لجريدة عمان:
2025-01-18@22:55:03 GMT

معبر الخراب وحارسُ الفظائع

تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT

بما أننا نستهلك الميديا بجنون هذه الأيام، اسمحوا لي أن أرصد وأُعلق على بعض ما حدث الأسبوع الماضي. اسمحوا لي أيضا أن أُشارك أفكاري المتفرقة ونحن على أعتاب سنة أخرى.

(1)

عادة ما تكون مؤتمرات المناخ السنوية مناسبة للناشطين ليسلطوا الضوء على القضايا محل اهتمامهم، والتي لا تكون حِكرا على القضايا البيئية وقضايا المناخ.

وكالمتوقع كانت إبادة الاحتلال الإسرائيلي للغزاويين حاضرة على هامش مؤتمر المناخ الأخير بدبي «كوب 28» الذي يقول المُراسلون ثمة حلقة بودكاست ظريفة من مدى مصر حول الموضوع بعنوان «العائدون من كوب: إيه اللي حصل في مؤتمر المناخ؟» أقترح الاستماع لها بكل تأكيد)، المهم أنه يبدو - حسب المراسلين- أن الأمم المتحدة -ولأول مرة- حددت الشكل الذي يُمكن للمظاهرات أن تتخذه، والشعارات التي يُمكن رفعها. لم يُسمح مثلا برفع الأعلام، بتوجيه الاتهام لدولة بعينها وتحميلها مسؤولية الكارثة الإنسانية (يُمكن القول إن آلاف الغزاويين ماتوا لكن لا يُسمح بأن يقال بأن إسرائيل قتلتهم)، يُمكن للمتظاهرين رفع شعار «أوقفوا إطلاق النار» لكن لا يُسمح لهم بالقول «أوقفوا إطلاق النار الآن». إضعاف اللغة وتفريغها من إدانة الجاني، من الانفعال، من تسمية الأشياء بشكل واضح ليس عشوائيا. يُدرك من يضعون هذه القيود أهمية اللغة، يُدركون أهمية القصة، ولهذا يُصرون على موقفهم.

(2)

كثير من منصات الإعلام «الغربي» تُصر على نحو أعمى وساذج تقريبًا على مواصلة التلويح بقصص السلام والتسامح. تنشر الجارديان مثلا تقريرا عن الطبيب الفلسطيني عزالدين أبو العيش (المرشح مرارا لنيل جائزة نوبل للسلام، والذي التقاه بيرس مورغان بدايات الحرب وقد خسر العشرات من أفراد عائلته منذ السابع من أكتوبر، وكان قد فقد بناته الثلاث في 2009) تقرير الجارديان حمل عنوان «قتلت غارة جوية إسرائيلية 22 من أقاربي، لكنني أرفض أن أكره»، وأنا أتساءل لماذا يُؤخذ منا الحق في الكراهية؟ نشأتْ عادات الثأر وترتيبات القصاص، ثم العقوبات القانونية تحديدا للتعامل مع هذا الشعور الإنساني الطبيعي عندما يُعتدى على أحبائه. واحدة من المشاكل الإجرائية (إذا ما أردنا تجنّب الجوانب النفسية) لخطاب كهذا أنه يُوهم بوجود حلول غير ممكنة على أرض الواقع.

«حشا.. حتى الكراهية استكثرناها!»

(3)

ثمة نفور -لا يحتاج فطنة لملاحظته- من متابعة الجلسات، المؤتمرات، القمم المحلية، الإقليمية، والعالمية على حد سواء. يأتي هذا من سأم وجزع من اتخاذ موقف (أو اتخاذ قرار) قوي بما يكفي للتغيير على نحو فوري أو راديكالي.

يبدو أن أهم مكسب للجيل الجديد هو التحرر من مارد المعرفة المُقيِد. يقولون: لا أحتاج لأن أكون خبيرا بالمناخ لأصبح ناشطا بيئيا أو ناقدا لسياسات الطاقة، ولا أحتاج لأن أقرأ كتب التاريخ لأعرف مع من وضد من أقف. أعني أن المعرفة بالمعنى التجريدي أساسية، مهمة، وهي أيضا محرِرة. يكمن الإشكال في استخدامها كأداة تسلُّط. فإقران حقك في التعبير عن رأيك، بمدى معرفتك بمجال ما، مُثبط، مُعطل، وظالم. ثمة حساسية تُخبر المرء أن نوعا من الظلم واقع عليه شخصيا أو على إنسان آخر، وهي تفوق في كثير من الأحيان أهمية امتلاك المعارف، أو أدوات الجِدال المنطقي.

(4)

دارت الأيام فعلا. ربما عجّل دورتها الحدث الاستثنائي الذي نعيشه. أشياء ظننا أننا كبرنا عليها. تجاوزناها. تعود لتأخذ مكانها. يعود مظفر النواب، ويعود الفيتوري، وأمل دنقل، بل ويعود نزار. تعود الأناشيد.. تعود الدفوف..

حساباتنا للأمور غريبة. عندما تُفكر بما هو مهم لك فعلا. بأكثر شيء يُمكن أن يُرضي ضميرك، وما تفعله بالمقابل.. شتان شتان بين ما تتمنى وما تفعل. وهذه الفجوة التي هي أساس كل غضب، ويأس، وانفصال، تأكلنا. كما يحق لها تماما أن تفعل. إلا أن هذا ليس غريبا تماما عنا. إننا نعرف قدرتنا على المضي ضد سعادتنا، لكن كنا نعتقد أنه ضرب من تدمير الذات، لم نعرف أن لنا قدرة على تحمل عذابات الآخرين كامتداد لعاداتنا التدميرية.

«أصيح بالخليج»، الخليج الذي صار معبرا للخراب، وحارسا للفظائع. أنت من بين الجميع تعرف العطش. أين دروس الصحراء منك؟ لطالما كانت مياهك، ضفافك، ورمالك مؤتمنة، ما الذي تغير؟ متى صرت مستخفا بالأرواح، همجيا، وأرعن؟ القسوة نعرفها. ما لا نعرفه عنك هو تعمدها. كذا يا خليج.. كذا؟

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

قبل تنصيب ترامب.. "الفدرالي" ينسحب من مبادرة دولية بشأن المناخ

أعلن الاحتياطي الفدرالي الأمريكي الجمعة انسحابه من مبادرة دولية بشأن تغير المناخ، وذلك قبل أيام فقط من تولي الرئيس الجمهوري المنتخب دونالد ترامب منصبه.

وانضم الاحتياطي الفدرالي إلى شبكة البنوك المركزية والهيئات المشرفة لتحضير النظام المالي، في ديسمبر (كانون الأول) 2020، وأشاد بها في ذلك الوقت كمكان لتبادل الأفكار حول تطوير سياسات القطاع المالي لإدارة مخاطر البيئة والمناخ.
وتضم هذه الشبكة حاليا أكثر من 100 بنك مركزي رئيسي وهيئة تنظيمية من أكثر من 90 دولة، بما فيها بنك الشعب الصيني والبنك المركزي الأوروبي.

أوروبا تخشى "ضربة قوية" من ترامب لاتفاق باريس للمناخ - موقع 24حذر مفوض الاتحاد الأوروبي المعني بتغير المناخ، فوبكه هوكسترا، من أن الجهود العالمية لمكافحة هذه الظاهرة ستتلقى ضربة قوية، إذا قرر الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مجدداً الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ.

وأعلن الاحتياطي الفدرالي في بيان انسحابه من المجموعة لأنها "توسعت بشكل متزايد في نطاقها، لتغطي مجموعة أوسع من القضايا التي تقع خارج نطاق التفويض القانوني للمجلس".
ويتمتع الاحتياطي بتفويض مزدوج من الكونغرس للعمل بشكل مستقل لمعالجة التضخم والتوظيف، كما يتحمل مسؤوليات تنظيم البنوك والإشراف عليها في الولايات المتحدة.
على نقيض البنوك المركزية الأخرى، أبدى مسؤولو الاحتياطي الفدرالي انزعاجهم من طلبات المشرعين والناشطين أن يؤدي المصرف دوراً أكبر في معالجة تغير المناخ، وهو موضوع مشحون سياسياً في الولايات المتحدة.
وقال رئيس الاحتياطي جيروم باول في مؤتمر عقد في كاليفورنيا أوائل عام 2024 "غالباً ما يُضغط على صناع السياسات في الاحتياطي الفدرالي لاتخاذ موقف بشأن قضايا ذات صلة بالاقتصاد ولكنها لا تندرج ضمن تفويضنا".
وأكد أن "السياسات الرامية إلى معالجة تغير المناخ هي مسؤولية المسؤولين المنتخبين والوكالات التي عهدوا إليها بهذه المسؤولية"، مضيفاً "لم يفوض الاحتياطي الفدرالي أي مسؤولية من هذا القبيل".

مقالات مشابهة

  • "الفيدرالي الأميركي" ينسحب من شبكة عالمية معنية بتغير المناخ
  • الفدرالي الأمريكي يعلن انسحابه من مبادرة دولية لتغير المناخ
  • الشرطة تفحص فيديو مشاجرة طلاب سنتر المناخ ببورسعيد
  • قبل تنصيب ترامب.. "الفدرالي" ينسحب من مبادرة دولية بشأن المناخ
  • برلماني: مبادرة دعم الصناعة الوطنية تعزز الثقة في المناخ الاستثمار بمصر
  • أخبار بورسعيد الخميس.. مراجعات مجانية للصف الثالث الإعدادي وحارس المصري ضمن قائمة منتخب الناشئين
  • الانتهاء من أعمال رفع تجمعات الرتش بكامل القطاع الأول فى بورسعيد
  • الانتهاء من رفع الرتش بالقطاع الأول والبدء فى المرحلة الثانية بمنطقة الحرية ببورسعيد
  • قرار جمهوري بالموافقة على اتفاقية بين مصر والولايات المتحدة بشأن تغير المناخ
  • الشيوعي: الفظائع في ولاية الجزيرة تتحمل مسؤوليتها مُباشرة قيادة الجيش قانونياً وسياسياً