رغم كل أنواع الدمار التى لحقت بغزة، ورغم ارتفاع حجم الخسائر الإسرائيلية إلا أن نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى يصر على أن الحرب مستمرة حتى تحقيق أهدافها من وجهة نظره والمتمثلة فى ثلاثة أهداف تبدو صعبة إن لم تكن مستحيلة، وهى القضاء على حماس، وانتفاء أى خطر على بلاده من قبل غزة، والقضاء على ما يصفه بالتطرف الفلسطينى متناسيًا أنه هو نفسه يمثل عنصر تطرف من الطبيعى أن يولد تطرفًا مضادًا.
وتبدو واقعية نتنياهو رغم كل شىء فى اعترافه بجانب من حجم العقبات التى تواجهها القوات الإسرائيلية فى حربها على غزة وتأكيده أن إسرائيل تدفع ثمنًا باهظًا نتيجة هذه الحرب، الأمر الذى يثير الدهشة من قدرة حركة مقاومة لا تملك الكثير من العتاد أو حتى الدعم على خوض القتال رغم الحرب الوحشية المستمرة منذ أسابيع. ومن مؤشرات ذلك مقتل أكثر من 15 جنديًا وضابطًا اسرائيليًا وإصابة 44 آخرين، منهم 10 فى حالة خطرة فى يوم واحد خلال إحدى العمليات، فى واحدة من أعنف المعارك التى واجهتها القوات الإسرائيلية فى غزة.
رغم كل ذلك يصر نتنياهو على مواصلة الحرب دون أن يتيح أى فرصة لبدء جهود تفاوضية تحقق جانب من أهدافه وهو ما قد يفسر موقف المقاومة الفلسطينية الصلب التى تدرك طبائع العدو وأن القوة هى اللغة الوحيدة للتعامل معه بعيدًا عن طبيعة حالة التوازن فى هذه القوة، وأنها فى حدود المتاح والممكن أعدت لمثل هذه القوة الأمر الذى يؤكده صمودها كل هذه الفترة التى تقترب من ثلاثة أشهر أمام قوة تمتلك أحدث ما توصلت اليه البشرية فى مجال التسلح.
هل يحقق نتنياهو أهدافه؟ أشك، فسكان غزة باقون ولن يرحلوا لأن السبل تحول دون ترحيلهم، حيث لا يمكن أن يتم ذلك سوى بالتهجير القسرى إلى سيناء، وفى ضوء موقف مصر القوى الرافض لهذه الخطوة فإن الفكرة تبدو مبالغة فى الخيال، وهو ما دعا نتنياهو إلى البحث عن دول تقبل باستيعاب سكان غزة كلاجئين. أما عن القضاء على حماس فالحركة ليست مكونة من العناصر التى تتشكل منها فقط وإنما تمتد عملية الانتماء لها لتشمل كل بيت فلسطينى ما يعنى أنه حتى فى حال القضاء على حماس فى الشكل فإنها ستبقى فى الجوهر فى أشكال أخرى أو فى ضمير كل مواطن فلسطينى من سكان غزة.
أما عن التطرف فإنه لا يتمثل فى الحقيقة فى منظور نتنياهو سوى فى كل رفض يكنه الفلسطينيون لإسرائيل، وهو رفض طبيعى وسيستمر ويتواصل طالما استمر الاحتلال وبقيت المظالم الواقعة على الشعب الفلسطينى.
وسط كل ذلك تتوافق الكثير من الأطراف الدولية على ترك نتنياهو يواصل حربه العبثية، فيما تعجز أطراف أخرى عن ممارسة الضغط الكافى لوقف الحرب، الأمر الذى سيبقى المنطقة فى دوامة من العنف لن تنتهى وقد تزيد ولن تنقص، وهو ما يؤكده تصور نتنياهو نفسه بأن إسرائيل أمام حرب طويلة لن تنتهى فى القريب العاجل.
ما الحل دون إغراق فى تصورات متفائلة أو غير واقعية؟ للأسف رغم كل شىء تبدو الرؤية واضحة فى الوقت الذى يتغافل عنها الجميع.. وقد أشار إليها كاتب إسرائيلى فى صحيفة هاآرتس بقوله الأمر فى غاية السهولة: نتخلص من الاحتلال.
وإلا قد يستغرق الأمر عقودًا أخرى قد تمتد لقرن يتخللها صراع متواصل حتى تحقق إسرائيل هدفها الأصيل المتمثل فى القضاء على الفلسطينيين، كما قضت الولايات المتحدة على الهنود الحمر.. وهو هدف تحول دونه إرادة الفلسطينيين وصمودهم!
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تأملات رئيس الوزراء الاسرائيلي الحرب مستمرة هو نفسه القضاء على رغم کل
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يطلب تأجيل هذا الأمر بذريعة مذكرات الاعتقال في الجنائية الدولية
أفادت وسائل إعلام عبرية، بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو ، قدّم مرة أخرى اليوم، الأحد، طلبا إلى المحكمة المركزية في القدس بتأجيل شهادته أمامها في ملفات الفساد المتهم بها لمدة 15 يوما، بذريعة إصدار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي مذكرات اعتقال ضده وضد وزير الأمن السابق، يوآف غالانت.
وجاء في طلب تأجيل شهادة نتنياهو الذي قدمه محاموه أن محامي الدفاع لن يكونوا جاهزين للبدء بالاستماع لشهادة نتنياهو المقرر في بداية الشهر المقبل، وأن المحامين التقوا مع نتنياهو استعدادا للإدلاء بشهادته "يوميا وفي ساعات الليل المتأخرة".
وأضاف المحامون ذريعة لطلب التأجيل تتمثل "بحقيقة أنه في يوم الخميس الماضي أعلنت المحكمة في لاهاي عن إصدار مذكرات اعتقال ضد رئيس الحكومة وضد وزير الأمن السابق. وبطبيعة الحال، هذا الحدث الساخر والمحزن تسبب بإلغاء عدة لقاءات تحضيرية".
وتابع المحامون أنهم يطلبون تأجيل بدء شهادة نتنياهو في يوم 17 كانون الأول/ديسمبر المقبل، بدلا من الثاني من الشهر نفسه وفقا لقرار المحكمة.
ورفضت المحكمة المركزية في القدس، قبل أسبوعين، طلب نتنياهو، بتأجيل بدء الاستماع لشهادته في المحكمة إلى شباط/فبراير المقبل، ما يعني أن الإدلاء بالشهادة سيبدأ في 2 كانون الأول/ديسمبر المقبل.
المصدر : عرب 48