لوموند: المانحون الغربيون يعاقبون منظمات حقوقية بسبب دعمها لغزة
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
قالت صحيفة "لوموند" الفرنسية إن منظمات المجتمع المدني في العديد من دول الشرق الأوسط غاضبة بشدة بسبب فقدانها التمويل الأوروبي، بعد إدانتها للهجوم الإسرائيلي على غزة.
واستعرضت الصحيفة –في تقرير لمراسليها لور ستيفان في بيروت وكلوتيلد مرافكو بالقدس- قصة المحامية المصرية عزة سليمان، التي كانت تعتمد منذ حوالي 10 سنوات على الدعم الألماني، وعلمت أن ألمانيا ستسحب الأموال المخصصة لمشروع دعم النساء ضحايا الاتجار بالبشر منها.
وجاء ذلك بعد أن وقعت -مع أكثر من 200 منظمة عربية- على نص يدين "الإبادة الجماعية ضد السكان الفلسطينيين في قطاع غزة" ويدعو إلى فرض عقوبات على إسرائيل، "دولة الاحتلال والفصل العنصري".
وأثارت العقوبة غضبا شديدا داخل المجتمع المدني المصري الذي استنكر هذه الرقابة، وقالت المحامية "هل تريد السلطات الألمانية تأديبنا؟ علمونا ماذا يحق لنا أن نقول؟ إنها فضيحة"، إلا أن وزارة الخارجية الألمانية قالت إنها تصرفت بسبب "التصريحات العامة لمنظمة سيولا ومؤسستها عزة سليمان، التي تتعارض "مع خط برلين، بما في ذلك الدعوة إلى المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل".
إعادة تقييمويأتي هذا القرار ضمن إطار أوسع -حسب الصحيفة- منذ هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، حيث قامت ألمانيا بمراجعة المشاريع الممولة "في المنطقة" بما "يتضمن إعادة تقييم للمواقف السياسية وإعلانات شركائنا، فيما يتعلق بهذه الهجمات، حسب ما جاء في رد الوزارة المكتوب".
ورأت الصحيفة أن المدافعين العرب عن حقوق الإنسان يخاطرون بخسارة تمويلهم إذا لم يلتزموا بالخط السياسي لهذه الجهة المانحة فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، في وقت يثير فيه الدعم غير المشروط الذي تقدمه واشنطن وأغلبية الزعماء الأوروبيين لإسرائيل السخط بالعالم العربي، في ضوء المذبحة التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين في غزة.
أوروبا تعيد النظر في شراكاتهاوترغب حكومات أوروبية أخرى بإعادة النظر في شراكاتها مع منظمات المجتمع المدني بالشرق الأوسط، خاصة المنظمات غير الحكومية الفلسطينية، بعد أن عمم الاتحاد الأوروبي بند "مكافحة التحريض" على الكراهية والعنف على جميع العقود الجديدة الموقعة مع الجهات الفاعلة الفلسطينية، بتضمين صيغة غامضة، من المرجح أن تستخدم لإجبار المستفيدين على إسكات عملهم المندد بالاحتلال الإسرائيلي.
ومن جانبها، تعتزم السويد مطالبة شركائها الفلسطينيين بإدانة حماس، كما أعلنت سويسرا إنهاء تعاونها مع 3 منظمات غير حكومية فلسطينية، معتبرة أن تصريحاتها بعد هجوم حماس لا تتفق مع قواعد السلوك الخاصة بها، ويقول مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان المحامي راجي الصوراني "إنها مسألة تعود لدوافع سياسية".
وفي نهاية نوفمبر/تشرين الثاني، نددت منظمة العفو الدولية ونحو 100 منظمة بهذا الضغط، الذي ينظر إليه في الشرق الأوسط كانعكاس للسياسات اليمينية في أوروبا، واعتبرت أنه عقبة أمام حرية التعبير والرأي.
تهدد بإضعاف المجتمعات المدنيةورأت لوموند أن الشروط المفروضة على المنظمات غير الحكومية تهدد بإضعاف المجتمعات المدنية التي تعتمد بشكل كبير على الأموال الغربية، في وقت يعني فيه التزامهم الصمت في مواجهة المذبحة الجارية في غزة فقدان مصداقيتهم في المنطقة.
ويقول وديع الأسمر، رئيس الشبكة الأورومتوسطية للحقوق إن النشطاء وقعوا في ورطة، ففي العالم العربي يتعرضون للانتقاد وكأنهم يعملون لصالح الغرب، وفي أوروبا تخضع مواقفهم للتدقيق، ويعد الصمت أو التنديد بقصف غزة دعما لحماس أو معاداة السامية.
ومن ناحيته، قال مدير المفوضية المصرية للحقوق والحريات محمد لطفي، إن سكان المنطقة يرون في حرب غزة دليلا على أن هناك استثناء فيما يتعلق باحترام القانون الدولي، "مما يسهل على حكوماتنا تشويه سمعتنا عندما نتحدث عن حقوق الإنسان".
وتقول عزة سليمان إن كثيرين يتساءلون -وهم مصدومون- "هل كنا حقا في شراكة مع الجهات المانحة، أم في علاقة عمالة معهم؟!".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
عاجل - شركة أمريكية تتعرض لانتقادات بسبب بيع منتجات تحمل صور السنوار
واجهت شركة "وولمارت"، إحدى كبرى شركات التجارة الإلكترونية في الولايات المتحدة، انتقادات من بعض الجهات الإسرائيلية بعدما عرضت على متجرها الإلكتروني قمصانًا تحمل صور شخصيات سياسية معروفة في الشرق الأوسط. تضمنت هذه القمصان صورًا للراحل يحيى السنوار، أحد قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، والراحل حسن نصر الله، الأمين العام السابق لحزب الله اللبناني.
انتقادات ودعوات للتوضيحأعربت جهات إسرائيلية عن استيائها من هذه الخطوة، معتبرة أن بيع مثل هذه المنتجات قد يحمل رمزية سياسية حساسة. منظمة "أوقفوا معاداة السامية"، وهي منظمة غير حكومية معنية بمراقبة الخطاب والممارسات المعادية لليهود، أعربت عن قلقها وطالبت بإزالة المنتجات فورًا.
في بيان لها، قالت المنظمة: "هذه المنتجات قد تُفسر على أنها تمجيد لأشخاص مرتبطين بأحداث صراع في المنطقة، وهو ما قد يسبب انزعاجًا لبعض المستخدمين".
بعد تصاعد النقاش حول المنتجات، قامت "وولمارت" بإزالة القمصان من موقعها الإلكتروني. ومع ذلك، لم تُصدر الشركة بيانًا رسميًا يشرح سياق عرض هذه المنتجات أو يعبر عن موقفها بشكل واضح، مما ترك تساؤلات حول سياساتها المتعلقة بمراجعة المنتجات التي تُعرض عبر منصتها.
حساسية سياسية وثقافيةعرض صور شخصيات سياسية بارزة كيحيى السنوار وحسن نصر الله أثار نقاشًا حول التحديات التي تواجه الشركات العالمية التي تعمل في بيئات متعددة الثقافات. مثل هذه المنتجات قد تُفسر بشكل مختلف حسب السياقات الثقافية والسياسية، مما يبرز أهمية إدراك التأثيرات المحتملة للقرارات التجارية.
إطار قانوني وحرية التجارةمن الناحية القانونية، تملك الشركات التجارية حرية اختيار المنتجات التي تعرضها ما دام أنها لا تخالف القوانين المحلية. ومع ذلك، فإن القرارات التجارية التي تحمل دلالات سياسية أو ثقافية حساسة قد تواجه ضغوطًا اجتماعية أو إعلامية تدفع إلى مراجعة هذه الخيارات.
التوازن بين التجارة والحساسيات الثقافيةلا يبدو أن هذه الحادثة تسببت في أي توتر سياسي بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وإنما تركزت الانتقادات على النقاش المجتمعي والإعلامي. وتشير الحادثة إلى ضرورة التزام الشركات الكبرى بتقييم الأبعاد الثقافية والسياسية لقراراتها التجارية، خصوصًا في عصر يتسم بالتواصل الفوري والانتشار السريع للمعلومات.
تمثل هذه القضية مثالًا على التحديات التي تواجه الشركات العالمية في إدارة منتجاتها في سياقات متعددة. وبينما سارعت "وولمارت" إلى إزالة المنتجات، فإن النقاش حول المسؤولية الثقافية والأخلاقية في التجارة الإلكترونية سيظل موضوعًا مهمًا يحتاج إلى معالجة دقيقة.
جدير بالذكر، قُتل يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في غزة، يوم 16 أكتوبر 2024 خلال اشتباك مع القوات الإسرائيلية في مدينة رفح بقطاع غزة. العملية جاءت في سياق تصعيد عسكري، حيث رصدت القوات الإسرائيلية مجموعة مسلحة تضم السنوار، وبعد تبادل لإطلاق النار، أصيب السنوار بشظايا في ذراعه جراء قذيفة دبابة. لاحقًا، تعرض لإطلاق نار مباشر أصابه في الرأس، ما أدى إلى وفاته. تم تأكيد هويته عبر بصمات الأصابع واختبارات الحمض النووي، وأعلنت حماس مقتله في بيان رسمي واصفة إياه بـ "قائد معركة طوفان الأقصى".
لقي الحادث ردود فعل مختلفة؛ إذ أشادت حماس بالسنوار معتبرة أن مقتله لن يثنيها عن مواصلة مقاومتها، بينما أوضحت إسرائيل أن العملية كانت جزءًا من نشاط روتيني دون معلومات مسبقة عن وجوده. يُعد مقتل السنوار حدثًا بارزًا نظرًا لدوره القيادي في حماس وتأثيره الكبير على الساحة الفلسطينية، وسط تأكيدات من الطرفين على استمرار التصعيد في إطار الصراع المستمر.