تقرير :لاجئو كاراباخ يستبعدون السلام مع أذربيجان
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
ارمينيا"أ.ف.ب": قبل هربه إلى أرمينيا من القوات الأذربيجانية، ألقى سورين مارتيروسيان نظرة أخيرة على حديقته في ناغورني كاراباخ في لحظة بقيت مطبوعة في ذاكرته.
وقال الأرمني البالغ 65 عاما "ما زالت صورة حديقتنا الرائعة التي رأيتها مرة أخيرة ماثلة أمام عيني: أشجار الرمّان والكاكي التي كانت تلمع تحت أشعّة الشمس الساطعة".
تعد عائلة مارتيروسيان المكوّنة من ثمانية أفراد من بين أكثر من 100 ألف أرمني فروا من ناغورني كاراباخ بعدما استعادت أذربيجان المنطقة المتنازع عليها منذ عقود في هجوم خاطف في سبتمبر ضد القوات الانفصالية الأرمنية.
أثار نزوح كامل سكان الجيب الجبلي الأرمن أزمة لجوء في أرمينيا.
وتقول أريفيك، زوجة ابن سورين، "سمعنا أصوات الرشاشات وقذائف المدفعية تنفجر على مسافة قريبة من منزلنا" في 19 سبتمبر.
وأضافت "اعتقدنا في البداية أن ما حصل كان مجرّد مناوشة أخرى مع الأتراك"، في إشارة إلى الأذربيجانيين الناطقين بالتركية.
وتابعت "لكن مختار قريتنا سارع مذعورا إلينا وقال إن علينا جميعا الفرار إذ أن الأتراك باتوا بالفعل على أطراف القرية".
تقيم عائلة مارتيروسيان حاليا في منزل متهالك استأجرته بفضل مساعدات حكومية في قرية نوياكيرت الواقعة على بعد نحو 50 كيلومترا عن العاصمة الأرمينية يريفان.
بعد قتال لم يدم أكثر من يوم واحد، استسلمت القوات الانفصالية الأرمنية التي سيطرت على كاراباخ على مدى ثلاثة عقود ووافقت على الاندماج مع باكو.
حمّل سورين قوات حفظ السلام الروسية التي انتشرت في كاراباخ بعدما لعبت موسكو حليفة أرمينيا دور الوسيط للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في خريف 2020 من جهة، والحكومة في يريفان من جهة أخرى، المسؤولية عن سقوط الجمهورية الانفصالية في كاراباخ.
وقال "قاتل جيشنا ببسالة لحماية أرضنا، إلا أن روسيا والحكومة الأرمينية هما اللتان تعرّضتا إلى هزيمة في قره باغ".
في 26 سبتمبر، وقّع زعيم الانفصاليين الأرمن سامفيل شهرمانيان مرسوما ينص على أن الجمهورية الانفصالية "ستزول من الوجود" بحلول نهاية العام.
لكن في خطوة مفاجئة الأسبوع الماضي، تراجع عن الإعلان خلال تصريحات أدلى بها في يريفان.
وبدا أن بيانه إلغاء للخطوة التاريخية التي قام بها الانفصاليون لحل إدارة المنطقة المتنازع عليها والتي كانت سببا لحربين بين أرمينيا وأذربيجان في 2020 وفي تسعينات القرن الماضي.
إلا أن القرار لن يؤثر على أرض الواقع نظرا إلى أن كاراباخ باتت تحت سيطرة أذربيجان الكاملة ويستبعد بأن تدعم يريفان تواصل عمل المؤسسات الانفصالية على أراضيها.
لكن قرار شهرمانيان لاقى أصداء في أوساط العديد من لاجئي قره باغ الذين ما زالوا متشبّثين بحلم قائم منذ عقود بالانفصال عن أذربيجان.
وقالت أريفيك "يعاني الأطفال بشكل دائم من الكوابيس ويبكون ليلا ويسألونني مرة تلو الأخرى عن موعد العودة".
وتابعت "سنعود بشرط واحد: إذا واصلنا العيش بشكل منفصل عن الأتراك وعندما يتم ضمان سلامة أطفالنا بنسبة 100 في المائة".
أكدت كل من أرمينيا وأذربيجان بأنهما اقتربتا من التوقيع على اتفاق سلام مبني على اعتراف كل منهما بسلامة أراضي الأخرى.
لكن قلة من لاجئي قره باغ يتشاركون هذا الأمل إذ ما زالت الكراهية العنصرية المتأصّلة تسمم العلاقات بين الأرمن والأذربيجانيين بعد عقود من العداوة.
وأفاد اللاجئ بوريس دولوخانيان الذي قتل نجله في حرب العام 2020 مع أذربيجان "لا أؤمن بالسلام.. كيف يمكنني العيش جنبا إلى جنب مع الأتراك الذين قتلوا ابني؟ يتعيّن علينا بأن نصبح أقوياء بما يكفي من أجل استعادة أرضنا بالقوة".
أوضح دولوخانيان بأن عائلته "عاشت حياة مزدهرة" في مدينة خانكندي (ستيباناكرت بالأرمنية) حيث كانت تملك عددا من المنازل والأراضي إضافة إلى مزرعة تضم أنواعا غريبة من الطيور.
وقال "تركنا جنّتنا خلفنا"، مضيفا أن العائلة باتت الآن تستأجر شقّة من ثلاث غرف في يريفان لم يعد بإمكانها تحمل تكاليفها وتبحث حاليا عن سكن أقل كلفة.
وذكرت حفيدته روزانا البالغة 10 سنوات بأنها تتمنى في عيد الميلاد "معجزة ليكون بإمكاننا العودة".
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
بعد ثلاثة عقود... بلغراد تحاكم غيابياً أربعة طيارين كرواتيين متهمين بقصف قوافل النزوح
بدأت في بلغراد، يوم الجمعة، الجلسة الأولى لمحاكمة أربعة طيارين من القوات الجوية الكرواتية، متهمين بشن غارات جوية على قوافل اللاجئين الصرب خلال الحرب في أغسطس/آب 1995.
تُعقد المحاكمة أمام دائرة جرائم الحرب في المحكمة العليا، حيث يُحاكم المتهمون غيابيًا لعدم احتجازهم من قبل السلطات الصربية منذ بدء التحقيق عام 2021.
وجهت السلطات التهم إلى زدينكو رادولي (70 عامًا)، وجليكو يلينيتش (69 عامًا)، وفلاديمير ميكاتش (68 عامًا)، ودانييل بوروفيتش (65 عامًا)، بتنفيذ غارات استهدفت قوافل اللاجئين الصرب الفارين من جمهورية "كرايينا الصربية" على طريقي بيتروفاك وبريدور يومي 7 و8 أغسطس/آب 1995.
وأسفرت الضربات عن مقتل 13 شخصًا، بينهم ستة أطفال، وإصابة نحو 20 آخرين بجروح متفاوتة.
كيف نشأ الصراع التاريخي؟تعود هذه الأحداث إلى "عملية العاصفة"، التي كانت جزءًا من حرب الاستقلال الكرواتية (1991-1995). بدأت الأزمة عقب استفتاء الاستقلال الذي أقره البرلمان الكرواتي في 25 يونيو/حزيران 1991، ما دفع الصرب الكرواتيين إلى إعلان جمهورية "كرايينا الصربية" وسعيهم للانضمام إلى بلغراد، وهو ما رفضته حكومة كرواتيا واعتبرته تمرداً على سلطتها.
شهدت تلك الفترة عمليات تهجير قسرية متبادلة، حيث استهدفت القوات الصربية والجماعات شبه العسكرية التابعة لجمهورية "صربسكا" الكرواتيين في المناطق التي سيطروا عليها، بينما تعرض الصرب داخل كرواتيا لهجمات انتقامية، خاصة في المدن القريبة من الجبهات.
Relatedالعفو الدولية: صربيا تتجسس على هواتف الصحفيين والنشطاء باستخدام تقنية إسرائيليةزوران ميلانوفيتش يبدأ ولايته الثانية كرئيس لكرواتياشاهد: سلوفينيا تشدد الرقابة على حدودها مع كرواتيا لصد الهجرة غير النظاميةقبل 26 عاما قصف الناتو يوغوسلافيا السابقة.. صربيا تحيي الذكرى بحضور السفير الروسينزوح جماعي واتهامات بـ"انتهاك القانون الدولي"في 4 أغسطس/آب 1995، شنت القوات الكرواتية، بدعم من الفيلق الخامس لجيش البوسنة والهرسك، هجومًا لاستعادة المناطق الخاضعة للصرب وفك الحصار عن بيهاتش البوسنية. أسفرت العملية عن نزوح نحو 200 ألف شخص باتجاه بلغراد، وتعرضت بعض القوافل لهجمات خلال مسيرها.
في 7 أغسطس/آب، قصفت طائرتان كرواتيتان من طراز "ميغ 21" قافلة لاجئين على طريق بتروفاك قرب بوسانسكي بتروفاك، ما أدى إلى مقتل تسعة مدنيين وإصابة أكثر من 50 آخرين. وفي اليوم التالي، استُهدفت قافلة أخرى قرب قرية سفودنا، ما أسفر عن مزيد من الضحايا.
أثارت الهجمات انتقادات واسعة من منظمات حقوقية، بينها العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، التي اعتبرت القصف "انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي".
إلى أين تتجه العلاقات بين البلدين؟تشهد العلاقات بين البلدين توترًا مستمرًا، على الرغم من أنهما يتشاركان حدودًا تمتد لمسافة 241 كيلومترًا. وتعود أسباب هذا التوتر إلى خلافات سياسية وتاريخية لم تُحلّ بعد.
وفي مؤشر جديد على برودة العلاقات، لم يحظَ تونينو بيكولا، عضو الحزب الاشتراكي الديمقراطي الكرواتي ومقرر البرلمان الأوروبي لشؤون صربيا، بترحيب حار خلال زيارته الأخيرة إلى بلغراد. فقد رفض الزعيم الصربي ألكسندر فوتشيتش لقاءه، رغم أن بعض المسؤولين الحكوميين وافقوا على استقباله.
وجاء هذا الموقف بعد تصريحات انتقد فيها بيكولا حكومة صربيا، مشيرًا إلى فشلها في الاستجابة لمطالب المحتجين خلال الأشهر الأخيرة. وقال في حديثه لوسائل الإعلام الكرواتية: "يمكننا القول إن القيادة الصربية في حالة طوارئ غير معلنة".
وأضاف، في إشارة إلى فوتشيتش: "لديه حالة طوارئ دائمة في رأسه، وقد أُعلنت منذ فترة طويلة، وهذا ما يدركه الكثير من الناس في كرواتيا"، وذلك خلال زيارته إلى منطقتي توبليتشكي وجابلانيتشكي.
وفي هذا السياق، استدعت وزارة الخارجية الصربية سفيرتها لدى كرواتيا، يلينا ميليتش، الأسبوع الماضي. وقد وجدت ميليتش نفسها في قلب الجدل، بعدما تعرضت لهجوم متكرر من وسائل الإعلام المحلية في كرواتيا.
وتكهنت بعض وسائل الإعلام بأن قيادة بلغراد استدعت سفيرتها تحسبًا لإعلانها "شخصًا غير مرغوب فيه" من قبل حكومة زغرب. ولم تقدم الخارجية الصربية توضيحًا رسميًا بشأن أسباب الاستدعاء.
زيارات رسمية نادرة بين القادة السياسيينومنذ توليه رئاسة الوزراء في زغرب عام 2016، لم يقم أندريه بلينكوفيتش بزيارة رسمية إلى الجارة سوى مرة واحدة، وذلك في عام 2023 عندما زار مدينة سوبوتيكا بدعوة من المجلس الوطني الكرواتي في بلغراد (HNV).
خلال تلك الزيارة، التقى بلينكوفيتش لفترة وجيزة برئيسة الوزراء آنذاك، آنا برنابيتش، لكنه لم يعقد أي اجتماع رسمي مع الرئيس فوتشيتش.
أما فوتشيتش، فقد كانت آخر زيارة له إلى كرواتيا عام 2018، حيث التقى برئيسة كرواتيا آنذاك، كوليندا غرابار كيتاروفيتش. ومنذ ذلك الحين، لم تجرِ أي زيارات رسمية على مستوى القادة.
في يوليو 2022، منعت حكومة زعرب الرئيس الصربي من القيام بزيارة خاصة إلى ياسينوفاتش، وهو نصب تذكاري لضحايا معسكر الاعتقال أوستاشي من الحرب العالمية الثانية، حيث قُتل آلاف الصرب واليهود والغجر(الروما).
واعتبرت كرواتيا أن الزيارة تمثل "استفزازًا"، وطالبت بأن يتم الإعلان عن أي زيارات مستقبلية لفوتشيتش بشكل رسمي. في المقابل، ردّت وزارة خارجية صربيا بمذكرة احتجاج، وهو ما لم يلقَ استجابة إيجابية من قبل السلطات الكرواتية.
المصادر الإضافية • EBU
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية كوسوفو تتهم صربيا بالضلوع في انفجار قطع إمدادات المياه والكهرباء.. وبلغراد ترد مساعي المجر لضم صربيا إلى الاتحاد الأوروبي.. تـتـعـثـر محتجون يرشقون مقر شركة تعدين الليثيوم بالبيض في صربيا توتر دبلوماسيصاروخجرائم حربصربيالاجئونكرواتيا