في 2024.. الذكاء الاصطناعي يُكشِّر عن أنيابه!
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
مؤيد الزعبي **
2023 كان عامًا مهمًا في مجال تطور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بشكل لافت، خصوصًا تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي؛ صحيح أن ChatGPT أُطلق في نهاية عام 2022 وجلب معه ثورة من الذكاء الاصطناعي التوليدي، إلّا أن الأمر تبلور بشكل أوضح في 2023، وبدأنا نشاهد تطبيقات لتوليد الصور والفيديو والصوت وتأليف الموسيقى والرسومات البيانية.
ومع كل هذا التطور، إلّا أنني أجد أن الذكاء الاصطناعي لم يُكشِّر عن أنيابه حتى الآن، ولذلك دعني أُخبرك- عزيزي القارئ- ما الذي سيحدث في عام 2024، وما التطورات التكنولوجية التي سنشهدها في العام المقبل.
من أهم التطورات التي سنشهدها في العام المقبل أن يصبح الذكاء الاصطناعي التوليدي قادرًا على أتمتة حياتنا اليومية؛ سواء الشخصية أو العملية، فبدلًا من قضاء وقت طويل في مراجعة حسابات معينة أو حتى تنظيم وقتك ومواعيدك أو حجوزاتك وسفراتك واجتماعاتك أو إضاعة وقتك في تلخيص كتاب أو محاضر اجتماع أو حتى إعدادها وكتابتها، فإن الذكاء الاصطناعي خلال عام 2024 سيصبح قادرًا على الدخول بعمق لمجالات حياتنا اليومية بشكل لافت ومُتقن. وبنهاية 2024 أعدك أنه سيكون مساعدك الشخصي حاضرًا ذكيًا متفهمًا متطورًا وجاهزًا 24 ساعة لخدمتك! وسيتوفر بشكل موسع خدمات وحزم للمصممين وصناع المحتوى والموسيقيين والفنانين ولرجال الأعمال لتسهيل أعمالهم أو أتمتتها، وأرجو أن لا تعتبر وعدي لك- عزيزي القارئ- وعدًا شخصيًا، إنما فقط أراهن على تطور الذكاء الاصطناعي بناءً على ما تقارير ودراسات واستنتاجات تُشير إلى ذلك.
وبما أن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيصل في عام 2024 لمستويات مُتفوِّقة وقدرات خارقة، أجدُ أنه في عام 2024 سيفهم الناس ما هو الذكاء الاصطناعي التوليدي، وكيف سيُغيِّر حياتنا وتتغير معه الكثير من المفاهيم الحياتية أو العملية. فعندما نجده حاضرًا في محركات البحث وفي أنظمة العمل الداخلية ونجده متواجدًا في حياتنا بشكل يومي يساعدنا يسهل أعمالنا يقترح علينا أفكارًا أو يفتح لنا نوافذ من الإبداع أو حتى يوفر لنا وقتنا وجهدنا وأموالنا ويتيح لنا خيارات للكسب والعيش لم نكن ندركها أو نتعقلها، حينئذٍ سيكون فهمنا لهذا التطور أكبر وأوسع. وفي هذه النقطة أراهنُ على ذكائك- عزيزي القارئ- وقدرتك على توظيف هذا التطور؛ بما يخدم أعمالك وحياتك وأرجوك لا تخذلني وابدأ في تطوير مهاراتك لما هو قادم.
من بين أهم الأشياء التي سنجد تطورًا كبيرًا في تقنياتها في عام 2024، كل ما يتعلق بعوالم "الميتافيرس" والواقع الافتراضي؛ فمع تطور تقنيات الرسومات واستخدام الحواسيب الفائقة ودخول أدوات متطورة للواقع الافتراضي مثل: النظارات وغيرها من الأدوات لمستويات عالية من التقنية في البرمجة والتصنيع، فإنَّنا سنقترب أكثر من دمج الواقع الحقيقي بالواقع الافتراضي، بطريقةٍ تتيح لنا فعليًا استخدام هذه التقنية في مجالات متعددة؛ سواءً التعليمية أو السياحية أو حتى تأسيس لعوالم رقمية سنكتشف دهاليزها في قادم السنوات.
تُشير الأبحاث إلى أن واحدةً من كل شركتين كانت ضحيّةً لهجوم إلكتروني ناجح في السنوات الثلاث الماضية، ومن المتوقع أن تزيد تكلفة هذه الهجمات على الصناعة إلى أكثر من 10 تريليونات دولار بحلول نهاية عام 2024.
ومع كل التهديدات وتزايد تكلفتها وخسائرها، فسيكون عام 2024 عام استكشاف قدراتنا في التعامل مع هذه الهجمات، وقدرتنا على صدها بطرق أكثر ذكاءً، ولهذا أجدُ أننا سنشهد تطورًا كبيرًا في حلول الحماية من الهجمات السيبرانية باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي نفسها؛ لتكون هي درعنا الحامي. كما إن عام 2024 سيؤسس لمرحلة مقبلة في استخدام الحواسيب الكمومية في عمليات الحماية من الهجمات الإلكترونية، ولهذا ستنتشر خدمات الحماية وستصبح متداولة بشكل موسع في قادم الوقت، وسيزيد الطلب على المتخصصين في الأمن السيبراني والمبرمجين القادرين على حماية بيانات الشركات والحكومات وحتى الأفراد أنفسهم.
وبما أننا تطرقنا للحواسيب الكمومية، فإن عام 2024 سيشهد تطورًا كبيرًا في كيفية استخدام الحواسيب الكمومية في تسريع استكشافاتنا وتحقيق طموحاتنا؛ سواء في استخدامها في اكتشاف الأدوية وتسلسل الجينوم للفيروسات والأوبئة، وتطوير أنظمة التشفير، واستخدامها في مجال الأرصاد الجوية وتنبؤات الطقس وحتى الكوارث وكميات الأمطار، واستخدامها بشكل موسع في علوم الكيمياء وخواص المواد وتركيباتها وتفاعلاتها، وأيضًا استخدامها في تحسين الأنظمة المعقدة، مثل تدفق حركة المرور عبر المدن الكبيرة أو حركة المطارات والملاحة الجوية والاستخدامات العسكرية المعقدة، حتى إننا سنستخدمها في البحث عن حياة خارج كوكب الأرض، وخلق تصورات عن الكواكب السيارة، وحركة النجوم، ولا أستبعدُ أن تُمكننا هذه التقنيات الذكية من استكشاف مجرّات أبعد، من خلال محاكاة للمعطيات وقوانين الفضاء وعلومها.
أيضًا أجد أننا في عام 2024، سنبدأ سماع اكتشافات واختراقات في تقنيات الجيل السادس من الاتصالات، ودمج أنظمة الاتصال التقليدية بأنظمة الاتصال بالأقمار الاصطناعية والأقمار المدارية، وسيبدأ العالم بناء أنظمة اتصال سريعة ومتطورة، قادرة على تلبية احتياجاتنا من السرعة في نقل البيانات، خصوصًا وأن الكثير من بيئات العمل تنتقل تدريجيًا للأنظمة السحابية، وبالتالي يتطلب ذلك سرعة كبيرة للإنترنت.
في النهاية عزيزي القارئ.. سوف التقي بك في نهاية عام 2024، وربما يكون لقاؤك بي مختلفًا، فقد يُحدِّثك أو يكتب لك مساعدي الشخصي في حينها، لا تستبعد ذلك! وربما تجدني أحدِّثك عبر نسختي الرقمية.. وإلى ذلك الحين أتمنى لك سنة جديدة مليئة بالتطور والنجاح.
** المنسق الإعلامي ومنتج الأخبار لصالح مجموعة الصين للإعلام الشرق الأوسط
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الشراكات الدولية وتعزيز الريادة الإماراتية في الذكاء الاصطناعي
تُعد دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من أبرز الدول الرائدة في تبني وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، حيث تسعى بخطى ثابتة إلى تعزيز مكانتها كمركز عالمي للابتكار والتكنولوجيا. وتؤدي الشراكات الاستراتيجية الدولية دوراً محورياً في تحقيق أهدافها الطموحة في هذا المجال، حيث أدركت الدولة أهمية التعاون مع الجهات الدولية الفاعلة، بما في ذلك الشركات التكنولوجية العملاقة، والجامعات المرموقة، والمراكز البحثية المتخصصة، لدفع عجلة التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي.
وفي هذا السياق، جاء الإعلان عن توقيع “إطار العمل الإماراتي الفرنسي للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي” والذي تم توقيعه خلال زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، لفرنسا يوم 6 فبراير 2025، قبل قمة الذكاء الاصطناعي التي عُقدت في باريس يومي 10 و11 من الشهر نفسه بمشاركة نحو 100 دولة، للتركيز على إمكانات الذكاء الاصطناعي. ويناقش هذا المقال الجهود الإماراتية لتعزيز شراكاتها في مجال الذكاء الاصطناعي، وتأثيرها في رؤية الدولة للريادة في هذا المجال.
شراكة مع فرنسا:
يرسم “إطار العمل الإماراتي الفرنسي للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي” مساراً واعداً لتعزيز التعاون بين دولة الإمارات وفرنسا في هذا المجال الحيوي الذي سيُعيد تشكيل العالم في السنوات المقبلة. وينص هذا الاتفاق الإطاري على التعاون بين البلدين في العديد من مجالات العمل المشترك في الذكاء الاصطناعي، ومن ذلك التخطيط لاستثمار ما بين 30 إلى 50 مليار يورو في إنشاء مجمع للذكاء الاصطناعي بسعة 1 غيغاوات في فرنسا، ومن المُقرر أن يتكون هذا المجمع من 35 مركزاً لتجميع معلومات وتأمين قدرات حوسبة هائلة يتطلبها الذكاء الاصطناعي. كما ينص على بناء شراكة استراتيجية في مجال الذكاء الاصطناعي واستكشاف فرص جديدة للتعاون في المشروعات والاستثمارات التي تدعم استخدام الرقائق المتطورة والبنية التحتية لمراكز البيانات وتنمية الكوادر، إضافة إلى إنشاء “سفارات بيانات افتراضية” لتمكين البنية التحتية للذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية في كلا البلدين.
ويأتي هذا التعاون في إطار توسع دولة الإمارات في قطاع الذكاء الاصطناعي، وبصفة خاصة في إنشاء وتطوير مراكز البيانات، حيث تستثمر بالفعل في مشروعات ضخمة مثل مشروع “ستار غيت” لإنشاء مراكز بيانات في الولايات المتحدة، ويحظى هذا المجال تحديداً باهتمام خاص بالنظر إلى أن مراكز البيانات تمثل الوقود الذي تحتاجه عملية تطوير الذكاء الاصطناعي.
وستخدم هذه الشراكة المصالح الإماراتية الفرنسية، حيث إن بناء مجمع للذكاء الاصطناعي في فرنسا سيساعد على جمع بيانات أكثر ومعالجتها بشكل دقيق؛ ومن ثم تسخيرها في تطوير وتعليم برامج الذكاء الاصطناعي، وهو أمر يعزز مكانة ودور البلدين في هذا المجال ويسهم في جعل تقنيات الذكاء الاصطناعي متاحة لمزيد من الدول، فضلاً عن خلق برامج ذكاء صناعي تحترم المواثيق الدولية والأوروبية.
كما توفر الشراكة الإماراتية الفرنسية في مجال الذكاء الاصطناعي دفعة قوية لتطوير البنية التحتية الرقمية في البلدين، حيث يستفيد كل منهما من الاستثمارات الضخمة لإنشاء مجمعات متطورة للذكاء الاصطناعي؛ مما يعزز قدرتها على معالجة البيانات الضخمة وتطوير تقنيات الحوسبة السحابية. ويتيح الاتفاق أيضاً تبادل الخبرات مع باريس، خصوصاً في مجالات الرقائق المتقدمة ومراكز البيانات؛ مما يسهم في تسريع تبني حلول الذكاء الاصطناعي وتحقيق تقدم استراتيجي في القطاعات الحيوية. إضافة إلى ذلك، يعزز الاتفاق تنمية الكوادر الإماراتية؛ مما يدعم تنشئة جيل جديد من المتخصصين في الذكاء الاصطناعي، ويعزز مكانة الإمارات كمركز عالمي رائد في هذا المجال.
وتعكس هذه الخطوة التزام دولة الإمارات بتنويع اقتصادها وتعزيز مكانتها كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي. فيما تسعى فرنسا إلى ترسيخ مكانتها في هذا المجال بالرغم من التحديات التي تواجهها في منافسة الشركات الأمريكية والصينية. وقد أكدت الرئاسة الفرنسية أن نطاق الأنشطة وحجم تطوير البنية التحتية المقررة في إطار اتفاقية الإطار للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي بين فرنسا ودولة الإمارات، يوضح ثراء وديناميكية العلاقة بين البلدين، ويضع فرنسا في موقع رائد في مجال الذكاء الاصطناعي في أوروبا، مشيرة إلى أن الزعيمين اتفقا على مراقبة تطور مشروعات التعاون المختلفة في مجال الذكاء الاصطناعي عن كثب في الأشهر المقبلة.
شراكة مع الولايات المتحدة:
تُعد الشراكة بين دولة الإمارات والولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي الأهم في هذا المجال، حيث شهد التعاون بين البلدين تنامياً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، في ضوء التفوق الأمريكي في هذا المجال. وشكلت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، إلى الولايات المتحدة في سبتمبر 2024، تتويجاً لهذا التطور المتنامي بين البلدين في مجال الذكاء الاصطناعي.
وخلال العامين الأخيرين، تم توقيع العديد من اتفاقيات الشراكة والاستثمار بين البلدين في المجال التكنولوجي والذكاء الاصطناعي. ففي ديسمبر 2024، أعلنت حكومة الإمارات عن شراكة استراتيجية مع شركة “يو آي باث” (UiPath)، التي يقع مقرها الرئيسي في نيويورك والمتخصصة في مجال الأتمتة المؤسسية والذكاء الاصطناعي، لتعزيز حلول “الأتمتة الوكيلة” – النهج المبتكر للأتمتة القائمة على الذكاء الاصطناعي. وتهدف هذه الاتفاقية إلى تطوير الأتمتة الذكية، وتدريب الكوادر الإماراتية بمهارات متقدمة. كما تشمل تنفيذ مشروعات تجريبية وورش عمل لتعزيز وعي الجهات الحكومية بفوائد الذكاء الاصطناعي، وبما يتماشى مع رؤية الحكومة لأن تصبح دولة الإمارات رائدة عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2031.
وفي سبتمبر الماضي، وقّعت دولة الإمارات ثلاث اتفاقيات ضخمة في قطاع الذكاء الاصطناعي، شملت “اتفاقية الشراكة العالمية للاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي” باستثمارات ستصل إلى 100 مليار دولار، وقّعتها شركة “إم جي إكس” (MGX) الإماراتية وشركات “بلاك روك” و”غلوبال إنفراستركتشر بارتنرز” و”مايكروسوفت”، إلى جانب اتفاقية بين شركة “جي 42” (G42) وشركة “مايكروسوفت” لتأسيس مركزين للأبحاث في أبوظبي لدعم قطاع الذكاء الاصطناعي المسؤول، واتفاقية أخرى بين “جي 42″ و”إنفيديا” لتأسيس مركز عمليات جديد ومختبر للمناخ التقني في أبوظبي؛ لتطوير التكنولوجيا المناخية وتحسين توقعات الطقس والمناخ لمساعدة ملايين البشر على الاستعداد للظواهر المناخية والكوارث الطبيعية قبل حدوثها.
وفي يونيو 2024، وقعت شركة “وورلد وايد تكنولوجي” (World Wide Technology)، وهي شركة تكامل تكنولوجي رائدة مقرها الولايات المتحدة، اتفاقية استراتيجية مع (NXT Global)، لإنشاء وتطوير أول مركز تكامل للذكاء الاصطناعي في مدينة مصدر بدولة الإمارات، الذي سيكون أحد أكثر التطورات الحضرية استدامة في العالم.
كما أعلنت “مايكروسوفت” و”جي 42″، في مايو الماضي، عن مجموعة واسعة من الاستثمارات في مجال التكنولوجيا الرقمية في كينيا، وجاءت هذه الخطوة كجزء من مبادرة بالتعاون مع وزارة المعلومات والاتصالات والاقتصاد الرقمي في جمهورية كينيا، حيث تقود “جي 42″، في إطار شراكة مع “مايكروسوفت” وشركاء رئيسيين عدة، مبادرة طموحة لضخ استثمارات تصل إلى مليار دولار، وتهدف هذه الاستثمارات إلى تنفيذ مشروعات رئيسية ضمن حزمة شاملة من الاستثمارات تشمل إنشاء مركز بيانات بيئي متطور في كينيا، والذي ستشرف على بنائه شركة “جي 42” وشركاؤها من أجل تشغيل خدمات “مايكروسوفت أزور” ضمن منطقة سحابية جديدة تخدم شرق إفريقيا. وفي إبريل الماضي، أعلنت “مايكروسوفت” عن استثمار استراتيجي بقيمة 1.5 مليار دولار في شركة “جي 42″؛ مما يعزز التعاون المتزايد في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.
وبالإضافة إلى الولايات المتحدة وفرنسا، تصدر ملف الذكاء الاصطناعي أجندة التعاون والشراكات الإماراتية مع مختلف دول العالم مثل الصين والمملكة المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها.
تعزيز ريادة الإمارات:
يُشكل بناء الشراكات الدولية جزءاً رئيسياً في استراتيجية دولة الإمارات لتعزيز ريادتها في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تسعى الدولة من خلال هذه الشراكات إلى تطوير حلول مبتكرة تعالج التحديات المحلية والعالمية، وتعزز كفاءة القطاعات الحيوية مثل الصحة، والتعليم، والطاقة، والنقل، فضلاً عن تعزيز اقتصادها القائم على المعرفة والابتكار، والاستفادة منها في جذب الخبرات الدولية، وتدريب وتأهيل الكوادر الوطنية في هذا المجال المهم.
وتخدم الشراكات الدولية بصورة خاصة تحقيق مختلف أهداف استراتيجية دولة الإمارات للذكاء الاصطناعي، والتي تستهدف أن تصبح الدولة رائدة عالمياً في توظيف الذكاء الاصطناعي بنسبة 100% بحلول عام 2031 في مختلف الخدمات وتحليل البيانات؛ مما يعزز الإنتاجية ويخفض التكاليف التشغيلية. وتشمل هذه الأهداف أن تكون حكومة الإمارات الأولى عالمياً في استثمار الذكاء الاصطناعي بمختلف قطاعاتها الحيوية وخلق سوق جديدة واعدة في المنطقة ذات قيمة اقتصادية عالية، ودعم مبادرات القطاع الخاص وزيادة الإنتاجية، إضافة إلى بناء قاعدة قوية في مجال البحث والتطوير، بجانب استثمار أحدث تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي وتطبيقها في شتى ميادين العمل بكفاءة رفيعة المستوى واستثمار كل الطاقات على النحو الأمثل، واستغلال الموارد والإمكانات البشرية والمادية المتوفرة بطريقة خلاقة.
وكان لهذه الشراكات، ضمن الرؤية الشاملة لدولة الإمارات، دورها في تعزيز ريادة الدولة في هذا الملف، حيث أصبحت الإمارات من أكثر الدول جذباً للمهارات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، مع زيادة عدد المتخصصين في هذا المجال بنحو 40% منذ عام 2022. كما أحرزت الدولة مركزاً ريادياً ضمن قائمة أفضل 10 دول عالمياً، من حيث عدد شركات الذكاء الاصطناعي لكل مليون نسمة، وذلك وفقاً لمؤشر تنافسية الذكاء الاصطناعي العالمي الصادر عن المنتدى المالي الدولي “آي إف إف” (IFF) ومجموعة المعرفة العميقة.
خلاصة الأمر، تواصل دولة الإمارات ترسيخ مكانتها كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي، مستندة إلى رؤية طموحة تدعم الابتكار والتطوير المُستدام. ومن خلال استراتيجيتها الوطنية وشراكاتها الدولية الكبيرة، تفتح الدولة آفاقاً جديدة للاستثمار والتنافسية، مع التركيز على تنمية المواهب والبنية التحتية المتقدمة. وبالرغم من التحديات، يبقى التزام دولة الإمارات بتطوير التشريعات وتعزيز الاستدامة عاملاً رئيسياً في ريادتها؛ مما يجعلها نموذجاً يُحتذى به في مستقبل الذكاء الاصطناعي.
” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”