شيخ الأزهر يستقبل وفدًا أوزباكستانيًّا لمناقشة قضايا المرأة والأسرة في الإسلام
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
استقبل الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اليوم الأربعاء بمشيخة الأزهر، وفد لجنة الشؤون الدينية وإدارة مسلمي أوزباكستان وأكاديمية أوزباكستان الإسلامية، لمناقشة قضايا المرأة والأسرة في الإسلام، برئاسة الدكتور كادير مليكة أكبر، رئيسة لجنة مجلس الشيوخ في مجلس الوزراء الأوزباكي حول قضايا المرأة والأسرة.
وقال الإمام الأكبر إنَّ موضوع "المرأة في الإسلام" يطفو بين الحين والآخر على الساحة العالمية لاتهام الإسلام زُورًا وبهتانًا بأنه دين معاد للمرأة، مشيرًا إلى أنَّ القرآن الكريم والسنة النبويَّة المطهَّرة وسلوك النبي في تعامله مع المرأة كلها أمور صريحة في إقرار المساواة بين الرجل والمرأة، وأنَّ هذه المساواة هي مساواة تكامل وتخصيص أدوار بما يناسب طبيعة كل طرف وفطرته، وأنَّ القرآن والسنة شرحَا طريقة تطبيق هذه المساواة، وأكَّدها سلوك النبي مع المرأة في العهدين المكي والمدني، وأسند للزوج والزوجة مهام محددة وواضحة، وأسس لمنظومة الزواج على أنها مؤسسة غاية في الأهمية، ووفَّر لها كل عوامل النجاح والاستقرار.
وأكَّد شيخ الأزهر أن القرآن والسنة النبوية أشارا إلى فلسفة المساواة بين الرجل والمرأة في عدة مواضع، وجعلا الحفاظ على الأسرة هدفًا نبيلًا يجب على كل طرف بذلُ كل ما في وُسعِه للحفاظ عليه حتى في أحلك الظروف وفي حالات كره طرف لطرف، منها قوله تعالى: {وعاشروهن بالمعروف} وقوله: {فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خير كثيرا}، وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يَفْرَكُ مؤمنٌ مؤمنةً إن كَرِهَ منها خُلُقًا رَضِيَ منها خُلقًا آخرَ»، مشيرًا إلى أن الكثير من المسلمين لم يفهموا مقصود قوله تعالى {وللرجال عليهن درجة}، وفسروه على أنَّه تفضيلٌ للرجل على المرأة، ولكن الحقيقةَ أن مفهوم الدرجة هنا هي مسؤولية الأسرة والأبناء والإنفاق وغيرها من مسؤوليات الرجل.
وأشار الإمام الأكبر إلى أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم جاء في عصر كانت المرأة تعاني فيه من ضياع حقوقها، ولم تحظَ فيه بمعاملة إنسانية، بل كان الرجال يبادرون بوأد بناتهم فور ولادتهنَّ، ودفنهن في التراب، فجاء النبي ليعلن في هذا المجتمع بأن «النساء شقائق الرجال»، وأنَّ المساواة بين الرجل والمرأة هي مساواة في الفضل والقدر والمنزلة والإنسانية.
شيخ الأزهر: النبي صلى الله عليه وسلم رسَّخ لثقافة المساواة بين الرجل والمرأةوأوضح شيخ الأزهر أن النبي صلى الله عليه وسلم رسَّخ لثقافة المساواة بين الرجل والمرأة، وورث الصحابة والصحابيات هذه الثقافة، فحرصوا على تطبيقها، وحذوا حذوه صلى الله عليه وسلم، فبرزت المرأة في عدة مجالات كالقيادة والعلوم، وكانت شريكة للرجل في تشييد المجتمع الإسلامي الذي ازدهر في هذا الوقت واتَّسعت رقعته، ولكن حينما بدأت تعاليم الإسلام في الاختفاء عن الظهور في الصفوف الأولى من الاهتمامات، تغلَّبت العادات والتَّقاليد فيما يخص التعامل مع قضايا المرأة، وفقدت المرأة كثيرًا من الحقوق التي أقرَّها لها الإسلام، وظهر فقهٌ جديدٌ لا يستند إلى نصوص الشريعة بقدر استناده للعادات والتقاليد المجتمعية في هذا الوقت، ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم فقدت المرأة المسلمة الكثير من حقوقها، وفقد المجتمع الإسلامي الساق الثانية التي كان يركض ويعدو بها لتحقيق نهضته وازدهاره، مصرحا فضيلته: "أنا ممَّن يؤمنون بأن أحد أسباب ما أصاب المجتمع الإسلامي من ضعف وهوان، هو افتقاده لمنطق تأصيل الإسلام للمساواة بين الرجل والمرأة"، مشددًا على أنَّ المرأة عليها أن تقاتل من أجل استعادة حقوقها التي كفلها لها الإسلام.
من جانبه أعرب أعضاء الوفد الأوزباكي عن سعادتهم بلقاء شيخ الأزهر، وتقديرهم لمواقف فضيلته الداعمة لقضايا الإسلام والمسلمين، وتواجدهم في هذه المؤسسة العريقة التي تعد قبلة العلم والمعرفة للمسلمين حول العالم، واعتزازهم بدراسة ما يقارب ٣٠٠٠ طالب أوزباكستاني في معاهد الأزهر وجامعته العريقة، مؤكِّدين تطلعهم لاستمرار التعاون مع الأزهر وبما يخدم المسلمين في أوزباكستاني ويلبي احتياجاتهم الدينية والدعوية والعلمية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: شيخ الازهر مشيخة الأزهر قضايا المرأة والأسرة الدكتور احمد الطيب تمكين المرأة صلى الله علیه وسلم قضایا المرأة شیخ الأزهر المرأة فی
إقرأ أيضاً:
في إصدار جديد.. جناح الأزهر بمعرض الكتاب يناقش قضايا الطفولة
يقدِّم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 56 لزوَّاره كتاب "قضايا الطفولة في ميزان الشريعة"، بقلم أ.د/ عباس شومان، وكيل الأزهر الأسبق، والأمين العام لهيئة كبار العلماء، من إصدارات هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.
في هذا الكتاب رصدٌ لقضايا الأطفال، من لحظة كونهم أجنةً في بطون أمهاتهم، حتى مرحلة الشباب، مستعرضًا القضايا الشائكة التي تعتري طريقهم، من حضانة، ونفقة، وتحديات في واقع الحياة، وما استحدث من قضاياه على المستوى التربوي، والطبي، والاجتماعي، فرصد المتغيرات التي طرأت على الأجيال الجديدة، والتي كان من المفترض أن تكون هذه التغيرات دافعًا إلى الإنجاز، والتقدم، وليس هادمًا للقيم، والأخلاق والدين، محذرًا الوالدين من خطورة الإفراط في التدليل، أو الشدة، فخير الأمور أوسطها، وإن التربية السليمة تقوم على المراقبة، ومراعاة الحال، واقتناص الأوقات التي تصلح للتوجيه القولي، والأوقات التي تصلح للتوجيه الفعلي، فإن النفس البشرية عادة ما تنفر من محاولات التوجيه والسيطرة، والعاقل الذي يعرف كيف يطوِّع المواقف للتوجيه السليم، وكيف يختار هذه الأوقات.
وقد استعرض الكتاب الرأي الشرعي في أمور مستحدثة لم تكن على عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- كبنوك الألبان البشرية، فعرض للآراء، مبينًا دليل كل رأي، ثم خلص في النهاية إلى الحكم المستنبط من الكتاب والسنة.
ومن أهم ما تعرض له هذا الكتاب، تقديم رؤية جديدة لموضوعات دُرِسَت بالفعل؛ كتحديد سن كفالة اليتيم، وضابط الأكل من ماله؛ حيث اقتضت الظروف الحياتية إلى إعادة النظر في تحديد سن كفالة اليتيم، فإن معطيات الحياة اليوم تضنُّ بأن يشق اليتيم طريقه وحده، في سن هو أحوج فيها إلى الرعاية، والتقويم.
ويشير المؤلف في مقدمة كتابه إلى أن للطفل في الدين الإسلامي الحنيف قدرًا كبيرًا من الاهتمام؛ ذلك أن الدين الإسلامي يُعنى بالشخصية المسلمة بكل جوانبها، منذ كونها جنينًا، حتى تستوي على سُوقها، ومن ثم وجَّه الدين الحنيف إلى عدم التكاسل والتغافل عن أبنائنا حتى يشتد عودهم، وهم بلا تعاليم تهذب نفوسهم، ولا أخلاق تؤدب روحهم، وقد علمنا رسول الله ﷺ كيفية التربية السليمة بحسن التَّعَهدِ لأبنائنا، وتفقد أحوالهم في كل صغيرة وكبيرة، ليس فقط لتوجيههم التوجيه الصحيح، وإنما للحفاظ على حقوقهم من رعاية، ومراعاة لنفستيهم ومعنوياتهم، والإنفاق عليهم، وتعليمهم؛ فإن إخراج طفل سوي إلى المجتمع يُنشِئُ شابًّا يمكن الاعتماد عليه.
ويؤكد المؤلف أن الشريعة الإسلامية أوجبت للطفل حقوقًا مادية، وأخرى أدبية، تسبق مولده، وتواكب نشأته، وتستهدف حفظَ بدنه وصحته، وإنماء ذهنه، وإحياء ضميره، وتحسين خلقه، حتى يبلغ الحلم، ويتحمل تبِعة التكليف الشرعي بالإيمان والعمل الصالح، فيسهم في عمران الكون ويحقق الخير لذاته وأمته.
وينبه المؤلف أننا جميعًا مسئولون عن أبنائنا وبناتنا، لا يخرج أحدَنا من هذه المسئولية عذرٌ؛ ولهذا فإن من حُسن الإيمان الالتفات إلى من نرعاهم ونعدهم لخير المستقبل، ولإعمار الأرض، والسعي والعمل، بعيدًا عما يعرقل أبناءنا من وسائل حديثة كان من المفترض أن تعينهم، وتيسر عليهم أمورهم، لا أن تكون معطلًا، بل مخربًا لعقولهم، وأجسادهم، لافتًا إلى أنها أمانة، نقضي عمرنا في أدائها؛ حتى يخلفنا من يكمل مسيرتنا، أو يصوبها؛ لتكون قرة عين في الدنيا، ودعوة صالحة عند لقاء ربنا، فلنتق الله في أولادنا، ولنحسن غرسهم؛ حتى نجني ثمار تربيتهم، عملًا وحبًّا، وقيمة نافعة لأنفسنا وأوطاننا.
ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56 وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبنَّاه طيلة أكثر من ألف عام.
ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.