عربي21:
2024-12-24@05:14:10 GMT

لا يكفي وقف العدوان على غزة

تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT

كثُرت المبادرات والتصورات في الآونة الأخيرة بحثا عن مخرج لورطة الاحتلال الإسرائيلي في غزة، بتشجيع ورعاية أمريكية ترى في سلوك بنيامين نتنياهو وزمرته المتطرفة في حكومة الحرب وصفة لغرق إسرائيل واستنزافها، بعد أن فقدت شرعية ما تقوم به من عدوان ارتقى إلى مستوى جرائم الحرب والإبادة الجماعية في نظر الرأي العام والمنظمات الدولية والمجتمع الدولي؛ الذي صوّت بدوره على قرارٍ لوقف العدوان وفتح الممرات الإنسانية في الجمعية العامة للأمم المتحدة بواقع 153 دولة مقابل عشر دول منها الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الإسرائيلي.



أحدثُ مبادرة سياسية في هذا السياق هي المبادرة المصرية التي تسرّبت بنودها إلى الإعلام والتي تحدّثت عن ثلاث مراحل، اثنتان منها على شكل هُدَن مؤقتة لإطلاق سراح متبادل للأسرى ولإدخال المساعدات الإنسانية، تُفضي في المرحلة الثالثة إلى وقفٍ للعدوان الإسرائيلي بعد الاتفاق على إطلاق سراح كل الأسرى لدى حركة حماس مقابل التفاوض على عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيُطلق الاحتلال سراحهم، ومن ثم انسحاب جيش الاحتلال إلى حدود قطاع غزة، ويجري في الأثناء إشراف واشنطن والقاهرة والدوحة على تشكيل حكومة "تكنوقراط" فلسطينية لإدارة غزة والضفة الغربية على حد سواء.

يُلاحظ في عجالة أن المبادرة المصرية المسرّبة، تتحدّث عن إلزام حماس بإطلاق سراح كامل الأسرى لديها، مقابل التفاوض مع الاحتلال على عدد الأسرى الفلسطينيين المزمع إطلاق سراحهم، كما أنها تتحدث عن حكومة "تكنوقراط" فلسطينية، لا يعلم أحد ما هي حدود صلاحياتها، ومن مرجعيّتها؛ فهل مرجعيّتها من قام بتشكيلها، أم أن مرجعيّتها منظمة التحرير الفلسطينية أم السلطة الفلسطينية؟ وتحت أي سقف سياسي ستعمل؟ ومن سيموّلها؟ وما هي أولوياتها الإدارية والاقتصادية والأمنية؟ والعديد من الأسئلة المشروعة التي لا جواب عليها.

المبادرة المصرية المسرّبة والتحركات الدولية الموازية، وكافة التفاصيل التي تُساق، تُعطي انطباعا بأنها بُنيت على قاعدة أن حماس والمقاومة منهارة، وأن الفلسطينيين في أزمة سحيقة ساحقة، وعلى حافة الهاوية، وبأن الاحتلال هو صاحب اليد العليا وصاحب القول الفصل.

الموضوعية تقتضي القول؛ بأن الاحتلال أيضا يعيش أزمة مركّبة لا تقل تعقيدا عن أزمة الجانب الفلسطيني؛ فالاحتلال يعاني من فشل عسكري وأمني، ويعاني من انقسامات سياسية داخل حكومة الحرب، ناهيك عن تراشق الاتهامات بين المعارضة من جهة وبين بنيامين نتنياهو وحكومته المتطرفة من جهة أخرى، والأزمة الاقتصادية الناشئة بسبب الحرب والتي كلّفت الكيان خلال 80 يوما نحو 17.5مليار دولار حسب وزارة الحرب الصهيونية، ناهيك عن تأثّر كافة القطاعات الاقتصادية الأخرى سلبا، إضافة إلى ملف المستوطنين النازحين من الجنوب والشمال، وتوسّع دائرة الاستنزاف للاحتلال مع لبنان وفي البحر الأحمر مع اليمن، ناهيك عن فقدان العدوان للشرعية  في نظر الرأي العام والمجتمع الدولي.

المبادرة المصرية المسرّبة والتحركات الدولية الموازية، وكافة التفاصيل التي تُساق، تُعطي انطباعا بأنها بُنيت على قاعدة أن حماس والمقاومة منهارة، وأن الفلسطينيين في أزمة سحيقة ساحقة، وعلى حافة الهاوية، وبأن الاحتلال هو صاحب اليد العليا وصاحب القول الفصل
في المقابل أزمة قطاع غزة وحركة حماس كارثية إنسانيا؛ من ناحية الشهداء والجرحى وتدمير معظم قطاع غزة وكافة البنى التحتية المدنية، مع استمرار حالة الحصار والتجويع الذي يرقى إلى مستوى الإبادة وجرائم الحرب، ولكن هنا لا بد من الإشارة إلى عدة مسائل أهمها:

أولا: أن المقاومة لا زالت هي صاحبة اليد العليا في الميدان، وهو الأمر المحوري في مواجهة جيش الاحتلال الفاشل في تحقيق أهدفه، بالإضافة إلى خسائره القياسية والفادحة في العديد والمعدّات، ما يشكّل استنزافا ضاغطا عليه.

ثانيا: أن حركة حماس تملك ورقة قوة أخرى، بالإضافة إلى المقاومة، وهي ملف أسرى الاحتلال، والذي يشكّل نقطة ضعف كبيرة ضاغطة على قيادة الاحتلال السياسية والعسكرية في جبهته الداخلية.

ثالثا: أن الاحتلال استنفد كافة أهدافه العسكرية التي يمكنه الوصول إليها، كما استنفد قصفه للمدنيين قتلا وتدميرا، بمعنى آخر أن الفلسطيني لم يبق لديه ما يخسره بعد هذا الدمار الهائل، والذي تجاوز في مستواه ما أصاب المدن الألمانية في الحرب العالمية الثانية.

طالما أن سلّة أهداف الاحتلال بدأت تنضب، وطالما أن المقاومة لا زالت تملك زمام المبادرة والقدرة على استنزاف العدو على مدار الساعة حتى لو انسحب من المدن ولجأ إلى فكرة الحزام الأمني، فإن الطرف الفلسطيني في هذه الحالة يصبح قادرا على المناورة بامتلاكه أوراق القوة والضغط لفرض معادلة تتجاوز فكرة وقف العدوان فقط، والتي يحاول الاحتلال سقف أي حراك سياسي بها.

الثمن الذي دفعه الفلسطينيون وخاصة في قطاع غزة، يستحق أهدافا أكثر سُموّا من وقف العدوان فقط، ولا سيّما رفع الحصار بالكلية عن قطاع غزة، وفتح الباب للمفاوضات على مصير العديد من الملفات الوطنية والسياسية كالأقصى والقدس، والاستيطان، والأسرى، والدولة الفلسطينية، فالسابع من تشرين الأول/ أكتوبر محطة يجب البناء عليها، وعدم إهدار أي نقطة إنجاز فيها، وكما الفلسطيني في أزمة إنسانية فالاحتلال واقع في أزمات متعدّدة الأوجه محليا ودوليا
فوقف العدوان كهدف أوحد وكما تروّج له المبادرات السياسية، فهو على أهميته، لا يشكّل وصفة سحرية لإعادة إعمار غزة أو رفع الحصار عنها، ناهيك عن تحقيق جزء من تطلعات الشعب الفلسطيني أو تحقيق الأهداف السياسية والوطنية للمقاومة التي خرجت في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر تحت عنوان حماية الأقصى والقدس، ووقف الاستيطان، وإطلاق سراح الأسرى، ورفع الحصار، ناهيك عن التأسيس لفكرة زوال الاحتلال.

الثمن الذي دفعه الفلسطينيون وخاصة في قطاع غزة، يستحق أهدافا أكثر سُموّا من وقف العدوان فقط، ولا سيّما رفع الحصار بالكلية عن قطاع غزة، وفتح الباب للمفاوضات على مصير العديد من الملفات الوطنية والسياسية كالأقصى والقدس، والاستيطان، والأسرى، والدولة الفلسطينية، فالسابع من تشرين الأول/ أكتوبر محطة يجب البناء عليها، وعدم إهدار أي نقطة إنجاز فيها، وكما الفلسطيني في أزمة إنسانية فالاحتلال واقع في أزمات متعدّدة الأوجه محليا ودوليا.

تمتّع المقاومة بالقدرة على استمرار استنزافها للاحتلال وجيشه بالإضافة إلى امتلاكها ورقة الأسرى، يشكّل مدخلا مهما وقويا لتغيير المعادلات القديمة، وإعادة رسم المشهد مع الاحتلال، الذي لا بد أن يخضع لمعادلات القوّة في النهاية، بعد أن بدأت تظهر في جسده نتوءات ما بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر سياسيا وعسكريا واقتصاديا واجتماعيا، ما يشكّل فرصة تاريخية للجانب الفلسطيني، رغم حجم الألم والكارثة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المبادرات الإسرائيلي غزة المصرية المقاومة مصر إسرائيل غزة المقاومة مبادرات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المبادرة المصریة من تشرین الأول أن الاحتلال وقف العدوان قطاع غزة فی أزمة التی ت

إقرأ أيضاً:

45317 شهيدًا حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ارتفعت حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 45317 شهيدًا و107713 إصابة منذ السابع من أكتوبر 2023، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع.

وقد ارتكب الاحتلال الإسرائيلي 5 مجازر جديدة ضد العائلات الفلسطينية في غزة، أسفرت عن 58 شهيدًا و86 إصابة خلال الـ 24 ساعة الماضية، بحسب وسائل الإعلام الفلسطينية.

في هذا السياق، استمرت المجازر الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة في اليوم الـ444 من حرب الإبادة المستمرة، حيث تعرض المخيمات الفلسطينية لأشد أنواع القصف والتدمير.

وفي مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، أكدت المصادر الطبية الفلسطينية استشهاد 4 نازحين وإصابة 3 آخرين نتيجة العدوان المستمر على المخيم الجديد شمال غرب المخيم.

وفي مدينة خانيونس، استشهد 11 فلسطينيًا في مجزرة جديدة جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي لخيام تأوي نازحين في منطقة مواصي المدينة.

كما استشهد فلسطينيان وأصيب أكثر من 20 شخصًا في غارة جوية إسرائيلية استهدفت عناصر تأمين المساعدات الإنسانية في منطقة المواصي غربي مدينة رفح.

وفي مدينة غزة، استشهد فلسطيني وأصيب آخرون نتيجة استهداف منزل في منطقة الشعف شرقي المدينة.

من جهته، دان المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، في بيان له اليوم الإثنين، العدوان الإسرائيلي الذي ارتكب مجزرة وحشية في المخيم الجديد بالنصيرات، واصفًا إياه بأنه جريمة حرب.

وأوضح البيان أن جيش الاحتلال اقتحم المخيم باستخدام أكثر من 17 دبابة وجرافة وآليات عسكرية مدعومة بطائرات مسيرة وطائرات استطلاع، مما أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 50 مدنيًا، من بينهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى تدمير أكثر من 20 وحدة سكنية.

وأضاف المكتب الإعلامي أن هذا الاعتداء ليس الأول من نوعه ضد مخيم النصيرات، حيث شهد المخيم خمس هجمات متتالية منذ بدء الحرب، راح ضحيتها أكثر من 100 شهيد.

وأكد البيان أن العدوان الإسرائيلي على غزة يعكس جريمة إبادة جماعية واستمرار القتل الممنهج والتدمير الشامل للمنطقة، مع تعمد التهجير القسري للمدنيين.

ودعا المكتب الإعلامي المجتمع الدولي والمنظمات الدولية إلى اتخاذ خطوات فاعلة لوقف جرائم الاحتلال، مطالبًا بضرورة حماية المدنيين وضمان سلامة الأطفال والنساء والمرافق العامة في القطاع المحاصر.

 

 

مقالات مشابهة

  • جيش الاحتلال يعلن مقـ.تل 3 عسكريين إسرائيليين شمال قطاع غزة
  • حماس: إقامة الاحتلال 7 بؤر استيطانية بالضفة محاربة للوجود الفلسطيني على أرضه
  • «الصفقة المحتملة» لتبادل الأسرى مع حماس تثير انقساما بين وزراء الاحتلال والمعارضة
  • 45317 شهيدًا حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة
  • حماس: نشكر القوات المسلحة اليمنية وأنصار الله على دعمهم المستمر رغم العدوان الأمريكي البريطاني الصهيوني
  • كم وصلت حصيلة شهداء وجرحى الحرب على قطاع غزة؟
  • باحثة سياسية: نتنياهو يخطط لنصر مطلق في الشرق الأوسط وليس غزة فقط
  • “حماس”: التوصل لاتفاق بات أقرب من أي وقت مضى
  • ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 45 ألفا و227 شهيدا
  • الدفاع المدني الفلسطيني: الاحتلال الإسرائيلي يمنع إجلاء جثامين الشهداء في غزة