زنقة 20. الرباط

أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، وعضو الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة الحسن الداكي، أن الهيئة أنهت اليوم جلسات الاستماع للتصورات بخصوص تعديل مدونة الأسرة، مضيفا أن ” الباب سيبقى مفتوحا لتزويد الهيئة بمزيد من الاقتراحات والآراء “.

وقال السيد الداكي، في تصريح للصحافة، “نحن اليوم في نهاية الاستماع على أن يظل الباب والمجال مفتوحين لكل من يرغب في اضافة آراء أو تحليل أو توصيات أو مقترحات لتزويد الهيئة بها، سواء بمقتضى مذكرة كتابية أو عن طريق الموقع الإلكتروني للهيئة الذي يبقى رهن إشارة الجميع “.

وأوضح أن الهيئة عقدت 130 جلسة استمعت خلالها ” لأقصى ما يمكن من الفاعلين في المجتمع ” (مؤسسات، مجتمع مدني، أحزاب سياسية ، مركزيات نقابية، مراكز أبحاث …)، الذين قدموا تصوراتهم ومقترحاتهم حول تعديل مدونة الأسرة.

وأضاف السيد الداكي أن الهيئة ستكون لها لقاءات مع خبراء آخرين للاستعانة بآرائهم وأفكارهم لاسيما في المجال الفقهي.

من جهة أخرى، أكد السيد الداكي أن الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة ستتداول بشأن الاقتراحات والتوصيات والدراسات التي قدمت لها في مختلف جلسات الاستماع وأيضا في مذكرات مكتوبة، مشيدا بالانسجام التام والشعور بالمسؤولية الكاملة اللذين طبعا هذه الجلسات.

وأبرز رئيس النيابة العامة الانخراط القوي لجميع الفاعلين في ” هذا المشروع الملكي الشامل” مضيفا أن الأسرة بجميع مكوناتها تشكل “لبنة أساسية لايجاد كل الحلول المناسبة للإختلالات التي عرفتها المدونة الحالية في التطبيق، وأيضا لكل ما يخدم استقرار وتقوية دورها في بناء مجتمع قوي وسليم كما يريده صاحب الجلالة الملك محمد السادس “.

المصدر: زنقة 20

كلمات دلالية: مدونة الأسرة أن الهیئة

إقرأ أيضاً:

د. محمد بشاري يكتب: مدونة الأسرة المغربية.. اجتهاد شرعي في ظل التحولات المجتمعية

تشكل مراجعة مدونة الأسرة المغربية، التي أُشرف عليها تحت قيادة الملك محمد السادس، خطوة مفصلية في تحقيق التوازن بين الثوابت الشرعية ومتطلبات العصر. 

هذه المراجعة تأتي في سياق وطني ودولي يشهد تغيرات اجتماعية واقتصادية عميقة، حيث تتطلب التشريعات الأسرية مراجعات مستمرة تُراعي خصوصيات المجتمع وتستجيب لتحولاته. وقد كان الالتزام بمبدأ “لن أُحلل حرامًا ولن أُحرم حلالًا” أساسًا اجتهاديًا ومنهجيًا لهذا المشروع الإصلاحي.

ارتكزت المراجعة على مقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ الحقوق وتحقيق العدل، وتمحورت حول قضايا حيوية مثل الحقوق المالية داخل الأسرة. ومن بين المفاهيم البارزة التي لعبت دورًا في معالجة القضايا، كان مفهوم الكد والسعاية، الذي يمثل أساسًا فقهيًا في المذهب المالكي. لم يُطرح هذا المفهوم كمطلب مستقل، ولكنه استُخدم كأداة تحليلية لمعالجة قضايا متعددة، خصوصًا تلك المتعلقة بالحقوق المالية للزوجين.

من بين أهم القرارات التي اعتمدها المجلس العلمي الأعلى، جاء إيقاف بيت الزوجية عن الدخول في التركة كخطوة جوهرية لحماية حقوق الأسرة، وخصوصًا الزوجة والأبناء، من التشرد أو الضياع بعد وفاة أحد الزوجين. هذا القرار يعكس تقديرًا عمليًا للدور الذي تلعبه الزوجة في بناء الأسرة واستقرارها. كما أقر المجلس الاعتراف بالعمل المنزلي كمساهمة في تنمية الأموال المشتركة، ليُعطي قيمة قانونية للجهد غير المادي الذي تبذله الزوجة، وهو تطور يعزز العدالة بين الزوجين ويكرس الشراكة الحقيقية في الحياة الزوجية.

قرار آخر هام تمثل في جعل الديون المشتركة بين الزوجين مقدمة على غيرها، حيث يعكس هذا القرار الفهم الاجتهادي لمسؤولية الطرفين في تحمل الأعباء المالية بشكل متساوٍ ومنصف. هذه القرارات، التي استندت إلى مبادئ الكد والسعاية، تُبرز كيف يمكن للفقه الإسلامي أن يواكب التحولات الاجتماعية دون التفريط بثوابته.

على الجانب الآخر، تمسك المجلس العلمي الأعلى بثوابت الشريعة في بعض القضايا الحساسة. رفض المجلس مقترحات مثل استعمال الخبرة الجينية لإثبات النسب، وإلغاء العمل بقاعدة التعصيب في الإرث، والتوارث بين المسلم وغير المسلم. هذه المواقف لم تكن مجرد آراء محلية، بل جاءت متسقة مع ما أقرته المجامع الفقهية الكبرى، ومنها مجمع الفقه الإسلامي الدولي، الذي يولي أهمية كبيرة للنصوص القطعية باعتبارها مرجعية لا تقبل الاجتهاد.

اللافت أن القضايا المتعلقة بحقوق المرأة والأسرة التي يتناولها المغرب اليوم ليست محلية فقط، بل تعكس قضايا متشابهة تواجهها معظم الدول الإسلامية. ما يُقدم عليه المغرب تحت مظلة مؤسسة إمارة المؤمنين قد يصبح نموذجًا يُستفاد منه في العالم الإسلامي، حيث يمكن لهذا النهج الاجتهادي أن يُلهم دولًا أخرى في تحديث تشريعاتها الأسرية بما يراعي التوازن بين الثوابت الدينية ومتطلبات العصر.

ختامًا، تبرز مراجعة مدونة الأسرة المغربية كمثال على قدرة الشريعة الإسلامية على تقديم حلول مبتكرة لقضايا معقدة، دون المساس بثوابتها. ولكن يبقى السؤال مفتوحًا: كيف يمكن للاستمرار في الاجتهاد الشرعي أن يُلبي احتياجات المجتمعات الإسلامية المتغيرة مع الحفاظ على المرجعيات الشرعية؟ هذه المراجعة تُذكرنا بأهمية الاجتهاد في تحقيق العدل والإنصاف في ظل إطار الشرع الحنيف.

وفي هذا السياق، يُسعدنا التذكير بأننا أصدرنا العام الماضي كتابًا بعنوان “حق الكد والسعاية: مقاربات تأصيلية لحقوق المرأة في الإسلام” عن دار نهضة مصر. يقدم هذا الكتاب قراءة معمقة لهذا المفهوم الفقهي، ويُبرز دوره في تعزيز العدالة الاجتماعية، مما يجعله مرجعًا هامًا لفهم الإصلاحات التي يشهدها المغرب اليوم.

مقالات مشابهة

  • د. محمد بشاري يكتب: مدونة الأسرة المغربية.. اجتهاد شرعي في ظل التحولات المجتمعية
  • الحكومة تكشف عن خطتها لمواكبة إصلاح مدونة الأسرة بتعليمات ملكية
  • وزير العدل يستعرض أهم مستجدات مدونة الأسرة بعد جلسة العمل التي ترأسها جلالة الملك
  • أخنوش: جلالة الملك أعطى تعليماته وتوجيهاته بخصوص المبادئ والغايات التي ستحْكُم مراجعة مدونة الأسرة
  • وهبي يكشف عن أهم التعديلات التي جاءت بها مراجعة قانون الأسرة
  • مدونة الأسرة ترفع سن للزواج إلى 17 سنة وتقيد تعدد الزوجات
  • ملك المغرب يدعو حكومته لشرح مضامين تعديل مدونة الأسرة للمغاربة
  • هيئة الإفتاء ترفض 3 تعديلات في مدونة الأسرة.. منها استعمال الـADN لإثبات النسب وإلغاء التعصيب
  • ملك المغرب يترأس جلسة عمل بشأن مراجعة مدونة الأسرة
  • الملك يعطي الضوء الأخضر للحكومة لنقل مراجعة مدونة الأسرة إلى البرلمان بعد الفصل "الشرعي" في أزيد من 100 مقترح تعديل