موقع النيلين:
2024-07-03@15:06:57 GMT

الإمام الصادق المهدي: انحنا ما سحاسيح

تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT


كان لمثل هذا اليوم من كل عام جمال الاحتفال بميلاد الإمام الصادق المهدي. وأخلا الموت يدنا من وقفة سنية في تكريم العمر في ثقافة تمر السنين عفواً على رجالها ونسائها. وأزعجني دائماً التربص بأقوال فصيحة منه تقع على آذان صماء من فرط ما تراكمت عليها لغة “صرف البركاوي” التي سادت فينا عقوداً. وكنت علقت يوماً على واقعة من هذا التربص جاء فيها الإمام بكلمة “سحاسيح”.

وشوف الهرج. فإلى الكلمة القديمة المحررة.

انشغل بعض الناس بلياقة استخدام السيد الصادق المهدي لكلمة “سحاسيح” في نفي الشباب والدعة عن ذريته. وهما مما يجلب المفسدة في قول الشاعر. وقد صدق عندي. فما عرفت إلى يومنا هذا من في ملكة السيدة رباح الصادق في النفاذ الي المسألة والإحاطة بها من وجوهها وقرونها. وانشغلت مع ذلك بوجه آخر من مسالة سحاسيح. فقد بدا لي الإمام منها ابناً مخلصاً لجيل الخمسينات الذي سار فيه مصطلح “سحسوح” أو ساد. وربما أراح الصادق نفسه من عناء التفهيم لو قال بحكم الوقت إن أولادي ما حناكيش. وربما لم يكن المفهومان متطابقين ولكنهما قريبان في المعني العام.

وجد مصطلح سحسوح أفضل تعبير له في شخصية سحسوح الكاريكاتيرية التي اخترعها عمر الأمين شبر على صفحات مجلة “الحياة”. وهي مجلة صدرت عن دار الأيام في نحو 1957 وحررها الأستاذ محجوب محمد صالح. وكان شبر حديث التخرج من كلية الفنون الجميلة بالمعهد الفني (كَي تي آي) الذي هو أساس جامعة السودان للتكنولجيا. وقد تلقينا منه درساً حياً عن سحسوح في عام 1957 ونحن في الصف الثاني من مدرسة عطبرة الثانوية. فقد زار شبر أهله في حلة المقرن وعرج على المدرسة يزور وداعة عابدين أستاذ الفنون بالمدرسة ويلتقي بأخيه ابوبكر شبر دفعتي وقسيمي في كتابة القصة القصيرة. وكان لوداعة زوار من الموهوبين. فقد زاره فيما أذكر بلبل المنلوجست المشهور أيامها. ونظمنا له حفلاً أمتعنا للغاية وخاصة بمنلوجه “سألوني عن المتنبي فأجبت بأن المتنبي كان في المهدية كهربجي” أو “لا تَمْحنا ولا تبلينا من شر سكك حديدك فينا” تلك التي يقال إنك كنت تضبط ساعتك عليها. يا للنوستالجيا.

انتهز وداعة فرصة حضور شبر وقدمه لنا في حصة الفنون. وأتجه شبر الي السبورة ورسم لنا صورة سحسوح. ثم واصل ورسم لنا شخصية “استيف” وهي عكس سحسوح لها عضل وفيها عنف. ولم تبرح ذاكرتي أبداً يد شبر الماهرة تستنزف الطباشيرة وتستنطق السبورة سحسوحاً واستيفاً. وربما أرد تعلقي بفن الكاريكاتير ردحاً من الزمن الي تلك الزيارة لشبر.

سيكون من متع الذهن أن ندرس البيئة الاجتماعية والثقافية التي ولدت لنا شخصية سحسوح في زمانها ومكانها في حد ذاتها وفي مقابل شخصية إستيف. فسحسوح في كل رسوم شبر على صورة أفندي انطبعت فيه بالتمام صورة ميوعة الأفندية المتوراثة للبسهم المنطلون، والقميص المكفكف مما يظهر ليون الذراع، وحلاقتهم الكاري، ولبس الساعة، وممارستهم عملاً غير يدوي للعيش. وكان الأفندية قد ابتعدوا عن العمل النقابي في أول الأمر. ولعمال عطبرة حكايات طريفة عن مظاهرة متخيلة لأفندية الهتاف فيها مائع تلويحاً بالمناديل. وقد استعارت صورة السحسوح تسريحة إبراهيم عوض التي “يخنفس” فيها شعره ويفرقه فيسيل الحسن منه. وقد سبت الشباب وأوغرت عليه صدور قوم محافظين.

ولو نظرنا لظرف صدور شخصية سحسوح فقد كان زمان بداية الاستقلال الذي ورث فيه سودانيون نعيم الإنجليز وأصبح بوسعهم تخميج اولادهم وبناتهم. كما قد يكشف التحليل ثقافة طاعمة طبعت العصر ولكنها من المصموت عليه. ويكفي دليلاً على ذلك الأغنية التي مبدأها “ياسحسوح جيناكا” التي يأتي فيها الفعل “يسحسح” بدلالة طاعمة دون شك. ولا ينصرف ذهننا الي مثل هذه الثقافة حين نقول حنكوش في أيامنا هذه. كما نقول الآن “حنكوشة” للبنت ولم نكن نقول “سحسوحة”. فلربما كن هناك سحسوحات ولكن لم يرهن أحد في مدينة الخمسينات الظالمة لربات الخدور.

وسبق الإمام الصادق أستاذنا عبد الخالق محجوب إلى نفي السحسة عن رهطه في دفاعه إمام محكمة عسكرية في ١٩٥٩. فقال إن هناك من يرمي الشيوعيين بمفارقة التقاليد السودانية وهم سدنتها لأنهم فهموها في “حب الحرية والكرامة والصراحة والشهامة وفوق كل ذلك قولة الحق”. واستنكر أن تغض الحكومة الطرف عن الانحلال الذي شاع في المدن لتتحفظ على الشيوعي متى عثروا على كتاب ماركسي بطرفه. فكأن لم يطرق أذنهم الغناء المائع بين الشباب: يا أستاذ، بالقزاز، وفي الدروس ما فيش ممتاز، والل يجينا نصيبو عكاز، ويا سحسوح جينكا.
وهذا من فتح السيد الصادق علينا رحمه الله.

عبد الله علي إبراهيم

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

ميدجيرني يصر على أن ترامب هو رئيس أميركا الحالي

تعمل شركة ميدجيرني (Midjourney) لتوليد صور شهيرة تعمل بالذكاء الاصطناعي على إنشاء صور لدونالد ترامب وجو بايدن على الرغم من قولها إنها ستمنع المستخدمين من القيام بذلك قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، بحسب تقرير لموقع إنجدجت (Engadget).

فحسب التقرير طلب الموقع إنجدجت من ميدجيرني إنشاء صورة "لرئيس الولايات المتحدة" حيث قامت الخدمة بإنشاء 4 صور بأنماط مختلفة للرئيس السابق ترامب.

وعندما طلب الموقع من ميدجيرني إنشاء صورة "للرئيس الحالي للولايات المتحدة" أنتجت الخدمة 3 صور لترامب وواحدة للرئيس السابق باراك أوباما.

والمرة الوحيدة التي رفضت فيها ميدجيرني إنشاء صورة لترامب أو بايدن كانت عندما طُلب منها القيام بإنشاء صور باسميهما صراحة. وقالت الخدمة في تلك الحالة "صوت مجتمع ميدجيرني لمنع استخدام ترامب وبايدن خلال موسم الانتخابات".

وتُظهر الاختبارات أن حواجز الحماية التي يستخدمها تطبيق ميدجيرني -لمنع المستخدمين من إنشاء صور لترامب وبايدن قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة- ليست كافية في الواقع، ومن السهل جدًا على الأشخاص الالتفاف حولها، بحسب التقرير.

ويقول التقرير أن روبوتات الدردشة الأخرى -مثل "شات جي بي تي" من "أوبن إيه آي" و"كوبايلوت" من "مايكروسوفت" و"جيمناي" من "غوغل" و"ميتا إيه آي" لم تستجب لطلب الموقع بإنشاء صور لترامب أو بايدن رغم المطالبات المتعددة.

وكانت ميدجيرني واحدة من أولى شركات إنشاء الصور التي تعمل بالذكاء الاصطناعي وقد منعت المستخدمين صراحةً من إنشاء صور لترامب وبايدن.

وقال ديفيد هولز الرئيس التنفيذي للشركة في جلسة دردشة على برنامج ديسكورد (Discord) مع المستخدمين، في وقت سابق من هذا العام "أعلم أنه من الممتع أن أصنع صورًا لترامب.. أنا أصنع صورًا لترامب. ومع ذلك، ربما يكون من الأفضل ألا نفعل ذلك، بل من الأفضل أن ننسحب قليلاً خلال هذه الانتخابات. سوف نرى".

ويقول التقرير إنه بعد شهر، ورد أن هولز أخبر المستخدمين أن الوقت قد حان "للتوقف قليلاً عن الأمور المتعلقة بالانتخابات" واعترف بأن "أشياء الاعتدال هذه صعبة نوعًا ما". وتحظر قواعد المحتوى الحالية للشركة إنشاء "شخصيات عامة مضللة" و"تصوير الأحداث" مع "إمكانية التضليل".

المرة الوحيدة التي رفضت فيها ميدجيرني إنشاء صورة لترامب أو بايدن كانت عندما طُلب منها القيام بإنشاء صور لهما صراحة (رويترز)

والعام الماضي، تم استخدام فيلم ميدجيرني لإنشاء صورة مزيفة للبابا بنديكت الـ16 مرتديا سترة بيضاء منتفخة من ماركة بالينسيا (Balenciaga) والتي انتشرت بسرعة كبيرة.

كما تم استخدامها لإنشاء صور مزيفة لترامب أثناء اعتقاله قبل محاكمته في محكمة مانهاتن الجنائية العام الماضي لتورطه في دفع أموال مقابل الصمت لنجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانيلز. وبعد وقت قصير، أوقفت الشركة التجارب المجانية للخدمة، وبدلاً من ذلك، طلبت من الأشخاص دفع ما لا يقل عن 10 دولارات شهريًا لاستخدامها، بحسب تقرير إنجدجت.

وذكر التقرير أنه في الشهر الماضي وجد مركز مكافحة الكراهية الرقمية -وهو منظمة غير ربحية تهدف إلى وقف انتشار المعلومات المضللة وخطاب الكراهية عبر الإنترنت- أن حواجز الحماية التي يفرضها ميدجيرني ضد توليد صور مضللة للسياسيين المشهورين بما في ذلك ترامب وبايدن فشلت بنسبة 40% في اختباراتها.

وتمكن مركز مكافحة الكراهية الرقمية من استخدام ميدجيرني لإنشاء صورة للرئيس بايدن وظهور ترامب بجوار جسده المزدوج. وكان مركز مكافحة الكراهية الرقمية أيضًا قادرًا على تجاوز حواجز الحماية الخاصة بميدجيرني باستخدام أوصاف المظهر الجسدي لكل مرشح بدلاً من أسمائهم لإنشاء صور مضللة.

وكتب عمران أحمد، الرئيس التنفيذي لمركز مكافحة الكراهية الرقمية في بيان ذلك الوقت "من السهل جدًا التلاعب بميدجيرني عمليًا وفي بعض الحالات يتم التهرب منها تمامًا بمجرد إضافة علامات الترقيم لتتسلل للبرنامج" وأضاف "إن الجهات الفاعلة السيئة التي تريد تخريب الانتخابات وزرع الانقسام والارتباك والفوضى سيكون لها سند قوي، على حساب كل من يعتمد على أساليب ديمقراطية سليمة وفعالة".

ويختم تقرير إنجدجت بالقول إنه في وقت سابق من هذا العام، وقع تحالف من 20 شركة تقنية -بما في ذلك أوبن إيه آي وغوغل وميتا وأمازون وأدوبي وإكس- اتفاقية للمساعدة في منع التزييف العميق بالانتخابات التي ستجرى عام 2024 حول العالم من خلال منع خدماتهم من إنشاء صور ووسائط أخرى من شأنها التأثير على الناخبين. وكان ميدجيرني غائبا عن تلك القائمة.

مقالات مشابهة

  • العين يستعيد مبارك بعد «ثنائية الرجاء»
  • ميدجيرني يصر على أن ترامب هو رئيس أميركا الحالي
  • الصادق تقدم باقتراح قانون لبرّي عن بلدية بيروت
  • اقتراح قانون لوضاح الصادق يتعلق بالإجازة لبلدية بيروت بإنشاء الطاقة
  • إيران تؤكد دعمها للمقاومة الفلسطينية وتلميحات بعملية “الوعد الصادق 2” ضد “إسرائيل”
  • القادسية الكويتي يتعاقد مع المهدي بن رحمة
  • الحرس الثوري الإيراني: نتمنى فرصة لعملية الوعد الصادق 2 ضد إسرائيل
  • أخطاء فادحة تدمر شخصية الأطفال
  • الصادق: إعادة احياء منشآتنا الرياضية هي معركتي
  • أحمد فهمي لـ«الأسبوع»: شخصية «الماكس» أرهقتني.. وإنتاج جزء ثاني من «السفاح».. شائعات