ادعى المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، اليوم الأربعاء 27 ديسمبر 2023، أن "إسرائيل تخوض حربا عادلة" وأن حركة حماس في غزة فرضتها عليها. لكنه شكك في أن الحكومة الإسرائيلية "تدرس جيدا سلم الأفضليات وتوزيع القوات والموارد"، في الوقت الذي يتحدث فيه وزير الأمن، يوآف غالانت، عن أن إسرائيل تتعرض لهجمات من سبع جبهات وتهاجم في ست منها.

أخبار غـزة الآن لحظة بلحظة عبر قناة تليجرام وكالة سوا الإخبارية

وأشار برنياع إلى أن هذا الوضع يستوجب انتقال الجيش الإسرائيلي إلى مرحلة ثالثة في الحرب على غزة، بعد المرحلة الأولى التي تميزت بالقصف الجوي والمرحلة الثانية التي تركزت على التوغل البري. وتقضي المرحلة الثالثة بانسحاب القوات الإسرائيلية من قلب القطاع وإعادة انتشارها حوله، وإقامة منطقة عازلة داخل القطاع لمنع اقتراب مقاتلين ومتظاهرين ومواطنين إلى الحدود، وفي الوقت نفسه شن اقتحامات عسكرية "موضعية" في قلب القطاع، مثلما يفعل الجيش في شمالي الضفة الغربية، ولكن بشكل أوسع بكثير.

ووفقا لبرنياع، فإن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو ، رفض اقتراح الوزير في كابينيت الحرب، غادي آيزنكوت، أول من أمس، إجراء مداولات حول خطة الجيش الإسرائيلي لتغيير "حجم القتال في غزة". والأسبوع الماضي، منع غالانت ضابطا كبيرا من طرح الخطة نفسها للتداول في هيئة يرأسها.

وأفاد برنياع بأنه "يوجد حاليا موافقة شاملة، أو تكاد تكون شاملة، على أن الواقع يستوجب الانتقال للمرحلة المقبلة. ورغم ذلك، فإن نتنياهو وغالانت يؤخران مداولات ولكل منهما أسبابه".

وأشار إلى أن للانتقال إلى المرحلة الثالثة وتقليص حجم القوات في غزة "أسباب واضحة: قرابة خمس فرق عسكرية تعمل في القطاع اليوم. وثمة حاجة لقسم من القوات في الشمال، بسبب احتمال تدهور الوضع هناك. وعلى قسم من عناصر الاحتياط أن يعودوا إلى بيوتهم وأعمالهم".

إلا أن برنياع شدد على أن السبب المركزي والحاسم هو "التغيير المطلوب للقتال في غزة. ويحدث هناك تطور كان بالإمكان توقعه مسبقا: الفائدة العسكرية من تطهير أي فتحة نفق، جميع الأنفاق، أي بيت مشتبه آخذة بالتراجع فيما الثمن باستهداف قواتنا آخذ بالارتفاع".

ولفت إلى أن جهات في الجيش الإسرائيلي "تقدر أنه حتى اليوم دمرنا 20% من قوة حماس العسكرية. وهناك تقديرات أعلى أيضا، لكن أيا منها لا تتحدث عن تدمير شامل. وقيادة حماس العسكرية صمدت بغالبيتها وهي محمية بسبب وجود المخطوفين. وفقدت الحركة معظم معاقل الحكم لكنها لم تفقد الحكم على معظم الغزيين. واستمرار القتال يتطلب أساليب مختلفة، بحجم مختلف وتوقعات مختلفة".

وأضاف برنياع أن "النتيجة هي أن ما كنا نصفه في الحروب السابق بأنه ’توحل’، بات في الحرب الحالية ’تورط’. والحرب قاسية وتستدعي قتلى وجرحى (إسرائيليين)، لكن لا توجد فيها بشائر كبيرة. وحتى لو جرى تصفية أو اعتقال قادة حماس الثلاثة، السنوار والضيف وعيسى، فإن الوضع الأساسي لن يتغير".

واعتبر أن "المشكلة هي الفجوة بين التوقعات والواقع. وبشكل طبيعي، الانتقال من المرحلة الثانية إلى الثالثة يستدعي إجراء تلخيص مرحلي، ومقارنة بين الأهداف التي طُرحت والأهداف التي تحققت. ويواجه نتنياهو وغالانت مصاعب في التوصل إلى هذه المقارنة".

وتابع "أنهما خلقا توقعات لدى الجمهور وكذلك في صفوف الجنود بالحسم، التدمير، التصفية، وبانتصار يمحي إخفاقات 7 أكتوبر. وهما مستمران في ذلك الآن أيضا. والتوقعات ليست واقعية. والتصريحات ليست واقعية أيضا. وهي تنضم إلى أخطاء سبقت هجوم حماس. والخطاب ابتلع الإستراتيجية؛ والشعبوية ابتلعت الجوهر. وهذه صورة مأساوية".

واعتبر برنياع أن "التريث باتخاذ القرارات المتعلقة بغزة إشكالي من ناحية أخرى. فهي تسلب الانتباه إلى الجبهات الخمس الأخرى التي تُهاجم إسرائيل منها. ولعبة الشطرنج المعقدة التي تخوضها إسرائيل مع إيران، من لبنان حتى البحر الأحمر والمحيط الهندي، من غزة في الغرب حتى طهران في الشرق، من اليمن حتى دمشق، تتحول تدريجيا إلى شيش بيش، التي سيكون فيها للحظ أو انعدام الحظ ثقلا حاسما".

وبحسبه، فإن "المرحلة الثالثة ستنفذ في نهاية الأمر، وهي لن تكون جنة عدن، لا بأمن الجنود مقابل ما سيتبقى من حماس، ولا بمواجهة الوضع الإنساني. وعلى ما يبدو أن حياة المخطوفين لن تكون مضمونة. وعندها ستأتي المرحلة التي يخشاها نتنياهو أكثر من أي شيء آخر: المداولات حول السيطرة في القطاع. وأي حل سيكون مقرونا بضلوع جهات فلسطينية. وأي ضلوع للفلسطينيين سيؤدي لانهيار تحالفه مع بن غفير وسموتريتش".

من جانبه، أفاد مفوض شكاوى الجنود الإسرائيليين السابق، الجنرال المتقاعد يتسحاق بريك، بمقال نشرته صحيفة "هآرتس"، أمس، بأنه "وفق المعلومات التي أتلقاها من ضباط وجنود، يحاربون في القطاع منذ بداية الحرب، تتعالى الاستنتاجات التالية: الناطق باسم الجيش الإسرائيلي والمحللون العسكريون في القنوات التلفزيونية يستعرضون صورة كاذبة حول آلاف قتلى حماس وحرب وجها إلى وجه بين قواتنا وبينهم".

وأضاف أن "عدد قتلى حماس بنيران قواتنا على الأرض أقل بكثير. والحرب بمعظمها لا تدور وجها إلى وجه، مثلما تقول تقارير الناطق العسكري والمحللين، ومعظم القتلى والجرحى في صفوفنا أصيبوا من ألغام وإطلاق قذائف مضادة للدروع من جانب حماس".

ولفت بريك إلى أنه "يبرز أن الناطق العسكري والمستوى الأمني يتطلعون إلى تصوير الحرب كانتصار كبير قبل أن تتضح الصورة. ومن أجل ذلك هم يدخلون وسائل إعلام مجندة من القنوات التلفزيونية الكبيرة إلى غزة، كي يلتقطوا ’صورة انتصار’، وذلك قبل أن نقترب من الغاية المنشودة. ومن شأن هذا الأمر أن يلحق ضررا كبيرا جدا إذا لم يتم تحقيق أهداف الحرب بكاملها. ومن الأفضل اتباع نهج متواضع".

المصدر : وكالة سوا - عرب 48

المصدر: وكالة سوا الإخبارية

كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی إلى أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

مسؤول بالأونروا: غزة في مجاعة والوضع تجاوز الكارثة

قال المستشار الإعلامي لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عدنان أبو حسنة إن الوضع في قطاع غزة وصل إلى مرحلة ما بعد الكارثة، ومخازننا باتت فارغة تماما من المواد الغذائية، مؤكدا أن إسرائيل لا تسمح بإدخال مجرد زجاجة مياه أو لقاح لإنقاذ طفل.

وأضاف أبو حسنة -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن الأونروا (أكبر منظمة إنسانية تعمل في قطاع غزة) لم يتبق في مخازنها أي مواد إغاثية يمكن توزيعها على السكان، فقد نفدت بالكامل، والأمر نفسه لدى برنامج الغذاء العالمي.

وأشار إلى أن الوضع في غزة وصل إلى نقطة حاسمة، فهناك عشرات الآلاف الذين يتضورون من الجوع، ونرى الآن مشاهد مروعة من انتشار الجوع والمجاعة في معظم مناطق القطاع.

وعلى مدى اليومين الماضيين، أعلنت عدة جهات نفاد المخزون الغذائي بالكامل من القطاع، وتوقفت المخابز عن العمل بعد نفاد الدقيق ووقود الطهي، كما أعلنت منظمة أوكسفام على لسان منسقة الشؤون الإنسانية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا روث جيمس أن أوكسفام دعت مع منظمات إنسانية أخرى مرارا إلى إعادة فتح المعابر لتفادي مجاعة وكارثة إنسانية.

مأساة إنسانية

وفي ما يتعلق بتفاصيل الوضع الحالي في القطاع، قال المستشار الإعلامي للأونروا إن إحصاءات الوكالة تقول إن 95% من سكان غزة كانوا في الأساس يعتمدون على المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم اليومية. مؤكدا أن عملهم الميداني كان يصمد نتيجة توزيع المواد الغذائية من خلال التكايا والمطابخ، أما "الآن وبعد نفاد جميع المواد المتاحة، فقد أصبحنا في مواجهة مباشرة مع مأساة إنسانية كبرى".

إعلان

والأونروا وكالة أممية تُعنى بتنفيذ برامج إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وتأسست في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 1949، وتقدم خدماتها لنحو 5.9 ملايين شخص، ويعيش نحو ثلثي هذا العدد في 58 مخيما معترفا به للاجئين في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.

وذهب أبو حسنة في حديثه للجزيرة نت إلى أنه لأول مرة منذ بدء عمل الأونروا "نقترب من دخول الشهر الثاني لمنع إدخال أي مواد إغاثية أو مساعدات إنسانية إلى القطاع".

واستعرض الوضع في السابق، فقد "كان الجدل يدور حول عدد الشاحنات التي يتم إدخالها -80 أو 120 شاحنة مثلا- ولكن الآن فإن إسرائيل تمنع دخول أي شيء على الإطلاق، وهذا يشمل المواد الإغاثية والأدوية والوقود والمياه، وحتى اللقاحات الأساسية ضد أمراض خطيرة مثل شلل الأطفال والكوليرا".

وشدد المستشار الإعلامي للأونروا على أن هذه الإجراءات غير مسبوقة وتجعل الوضع أكثر كارثية، خاصة في ظل أن "معظم السكان يشربون مياها غير صالحة للشرب" في الوقت الحالي.

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تمنع إسرائيل إدخال المساعدات الإغاثية والطبية للقطاع، كما أغلقت كل المعابر التي تدخل منها المساعدات، في ظل "المستوى الخطير الذي بلغته الكارثة الإنسانية التي صنعها الاحتلال الفاشي، ودخول أهالي القطاع مرحلة المجاعة الفعلية"، حسب ما أعلنته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الجمعة الماضي.

النداءات الدولية

وعند سؤاله عن التحرك الدولي لإنقاذ نحو 2.5 مليون فلسطيني في القطاع، قال أبو حسنة "للأسف الشديد، فرغم وجود نداءات وضغوط دولية مستمرة، فإننا لم نرَ أي ترجمة عملية لها على الأرض، وهناك حراك دبلوماسي وسياسي وإعلامي كبير، ولكن حتى الآن ترفض إسرائيل الاستجابة لهذه الضغوط والمطالبات الإنسانية بفتح المعابر والسماح بإدخال المساعدات اللازمة لإنقاذ حياة السكان".

إعلان

أما دور وكالة الأونروا نفسها، فذهب مستشارها الإعلامي إلى أن "القضية اليوم تتجاوز مستوى الأونروا أو الأمم المتحدة، وتصل إلى النظام العالمي بأسره". موضحا أن هناك متغيرات وتحديات تواجه العالم حاليا.

وأضاف المتحدث أن "ما نواجهه الآن هو انهيار للقيم والمبادئ التي أنشئت الأمم المتحدة على أساسها بعد الحرب العالمية الثانية، ونشهد انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني، حيث لا أحد يستطيع فرض إدخال حتى زجاجة ماء إلى غزة أو لقاح لإنقاذ حياة طفل".

اختبار صعب

وأشار أبو حسنة إلى أننا "اليوم نحن أمام لحظة مفصلية ليست فقط لغزة، بل للنظام العالمي بأسره، فإذا لم يستطع العالم التحرك لفرض احترام أبسط الحقوق الإنسانية وإنقاذ أرواح الملايين في قطاع غزة، فإننا نكون قد فقدنا مقومات النظام الإنساني الذي نعمل تحت مظلته".

وختم تصريحاته للجزيرة نت بأن "الكرة الآن في ملعب المجتمع الدولي الذي يجب أن يتحرك فورا وبكل قوة لفرض إدخال المواد الإغاثية الأساسية إلى غزة، فالأرواح في خطر، والمجاعة ليست مجرد احتمال، بل هي واقع بدأنا نلمس آثاره على الأرض".

يُذكر جيش الاحتلال الإسرائيلي يشن عدوانا على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وراح ضحيته حتى الآن أكثر من 52 ألف شهيد، وإصابة نحو 118 ألف شخص، بالإضافة إلى أعداد غير معلومة من الضحايا تحت ركام منازلهم، ولا تستطيع فرق الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم، حسب إحصاءات وزارة الصحة في قطاع غزة.

مقالات مشابهة

  • كاتب إسرائيلي .. الجيش يغرق في حرب العصابات في غزة وتتجه إلى فيتنام جديدة
  • يديعوت أحرونوت عن مصدر سياسي: إسرائيل رفضت وقف إطلاق النار لمدة 5 سنوات في غزة
  • الجيش الإسرائيلي يسوي رفح بالأرض
  • “يديعوت أحرونوت” .. أزمة غير مسبوقة في الجيش الإسرائيلي
  • “يديعوت أحرونوت” تكشف: أزمة غير مسبوقة في الجيش الإسرائيلي بسبب “الأمر 77”.. معنويات الجنود بالحضيض
  • لواء احتياط إسرائيلي: لهذه الأسباب لن يتمكن الجيش من هزيمة حماس في غزة
  • مسؤول بالأونروا: غزة في مجاعة والوضع تجاوز الكارثة
  • جنرالان إسرائيليان: الجيش غير قادر على تنفيذ أهداف الحكومة في غزة
  • عاجل- ترامب: إدخال الدواء والغذاء إلى غزة أمر صعب
  • وفد حماس يصل إلى القاهرة لبحث مقترح صفقة شاملة مع إسرائيل