بوابة الوفد:
2025-05-02@07:30:49 GMT

التشريع والمشرعون!

تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT

التشريع من سلطة مجلس النواب منذ بداية وصول مشروع القانون إليه حتى الموافقة النهائية وإرساله إلى رئيس الجمهورية صاحب الحق فى اصداره طبقا للدستور أو الاعتراض عليه، وفى حالة الاعتراض هناك إجراءات دستورية لإقرار مشروع القانون مرة أخرى وإصداره.

أما تقديم مشروعات القوانين فهى حق لرئيس الجمهورية، ولمجلس الوزراء، ولكل عضو فى مجلس النواب، وميز الدستور الحالى عشر أعضاء مجلس النواب فى تقديم مشروع قانون يحال إلى اللجان النوعية المختصة مباشرة دون المرور على اللجنة المختصة بالمقترحات التى قد تعطل مروره عند النظر فى مطابقته للدستور.

من حق مجلس النواب أن يحذف، ويضيف، فى أى مشروع قانون ينظر فيه، سواء مقدما من الحكومة أو من نوابه لأنه ممثل الشعب والمفوض منه فى الأمانة التى عهد إليه بها، ومن حق الحكومة أيضا أن تبدى وجهة نظرها فى التشريع أثناء مناقشته أمام المجلس، والهدف فى النهاية خدمة الشعب لاستعادة حقوقهم والقيام بواجباتهم، واتفاق القوانين التى تصدر مع الدستور، حتى لا يكون مصيرها الحكم بعدم الدستورية إذا كانت غير مستوفاة المناقشة والمطابقة، وهذا ما أعتقد أنه كان قصد الدكتور المستشار حنفى جبالى مما ذكره فى جلسة مجلس النواب عندما وجه نظر الحكومة إلى بعض القوانين التى يحيلها إلى المجلس وتكون فى حاجة إلى دراسة وصياغة منها قبل الإحالة، واعتبر ما أشار إليه نصيحة لتفادى الوقوع فى عدم الدستورية.

من يشرع لابد أن تكون لديه خبرة فنية وقانونية، وعملية، ولديه فن الصياغة، فالتشريع فن كبير، يستوجب تدريسه لطلاب كليات الحقوق لتدريبهم على صياغة  التشريعات فى المستقبل.. وجود أكثر من مصدر للتشريع، فى الحكومة أمر مزعج، خاصة فى ظل عدم التنسيق بينهم، فنجد أكثر من وزارة أو أكثر من جهة فى الحكومة تعمل على إعداد نفس مشروعات القوانين، مما يؤدى إلى ضياع الوقت، وتعطيل العمل، وتفتيت الجهود. الأمر يستلزم التنسيق بين الحكومة والبرلمان فى وضع أجندة تشريعية تتقدم بها الحكومة فى بداية كل دور انعقاد للعمل عليها، ولا يوجد مانع إذا تقدمت الحكومة بمشروع قانون، وتقدم أحد نواب البرلمان بمشروع فى نفس الموضوع، أن يوضع المشروعان على المائدة ويتم مناقشتهما والخروج بمشروع واحد. لا يمكن حدوث ذلك إلا من خلال أجندة تشريعية متفق عليها دون أن يتم إهدار حق النواب فى تقديم مشروعات قوانين. هناك ضرورة لإحياء دور اللجنة العليا للإصلاح التشريعى، وأن تضم كافة الجهات المعنية بالتشريع لضمان عدم تضارب التشريعات، وهناك ضرورة لمراجعة التشريعات الحالية لدمج المتشابه منها، للقضاء على الملاحق التى تعود إلى عشرات السنين منذ صدور القانون الأول الذى ينظم موضوع ما، لتخفيف الأعباء على المحاكم والمحامين وعلى المتقاضين. ولضمان سلامة التشريع فإن الحكومة مطالبة بإعادة النظر فى مستشاريها بحيث يكون لهم باع طويل فى إعداد التشريعات، وأن يتم الاحتكام إلى لجنة التشريع بوزارة العدل فهى الأجدر فى إعداد التشريعات، ولا تحال التشريعات إلى مجلس النواب إلا بعد مراجعتها مراجعة دقيقة، وبعد عرضها على مجلس الوزراء ومجلس الدولة.

لقد عانى المجتمع فى ظل النظام السابق عندما كان يعيش فى غابة من التشريعات غير معلومة العدد، وكانت تصدر عن طريق السلق يعدها ترزية أطلق عليهم ترزية القوانين وكان هناك من يدافع عنهم بأنهم يفصلون التشريعات على مقاس الزبون، ويتم اللجوء إليهم لأنهم متمكنون من الصياغة كتمكن الترزى الشاطر من تفصيل البدلة أو الجلباب، وكانت غابة التشريعات وراء أزمات عديدة أدت إلى هروب الاستثمار وتفشى الجريمة.

أرى حاليا انضباطا فى التشريع داخل مجلس النواب، واهتماما من الحكومة ينقصه الاستجابة لملاحظات مجلس النواب ويمكن التغلب على هذه المشكلة عن طريق التنسيق بين المجلس والحكومة وتفعيل دور اللجنة التشريعية بمجلس النواب بأن يكون لها الولاية فى مناقشة جميع التشريعات وأن تكون مشاركة اللجان الأخرى التى تتعلق بعض التشريعات باختصاصاتها مشاركة عن طريق هيئات مكاتبها، بشرط أن تضم اللجنة التشريعية نوابا من القانونيين أو أن يكون النواب مقدمو التشريعات يعتمدون على مستشارين تعد لهم التشريعات المهمة، وألا تخرج التشريعات فى صورتها النهائية إلا بعد استيفائها المناقشات المطلوبة لضمان خلو الصياغة من أى لبس. 

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: حكاية وطن التشريع سلطة مجلس النواب رئيس الجمهورية مجلس النواب

إقرأ أيضاً:

نص كلمة رئيس مجلس النواب بمناسبة التصويت النهائي على مشروع قانون الإجراءات الجنائية

ألقى المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب كلمة بمناسبة التصويت النهائي على مشروع قانون الإجراءات الجنائية.

وتنشر «الأسبوع» نصر كلمة رئيس مجلس النواب: جاء في نصها

السيدات والسادة النواب المحترمون، بعون الله وتوفيقه، وصلنا اليوم إلى لحظةٍ فارقةٍ، من عمر مجلسكم الموقر، تتشابك فيها أيدينا، لنسطر سويًا، بكل فخرٍ واعتزازٍ، صفحةً جديدةً من صفحات سجل التشريع المصري العريق. وتعلمون جميعاً، أنه لعقودٍ ممتدةٍ، قد طال الجمود التشريعي مجال الإجراءات الجنائية، حاولت خلال تلك العقود جهودٌ عدةٌ أن تصوغ لمصر قانونًا حديثًا يليق بمكانتها وطموحات شعبها، لكنها تعثرت مرارًا.

واليوم، يحسب لمجلس النواب الحالي أنه قد اقتحم، بعزيمةٍ صادقةٍ، قلاع هذا الجمود، وحطم بكل جرأةٍ، قيود التعطيل والانغلاق، ونفخ روح التغيير، بكل إيمانٍ، في نصوصٍ هرمت، فأحياها فتيةً، تواكب نبض العصر وتستجيب لحاجات المجتمع. واليوم، بحمد الله، قد بلغنا موعد ميلاد قانونٍ جديدٍ للإجراءات الجنائية.

الزملاء الأعزاء، لقد جاء تعامل مجلسكم الموقر مع هذا المشروع استثنائيًا، ولعل من أبرز مظاهره تشكيل لجنةٍ فرعيةٍ، في سابقةٍ برلمانيةٍ فريدةٍ، ضمت في عضويتها خبراء قانونيين بارزين، فتحولت اجتماعاتها إلى ورش عملٍ نابضةٍ بالحيوية، وانفتحت أبواب النقاش الصادق، فعالجت أدق الإشكاليات وأعقد القضايا.

ومما لفت النظر وأثلج الصدر، أن اللجنة قد تميزت بانخفاض أعمار أغلب أعضائها، بما يؤكد أن مصر كانت وستظل بلدًا لا ينضب معينه من الكفاءات، ولا تخلو أرضه الطيبة من العقول المبدعة والطاقات الواعدة.

نواب شعب مصر، انطلاقا من الوفاء لأهل العطاء، لا يفوتني في هذا المقام أن أبدأ بما هو أوجب، فأتوجه بأسمى آيات الشكر والعرفان

إلى قائد مسيرة الوطن، فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، فقد كانت إرادته السياسية الصلبة، ورؤيته الثاقبة، من بين الدوافع الحقيقية لفتح هذا الملف، الذي طال انتظاره، إيمانًا من فخامته بأن دولة القانون هي الركيزة الأساسية لبناء الأوطان ونهضتها، وأن العدالة هي السياج الحامي لمقدرات الشعوب وطموحاتها.

كما أتوجه بعظيم الامتنان لدولة رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، الذي كان ــ وما زال ــ داعمًا مخلصًا لمواقف مجلس النواب سيما التشريعية منها، ومؤمنا بأن الصالح العام فوق كل اعتبارٍ، فلم يدخر جهدًا في دعم كل مبادرةٍ برلمانيةٍ ترسي قواعد الدولة الحديثة.

كما أشيد بالسيد المستشار عدنان فنجري، وزير العدل، والذي أضفي حضور سيادته شخصيًا لكل جلسات مناقشة مشروع القانون طابعا من الالتزام والإخلاص، وهو ليس بغريبٍ على سيادته، فقد أثرى المناقشات من خلال تعقيباته حول فلسفة النصوص وبيان مقاصدها، مما عزز الفهم المشترك وقرب وجهات النظر، مستندًا في ذلك إلى خبرةٍ قانونيةٍ رفيعةٍ المستوى.

والشكر أيضا، للسيد المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، لما بذله من جهودٍ حثيثةٍ في رحاب المناقشات، فكان صوت الحكمة، ولسان العقل، وبنى جسرًا متينا تتلاقى عليه الإرادة الشعبية مع السلطة التنفيذية، فعمل بصبرٍ وحسن تدبيرٍ، على تقريب المسافات بين الرؤى المتباينة، بغية الوصول بالنص التشريعي إلى ما نصبو إليه من دقةٍ وتوازن.

ولا يسعني في هذا المقام، إلا أن أخص بالعرفان والتقدير السيد المستشار محمد عبد العليم، المستشار القانوني لرئيس المجلس، هذا الرجل النبيل، الذي جمع بين غزارة العلم ورفعة الخلق، فأثبت أن القيمة لا تقاس بالعمر، بل بالهمة، والإخلاص، والقدرة على الإنجاز. لقد كان أحد الأعمدة الراسخة التي شيد عليها بنيان مشروع قانون الإجراءات الجنائية، جنباً إلى جنبٍ مع زملائه المستشارين بالأمانة العامة. وكان مثالًا نادراً للجدية والتجرد، يعمل في صمتٍ، لا يبتغي مجدًا شخصيا، ولا ينشد شهرةً أو أضواءً، بل كان شغله الشاغل أن تخرج تشريعات المجلس على أكمل وجه، منسجمةً مع الدستور، معبرةً عن نبض الواقع وتحدياته. ولقد أضفى على منصبه وقارًا وهيبةً صنعهما بكده ومثابرته، فأكسب المنصب بريقاً خاصاً، سيظل علامةً مشرقةً في سجل العمل البرلماني، وسيظل أثره شاهدًا مضيئًا لكل من يخلفه.

السيدات والسادة أعضاء المجلس الموقر، أما وإنني قد أوشكت على ختام كلمتي، فاسمحوا لي أن أتلو على مسامعكم كلماتٍ تنبع من مشاعر، يعلم الله، أنها صادقةٌ، مشاعر كانت تجول في نفسي طوال هذه المسيرة الشاقة، كلماتٌ تخالجها أحاسيس مفعمةً بالمسؤولية، تثقل قلبي قبل لساني:

"إننا نعي تماماً أن هذا القانون، كغيره من صنائع البشر، يظل قابلاً للتطوير والتقويم مع تطور حاجات المجتمع ومسيرة الزمن، وندرك - تمام الإدراك- أن ما بين أيادينا اليوم ليس نهاية الطريق، بل محطةٌ في دربٍ طويلٍ لا ينقطع فيه السعي نحو الكمال. ولكننا، والله شهيدٌ علينا، قد راعينا ربنا في كل خطوة خطوناها، وأخلصنا النية وبذلنا وسع جهدنا، وأدينا الأمانة، لا نبتغي إلا وجه ربنا الكريم، ولا نطلب إلا مرضاته، ولم نكتب حرفاً إلا ابتغاء إصلاحٍ، ولم نتخذ موقفاً إلا رغبة في إنصافٍ، ولم نعقد عزماً إلا نصرةً للحق وعدلاً بين الناس. وإن كان في عملنا صواب، فبتوفيقٍ من الله وفضله، وإن كان فيه نقصٌ، فحسبنا أننا اجتهدنا، مخلصين غير مفرطين ولا مضيعين، ونسأل الله جل وعلا أن يتقبل عملنا، وأن يجعله لبنةً في صرح العدل، وشاهداً لنا لا علينا يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون، يوم توزن الأعمال بميزان الحق الذي لا يميل ولا يحيف. وقد كرم الله إتقان العمل، بقوله تعالى "إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا، وأختم كلامي بآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

أشكر حضراتكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقالات مشابهة

  • عيد العمال في تونس.. نقابة كبرى تتهم الحكومة بتجاهل مطالب العمال في إصلاح التشريعات
  • اقتصادية النواب تطالب الحكومة بالإسراع في تنفيذ مشروع المثلث الذهبي
  • وزير الشؤون النيابية: مجلس الشيوخ شريك أساسي في صياغة التشريعات ودراسة آثارها
  • وزير الشؤون النيابية: التنسيق بين الحكومة والبرلمان أساس نجاح التشريع والرقابة
  • تعليم النواب توصي الحكومة بإعداد قانون يسمح لهيئة الأبنية التعليمية
  • صناعة النواب تتابع إنجازات الحكومة وتطالب بتسريع التنفيذ
  • نص كلمة رئيس مجلس النواب بمناسبة التصويت النهائي على مشروع قانون الإجراءات الجنائية
  • رئيس التواب: قانون الإجراءات الجنائية صفحة مشرقة في سجل التشريع المصري
  • النواب يوافق نهائيا على مشروع قانون الإجراءات الجنائية
  • رئيس الوزراء يترأس اجتماع الحكومة من العاصمة الإدارية