رأي الوطن : انطلاقة لبناء مدن مستدامة تواكب المستقبل
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
منذ عقود طويلة وتشهد المُدُن في كافَّة أنحاء العالَم تحدِّيات كبيرة ناشئة من سرعة توسُّع المُدُن وحجمها، بالإضافة إلى اتِّساع فجوات الدَّخل بَيْنَ سكَّانها، ما يؤثِّر على الخدمات الَّتي تُقدَّم، ناهيك عن أنَّ أهمَّ تحدٍّ يواجِه البَشَريَّة وهو تفاقم التلوُّث، وما يُحدثه من تأثير سلبيٍّ على تغيُّر المناخ العالَميِّ، بالإضافة إلى غياب الصيانة الملحوظ في المُدُن الكبرى، والَّذي أدَّى إلى تهالك المباني والجسور، والَّذي جعل الحياة في المُدُن الحضريَّة ـ مهما بلغ حجمها ـ من الصعوبة بمكان، رغم مساعي كافَّة دوَل العالَم من أجْلِ مواكَبة الأحلام المتنامية لسكَّانها في مستقبلٍ مستدام مزدهر؛ كون المُدُن أماكن جذب هائل للمواهب والاستثمارات، وهي المُحرِّك الرئيس للنُّموِّ في العالَم، وتولِّد أكثر من 80% من النَّاتج المحلِّي الإجماليِّ العالَميِّ، بَيْنَما تساعد مئات الملايين على التخلُّص من براثن الفقر المُدقع.
وانطلاقًا من تلك الأهمِّية الكبرى للمُدُن على الصعيد الاقتصاديِّ وتبعاتها الاجتماعيَّة والسِّياسيَّة؛ نظرًا للتحدِّيات الكبرى الَّتي باتَتْ تواجِه نُموَّها، فإنَّ العالَم أجمع بكامل مؤسَّساته سعَى لوضْعِ معايير عالَميَّة جديدة للتنمية المستدامة للمُدُن، وظهرت أفكار وخطوات فعليَّة، مبنيَّة على تجارب ناجحة، تسعى إلى بناء منظومة حضريَّة مستدامة للمُدُن تُحقِّق أهداف التنمية المستدامة في عصر تغيُّر المناخ، وتكُونُ قادرةً على مجابهة التحدِّيات الحاليَّة للمُدُن وسكَّانها، وإيجاد حلول مبتكرة تستشرف المستقبل، وتجعل من المُدُن المستدامة ركيزة أساسيَّة في تحسين جودة حياة سكَّانها، ما يتطلب فَهْمًا عميقًا لاحتياجات السكَّان والثقافة السَّائدة في المُجتمع المحلِّي والوطنيِّ، فيجِبُ أنْ يكُونَ لكُلِّ مدينة هُوِيَّتها الفريدة المتَّسقة مع أدوات العصر الحديث.
وهو ما يتوافق مع الجهود العُمانيَّة المُنطلِقة من رؤية جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ والمُتجلِّية في مدينة السُّلطان هيثم، الَّتي تسعى سلطنة عُمان، من وراء إنشائها، إلى استحداث نموذج للمُدُن المستقبليَّة؛ لِتكُونَ قادرةً على تحقيق متطلَّبات النُّموِّ الاقتصاديِّ والاجتماعيِّ، والحفاظ على الموروث الثقافيِّ للأجيال القادمة، حيث تُشكِّل المدينة وجهةً جاذبة ومعزِّزة للاستثمار، ونقلة نوعيَّة في التصميم الحضريِّ والتخطيط العمرانيِّ، بما يتوافق مع رؤية «عُمان 2040» الطموحة. فالمدينة الذَّكيَّة الَّتي تسع (100) ألف نسمة تُمثِّل نموذجًا فريدًا لمستقبل المُدُن العُمانيَّة، إذ تحتوي على عناصر جاذبة للعيش والإقامة والاستخدام، وهي خطوة مُهمَّة في تحقيق الاستراتيجيَّة العمرانيَّة في البلاد. ويأتي توقيع اتفاقيَّة تنفيذ الأعمال الأوَّليَّة للمرحلة الأولى بمدينة السُّلطان هيثم المتعلِّقة بتهيئة البنية الأساسيَّة للطُّرق، وتهيئة مجرى الوادي، وتطوير المنطقة المحيطة بالحديقة المركزيَّة بتكلفة تتجاوز (7) ملايين ريال عُماني، خطوةً تنفيذيَّة أولى، ليس فقط لتلك المدينة الواعدة، لكن سيتبعها عددٌ من الاتفاقيَّات في هذا الجانب خلال الفترة القادمة؛ استعدادًا لتنفيذ الأعمال الإنشائيَّة للطُّرق الرئيسة، والبنية الأساسيَّة، والمباني الخدميَّة، والحديقة المركزيَّة والأحياء السَّكنيَّة، بما في ذلك خدمات المياه والصرف الصحِّي والكهرباء والنطاق العريض والطُّرق والمسطَّحات الخضراء، وفقًا للخطَّة التنفيذيَّة للمدينة؛ لِتكُونَ خطوةً كبيرة لبناء المُدُن المستدامة في سلطنة عُمان، وهي المُدُن الَّتي خُطِّط لها لكَيْ تواكِبَ تطلُّعات الحياة العصريَّة للشَّباب، وتأكيدًا على تبنِّي مفهوم مبتكر في البناء، واستشراف الأساليب المستقبليَّة، وتسخير الخبرات العالَميَّة والإقليميَّة والمحليَّة، والمعرفة المتعمِّقة في هذا المجال لتطوير منظومة حضريَّة عصريَّة تُحاكي الموروث الثقافيَّ، وترتقي بأسلوب الحياة في سلطنة عُمان.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الم د ن ال العال م للم د ن
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة مطروح: نسعى لتبني استراتيجيات تعليمية حديثة تواكب التطورات
أكد الدكتور مصطفى النجار رئيس جامعة مطروح أن انطلاق فعاليات الدورة التدريبية لطلاب كلية الآثار واللغات بالمتحف اليوناني والروماني بالإسكندرية، يأتي في إطار التعاون المثمر والمستمر بين الجامعة ووزارة السياحة والآثار.
واضاف أن هذه الدورات تسهم في تعزيز مهارات الطلاب في مجالات التوثيق الأثري، والحفاظ على المقتنيات، والتعامل مع المواد الأثرية وفق أحدث الأساليب العلمية، بالإضافة إلى التدريب على تقنيات العرض المتحفي، وأعمال الترميم والصيانة.
واشار رئيس الجامعة أن الجامعة حريصة على تطوير منظومة التدريب العملي لطلابها من خلال عقد شراكات مع المؤسسات المعنية، وذلك لتوفير بيئة تدريبية متكاملة تمكن الطلاب من اكتساب خبرات ميدانية مباشرة تحت إشراف نخبة من الخبراء والمتخصصين.
واوضح إلى أن هذه الدورة تمثل فرصة حقيقية للطلاب لصقل مهاراتهم العملية، حيث يحصلون على تدريب مكثف حول كيفية التعامل مع القطع الأثرية وفق المعايير العلمية، بالإضافة إلى التعرف على دور المتاحف في حفظ التراث ونشر الوعي الأثري بين أفراد المجتمع.
وأشاد “النجار” بجهود إدارة كلية الآثار واللغات بجامعة مطروح، وكذلك قطاع المتاحف بوزارة السياحة والآثار، وإدارة المتحف اليوناني والروماني، لما قدموه من دعم لإنجاح هذه الدورة، مشيرًا إلى أن الجامعة تسعى إلى استمرار تنظيم مثل هذه الدورات التدريبية لرفع كفاءة طلابها، وتعزيز جاهزيتهم للانخراط في سوق العمل بمجالات الآثار والتراث الثقافي.
وشدد الدكتور مصطفى يوسف النجار، ، ، أن الجامعة تضع ضمن أولوياتها توفير فرص تدريبية عملية لطلابها، إيمانًا بأهمية الدمج بين الدراسة الأكاديمية والتطبيق الميداني، بهدف تأهيل كوادر شبابية قادرة على تلبية احتياجات سوق العمل في مجالي الآثار والتراث.
واختتم رئيس الجامعة تصريحاته مؤكدًا أن جامعة مطروح مستمرة في تبني استراتيجيات تعليمية حديثة تواكب التطورات في المجالات الأثرية والتراثية، من أجل تخريج جيل جديد من المتخصصين القادرين على الحفاظ على الإرث الحضاري لمصر، وتعزيز دورها الرائد في مجال الآثار على المستوى المحلي والدولي.