لم تقتصر أبرز أفلام العام 2023 على ظاهرة "باربينهايمر" -مصطلح فني أُطلق للجمع بين فيلمي "باربي" و"أوبنهايمر"- اللذين حصدا إيرادات بلغت 2.4 مليار دولار مجتمعين، بل شهد العام طرح عدد من الأعمال السينمائية الأخرى الناجحة.

"باربي" تصدّر قائمة الأفلام الأعلى ربحا لهذا العام، بينما حل "أوبنهايمر" ثالثا بالقائمة بعدما حظيا بدعاية غير مشهودة.

لكن بعيداً عن أسماء هوليود الرنانة من ممثلين ومخرجين وشركات إنتاج، سنجد أفلاما خلال عام 2023 تستحق المشاهدة وإن لم يحالفها الحظ، سواء لأنها مستقلة، أو لم يسبقها ما يكفي من الدعاية ليسمع بها قطاع كبير من الجمهور، أو لأنها قوبلت بقسوة غير مبررة لدى طرحها.

وفيما يلي، نستعرض أبرز أفلام عُرضت عام 2023 دون أن تحظى بما تستحقه من اهتمام يتناسب مع قيمتها الفنية أو جدارتها بالمشاهدة:

1- "كائنات مسكينة"

رغم أهمية أفلام المخرج اليوناني يورغوس لانثيموس واستحسان النقاد لها ومنحهم إياها العديد من الجوائز، فإنها لا تحظى بالجماهيرية الكافية، إذ تهم قطاعا بعينه من المشاهدين لطبيعة موضوعاته التي تميل إلى الغرائبية وتبعث على عدم الارتياح، وإن كانت تُجبر المتفرج على أن يطرح على نفسه أسئلة شائكة ومصيرية تجعله يُعيد اكتشاف ذاته.

الفيلم البريطاني "كائنات مسكينة" (Poor Things) هو آخر ما قدمه لانثيموس، وينتمي العمل إلى فئة الفانتازيا والخيال العلمي، وهو من بطولة إيما ستون ومارك رافالو ووليام دافو ورامي يوسف.

وتحكي قصته عن بيلا التي تعيش حياة مُتخمة بالقهر والوجع تدفعها للانتحار، قبل أن يُقرر عالِم غريب الأطوار إعادتها إلى الحياة مرة أخرى.

ومع أنها تعود كامرأة ثلاثينية، فإنها تتعامل من داخلها كطفلة تبدأ استكشاف الحياة والعالم من حولها، وتصطدم بمحاولات المجتمع فرض قيود عليها وتحجيم إمكاناتها، ويأخذنا العمل في رحلة استثنائية لا تخلو من الفلسفة والكوميديا السوداء كسائر أفلام لانثيموس.

من الناحية الفنية، تميز العمل بالتصوير السينمائي الذي جمع بين السريالية والإبهار البصري، كذلك ساهم الديكور والأزياء في إبراز الحبكة وخدمة السرد الدرامي، بالإضافة إلى التمثيل الذي قد يؤهل ستون ورافالو للترشّح للأوسكار العام المقبل.

2- "تشريح السقوط"

"تشريح السقوط" (Anatomy of a Fall) فيلم فرنسي لم تتجاوز إيراداته 20 مليون دولار، ومع ذلك فقد حاز جائزة السعفة الذهبية بمهرجان كان، لتصبح مخرجته جوست ترييه ثالث امرأة تحصد تلك الجائزة على مدار تاريخ المهرجان.

وينتمي الفيلم إلى فئة الدراما التشويقية، وبنظرة عامة يمكن القول إنها مناسبة لمحبي الإثارة أو الأعمال الدرامية التي تدور أحداثها داخل قاعات المحكمة، لكن بمشاهدة الفيلم نجد صانعيه أكثر عمقا من ذلك. فالعمل لم يُسلط الضوء فقط على تشريح علاقة الزوجة بأسرتها، وإنما تناول أيضا تشريح علاقة المجتمع ككل بالمرأة والتحيزات المُسبقة ضدها، كذلك تطرّق لقضايا نفسية أخرى معاصرة.

ويحكي "تشريح السقوط" قصة ساندرا، الروائية المتهمة بقتل زوجها الذي سقط من النافذة، ورغم أنه لا أحد يعلم يقينا إذا ما كانت قتلت زوجها أم أنه انتحر، خاصة وأن الشاهد الوحيد هو ابنهما الضرير، فإن المدعي العام يقرر إدانتها ويحاول إثبات ذلك عبر جمع تفاصيل من حياتها السابقة سواء الشخصية أو العملية ولي ذراع الحقيقة، حتى أنه يقتبس سطورا من رواياتها للتدليل على ما يزعم.

3- "لن ينقذك أحد"

يعتمد صانعو أفلام الرعب على الإثارة والتشويق، ومؤخرا المؤثرات الصوتية والبصرية، لجذب عشاق هذا النوع من الدراما، لكن ما لعب عليه صانعو فيلم "لن ينقذك أحد" (No One Will Save You) كان مختلفا وأكثر جمالا، إذ جاء الفيلم في مجمله صامتا إلا من أقل القليل، وهو ما نجح بإبراز عزلة البطلة وتكثيف ما تعاني منه من وحدة وقلق.

ولهذا فإن هذا العمل سيمنحك جرعة مضاعفة من المتعة، إذا كنت من محبي الكلاسيكيات أو السينما الصامتة.

ولم يلق "لن ينقذك أحد" استحسان النقاد والجمهور فحسب، بل أكد ملك الرعب ستيفن كينغ، والمخرج المكسيكي الشهير غييرمو ديل تورو، أنه يستحق المشاهدة.

وتدور القصة حول برين التي تبدو حياتها من الخارج براقة ومثالية، ومع توالي الأحداث يتضح حجم ما تفتقره من سلام نفسي خاصة حين تتعرض الأرض لغزو فضائي ويصبح عليها الدفاع عن نفسها بنفسها ومواجهة خطر لا تعرف كنهه أو لغته.

ومن إيجابيات العمل الأداء التمثيلي لكايتلين ديفر التي نجحت رغم صغر سنها في تجسيد الهلع الذي عانت منه البطلة معتمدة على تعبيرات الوجه والنظرات ولغة الجسد فقط لا غير.

4- "بو خائف"

إذا كنت قد شاهدت العملين السابقين للمخرج والكاتب آري أستر "وراثي" (Hereditary) و"منتصف الصيف" (Midsommar) فمن المؤكد أنك لاحظت ميله لتقديم سينما تعتمد على الرعب المنزلي المبني على طقوس شعبية وربما جنائزية، غير أنه خلال تجربته الثالثة الأضخم فنيا وإنتاجيا "بو خائف" (Beau Is Afraid) يضبط بوصلته قليلا ويوجهها إلى الداخل.

ويسلط الفيلم الضوء على الطبيب النفسي بو، وتحديدا عقب الموت المفاجئ لوالدته، إذ يتكشف لنا هوسه بها وحدود علاقتهما المضطربة، وهو ما يسرده أستر بالتزامن مع تعريته لخوف بو في العموم سواء من العالم أو المجهول عبر تشريحه من الداخل والخارج.

وقد أُسندت البطولة لخواكين فينيكس الذي شهد عام 2023 خطوات متنوعة ورهانات جريئة بمشواره، لكن المخرج لم يعتمد عليه وحده لإنجاح الفيلم، وإنما استمر في تقديم ما يُجيده من لغته البصرية والسينمائية ذات الطابع السريالي المُخيف، المُثير للتوجس، ممزوجا مع موسيقى تصويرية تمنح الانطباع نفسه. وزاد عليها مفارقات لا تخلو من كوميديا سوداء تبعث على الضحك رغم ما حُمّلت به من عنف دموي أو مشاهد صادمة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: عام 2023

إقرأ أيضاً:

أبرز أحداث عام 2024 التي شغلت العالم

مع تبقي أيام قليلة على دخول العام 2025، عادت إلى الواجهة الأحداث التي تركت بصمتها في عام 2024. كان هذا العام حافلًا بالأحداث على الصعيدين المحلي والعالمي، وشهد العديد من التطورات الإيجابية والسلبية. وفيما يلي أبرز الأحداث التي أثارت اهتمام العالم طوال هذا العام، كما جمعها موقع تركيا الان.

1 يناير 2024: زلازل تضرب اليابان
ضربت زلازل متكررة محافظة إيشيكاوا وشبه جزيرة نوتو في غرب اليابان خلال الأسبوع الأول من شهر يناير. أسفرت هذه الزلازل عن وفاة أكثر من 240 شخصًا، وتسببت موجات تسونامي ناتجة عن الزلازل في غمر مساحة تقدر بـ 1.9 كيلومتر مربع.

إيران: تفجير في مراسم إحياء ذكرى يودي بحياة 89 شخصًا
في 3 يناير، وأثناء مراسم إحياء الذكرى الرابعة لمقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في مدينة كرمان، وقعت انفجارات على الطريق المؤدي إلى المقبرة. أسفرت التفجيرات عن مقتل 89 شخصًا، من بينهم نساء وأطفال، وإصابة 284 آخرين. وأعلنت السلطات الإيرانية أن الهجوم نُفذ عبر انتحاريين، فيما تبناه تنظيم “داعش”.

محاسبة إسرائيل أمام المحكمة الدولية
رفعت جنوب أفريقيا قضية أمام محكمة العدل الدولية في 29 ديسمبر 2023، متهمة إسرائيل بارتكاب انتهاكات لاتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023. بدأت الجلسات المتعلقة بالطلبات العاجلة للقضية في 11 يناير بمدينة لاهاي الهولندية، حيث قُدمت أدلة تشمل صورًا تُظهر استخدام إسرائيل لقنابل الفسفور في غزة. قررت المحكمة إلزام إسرائيل بوقف العمليات العسكرية فورًا واتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع الإبادة الجماعية.

30 يناير: زرع أول شريحة دماغية في تاريخ البشر
أعلنت شركة “نيورالينك” الأمريكية، التي أسسها إيلون ماسك، عن نجاحها في زرع أول شريحة دماغية لإنسان. وأوضحت الشركة في 21 مارس أن الشخص الذي زُرعت له الشريحة تمكن من لعب الشطرنج عبر التحكم بأفكاره فقط.

وفاة نافالني في ظروف غامضة
أعلنت السلطات الروسية في 16 فبراير وفاة المعارض أليكسي نافالني في السجن. دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى إجراء تحقيق شفاف حول ملابسات وفاته.

هجوم مسلح دموي على قاعة حفلات في موسكو
في 22 مارس، تعرضت قاعة الحفلات “كروكس سيتي هول” في موسكو لهجوم مسلح من قبل مهاجمين أطلقوا النار عشوائيًا، ما أدى إلى مقتل 144 شخصًا. وانهار سقف المبنى بسبب حريق اندلع خلال الهجوم. أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القبض على 11 شخصًا، بينهم 4 من المهاجمين.

مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية
توفي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان في حادث تحطم مروحية.

محاولة اغتيال ترامب
في 14 يوليو، تعرض الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لمحاولة اغتيال أثناء حملته الانتخابية في بنسلفانيا. أطلقت عدة رصاصات أثناء خطابه، وأظهرت الصور إصابة ترامب في أذنه، لكنه رفع يده في تحدٍّ قبل أن يغادر المنصة محاطًا بحراسه.

اقرأ أيضا

زيادة الأجور تكشف جشع التجار: تحرك عاجل من الوزارة لردع…

مقالات مشابهة

  • ما الذي يحمي الدول من السقوط؟
  • تشريح الانهيار العربي والشخصي في تجربة مسرحيّ التسييس سعد الله ونوس
  • زيادة عدد المشردين في الولايات المتحدة بنسبة 18.1% هذا العام
  • أفلام كوميدية تستحق المشاهدة قبل نهاية 2024
  • تركيا تخفض أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ فبراير 2023
  • نجوم كبار وأرباح هزيلة.. 10 أفلام "فشلت" في 2024
  • محمد حسن كنجو.. سفاح صيدنايا الذي قبض عليه في عمليات طرطوس
  • الصين تعدل حجم الناتج المحلي الإجمالي لعام 2023 بنسبة ارتفاع 2.7%
  • طعنات نافذة.. تشريح جثة شاب قتله أخر في شوارع المرج
  • أبرز أحداث عام 2024 التي شغلت العالم