دراسة تبرز الأضرار المالية للخرف على العائلات
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
أبرزت دراسة حديثة الآثار العميقة للخرف على الشئون المالية للشخص والمسئوليات التي يضعها على أسرته.
ونشرت الدراسة التي أجريت في كلية الطب جامعة "نيويورك" الأمريكية، في عدد ديسمبر من مجلة "جاما للطب الباطني"، وأظهرت أنه في غضون ثماني سنوات من تشخيص الخرف، يعاني الأفراد ضغوطًا مالية كبيرة وزيادة الاعتماد على أفراد الأسرة.
كما كشفت الدراسة أن الأشخاص المصابين بالخرف يواجهون أكثر من ضعف الإنفاق على الرعاية الصحية من الجيب وانخفاضًا مذهلًا بنسبة 60 ٪ في صافي الثروة في السنوات الثماني الأولى بعد التشخيص.
في المقابل، لم يواجه الأفراد من نفس العمر والصحة دون الخرف مثل هذه التغييرات المالية الجذرية، أحد الجوانب اللافتة للنظر في هذه الدراسة هو زيادة الطلب على الرعاية من العائلة والأصدقاء، في غضون عامين من ظهور الأعراض، يحتاج الأفراد المصابون بالخرف إلى ثلاثة أضعاف ساعات الرعاية من العائلة والأصدقاء مقارنة بمن لا يعانون الخرف، كما كانوا أكثر عرضة لدخول دور رعاية المسنين بخمس مرات تقريبًا، خاصة إذا كان لديهم دعم أسري أقل، كان استخدام الرعاية المنزلية المدفوعة، والتي لا يغطيها التأمين الصحي بالكامل في كثير من الأحيان، أعلى بكثير بين الأشخاص المصابين بالخرف.
علاوة على ذلك، تضاعف الالتحاق بالمساعدة الطبية تقريبًا في السنوات الثماني الأولى بعد تشخيص الخرف، مما يشير إلى ضائقة مالية شديدة، بينما ظل دون تغيير بالنسبة للأقران غير المصابين بالخرف، استخدم هذا التحليل الشامل بيانات من دراسة الصحة والتقاعد، والتي شملت ما يقرب من 2،400 بالغ يعانون الخرف وعدد متساو من كبار السن المتطابقين دون الخرف.
وقام الباحثون باستخدام تقنية تسمى مطابقة درجة الميل لمقارنة هاتين المجموعتين بدقة، وتؤكد النتائج على التأثير الممتد والمستمر للخرف على تقديم الرعاية غير المدفوعة الأجر، بمتوسط 45 ساعة شهريًا للأشخاص المصابين بالخرف، مقارنة بـ 13 ساعة لأولئك الذين لا يعانون، حتى ثماني سنوات بعد التشخيص، إستجابة لهذه التحديات، يجري تنفيذ برامج جديدة من مراكز الرعاية الطبية والخدمات الطبية.
وتشدد الدراسة على الحاجة إلى تحسين القرارات المتعلقة بالسياسات والتخطيط على المستويين الفردي والأسري. مع تشخيص 6.7 مليون أمريكي حاليا بالخرف، ومن المتوقع أن ترتفع الأرقام، فإن فهم هذه التأثيرات أمر بالغ الأهمية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الخرف الرعاية الصحية المصابین بالخرف
إقرأ أيضاً:
فى طلب السعادة
تُنقّر الكلمات شبابيك أذنى كُل يوم. أسمعها من زميل أو صديق أو جار أو قريب مُعبّرا عن حصار الهموم لحياته بقوله «أنا حزين». فالأحزان قدر إلهى لا يُمكن الفرار منه، وهى جُزء من الحياة الطبيعية للإنسان، لكنها تغلب وتتسع وتُهيمن، ما لم يقاومها مقاوم بسعيه الحثيث نحو الضفة الأخرى، طالبا السعادة.
ويبقى السر فى كيفية تحصيل السعادة، غائما لدى بنى البشر عبر السنين. فُهناك كما يُفهمنا المبدع الراحل إسماعيل يس، فى مونولوج شهير له حمل اسم «صاحب السعادة» مَن يطلب السعادة فى المال، لكنه لا يُدركها. وهناك من يظن أنها فى النفوذ والسلطة، ثم يكتشف بعد حين أن الفرح مؤقت، وأن الهموم تتراكم فيما بعد. كذلك يحسب البعض أن السعادة تكمن فى الشهرة، لكنه يكتشف بعد حين أن الشهرة تضعه دائما تحت المجهر، وأن كل شىء فى حياته مرصود.
يبتسم البعض ادعاءً، ويضحكون كذبًا، ويقهقون وقلوبهم تكتوى بنار الهم. لذا فإن كثيرين ممّن يحسبهم الناس سُعداء، بربح حققوه، أو سلطة حازوها، أو صيتِ اكتسبوه هُم فى الحقيقة أتعس التُعساء.
وربما نقرأ معنىً قريبا من ذلك فى قول الشاعر غازى القبيصى بقوله «أخفيتُ عن كُل العيون مواجعي/ فأنا الشقيُ على السعادةِ أُحسدُ».
وسؤال السعادة من الأسئلة القديمة، المطروحة عبر الأزمنة لدى الفلاسفة والمُفكرين والنبهاء. لذا رأى الفيلسوف أفلاطون مثلًا أن السعادة فى التناغم بين المطالب والواقع، بينما حدّد تلميذه أرسطو السعادة فى اللذة، وحاول فلاسفة ومفكرى المسلمين اختصار مفهوم السعادة فى الرضا.
ومؤخرًا، طالعت دراسة طويلة المدى بدأتها جامعة هارفارد البريطانية سنة 1938، وانتهت منها بعد ست وثمانين عاما، وشارك فيها رؤساء دول، وزعماء، وساسة، وقادة، وعلماء ومفكرون، وفلاسفة، ورجال أعمال.
وخلصت هذه الدراسة الأطول فى العالم، إلى أن السعادة الحقيقية تتحقق للإنسان من خلال العلاقات الوثيقة مع البشر. ويعنى ذلك أن سعادة الإنسان مقرونة بعلاقته بشخص أو بأشخاص يتآلفون معا، ويتواصلون ويتحدون، ويتناغمون. يقول البروفيسور روبرت والدينغر، أحد المشرفين على الدراسة «إن الأمر لا يتعلق ببناء صداقات بأكبر عدد من الناس، وإنما بوجود أشخاص مقربين يمكنك الاعتماد عليهم».
ويبدو أن مبُدعين وأصحاب أقلام كُثراً فى الشرق والغرب، كانوا أسبق فى التوصل لما توصلت إليه دراسة هارفارد، فقال الروائى الروسى فيودور ديستوفسكى فى إحدى روائعه «إن السعادة لا يصنعها الطعام وحده، ولا تصنعها الثياب الثمينة، ولا الزهو، وإنما يصنعها حُب لا نهاية له».
وهذا الروائى البرازيلى باولو كويليو يقول لنا «إن قمة السعادة أن تجد شخصا يُشبه روحك كثيرا».
كذلك فقد قال الشاعر الراحل محمود درويش فى جداريته الرائعة «فاحذر غدًا، وعش الحياة الآن فى امرأة تُحبك».
وهذه نصائح غالية فى هذا الزمن... والله أعلم.
[email protected]