السلطة تدفع نسبة من رواتب موظفيها مع استمرار إسرائيل باقتطاع المقاصة
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
قالت وزارة المالية والتخطيط الفلسطينية -اليوم الأربعاء- إنها ستدفع نسبة من رواتب موظفي السلطة الوطنية من المدنيين والعسكريين عن الشهر الماضي مع استمرار الأزمة المالية التي تعصف بها.
وأوضحت الوزارة في بيانها "سيتم صرف 65% من راتب شهر 11 من 2023 وبحد أدناه 2000 شيكل ولا يتاح للبنوك خصم أي أقساط أو فوائد من هذا الراتب".
وقالت إنها ستغطي قيمة السلفة البالغة 50% التي صرفت من قبل البنوك لصالح الموظفين عن شهر أكتوبر/تشرين الأول "وعمليا تصبح دفعة 50% عن راتب شهر أكتوبر".
وتابعت الوزارة في بيانها "سيصرف ما نسبته 14% من رصيد المتأخرات المتراكمة للموظفين حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي".
ورفضت السلطة الفلسطينية تسلم أموال الضرائب -التي تجمعها إسرائيل نيابة عنها- على البضائع التي تمر من خلالها إلى السوق الفلسطينية، مقابل عمولة 3% بعد قرار إسرائيل احتجاز ما يدفع لقطاع غزة من هذه الأموال.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية خلال جلسة الحكومة الأسبوعية في رام الله اليوم إن "إسرائيل تواصل اقتطاع أموالنا الضريبية، ولا زال الجهد الدولي مكثفا لإنهاء موضوع المقاصة وموضوع تمويل رواتب أهلنا في قطاع غزة، ونحن لن نتراجع عن هذا الأمر".
ولم يتسلم الموظفون رواتبهم كاملة منذ حوالي عامين في ظل الأزمة المالية التي تمر بها السلطة الفلسطينية، مع تراجع الدعم المالي دوليا وعربيا لها.
وقالت وزارة المالية -في بيانها- إن "بقية المستحقات هي ذمة لصالح الموظفين وستصرف عندما تسمح الإمكانيات المالية بذلك".
والشهر الماضي، قالت وزارة المالية الفلسطينية -في بيان لها- إنها رفضت تسلم عائدات الضرائب الفلسطينية (أموال المقاصة) من إسرائيل بعد قيامها باقتطاع جزء منها.
وأكدت الوزارة أن إسرائيل اقتطعت ما قيمته 600 مليون شيكل (156 مليون دولار) من أموال الضرائب، بذريعة أن جزءا من المبلغ يشمل رواتب ومخصصات موظفين ومصاريف لقطاع غزة، وبناء على هذه الخطوة "العدوانية غير القانونية وغير الإنسانية" اتخذت القيادة والحكومة الفلسطينية القرار "بعدم استلام وردّ الحوالة المنقوصة".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
MEE: السلطة الفلسطينية تشترك مع الاحتلال في هدف القضاء على المقاومة
سلط تقرير لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني الضوء على عمليةالسلطة الفلسطينية الأمنية في مخيم جنين، وكذلك قرار حظر قناة الجزيرة، الذي جاء بعد فترة قصيرة من حظر "إسرائيل" لذات القناة.
وقال الموقع "إن حظر السلطة الفلسطينية لقناة الجزيرة، وما يرافق ذلك من عدوان تمارسه ضد الفلسطينيين في جنين، من شأنه أن يزيد من قناعة الفلسطينيين بأن دور السلطة الفلسطينية ليس الدفاع عن حقوقهم وإنما خدمة المصالح الإسرائيلية".
وأضاف إن "أحد الأهداف الأساسية لـ"إسرائيل" في غزة والضفة الغربية معاً هو القضاء على جميع أشكال المقاومة الفلسطينية، وهو خطوة بالغة الأهمية تمهيداً للتوجه نحو إقامة "إسرائيل الكبرى".
وتابع: "رغم أن السلطة الفلسطينية لا تشاطر "إسرائيل" رؤيتها فيما يتعلق بمشروع "إسرائيل الكبرى"، إلا أنها تشترك معها في هدف القضاء على المقاومة الفلسطينية".
وفيما يلي نص التقرير مترجما:
قامت السلطة الفلسطينية في الأسبوع الماضي بحظر قناة الجزيرة، والتي هي واحدة من عدد قليل من المنصات الإخبارية العالمية التي توفر تغطية كبيرة وثابتة للاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ زمن طويل في المناطق الفلسطينية وكذلك لعمليات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي تنفذ حالياً في قطاع غزة.
وصف المراقبون إجراء السلطة بأنه "صادم".
فما الذي عساه يجبر كياناً يمثل الفلسطينيين فيما هو ظاهر على تقويض واحد من الأصوات الدولية القليلة المكرس لتسليط الضوء على معاناة الفلسطينيين؟
من أجل فهم ذلك، لابد من النظر في السياق الأوسع.
تقدم السلطة الفلسطينية، والتي هي جزء من مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، نفسها باعتبارها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني. رسمياً، تحكم السلطة أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.
ولكن، ولسنين عديدة، لم يزل الغرض الأساسي للسلطة الفلسطينية هو دعم وخدمة الاحتلال الإسرائيلي.
شراكة "مقدسة"
ولدت السلطة الفلسطينية من رحم عملية أوسلو للسلام في تسعينيات القرن الماضي. يرى الخبراء أن تلك العملية كانت عبارة عن "خدعة" إنما حبكت من أجل الحفاظ على الوضع القائم، المتمثل بالاحتلال، وفي نفس الوقت توفير غطاء سياسي هام لكل من "إسرائيل" والولايات المتحدة.
كانت منظمة التحرير الفلسطينية حينذاك تسعى جاهدة للاحتفاظ بالهيمنة السياسية داخل المناطق الفلسطينية، وكانت في نفس الوقت بحاجة ماسة للمساعدة الاقتصادية.
من خلال سلسلة من اتفاقيات أوسلو، تم توقيعها ما بين عام 1993 وعام 1995، ألقت الولايات المتحدة و"إسرائيل" لمنظمة التحرير بحبال النجاة المالية والسياسية. ومقابل ذلك، وافقت السلطة الفلسطينية، التي كانت قد تشكلت حديثاً، على القيام بكثير من المهام القذرة للاحتلال.
تحت غطاء "التنسيق الأمني" تطورت السلطة الفلسطينية لتغدو "مقاولاً بالباطن ومتعاوناً" في خدمة الاحتلال الإسرائيلي.
كان الرئيس محمود عباس في عام 2014 قد وصف التنسيق الأمني بأنه "مقدس"، مؤكداً بذلك على عمق الشراكة بين الطرفين.
تاريخياً، تضمن هذا التنسيق إخماد كل صوت مخالف، بما في ذلك الصحافة، بالنيابة عن "إسرائيل".
فعلى سبيل المثال، أقدمت السلطة الفلسطينية ما بين كانون الثاني/ يناير 2018 وآذار/ مارس 2019، على اعتقال ما يزيد عن 1600 فلسطيني بسبب "التعبير السلمي" عن الرأي. وفي عامي 2020 و 2021، قمعت السلطة الفلسطينية عدداً من الاحتجاجات السلمية الفلسطينية. وفي عام 2022 حظرت السلطة الفلسطينية عشرات المواقع الإخبارية الفلسطينية التي تنتقد "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية.
سوف لن يرضي قرار السلطة الفلسطينية الأخير حظر قناة الجزيرة الفلسطينيين الذين ينظرون إلى هذه القناة بإيجابية.
الدليل على التنسيق
لطالما اعتبر الفلسطينيون السلطة الفلسطينية متعاونة مع "إسرائيل"، ولعل هذا ما يفسر لماذا تعكس استطلاعات الرأي باستمرار انطباعات سلبية عن السلطة الفلسطينية.
إلا أن التنسيق المفتوح للسلطة الفلسطينية مع "إسرائيل" لم يكن أبداً من قبل بهذا الوضوح.
يأتي حظر السلطة الفلسطينية لقناة الجزيرة فقط بعد شهور من قرار "إسرائيل" حظر الشبكة، ومن ثم مداهمة مكاتب الشبكة في رام الله وإغلاقها. من المستبعد ألا يلاحظ الفلسطينيون أن الإجراء الذي اتخذته السلطة الفلسطينية لم يكن سوى نسخة طبق الأصل عن الإجراء الإسرائيلي.
وكذلك جاءت إجراءات القمع التي مارستها السلطة الفلسطينية ضد مجموعات المقاومة في جنين لتبدو تقليداً سافراً للأفعال التي يقوم بها الإسرائيليون أنفسهم.
منذ الخامس من كانون الأول/ ديسمبر نفذت السلطة الفلسطينية مداهمات عنيفة، وقتلت ما مجموعه ثمانية فلسطينيين، بما في ذلك مدنيون عزل، وصحفية شابة.
تشبه هذه الأعمال التصعيد الذي تمارسه "إسرائيل" في أرجاء الضفة الغربية.
في شهر آب/ أغسطس 2024، شنت "إسرائيل" أضخم عملية عسكرية تنفذها هناك منذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية، فقتلت مئات الفلسطينيين واعتقلت الآلاف منهم، ودمرت البنى التحتية الحيوية.
من الوارد أن يرى كثير من الفلسطينيين في إجراءات القمع الأخيرة التي مارستها السلطة الفلسطينية دليلاً على تعاونها مع "إسرائيل"، بل وعلى تبعيتها لها.
ولسوف يعزز من الانطباع بأن السلطة الفلسطينية تلتزم بما يمليه عليها الإسرائيليون مقاطع الفيديو المزعجة التي يظهر فيها ضباط فلسطينيون وهم يسيئون معاملة منتقدي السلطة الفلسطينية.
"إلقاء حماس تحت عجلات الحافلة"
لربما كانت الغاية من الإجراءات الأخيرة التي للسلطة الفلسطينية التقرب من "إسرائيل" والولايات المتحدة، سعياً لإثبات أنه يمكن الاعتماد عليها كلاعب أساسي في إدارة غزة ما بعد الحرب.
وما هو مهم أيضاً أن هذه الإجراءات قد تشير كذلك إلى أن السلطة الفلسطينية تسعى إلى إلقاء حماس، التي تحكم غزة، تحت عجلات الحافلة، كما يقال في المثل.
كانت حماس وفتح، وهي الحزب الذي يتحكم بالسلطة الفلسطينية، قد وقعتا في شهر حزيران/ يونيو في بكين على اتفاق حكومة وحدة.
كان الاتفاق تاريخياً، جزئياً لأن حماس مجموعة إسلامية بينما فتح حركة علمانية، ولكن أيضاً لأن الفصيلين خصمان لدودان.
ما تراكم من زخم باتجاه تشكيل حكومة وحدة وطنية لربما بات الآن ميتاً.
فقد أدانت حركة حماس بقوة حظر السلطة الفلسطينية لقناة الجزيرة وعمليات المداهمة التي شنتها في جنين، باعتبار أن هذه الأفعال تمثل عدواناً على الإسلاميين، بما في ذلك حماس ذاتها.
لربما باتت السلطة الفلسطينية ترى بأن حماس ضعفت جداً، وأن السلطة غدت قادرة على فرض سيطرتها على قطاع غزة بدون المجموعة الإسلامية.
لن تكون هذه هي المرة الأولى التي تلقي بها السلطة الفلسطينية بحركة حماس تحت عجلات الحافلة.
ففي عام 2006 فازت حركة حماس بالانتخابات التشريعية، ولكن فتح والولايات المتحدة و"إسرائيل" رفضوا الاعتراف بالنتائج وحاولوا عمل انقلاب. إلا أن المحاولة الانقلابية أفضت إلى حرب أهلية وإلى انقسام المناطق الفلسطينية.
هدف للمقاومة
أحد الأهداف الأساسية لـ"إسرائيل" في غزة والضفة الغربية معاً هو القضاء على جميع أشكال المقاومة الفلسطينية، وهو خطوة بالغة الأهمية تمهيداً للتوجه نحو إقامة "إسرائيل الكبرى".
رغم أن السلطة الفلسطينية لا تشاطر "إسرائيل" رؤيتها فيما يتعلق بمشروع "إسرائيل الكبرى"، إلا أنها تشترك معها في هدف القضاء على المقاومة الفلسطينية.
ولكن الإبادة الجماعية التي تقوم بها "إسرائيل" حالياً لم تنجح في القضاء على حماس، ولن تفلح في القضاء على المقاومة الفلسطينية بعمومها.
بل على العكس من ذلك، قد تؤدي الإبادة الجماعية التي تمارسها "إسرائيل" وما تقوم به من توسع عدواني داخل الضفة الغربية إلى تكثيف المقاومة على المدى البعيد.
إن حظر السلطة الفلسطينية لقناة الجزيرة، وما يرافق ذلك من عدوان تمارسه ضد الفلسطينيين في جنين، من شأنه أن يزيد من قناعة الفلسطينيين بأن دور السلطة الفلسطينية ليس الدفاع عن حقوقهم وإنما خدمة المصالح الإسرائيلية.
وهذا بالنسبة لكثير من الفلسطينيين يجعل من السلطة الفلسطينية عقبة تعيق تحررهم بدلاً من أن تكون وسيلة لنيل الحرية.
ونتيجة لذلك قد تصبح السلطة الفلسطينية أكثر من أي وقت مضى هدفاً للمقاومة.
وبالنظر إلى الأمام، قد يصبح حكم أجزاء من الضفة الغربية مهمة في غاية الصعوبة تقض مضاجع السلطة الفلسطينية ناهيك عن أن تتمكن من مد نفوذها إلى قطاع غزة.