة النساء الريفيات.
مع تزايد عددالنساءاللواتي يلجأن إلى تجارة صيد الأسماك كوسيلة لكسب القوت، تُجبر العديد منهن على ترتيب صفقات استغلالية تحت شعار "الجنس مقابل السمك"، وهي ظاهرة تفاقمت بسبب تقليص المساعدات الأجنبية.
أصدرت منظمة "أكشن إيد" غير الحكومية تقريرا جديدا يسلط الضوء على تفشي ظاهرة تعرض النساء للعنف القائم على النوع. وكيف أجبر الجفاف الطويل الأمد العديد من النساء الزامبيات على البحث عن سبل عيش بديلة، مما جعلهن عرضة بشكل متزايد للإكراهوالإيذاء في قطاع يتسم باختلال موازين القوى ومحدودية الفرص.
تعتبر زامبيا واحدة من الدول الأكثر تأثراً بتغير المناخ، حيث أدى الجفاف الشديد في العام الماضي إلى تهديد حياة أكثر من 6 ملايين شخص من الأسر التي تعتمد على الزراعة كمصدر للعيش، مما دفع الحكومة إلى إعلان حالة الطوارئ. كما أن نقص المياه وفشل المحاصيل جعل العديد من النساء يلجأن إلى الصيد كسبيل للنجاة، إلا أنهن وقعن في فخّ الاستغلال.
مارثا سيدة من مناطق ضربها الجفاف، تروي معاناتها قائلة: "لا أملك قارباً، لكنني أعتمد على الصيادين للحصول على الأسماك، لكنهم لا يطلبون المال، بل يطلبون ممارسة الجنس مقابل حصولي على السمك".
فيما تشارك امرأة أخرى، بالكيلو، تجربتها المأساوية: "قال لي الصياد إنه يمكنني دفع المال، لكن إذا لم أزره ليلاً، فلن أحصل على السمك".
أفادت الأمم المتحدة بأن أكثر من ثلث النساء والفتيات في زامبيا تعرضن للعنف الجسدي في حياتهن. وقد ظلت المنظمات الإنسانية، مثل "أكشن إيد"، تعمل على مدار عقود لمكافحةهذه الظاهرة من خلال برامج تهدف إلى التخفيف من العنف القائم على الجنس.
وتشمل هذه البرامج مجموعات المراقبة النسائية وفتح الملاجئ وحملات التوعية.
ومع ذلك، فقد تأثرت هذه البرامج كثيرا في الفترة الأخيرة لأن دولا عدة بما فيها الولايات المتحدة وبريطانيا قلصت مؤخرا المساعدات مما أجبر العديد من البرامج على التوقف أو تقليص أنشطتها.
في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة إنسانية متفاقمة، يواجه حوالي 5.8 مليون شخص في زامبيا مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي، بينما تزداد حالات العنف ضد النساء والفتيات.
تقول فايدس تيمبا تيمبا، المديرة الإقليمية لمنظمة "أكشن إيد" في زامبيا: "لا ينبغي أن تضطر أي أم إلى المخاطرة بسلامتها حتى تحمي أطفالها من الجوع. لكن هذا هو الواقع الذي يواجه النساء في زامبيا اليوم. من غير المقبول أن نجبر النساء ونحن في عام 2025 على الدخول في دوامة من العنف وسوء المعاملة لمجرد أن الحكومات اختارت أن تدير ظهرها لهن.“
ويسلط الوضع السائد في زامبيا الضوء على نقاش أوسع بشان دور المساعدات الدولية في مواجهة التحديات الاجتماعية.
رغم التزام الدول الغنية بتوفير تمويل إضافي لمواكبة آثار المناخ، فإن تقليص برامج المساعدات الحالية يثير المخاوف بشان طريقة دعم الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة.
بعد أن تولى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصبه في يناير/كانون الثاني، أجرت إدارته تخفيضات شاملة في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وهي الهيئة المسؤولة عن المساعدات الخارجية. وقد تم تسريح آلاف الموظفين وإلغاء التعاقد مع المتعاقدين، حيث تم وقف كل شيء بدءاً من مبادرات مكافحة الملاريا في ميانمار إلى خدمات الترجمة في أوكرانيا.
ويقول نيرانجالي أميراسينغي، المدير التنفيذي لمنظمة أكشن إيد في الولايات المتحدة: "إن القرار المتهور بخفض تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية له تأثير فوري وشديد على الفئات الأكثر هشاشة في العالم. فقد عرّض النساء والفتيات في زامبيا لخطر الاستغلال وحرمهن من مساعدات حيوية بالنسبة لهن دون وجود أي خطة بديلة". ويضيف: "الأمر ليس مسألة كفاءة، بقدر ما هي مسألة تجاهل قاسٍ للمحتاجين".
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية منظمات غير حكومية في جنوب أفريقيا تحذر: تجميد ترامب للمساعدات سيحرم مرضى الإيدز من العلاج الصحة العالمية تدق ناقوس الخطر.. تجميد ترامب للمساعدات يهدد حياة ملايين المصابين بالإيدز مايوت تحت وطأة إعصار "شيدو".. فرنسا تواصل إرسال المساعدات في ظل دمار غير مسبوق جفافأفريقياالولايات المتحدة الأمريكيةالتحيز القائم على الجنستغير المناخالعنف ضد المرأة