سلط كاتب العمود، دانييل لاريسون، الضوء على حصاد السياسية الخارجية لإدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، واصفا إياها بأنها "فاشلة" و"لن تمنح بايدن الكثير ليتفاخر به في انتخابات العام المقبل".

وذكر لاريسون، في مقال نشره بموقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الولايات المتحدة ستكون أكثر إرهاقا في نهاية عام 2023 مما كانت عليه في البداية دون أن يحقق بايدن سوى القليل جدا من النجاحات السياسية.

ففي معظم أيام العام، لم تكن هناك أي كوارث كبرى، لكن ذلك تغير خلال الشهرين الماضيين عندما أعطى بايدن الحكومة الإسرائيلية "شيكًا على بياض" لشن حرب وحشية في غزة، بالتزامن مع دعم واشنطن لحرب خارجية أخرى في أوكرانيا، بحسب لاريسون.

وأضاف أن الصراع في أوكرانيا وصل إلى طريق مسدود، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة لم تكن ملزمة بدعم هذه الحرب إلا أن بايدن حرص على تحويلها إلى إحدى سياساته المميزة وربطها بشكل وثيق بخطابه العام.

ولم يقدم بايدن حجة مقنعة لتسويق أن الدعم غير المشروط لإسرائيل يصب في مصلحة الولايات المتحدة، خاصة أن تكاليف هذا الدعم آخذة في الارتفاع منذ ذلك الحين.

وإضافة لذلك، فإن دعم بايدن لعدوان إسرائيل على غزة عرض القوات الأمريكية في العراق وسوريا لهجمات متجددة من الميليشيات المحلية، كما أدى إلى زيادة المخاطر على السفن الأمريكية في البحر الأحمر، حيث يشن الحوثيون هجمات على السفن التجارية المتجهة إلى إسرائيل.

وتتزايد المخاطر المتمثلة في احتمال تصاعد الصراع وانتشاره إلى أجزاء أخرى من المنطقة، وكذلك خطر تورط الولايات المتحدة بشكل مباشر في حرب متعددة الجبهات.

اقرأ أيضاً

كاتب بريطاني: ما يحدث بالسودان عواقبه كبيرة بالشرق الأوسط.. وانشغال بايدن بغزة خطأ استراتيجي

ولذا يرى لاريسون أن "غريزة بايدن في دعم إسرائيل حتى النهاية عززت من احتمالية نشوب حرب أوسع نطاقاً ووضعت القوات الأمريكية في خطر أكبر".

ولم يطغ الدعم الأمريكي لإسرائيل في غزة على بقية أجندة السياسة الخارجية لبايدن فحسب، بل ربط الولايات المتحدة أيضًا بحملة قصف عشوائية وحصار عقابي يدفع مئات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين إلى حد المجاعة.

ولم تكتف إدارة بايدن بإحراق ما تبقى من مصداقية واشنطن فيما يتعلق بحقوق الإنسان والقانون الدولي، ولكنها ربطت الولايات المتحدة بشكل وثيق بجرائم الحرب المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين.

ضرر السمعة

ويؤكد لاريسون على أن الضرر الذي لحق بسمعة الولايات المتحدة كان كبيراً، مرجحا أن يكون الضرر الذي سيلحق بالمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط وخارجه على المدى الطويل كبيرا أيضا.

وأضاف: "لا يمكن إنكار النكسة التي لحقت بأجندة بايدن، إذ توقفت أكبر مبادرة دبلوماسية للإدارة الأمريكية لعام 2023، وهي السعي غير الحكيم للتطبيع السعودي الإسرائيلي، وذلك عندما أظهرت الحرب في غزة أن فهم الإدارة للمنطقة معيب".

فإدارة بايدن صدقت الافتراض الخاطئ بأن اتفاقيات التطبيع التي تيسرها الولايات المتحدة بين إسرائيل والعرب من شأنها أن تحقق الاستقرار في المنطقة، وفشلت في إدراك مدى سوء الأوضاع في فلسطين المحتلة.

ومثل سابقتها، لم تفعل إدارة بايدن أي شيء لإبقاء حكومة نتنياهو الائتلافية تحت السيطرة بينما تواصل سعيها لضم الضفة الغربية، معتقدة أنه يمكن تهميش الفلسطينيين بأمان وتجاهل مظالمهم، وفي هذا الإطار كانت تحاول معرفة الحوافز اللازمة لحمل ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، على تأييد التطبيع.

ولو قُدر لهذا السيناريو أن يمر لفرض التزاماً أمنياً آخر على الولايات المتحدة والمزيد من التكاليف، ولذا يرى لاريسون أنه كان من الجيد أن تخرج هذه السياسة عن مسارها.

وأوضح: "ليس من الواضح مدى تأثير الدفع من أجل التطبيع السعودي في المساهمة في قرار حماس بالهجوم (عملية طوفان الأقصى)، ولكن من الواضح أنه لم يكن من المفيد للولايات المتحدة أن تضيع الكثير من الجهد في محاولة إغراء السعوديين بالتوصل إلى صفقة بينما كانت التوترات بين إسرائيل والفلسطينيين على وشك الانفجار".

وأضاف: "إن الجملة الشائنة التي قالها مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، قبل وقت قصير من بدء الحرب عن أن المنطقة أصبحت أكثر هدوءً مما كانت عليه منذ عقود تعكس مدى تصديق الإدارة لبياناتها الصحفية".

ويشير لاريسون إلى أن دعم الحرب في غزة كلف الولايات المتحدة الكثير في بلدان الجنوب العالمي، كما أن معارضة الإدارة العنيدة لوقف إطلاق النار تركت الولايات المتحدة معزولة بشدة في الأمم المتحدة كما لم تكن في أي وقت مضى فيما يتعلق بقضية رئيسية.

وأشار إلى أن إدارة بايدن أكدت، في وقت سابق، على أهمية التنافس على النفوذ مع القوى الكبرى الأخرى في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا، و"لكن مع موقفها المتشدد بشأن غزة يبدو أنها أهدرت معظم المكاسب التي حققتها"، حسب تعبيره، مشيرا إلى أن "الإدارة التي تتحدث باستمرار عن أهمية دورها القيادي، تفوقت على نفسها في عزل وإبعاد بقية العالم عن الولايات المتحدة".

وأشار لاريسون إلى أن دعم إسرائيل المطلق في حرب غزة قوض الدعم الأمريكي للحرب في أوكرانيا، بعدما أمضت إدارة بايدن نحو عامين لحشد الدعم لها.

ويخلص لاريسون إلى أن إدارة بايدن رسمت السياسة الخارجية لعام 2023 من خلال الاعتماد المفرط على الأدوات العسكرية وبذل القليل من الجهد في المشاركة الدبلوماسية، ما تسبب في رفض واسع من الجمهور الأمريكي، ومن أجل مصلحة "بايدن" الشخصية ومصالح الولايات المتحدة فإنه يحتاج إلى إجراء تغييرات رئيسية في مسار السياسة الخارجية لعام 2024، سواء في غزة أو في نهجه الشامل تجاه العالم.

اقرأ أيضاً

بايدن يصحح المسار تدريجيا تجاه الحرب على غزة.. إليك الأسباب والدلائل

المصدر | دانييل لاريسون/ريسبونسبل ستيتكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: جو بايدن غزة إسرائيل إيران حماس نتنياهو العراق سوريا التطبيع أوكرانيا الشرق الأوسط الولایات المتحدة الأمریکیة فی إدارة بایدن إلى أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم

نشر موقع "موندويس" الأمريكي، تقريرًا، سلّط فيه الضوء على مؤسسة "هند رجب" التي تأسّست عقب استشهاد الطفلة هند رجب في غزة، بقصف للاحتلال الإسرائيلي، مبرزا أنها تسعى لمحاكمة الجنود الإسرائيليين المتّهمين بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين، مستندة إلى أدلة تشمل منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأوضح التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أنّ: "الطريقة التي قُتلت بها الطفلة هند رجب مروعة؛ حيث وُجدت بالمقاعد الخلفية من سيارة محطمة، على بعد أمتار من دبابة ميركافا إسرائيلية"، مضيفا: "وُجدت عمتها وعمها مقتولين في المقعدين الأماميين، وأربعة من أبناء عمومتها ينزفون بجانبها".

وتابع: "كانت تتوسل لموظفة فلسطينية على الطرف الآخر من خط هاتف خلوي، وتبكي خوفا، ثم في لمح البصر، تمزقت لأشلاء بوابل طلقات الرشاشات الإسرائيلية"، مردفا: "استشهدت هند رجب قبل سنة، وكانت في السادسة من عمرها، والآن تسعى المؤسسة التي تحمل اسمها إلى تحقيق العدالة".

"ليس فقط من أجل هند، ولكن من أجل عدد لا يحصى من الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل في انتهاك للقانون الدولي" بحسب التقرير نفسه.


ملاحقة الجنود كأفراد
أضاف الموقع أن المؤسسة لا تلاحق دولة الاحتلال الإسرائيلي، بل تتبع نهجًا مختلفًا بملاحقة الجنود الإسرائيليين كأفراد. وحدّدت المؤسسة التي تتخذ من بروكسل مقرًا لها، في ملف قدمته إلى المحكمة الجنائية الدولية، في لاهاي، في 8 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، هويّة ألف جندي إسرائيلي تعتقد أنه يجب على المحكمة مقاضاتهم.

وأبرز التقرير: "استنادًا إلى 8000 دليل، بما في ذلك منشورات الجنود أنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي من غزة المدمرة"، مشيرا إلى أنه: "من الممارسات التي تباهى بها المجنّدون والضباط الإسرائيليون على فيسبوك وإنستغرام وسناب شات وتيك توك وتلغرام وغيرها: القصف العشوائي".

"القتل المتعمد للمدنيين، بمن فيهم العاملون بالمجال الطبي والصحفيون والمدنيون الذين يلوحون بالرايات البيضاء؛ والتدمير الوحشي للمنازل والمستشفيات والمدارس والأسواق والمساجد؛ والتجويع القسري والنهب" أبرز التقرير ما كان يتباهى به المجنّدون والضباط الإسرائيليون.

وأوضح محامي المؤسسة هارون رضا، أنّ: "مؤسسة هند رجب تراقب جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة منذ كانون الأول/ ديسمبر 2023، بمساعدة شبكة من النشطاء والمحامين حول العالم"، مضيفا أنّ: "المؤسسة لديها شبكة كبيرة جدًا من المحققين في الداخل والخارج".

وتركز المؤسسة، وفق المحامي نفسه، على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي للجنود الذين خدموا في غزة منذ بدء الحرب، قبل خمسة عشر شهرًا، ويقول هارون إنّ: "جميع هؤلاء الجنود لديهم حسابات على التواصل الاجتماعي، وكان العديد منهم يضعون صورًا جماعية ويُظهرون أماكنهم وممارساتهم خلال الحرب".

إلى ذلك، تقوم المؤسسة بتوثيق التواريخ والأوقات والمواقع في غزة، ثم تقارنها مع منشورات أخرى للجنود، سواء مقاطع الفيديو أو الصور.


توثيق الجرائم
ذكر الموقع أن القادة العسكريين الإسرائيليين أمروا الجنود بالتوقف عن التباهي بجرائمهم خوفًا من تعرضهم للاعتقال أو الملاحقة القضائية أثناء سفرهم إلى الخارج.

وقال هارون رضا إنّ: "قيادة الجيش لم تطلب من جنودها رسميًا التوقف عن ارتكاب جرائم الحرب، لكنهم طلبوا منهم التوقف عن نشر تلك الممارسات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا يعني أن القادة يعرفون ما يفعله الجنود ولا يشعرون بالخجل من ذلك، لكنهم لا يريدون أن يتورط الجنود في أي ملاحقات قضائية".

وأضاف رضا أنه: "من المثير للاهتمام أنهم بدأوا يحذفون كل المنشورات، لكنهم لا يعلمون أن الإنترنت له ذاكرة طويلة وأنه كان هناك ما يكفي من الوقت لتوثيق الجرائم"، مؤكدا أن "المؤسسة لديها قاعدة بيانات ضخمة من المعلومات التي تم التحقق منها أكثر من مرة، وتلك البيانات تشكل أدلة لرفع قضايا ضد الجنود المتورطين".

واسترسل: "من بين ألف جندي وردت أسماؤهم في ملف مؤسسة هند رجب للمحكمة الجنائية الدولية، مجموعة من الضباط والقادة، بما في ذلك ثلاثة وثلاثون جنديًا يحملون الجنسية الإسرائيلية وجنسية أخرى، ومنهم أكثر من عشرة جنود من فرنسا والولايات المتحدة، وأربعة من كندا، وثلاثة من المملكة المتحدة، واثنان من هولندا".

إثر ذلك، أرسلت المؤسسة، قائمة بأسماء الجنود الإسرائيليين إلى عشر دول مختلفة يعتبرها الجنود الإسرائيليون وطنهم الأم، أو يتّجهون إليها بعد انتهاء خدمتهم العسكرية، وهي دول تمارس الولاية القضائية العالمية على أخطر الجرائم الدولية.

وأوضح رضا أنّ: "المؤسسة تقوم بالتحقق من المناطق التي يسافر إليها الجنود المتورطون، ومن نمط الرحلات الجوية الأكثر شيوعًا، ثم رفع قضايا بحقهم"؛ موضحا أنه: "تم تقديم شكاوى في النمسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا والسويد وتايلاند والإكوادور".

واعتبر رضا أنه: "رغم فشل العديد من محاولات الاعتقال بعد أن تم إبلاغ الجنود بأنهم ملاحقون ونجحوا في الفرار، فإن نجاح عملية الاعتقال مسألة وقت فحسب".

وتستهدف المؤسسة أيضًا المتواطئين والمحرضين على جرائم حرب الاحتلال الإسرائيلي على كامل قطاع غزة، ومن بين هؤلاء جمهور فريق "مكابي تل أبيب" لكرة القدم، الذين قاموا بأعمال شغب بأمستردام في الخريف الماضي، وحاخام ينتمي للواء جفعاتي الإسرائيلي، تفاخر بتدمير أحياء كاملة في غزة، وأيّد قصف المدنيين الفلسطينيين.



شعور زائف بالأمان
أضاف رضا بأن "الجنود الإسرائيليين أصبحوا مثل مجرمي الحرب النازيين الذين هربوا إلى باراغواي أو كندا أو أوروبا وكان لديهم شعور زائف بالأمان"، مؤكدا أن "المؤسسة تتعقبهم وتستطيع مقاضاتهم في حال الذهاب إلى أي دولة ذات اختصاص قضائي عالمي أو أي دولة توافق على ملاحقتهم قضائيًا".

ويعتقد هارون أن "المسؤول عن قتل هند رجب سيمثل أمام العدالة، لأن جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم عندما تكون هناك ولاية قضائية عالمية، وهذا يعني أنه حتى لو تم اكتشاف المسؤولين عن الجريمة بعد عشرين سنة، سوف تتمكن المؤسسة من ملاحقتهم".

إلى ذلك، خلص التقرير بأنّ: "القائمون على المؤسسة بأنهم لن يرتاحوا حتى ينالوا من جميع مرتكبي جرائم الحرب في غزة، بمن فيهم المسؤولون عن مقتل هند رجب".

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تقتل فلسطينيا في جنين تحرر بصفقة مع حماس في 2023
  • خبير استراتيجي: إسرائيل تحاول نقل ما جرى في غزة إلى الضفة الغربية تدريجيا
  • خبير: إسرائيل تتبنى سياسة التصعيد العسكري لمواصلة الحرب على غزة
  • محمد عز العرب: إسرائيل تبنت سياسة التصعيد لمواصلة الحرب على غزة والضفة
  • زي النهارده.. توقيع معاهدة سلام تورون التي أنهت الحرب البولندية الليتوانية التوتونية
  • مقال في فورين أفيرز: هذا ثمن سياسة القوة التي ينتهجها ترامب
  • عادل الباز يكتب: سياسة ترمب تجاه السودان
  • وزير الخارجية الإيراني: مهاجمة مواقعنا النووية ستكون أكبر خطأ ترتكبه الولايات المتحدة
  • "الخارجية الصينية" تعليقا على الرسوم الجمركية الأمريكية: لا فائز في الحرب التجارية
  • تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم