القاهرة "رويترز": داخل إطار اجتماعي يتمحور حول الأب وصورته في العائلة تدور أحداث رواية (وكسة الشاويش) آخر ما كتب القاص والروائي المصري كمال رُحيم قبل رحيله في سبتمبر بعد مشوار طويل من الإبداع انصب في مجمله على التعبير عن الإنسان ومشاعره ورصد علاقات البشر.

تنطلق أحداث الرواية الصادرة عن دار الشروق في 147 صفحة من القطع الصغير من داخل محكمة جنايات بورسعيد حيث ينظر القضاء في مصير الشاب عادل الذي شرع في قتل أمه وداد المناخلي وزوجها زكريا الفار لتبدأ بعد ذلك رحلة سرد عكسية على لسان الشاب ذاته حول نشأته وحياته وكيف انتهى به الحال داخل قفص الاتهام.

يقول عادل "أقف ووجهي خال من التعبير كتمثال من تماثيل الشمع رغم ما بداخلي من ألم وحسرة، ليس على من اعتديت عليهما فهما يستحقان، على نفسي والدنيا التي عاشتها وأوقفتها هذه الوقفة، واللافت أنه كانت تنتابني أحيانا رغبة في الابتسام ولحظات أود فيها لو أنفجر في البكاء وضحكت مرة دون سبب، ومن يراني يحتار في أمري: فهل أنا غير آبه إلى هذا الحد بالفعلة التي فعلتها؟ أم عبيط؟ أم فاجر مستهتر؟ وخذ عندك من هذه الأوصاف حتى منتهاها".

عادل هو ابن حسان العطفي الشاويش بقسم شرطة العرب في بورسعيد والذي يصفه الابن بأنه كان "سيدا من أسياد الكون في نظري" لكنه أمام زوجته وداد رجل ضعيف خانع، وتعيش الأسرة في شقة صغيرة بحي العرب في عقار يملكه ويقطن في دوره الأرضي صاحب ورشة نجارة اسمه زكريا الفار الذي أصبح لاحقا زوجا للأم.

يتذكر عادل أيام طفولته التي كان متفوقا خلالها في المدرسة حتى وفاة والده قبل اختبارات الشهادة الإعدادية بأسابيع وبالتالي لم يحصل عليها وانقلبت حياته بعد زواج أمه من صاحب العقار.

ويصف علاقة والده بوالدته قائلا "تعاملاتها معه خشنة، ليس بينهما - خصوصا هي - ود ظاهر أو حتى مضمر، كما لو كانت تستكثر نفسها عليه... لا أعرف كيف التقيا ولا كيف تزوجا، هو عالم وهي عالم آخر، بورسعيدية أبا عن جد وليست مثله من الفلاحين".

كانت تُساور عادل الشكوك في أمه، ولهذه الشكوك أسبابها فمنها مثلا وجود أموال معها وخاتم ذهب في يدها في نفس الوقت الذي كانوا يعيشون فيه حياة صعبة إضافة إلى طريقتها في التعامل مع الرجال عند خروجها للسوق حتى تيقن ذات يوم من خيانتها لأبيه مع الفار.

وبعد رحيل الشاويش حسان عن الدنيا يهجر عادل المنزل رغم إدراكه أنه أصبح يعيش مع والدته "ووالده البيولوجي" الذي كان يعامله بلطف وحاول احتضانه بكل السبل لكن صورة الأب المخدوع لم تبرح مخيلته.

وبعد رحلة شقاء ضاقت الدنيا بعادل فعاد إلى منزله ولم يستطع تحمل رؤية أمه وزوجها طويلا فأقدم على قتلهما بسكين لكنه لم ينجح.

"أمثالي في الحياة لا حظ لهم ولا سند.. فجهارا نهارا وأدتني في دوامات لا ذنب لي فيها، حياتي الأولى كانت مُرة غير أن وجود أبي لطف منها، كالليمونة حامضة المذاق التي بالماء والقليل من السكر تغدو شرابا مستساغا، كان أبي هو هذا الماء وهذا الطعم الحُلو..

حياتي الثانية بدأت برحيله عن البيت وانتهت بقفص المحكمة وانتظار العقاب، فأبي رغم هشاشته وقلة حيلته كان فارقا في حياتي، لم يكن مجرد أب بل أكبر من ذلك، وحتى بعد ما عرفته عن أصلي وفصلي تضاعف لدي هذا الإحساس، وازداد تصميمي على أني قطعة من هذا الرجل المخدوع، وبقدر إيغالي في حبه أوغلت في كره هذا الذي يسمونه الأب البيولوجي.. هو وأمي سبب شقائي".

تنتهي الرواية دون إعلان حكم المحكمة لكنها تترك الكثير من الأسئلة سواء على المستويين الأخلاقي والاجتماعي كما تترك بعض الخيوط العالقة التي يصعب التغافل عنها حول زمان ومكان الأحداث فقد اختار المؤلف حقبتي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي ومدينة بورسعيد على وجه التحديد حيث شهدت مصر وقتا عصيبا شهد حرب 1967 ثم حرب 1973 وتهجير سكان مدن قناة السويس الذي أتت الرواية على ذكره دون تفاصيل كثيرة لذا يمكن قراءة العمل من أكثر من زاوية وعلى مستويات متعددة ليست اجتماعية فقط.

ولكمال رُحيم مؤلف الرواية مؤلفات قانونية وروائية منها ثلاثية اليهود المكونة من (المسلم اليهودي) و(أيام الشتات) و(أحلام العودة) كما حصل على عدة جوائز منها جائزة الدولة التقديرية في الأدب عن مجمل أعماله عام 2022.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

دور الأبوة في تربية الأبناء: مسؤولية عظيمة ومسار نحو بناء جيل صالح

أكد الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، في حديثه خلال برنامج "مع الناس" على قناة الناس، أن الأبوة ليست مجرد مرحلة عمرية أو لقب، بل هي مسؤولية عظيمة تتطلب الكثير من الرعاية والاهتمام بالقيم الحقيقية. 

وأشار إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف الإنسان بـ "الشجرة"، حيث تعتمد الشجرة في حياتها على الماء، وهو مشابه لدور الأب في حياة أولاده، الذي يعتمد على القيم والمبادئ التي يغرسها فيهم.

أنواع الأبوة وتأثيرها على الأبناء

وأشار الدكتور الورداني إلى أن هناك أنواعًا متعددة من الأبوة التي تؤثر في تربية الأولاد بشكل مختلف، فهناك الأب الطاهر الذي يعكس القيم النبيلة في تعامله مع أبنائه، ويزرع فيهم المبادئ الطيبة، وهو الأب الذي يبني أجيالًا صالحة من خلال تعليمهم كيفية التعامل مع مواقف الحياة. 

في المقابل، قد يوجد الأب الذي رغم امتلاكه أخلاقًا طيبة، إلا أن تأثيره على أبنائه ضعيف أو معدوم، ما يعكس غيابًا عن دور التربية.

وأوضح الورداني أن هناك أيضًا الأب المتردد أو الأب العازب، الذي قد يواجه صعوبة في أداء دوره كأب، مما يؤدي إلى مشكلات في تربية الأولاد. 

هذا النوع من الأبوة قد يتسبب في مشكلات نفسية وسلوكية للأبناء، ما يبرز أهمية الوعي الأبوي والقدرة على التأثير الفعّال في حياة الأطفال.

الضرورة الملحة لتأهيل الأب قبل الأبوة

دعا الدكتور الورداني إلى ضرورة تأهيل الأب قبل أن يتولى دور الأب الحقيقي، مشددًا على أن الأبوة لا تقتصر على توفير الاحتياجات المادية فقط، بل يجب أن تكون دورًا فعالًا في رعاية الأبناء وتوجيههم.

وأكد أن الأب يجب أن يكون واعيًا تمامًا بتأثيره العميق في حياة أبنائه، ليتمكن من تربيتهم بشكل سليم ومؤثر.

مقالات مشابهة

  • كمين عيترون: الرواية الكاملة للكمين على لسان جندي صهيوني مشارك
  • إزاي تتخلصي من شقاوة أطفالك.. نصائح لتحسين العلاقة بين الأشقاء ومنع الشجار
  • شاهد الشخص الذي قام باحراق “هايبر شملان” ومصيره بعد اكتشافه وخسائر الهايبر التي تجاوزت المليار
  • «قضاء أبوظبي» تعرّف بالدور الوقائي للأسرة
  • رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمزاد.. كم بلغ ثمنها؟
  • ما الذي يعنيه قرار الجنائية الدولية ضد نتنياهو؟ وما القادم؟
  • الفنان عبد الرحيم حسن: السينما والفن عوامل تساعد في تربية الأبناء
  • مخيلة الخندريس . . رواية غير
  • دور الأبوة في تربية الأبناء: مسؤولية عظيمة ومسار نحو بناء جيل صالح
  • هدية من السماء: 3 آيات قرآنية لراحة بال الوالدين ونجاح الأبناء