جريدة الرؤية العمانية:
2024-12-17@08:27:06 GMT

غزة وشتاءات الصمود

تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT

غزة وشتاءات الصمود

 

محمد بن زاهر العبري

كم من درس لقّنته غزة الصمود للبشرية من أقصاها إلى أقصاها؟! وفي الواقع فلقد غيرت نمط الحياة الروتينية الرتيبة إلى أخرى تضج بالعزيمة وتفور بالرغبة في التضحية.

لقد هيمن تأثير تضحياتها على قطاعات واسعة من العالم الغربي الذي كان الإعلام العالمي يصوره لنا مجتمعاً أكله الانحطاط ومزقته الرذيلة، وإذا بالعديد منهم استنهضتهم من سبات الميديا الغربي الوضيع توضحيات الأطفال والأمهات والشيوخ في غزة، فأخذوا ينددون بجرائم الصهاينة ويتساءلون عن سر هذا الصبر وذلك الإيمان الذي يملأ قلوب تلك الأمهات وهن يودعن صغارهن الوداع الأخير؟

وفي عالمنا العربي، قبل طوفان الأقصى، قصارى طموح الأطفال كان في زيارة ديزني لاند الداعمة للصهيونية، وأقصى هم المراهقين كان في عدم فوات أية مباراة من الدوري الإسباني لكرة القدم، أما الرجال فالجلوس في المقاهي، والتفكير في صعوبات الحياة الاقتصادية الضاغطة.

وإذا بغزة تغير وتتسرب في الأذهان، فتعمل على إيجاد تغيير هائل في الطموحات والرغبات والأمنيات.

الأطفال باتوا يسألون الآباء عن مقاطعة المنتجات الداعمة للصهاينة، ويحذرون من أكل الوجبات التي طالما اعتادوا أن يأكلوها، ففي حين عجزت نصائح وتحذيرات الأمهات أن تصرف نظرهم عنها بداعي الصحة، إذا بهم أبطلوا التفكير فيها تماما دعما لخيار المقاومة، والعيش بإحساس الجهاد والكفاح لأجل الحق والحرية.

عرف المراهقون أبطالًا جددًا يستحقون المتابعة الحثيثة وعن كثب لأخبارهم، فلقد استعاضوا عن الدوري بأخبار أبي عبيدة، البطل الحقيقي الذي يستحق أن تُحاك حوله القصص عوضًا عن باتمان وسوبرمان. وها هو نمط المحادثات في المقاهي يضع فلسطين في قوائمها أولًا، فذاك الذي كان بالأمس يفكر في توفير مستقبل مشرق لأطفاله ولا يجد له هما غير هذا، نراه يبدي استعداده لتبني أيتام غزة على الرغم من ضيق موارده المالية، ويشاطر نصف عيشه للمحرومين بلا مأوى أو ماء للشرب في بيت لاهيا أو جباليا أو الزهراء.

لقد كشف طوفان الأقصى نفاق الحكومات الغربية الكبرى من قبل أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، ونفاق الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومنظمات حقوق الإنسان وحتى اليونسيف، التي ليست إلا أدوات في اليد الصهيوأمريكية القبيحة، وعرف الناس بأن هؤلاء أعجز من أن يجلبوا حقًا أو يرفضوا باطلًا.

عرف القاصي والداني دجل هذه الحكومات وكذب شعاراتها، فها هي اليوم تنظر دون أدنى حراك للإبادة الجماعية لأطفال ونساء وعجائز غزة. هذا هو وجه العالم الغربي الذي كان قد بهرنا لسنوات بتقدمه العلمي دون أن نتمكن من أن نلحظ قبحه الأخلاقي وانحطاطه الإنساني.

المهم هُنا أن تبقى هذه المشاعر دافئة على مر الفصول، فلا تبرد في شتاءات الحياة القاسية، بل تظل تتوهج لأجل إخوتنا الذين يجاهدون لكرامتهم وعزتهم وأرضهم وحقوقهم السليبة.

يقول تعالى: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ" (التوبة:71)، ويقول الشيخ الشوكاني عند هذه الآية: "أي قلوبهم متحدة في التوادد والتحابب والتعاطف بسبب ما جمعهم من أمر الدين وضمهم من الإيمان بالله. فنسبتهم بطريق القرابة الدينية المبنية على المعاقدة المستتبعة للآثار من المعونة والنصرة وغير ذلك".

خير ختام.. هل شاهدتم ذلك الفيديو الذي بثه الإعلام العسكري في غزة الأبية؟ ذلك الفيديو الذي يقوم فيه أحد المجاهدين بحمل عبوة بين يديه ثم يضعها على طرف دبابة العدو الغاصب ليحيلها إلى دمار دون أن يُصاب هو بشظايا الانفجار مع أن مقتله في هذه التضحية كان وشيكًا؟ أية عزيمة هي هذه؟ إنها تبعث على الفخر والاعتزاز.

لا تُبنى مثل هذه العزائم إلّا على الإيمان بوعود الله تعالى للمجاهدين بالحياة الأبدية، وأن النصر رهين التضحيات، ومآل الأرض آخر المطاف هو للصالحين، يقول تعالى: "وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ". (الأنبياء: 105).

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

هل يجوز هبة ثواب تلاوة القرآن للأحياء؟ دار الإفتاء تجيب

ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول:هل يجوز للإنسان أن يهب ثواب قراءة القرآن الكريم لشخص لا يزال على قيد الحياة؟

وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال: إنه لا خلاف في أنه يجوز للمسلم إذا عمل عملًا صالحًا أن يدعو الله تعالى بأن يهب مثل ثواب عمله هذا إلى من شاء من الأحياء أو الأموات، فإذا فعل ذلك فإنه يصل إن شاء الله تعالى.

هبة ثواب الصدقة للوالدين

وورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول "هل يجوز أن أخرج صدقة وأهب ثوابها لوالديَّ بعد موتهما، وما فضل ذلك؟

وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، بأن الله تعالى قد أوجب بِرَّ الوالدين والإحسان إليهما في مواضعَ كثيرة؛ منها قوله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ۞ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 23، 24].

وأوضحت، أن الأمر بالبر في آيات القرآن الكريم لا يحصر برهما في حال دون حال، ولا في زمان دون آخر، فيجب على الولد أن يبر والديه حال حياتهما، وإن فاته ذلك في حياتهما فلا أقل من أن يبرهما بعد وفاتهما؛ روى أبو داود في "سننه" عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله هل بقي عليَّ من بر أبويَّ شيءٌ أبرهما به بعد موتهما؟ قال: «نَعَمْ؛ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا، وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُمَا، وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا مِنْ بَعْدِهِمَا، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لَا تُوصَلُ إِلَّا بِهِمَا، وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا».

وذكرت أن من بر الوالدين كذلك: أن يتصدق ويهب ثواب الصدقة لهما، لا سيما إذا كانت صدقة جارية، فإن ذلك يصل إليهما؛ روى الإمام البخاري في "صحيحه" عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن أمي تُوُفيَتْ، أينفعها إن تصدَّقتُ عنها؟ قال: «نَعَمْ»، قال: فإن لي مَخْرَفًا، فأنا أشهدك أني قد تصدقت به عنها.

مقالات مشابهة

  • أمير منطقة تبوك يستقبل المواطن عبداللطيف العطوي الذي تنازل عن قاتل ابنه لوجه الله تعالى
  • آيات قرآنية عن الشكر لله عز وجل
  • حكم تأجيل العمل وقت الدوام ليكون عملًا إضافيًّا
  • تواصل الأنشطة الرياضية لفريق الصمود بالحمراء
  • الصمود يتوج بكأس كرة الطائرة بالحمراء
  • هل يجوز هبة ثواب تلاوة القرآن للأحياء؟ دار الإفتاء تجيب
  • الدحض
  • مأرب.. اجتماع موسع لمناقشة جهود التعبئة وتعزيز عوامل الصمود بالمحافظة
  • اجتماع موسع بمأرب يناقش جهود التعبئة وتعزيز عوامل الصمود
  • مأرب.. مناقشة جهود التعبئة وتعزيز عوامل الصمود في مواجهة قوى العدوان