محللون: مذبحة غزة تقرب بين إيران والسعودية.. ولكن
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
سلط الرئيس التنفيذي لشركة "تحليلات دول الخليج"، جورجيو كافييرو، الضوء على تداعيات حرب غزة على العلاقات بين إيران والسعودية، مشيرا إلى أن التأثير طويل الأمد للحرب على النظام الجيوسياسي والبنية الأمنية في الشرق الأوسط سيتطلب المزيد من الوقت حتى يتحقق بشكل كامل.
وذكر كافييرو، في تحليل نشره بموقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" وترجمه "الخليج الجديد"، أن هناك روايتان رئيسيتان حول آثار العدوان الإسرائيلي على العلاقات بين طهران والرياض، الأولى هي أن عملية طوفان الأقصى، التي نفذتها حماس، وسلوك الجماعات المدعومة من إيران في المنطقة، مثل حزب الله في لبنان والميليشيات الشيعية العراقية، تعمل على تفاقم مخاوف السعودية بشأن سلوك طهران وطموحاتها في الشرق الأوسط.
أما الرواية الثانية فهي أن التضامن الإسلامي يقرب الآن بين إيران والسعودية، حيث تدعو الحكومتان إلى وقف فوري لإطلاق النار، وتدينان الدمار غير المسبوق الذي ألحقته إسرائيل بسكان غزة والبنية التحتية، وتعلنان تصميمهما على الحفاظ على السلام والاستقرار في الخليج".
ويرى كافييرو أن هناك حقيقة في كلا الروايتين، ولا يستبعد أحدهما الآخر، فعلى الرغم من أن إيران والسعودية تشتركان في بعض المخاوف بشأن أزمة غزة، إلا أن الرياض تشعر بالقلق أيضًا بشأن قدرة طهران على استغلال هذا الصراع بطرق يمكن أن تضر بالمملكة وجيرانها العرب.
ويستشهد كافييرو بتقدير لعزيز الغشيان، زميل مشروع الطائفية والجاماعات الوكيلة بجامعة لانكستر، مفاده أن حرب إسرائيل على غزة لن يكون لها بالضرورة تأثير كبير على العلاقات الإيرانية السعودية، لكنها تضع المملكة في وضع "التخفف" من الانتهازية الإيرانية.
وبينما تنظر القيادة السعودية إلى كل من إيران وإسرائيل على أنهما يساهمان في الاضطرابات في المنطقة، قال الغشيان إن الرياض تتفهم تمامًا المدى الذي ستحاول فيه طهران الاستفادة من الرد الإسرائيلي المدمر على عملية طوفان الأقصى.
وأضاف: "السعودية لديها مخاوفها بشأن الانتهازية الإيرانية وتعتقد أن إيران لا تساهم في الاستقرار في المنطقة. وهذا هو أكبر مصدر قلق أمني للسعوديين. وفي الوقت نفسه، تدرك أن الاحتلال الإسرائيلي وحملة القصف العشوائية في غزة هي جزء لا يتجزأ من عدم الاستقرار الإقليمي".
وتابع: "في حين قد يكون لدى السعودية مخاوف من الانتهازية الإيرانية، إلا أنني لا أرى أن التوتر السعودي الإيراني يمتد خارج حدود الدبلوماسية والمفاوضات".
اقرأ أيضاً
جيوبوليتيكال فيوتشرز: هل تستخدم إيران الحوثيين لتطويق السعودية؟
اتفاق واختلاف
وهنا يلفت كافييرو إلى أهمية إدراك أن كلا من إيران والسعودية ترغبان في تنفيذ وقف إطلاق النار في غزة، لكنهما تسعيان إلى تحقيق أهداف متباينة لفترة "اليوم التالي" بالقطاع، خاصة فيما يتعلق بحكم ما بعد الحرب في القطاع المحاصر منذ فترة طويلة.
ويوضح أن أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل كلا البلدين يهدفان إلى وقف إطلاق النار في غزة يتعلق بالوضع الاقتصادي في كل منهما، فمع استمرار معاناة الإيرانيين في ظل العقوبات يشعر المسؤولون في طهران بالقلق بشأن الكيفية التي يمكن أن يؤدي بها الامتداد المحتمل لحرب غزة إلى أجزاء أخرى من الشرق الأوسط إلى الإضرار بالاقتصاد الإيراني.
ولدى المملكة مخاوفها الخاصة أيضا بشأن ما يمكن أن تعنيه الأزمة في فلسطين بالنسبة لرؤية ولي العهد الأمير، محمد بن سلمان، السعودية 2030، خاصة بالنظر إلى مدى تأثير منطقة غرب البحر الأحمر في مشروعات تلك الرؤية، فهي منطقة العديد من مشروعات التنويع الاقتصادي للمملكة، مثل مدينة نيوم المستقبلية والوجهات السياحية المختلفة.
وباعتبارهما دولتين رئيسيتين ذات أغلبية مسلمة، وتسعيان إلى الاضطلاع بأدوار قيادية في العالم الإسلامي الأوسع، فإن إيران والسعودية تشتركان في إظهار الاشمئزاز من الدمار والموت الناجم عن القصف الإسرائيلي على غزة.
زفي 11 أكتوبر/تشرين الأول، أجرى الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، ومحمد بن سلمان أول محادثة هاتفية بينهما منذ توقيع اتفاقية إعادة التطبيع العلاقات قبل 7 أشهر في بكين. ووفقاً لمحمد جمشيدي، مساعد الرئيس الإيراني للشؤون السياسية، فقد تناول الزعيمان "ضرورة إنهاء جرائم الحرب ضد فلسطين، والوحدة الإسلامية، ودعم واشنطن لعدوان إسرائيل على غزة".
وإضافة لذلك، كان حضور رئيسي للقمة الطارئة المشتركة بين جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي بشأن غزة، التي عقدت في الرياض في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، بمثابة المرة الأولى التي يزور فيها رئيس إيراني المملكة منذ أن مثل محمود أحمدي نجاد بلاده في قمة منظمة التعاون الإسلامي بالمدينة المنورة في أغسطس/آب 2012.
زيارة رئيسي
وفي السياق، يشير كافييروا إلى تقدير لطلال محمد، الباحث بجامعة أكسفورد ومؤلف كتاب "التنافس الإيراني السعودي"، مفاده أن "زيارة رئيسي إلى السعودية كانت حاسمة بالنسبة لإيران، حيث تتماشى مع تركيزها الاستراتيجي على فلسطين وسعيها إلى القيادة الإقليمية والإسلامية"، موضحا: "أتاحت الحرب في غزة فرصة لقيام إيران بالخطوة الأولى دبلوماسيا. وسمح لطهران بالتغلب على معضلة: من يزور أولاً".
وأضاف: "تم تأطير زيارة رئيسي على أنها محاولة للوحدة الإسلامية والتضامن مع القضية الفلسطينية، كما سمحت لإيران بأن تبرز بين المندوبين من خلال اقتراح خطة من 10 نقاط، على الرغم من أن اقتراحاتها لم تكن مدرجة في البيان الختامي للقمة. واستخدمت إيران القمة العربي الإسلامية للدعوة إلى تسليح الفلسطينيين ضد إسرائيل ووصفت الجيش الإسرائيلي بأنه منظمة إرهابية".
وتابع: "في المناخ المتوتر حاليا، تبدو إيران حذرة حتى لا تزعج الرياض، وتحافظ على الانفراج الذي توسطت فيه الصين من خلال تخفيف خطابها وإيماءاتها تجاه السعودية".
اقرأ أيضاً
بلومبرج: السعودية تعرض على إيران استثمارات لمنع نشوب حرب إقليمية
وفي السياق، يلفت كافييروا إلى أن السعودية أصبحت، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، مركزية في الأجندة الدبلوماسية لإيران، واتفق معه حميد رضا عزيزي، الزميل الزائر في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية ببرلين.
وأوضح عزيزي أن وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، يتواصل باستمرار مع نظرائه العرب، بما في ذلك وزير الخارجية السعودي"، سعياً لتحقيق هدفين رئيسيين، الأول: تعزيز الانفراج الإيراني السعودي، والثاني: إقناع الرياض بالتخلي عن أي تفكير في ضم المملكة إلى اتفاقيات إبراهيم.
وأضاف: "سعت طهران أيضًا إلى استغلال هذه الفرصة لتأكيد نفسها كلاعب إقليمي مهم واستباقي قادر على التأثير على الديناميكيات الإقليمية بالتعاون مع الدول الأخرى".
ولكن في الواقع، هناك حد لمدى النجاح الذي حققته إيران على هذه الجبهة، وهو ما يؤكده مدى فشل دعوات المرشد الأعلى، علي خامنئي، لزعماء الدول ذات الأغلبية المسلمة إلى بذل كل ما في وسعهم لمقاطعة إسرائيل، إذ تشير تقارير إلى أن السعودية تقوم فقط بتأخير خطط تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب، لكنها لن تتخلى عنها.
وإزاء ذلك، يرى عزيزي أن جهود إيران لإقامة نظام إقليمي إسلامي قائم على التضامن الإيراني العربي، الذي يعزل إسرائيل، لم تسفر عن النتائج التي تريدها طهران، ومع ذلك فليس هناك من ينكر أن المذبحة في غزة أدت إلى زيادة المشاركة بين الدبلوماسيين الإيرانيين والسعوديين، فضلاً عن الاجتماعات رفيعة المستوى التي جمعت كبار المسؤولين في كل من البلدين".
ويخلص كافييروا إلى أن مرور الوقت "يمكن أن يساعد هذا المستوى العالي من الدبلوماسية بين طهران والرياض في قيادة البلدين نحو فهم أفضل للآخر".
اقرأ أيضاً
بعد 8 أعوام من القطيعة الدبلوماسية.. القنصل الإيراني يبدأ مهامه في السعودية
المصدر | جورجيو كافييرو/ريسبونسبل ستيتكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: السعودية إيران غزة إسرائيل حماس طوفان الأقصى إیران والسعودیة یمکن أن إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
إيران: ندعم سيادة سوريا وليس لنا اتصال مباشر مع حكامها الجدد
قالت وزارة الخارجية الإيرانية إن طهران ليس لديها اتصال مباشر مع الجهة الحاكمة في سوريا حاليا، وإنها ستقرر بشأن تعزيز العلاقة معها بناء على أفعالها في المستقبل.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إن بلاده كانت منذ وقت طويل على اتصال مع التيارات المعارضة في سوريا بسبب مسارات تسوية الأزمة، مشيرا إلى أن تدخل بلاده في سوريا جاء لمنع تقدم قوات تنظيم الدولة الإسلامية، ومنع انتشار الإرهاب إلى دول المنطقة.
وأضاف أن طهران قدمت المساعدة لدفع العملية السياسية في سوريا، ولكن لا يوجد لديها في الوقت الحالي اتصال مباشر مع الجهة الحاكمة في سوريا.
وفيما يتعلق بمستقبل العلاقات مع السلطات السورية الجديدة، قال بقائي -كما نقلت عنه وكالة تسنيم الإيرانية- إن "العلاقات بين الشعبين تاريخية، كانت لدينا علاقة طويلة الأمد من الناحيتين الحضارية والسياسية مع سوريا. كنا دائما نحرص على مصلحة سوريا وساعدناهم في مكافحة الإرهاب. في المستقبل، سنتخذ قراراتنا بناء على سلوك القوى الحاكمة في سوريا".
وفي موضوع آخر، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إن جميع من في المنطقة يؤمنون بصون سيادة سوريا ووحدة أراضيها، وتحديد شعبها مصيره دون تدخل أجنبي.
وأضاف "موقفنا المبدئي واضح، وهو الحفاظ على سيادة ووحدة سوريا، وأن يتخذ السوريون أنفسهم القرارات بشأن مستقبل سوريا. هناك إجماع حول هذا الموضوع. من المهم أن تلتزم الأطراف المعنية في سوريا بهذا المبدأ. كما أنه من المهم أن لا تصبح سوريا ملاذا لنمو الإرهاب".
إعلانوقد أكدت طهران أكثر من مرة أن وجودها في سوريا كان استشاريا وبطلب حكومي، وأن خروجها منها كان "مسؤولا"، مؤكدة أن العلاقات مع دمشق كانت "تاريخية".
وسبق أن دعت وزارة الخارجية الإيرانية إلى حوار وطني لتشكيل حكومة تمثل جميع شرائح المجتمع السوري، في أعقاب إعلان فصائل المعارضة السورية في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الجاري دخول دمشق بعد شنها هجوما خاطفا خلال 11 يوما ضد قوات نظام الأسد في حلب وحماة وحمص.
تصريحات للمرشد
وكان المرشد الإيراني علي خامنئي قال أمس الأحد إنه ليس لإيران "قوات بالوكالة" في الشرق الأوسط ولا تحتاج إليها لاستهدف "العدو".
ووفق تصريحات نقلها موقعه الرسمي، أشار خامنئي إلى أن مجموعة ممن وصفهم بـ"مثيري الفوضى" بدعم وتخطيط من "دول أجنبية" استغلت الضعف الداخلي في سوريا لإثارة الفوضى وعدم الاستقرار، على حد قوله.
وكان المرشد الإيراني أكد -في تصريحات سابقة- أن إسرائيل والولايات المتحدة "مخطئتان تماما" في تصورهما أن محور المقاومة المدعوم من طهران انهار مع الإطاحة بنظام بشار الأسد في سوريا.
وشدد على أن الإطاحة بالأسد لن تضعف إيران، مضيفا أن "الكيان الصهيوني يتصور أن بإمكانه تطويق قوات حزب الله والقضاء عليها من خلال سوريا، لكن من سيتم القضاء عليه هو إسرائيل".