عربي21:
2025-04-29@05:15:22 GMT

لا يكفي وقف العدوان على غزة

تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT

كثُرت المبادرات والتصورات في الآونة الأخيرة بحثا عن مخرج لورطة الاحتلال الإسرائيلي في غزة، بتشجيع ورعاية أمريكية ترى في سلوك بنيامين نتنياهو وزمرته المتطرفة في حكومة الحرب وصفة لغرق إسرائيل واستنزافها، بعد أن فقدت شرعية ما تقوم به من عدوان ارتقى إلى مستوى جرائم الحرب والإبادة الجماعية في نظر الرأي العام والمنظمات الدولية والمجتمع الدولي؛ الذي صوّت بدوره على قرارٍ لوقف العدوان وفتح الممرات الإنسانية في الجمعية العامة للأمم المتحدة بواقع 153 دولة مقابل عشر دول منها الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الإسرائيلي.



أحدثُ مبادرة سياسية في هذا السياق هي المبادرة المصرية التي تسرّبت بنودها إلى الإعلام والتي تحدّثت عن ثلاث مراحل، اثنتان منها على شكل هُدَن مؤقتة لإطلاق سراح متبادل للأسرى ولإدخال المساعدات الإنسانية، تُفضي في المرحلة الثالثة إلى وقفٍ للعدوان الإسرائيلي بعد الاتفاق على إطلاق سراح كل الأسرى لدى حركة حماس مقابل التفاوض على عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيُطلق الاحتلال سراحهم، ومن ثم انسحاب جيش الاحتلال إلى حدود قطاع غزة، ويجري في الأثناء إشراف واشنطن والقاهرة والدوحة على تشكيل حكومة "تكنوقراط" فلسطينية لإدارة غزة والضفة الغربية على حد سواء.

يُلاحظ في عجالة أن المبادرة المصرية المسرّبة، تتحدّث عن إلزام حماس بإطلاق سراح كامل الأسرى لديها، مقابل التفاوض مع الاحتلال على عدد الأسرى الفلسطينيين المزمع إطلاق سراحهم، كما أنها تتحدث عن حكومة "تكنوقراط" فلسطينية، لا يعلم أحد ما هي حدود صلاحياتها، ومن مرجعيّتها؛ فهل مرجعيّتها من قام بتشكيلها، أم أن مرجعيّتها منظمة التحرير الفلسطينية أم السلطة الفلسطينية؟ وتحت أي سقف سياسي ستعمل؟ ومن سيموّلها؟ وما هي أولوياتها الإدارية والاقتصادية والأمنية؟ والعديد من الأسئلة المشروعة التي لا جواب عليها.

المبادرة المصرية المسرّبة والتحركات الدولية الموازية، وكافة التفاصيل التي تُساق، تُعطي انطباعا بأنها بُنيت على قاعدة أن حماس والمقاومة منهارة، وأن الفلسطينيين في أزمة سحيقة ساحقة، وعلى حافة الهاوية، وبأن الاحتلال هو صاحب اليد العليا وصاحب القول الفصل.

الموضوعية تقتضي القول؛ بأن الاحتلال أيضا يعيش أزمة مركّبة لا تقل تعقيدا عن أزمة الجانب الفلسطيني؛ فالاحتلال يعاني من فشل عسكري وأمني، ويعاني من انقسامات سياسية داخل حكومة الحرب، ناهيك عن تراشق الاتهامات بين المعارضة من جهة وبين بنيامين نتنياهو وحكومته المتطرفة من جهة أخرى، والأزمة الاقتصادية الناشئة بسبب الحرب والتي كلّفت الكيان خلال 80 يوما نحو 17.5مليار دولار حسب وزارة الحرب الصهيونية، ناهيك عن تأثّر كافة القطاعات الاقتصادية الأخرى سلبا، إضافة إلى ملف المستوطنين النازحين من الجنوب والشمال، وتوسّع دائرة الاستنزاف للاحتلال مع لبنان وفي البحر الأحمر مع اليمن، ناهيك عن فقدان العدوان للشرعية  في نظر الرأي العام والمجتمع الدولي.

المبادرة المصرية المسرّبة والتحركات الدولية الموازية، وكافة التفاصيل التي تُساق، تُعطي انطباعا بأنها بُنيت على قاعدة أن حماس والمقاومة منهارة، وأن الفلسطينيين في أزمة سحيقة ساحقة، وعلى حافة الهاوية، وبأن الاحتلال هو صاحب اليد العليا وصاحب القول الفصل
في المقابل أزمة قطاع غزة وحركة حماس كارثية إنسانيا؛ من ناحية الشهداء والجرحى وتدمير معظم قطاع غزة وكافة البنى التحتية المدنية، مع استمرار حالة الحصار والتجويع الذي يرقى إلى مستوى الإبادة وجرائم الحرب، ولكن هنا لا بد من الإشارة إلى عدة مسائل أهمها:

أولا: أن المقاومة لا زالت هي صاحبة اليد العليا في الميدان، وهو الأمر المحوري في مواجهة جيش الاحتلال الفاشل في تحقيق أهدفه، بالإضافة إلى خسائره القياسية والفادحة في العديد والمعدّات، ما يشكّل استنزافا ضاغطا عليه.

ثانيا: أن حركة حماس تملك ورقة قوة أخرى، بالإضافة إلى المقاومة، وهي ملف أسرى الاحتلال، والذي يشكّل نقطة ضعف كبيرة ضاغطة على قيادة الاحتلال السياسية والعسكرية في جبهته الداخلية.

ثالثا: أن الاحتلال استنفد كافة أهدافه العسكرية التي يمكنه الوصول إليها، كما استنفد قصفه للمدنيين قتلا وتدميرا، بمعنى آخر أن الفلسطيني لم يبق لديه ما يخسره بعد هذا الدمار الهائل، والذي تجاوز في مستواه ما أصاب المدن الألمانية في الحرب العالمية الثانية.

طالما أن سلّة أهداف الاحتلال بدأت تنضب، وطالما أن المقاومة لا زالت تملك زمام المبادرة والقدرة على استنزاف العدو على مدار الساعة حتى لو انسحب من المدن ولجأ إلى فكرة الحزام الأمني، فإن الطرف الفلسطيني في هذه الحالة يصبح قادرا على المناورة بامتلاكه أوراق القوة والضغط لفرض معادلة تتجاوز فكرة وقف العدوان فقط، والتي يحاول الاحتلال سقف أي حراك سياسي بها.

الثمن الذي دفعه الفلسطينيون وخاصة في قطاع غزة، يستحق أهدافا أكثر سُموّا من وقف العدوان فقط، ولا سيّما رفع الحصار بالكلية عن قطاع غزة، وفتح الباب للمفاوضات على مصير العديد من الملفات الوطنية والسياسية كالأقصى والقدس، والاستيطان، والأسرى، والدولة الفلسطينية، فالسابع من تشرين الأول/ أكتوبر محطة يجب البناء عليها، وعدم إهدار أي نقطة إنجاز فيها، وكما الفلسطيني في أزمة إنسانية فالاحتلال واقع في أزمات متعدّدة الأوجه محليا ودوليا
فوقف العدوان كهدف أوحد وكما تروّج له المبادرات السياسية، فهو على أهميته، لا يشكّل وصفة سحرية لإعادة إعمار غزة أو رفع الحصار عنها، ناهيك عن تحقيق جزء من تطلعات الشعب الفلسطيني أو تحقيق الأهداف السياسية والوطنية للمقاومة التي خرجت في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر تحت عنوان حماية الأقصى والقدس، ووقف الاستيطان، وإطلاق سراح الأسرى، ورفع الحصار، ناهيك عن التأسيس لفكرة زوال الاحتلال.

الثمن الذي دفعه الفلسطينيون وخاصة في قطاع غزة، يستحق أهدافا أكثر سُموّا من وقف العدوان فقط، ولا سيّما رفع الحصار بالكلية عن قطاع غزة، وفتح الباب للمفاوضات على مصير العديد من الملفات الوطنية والسياسية كالأقصى والقدس، والاستيطان، والأسرى، والدولة الفلسطينية، فالسابع من تشرين الأول/ أكتوبر محطة يجب البناء عليها، وعدم إهدار أي نقطة إنجاز فيها، وكما الفلسطيني في أزمة إنسانية فالاحتلال واقع في أزمات متعدّدة الأوجه محليا ودوليا.

تمتّع المقاومة بالقدرة على استمرار استنزافها للاحتلال وجيشه بالإضافة إلى امتلاكها ورقة الأسرى، يشكّل مدخلا مهما وقويا لتغيير المعادلات القديمة، وإعادة رسم المشهد مع الاحتلال، الذي لا بد أن يخضع لمعادلات القوّة في النهاية، بعد أن بدأت تظهر في جسده نتوءات ما بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر سياسيا وعسكريا واقتصاديا واجتماعيا، ما يشكّل فرصة تاريخية للجانب الفلسطيني، رغم حجم الألم والكارثة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المبادرات الإسرائيلي غزة المصرية المقاومة مصر إسرائيل غزة المقاومة مبادرات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المبادرة المصریة من تشرین الأول أن الاحتلال وقف العدوان قطاع غزة فی أزمة التی ت

إقرأ أيضاً:

وفد حماس بالقاهرة يبحث وقف الحرب عن غزة.. استعداد لهدنة 5 سنوات

أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس، اليوم السبت، أن وفدها القيادي الذي وصل إلى العاصمة المصرية القاهرة، يجري مباحثات بشأن وقف الحرب عن قطاع غزة، إلى جانب مناقشة قضايا أخرى.

وقال القيادي في حركة حماس باسم نعيم في تصريح نشره عبر صفحته بموقع "فيسبوك"، إنّ "وفدنا وصل إلى القاهرة للبحث في ملف المفاوضات وقضايا أخرى"، مشددا على أن "ثوابت أي مفاوضات وقف الحرب وانسحاب شامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة".

في غضون ذلك، نقلت وكالة "فرانس برس" عن مصدر مسؤول في "حماس" أن الحركة مستعدة لعقد صفقة لإنهاء الحرب في قطاع غزة، تشمل إطلاق سراح الأسرى المتبقين دفعة واحدة وهدنة لمدة خمس سنوات.

وأشار المصدر ذاته إلى أن وفد "حماس" برئاسة خليل الحية التقى ظهر السبت مع مسؤولين مصريين في القاهرة، للبحث في بعض الأفكار ومقترح جديد لوقف إطلاق النار وصفقة لتبادل الأسرى.

وذكر أنه "حتى صباح السبت لم تتلقَ حماس رسميا أي مقترح جديد حول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، لكن نوقشت العديد من الأفكار المهمة خلال المباحثات مع الوسطاء خلال الأيام القليلة الماضية".



وتابع: "نأمل أن يتم قبول رؤية حماس بما يضمن وقفا كليا لإطلاق النار والانسحاب الاسرائيلي الكامل وصفقة جادة لتبادل الأسرى وإدخال المساعدات بشكل فوري وبكميات كافية".

وأصدرت وزارة الصحة الفلسطينية، السبت، تقريرا حول أعداد الشهداء الذين سقطوا في قطاع غزة، جراء استمرار المجازر الوحشية المروعة.

وقالت الوزارة، إن مستشفيات قطاع غزة استقبلت 56 شهيدا، و108 إصابات خلال الـ24 ساعة الماضية، مشيرة إلى أن عددا من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.

وحول الحصيلة الإجمالية، قالت "الصحة"، إنها ارتفعت إلى 51,495 شهيدا و117,524 إصابة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

من جانبهم، دعا أهالي أسرى الاحتلال المحتجزين في قطاع غزة إلى التظاهر مساء السبت، للمطالبة بإعادة ذويهم إلى منازلهم "دفعة واحدة".

جاء ذلك خلال بيان نشرته عائلات الأسرى المحتجزين بغزة على صفحتهم الرسمية على منصة "إكس"، دعوا خلاله إلى الخروج للتظاهر من أجل الإسراع بالإفراج عن ذويهم.



وأكدت العائلات في بيانهم على ضرورة توصل حكومة بنيامين نتنياهو إلى اتفاق مع حركة "حماس" يقضي بإعادة المحتجزين الإسرائيليين الـ 59 دفعة واحدة.

وشددت العائلات على أنه "من الواجب التوصل لاتفاق يعيد الجميع إلى ديارهم دفعة واحدة، الآن، فالشعب الإسرائيلي يختار إعادة جميع المحتجزين دفعة واحدة، قبل كل شيء"، على حد قولهم.

وأشارت عائلات الأسرى الإسرائيليين أن عشرات الفعاليات والمظاهرات سيتم تنظيمها مساء السبت، في أنحاء واسعة من البلاد، للمطالبة بإعادة المحتجزين إلى منازلهم.

وتقدر تل أبيب وجود 59 أسيرا إسرائيليا بقطاع غزة، منهم 24 على قيد الحياة، بينما يقبع في سجونها أكثر من 9500 فلسطيني، يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.

وفي 18 مارس/ آذار الماضي، تنصل الاحتلال من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الساري منذ 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، واستأنف حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، رغم التزام حركة حماس بجميع بنود الاتفاق.

وتسبب تنصل نتنياهو وحكومته من الاتفاق وعدم إكمال مراحله في إبقاء المحتجزين الإسرائيليين قيد الأسر لدى "حماس"، حيث تشترط الحركة وقف الحرب وانسحاب كافة القوات الإسرائيلية من قطاع غزة.

وبدعم أمريكي، يرتكب الاحتلال منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 168 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على الـ14 ألف مفقود.

مقالات مشابهة

  • قيادي بحماس لـعربي21: تعيين حسين الشيخ نائبا لعباس يعمّق الانقسام الفلسطيني
  • مسؤول إسرائيلي: نتنياهو يسعى لإنهاء حرب غزة في هذا الموعد
  • أزمة تعصف بجيش الاحتلال ودعوات للعصيان المدني
  • أزمة عسكرية تعصف بجيش الاحتلال: تمديد خدمة للجنود بلا إجازات
  • ‏بيان لحماس: "تعيين حسين الشيخ نائبًا لعباس تكريس لنهج التفرد وتجاهل لأولويات الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان والإبادة"
  • حماس تعلن مغادرة وفدها القاهرة بعد إجراء مباحثات بشأن وقف العدوان على غزة
  • وفد حماس بالقاهرة يبحث وقف الحرب عن غزة.. استعداد لهدنة 5 سنوات
  • وفد حماس يصل إلى القاهرة لبحث مقترح صفقة شاملة مع إسرائيل
  • استطلاع: 68% من الإسرائيليين يؤيدون صفقة مع حماس
  • عاجل - وفد من حركة حماس يصل القاهرة لبحث إنهاء الحرب وتبادل الأسرى