جريدة الوطن:
2025-04-29@21:39:28 GMT

«قيامة غزة» بداية ونهاية

تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT

«قيامة غزة» بداية ونهاية

ينتهي عام ويأتي آخر جديد، بعيدًا عن إطفاء شمعة وإضاءة أخرى، تأتي أهمِّية التاريخ في قراءة أيِّ حدَثٍ قراءة صحيحة، بَيْنَما البعض «الصورة» يضع على وجهه الأقنعة احتفالًا وهو في عزله بعيدًا عن التفاعل الطبيعي مع الحياة، فيما «الأصل» يقرأ الحدث ويعرف أهمِّية العِلم والتاريخ والفكر والفلسفة في تحديد صحيح الأشياء.

وقبل أن يسدلَ الستار عن العام 2023 كنَّا على موعد في شهر أكتوبر مع «طوفان الأقصى» وهو المرحلة الأولى من «قيامة غزَّة» الَّتي ما زالت مستمرَّة خلال كتابة هذه السطور، ومن الطبيعي في الأشياء أنَّ بها الحلْوَ والمرَّ، فيما بلغ الحزن منتهاه ونحن نرى الشهداء الأبرياء يرتقون دُونَ ذنْبٍ وقَدْ تجاوز عددهم لأكثر من العشرين ألفًا، وهُدِّمت مدينتهم «غزَّة العزَّة» بالكامل حتَّى أصبحَ لا يفوح مِنْها إلَّا رائحة عطرة سكنَتْ تاريخنا بدماء شرفاء أُمَّتنا الَّتي سالت وما زالت تسيل وعيون الأصدقاء تحدق في الأفق بحثًا عن طريق للمواراة، ووسط هذه الآلام نور يضيء ويشير إلى إذلال جيش الاحتلال الإسرائيلي الَّذي لا يملك إلَّا القذف من بعيد بطائرات محصَّنة تدكُّ وتقتل العباد وتُدمِّر البلاد، بَيْنَما على الأرض تمَّ تحويله إلى أضحوكة في قوانين الحروب، بضعف مراحل تكوينه من جندي وعقيدة وتحضير مخابراتي لمعرفة قوَّة واستعداد رجال للمقاومة ليسوا ككُلِّ الرجال، بل التحفت بهم العزَّة والقوَّة والفداء والنصر بإذن الله، لِتسقطَ أمامهم أساطير كانوا يسيطرون بها على عقولنا مِنْها «الجيش الَّذي لا يُقهَر»، وأنَّ ما يُسمَّى الموساد هو الَّذي يعْلَم كم عدد أنفاس أهل لُغة الضَّاد، والحقيقة أنَّهم لا يعرفون حتَّى قدرات أقرب جيرانهم جغرافيًّا، الَّذي أذاقهم رعبًا من وراء رعب بمثَّلث برمودا الأحمر وهو يشير إلى سقوط آلتهم الحربية الواحدة تلو الأخرى بما تحمله من جنود وعتاد.
لا يُمكِن قراءة أيِّ حدَث قراءة صحيحة إلَّا بعد معرفة الهدف من الحدث، حتَّى نفهمَ مغزى حقيقة أنَّ الأشياء لا تبدو متشابهة عِندما يتمُّ النظر إليها من زوايا مختلفة، فكان السؤال الملحُّ: لماذا يريد رئيس وزراء «إسرائيل» بنيامين نتنياهو إطالة الحرب تحت حجَّة أنَّ الهدف من شنِّ الحرب على غزَّة هو تحرير الأسرى، بَيْنَما الحقيقة أنَّه لَمْ ينجحْ في ذلك، بل إنَّه لَمْ يتم الإفراج عن جزء من الأسرى إلَّا بعد الاتِّفاق مع حماس من خلال الهدنة، وقَدْ تكُونُ الإجابة أنَّ التلذُّذ بشهوة البقاء في الحُكم، والخوف من العزْل والمحاكمة بعد أن حقَّق أكبر المنافع له بالمخالفة للقانون بتلقِّي الرشاوى، ومع إصراره على استمرار الحرب يتلقَّى أشدَّ الهزائم، وتظهر عورات الجيش الَّذي أصبح يُقهر رغم استعانته بمرتزقة من مُعْظم دوَل العالَم ووقوف أميركا وبعض الدوَل الأوروبيَّة معه عسكريًّا وماليًّا وسياسيًّا.
إنَّ قيامة غزَّة وتحوُّلها من الطوفان الأول إلى الثاني والثالث… منذ السَّابع من أكتوبر الفائت تكتب تاريخًا جديدًا للمنطقة، رغم التخاذل من بعض الأصدقاء والأشقاء. وإذا كان العام المنصرم شهد بداية القيامة فإنَّ المؤشِّرات تقول إنَّه لا نهاية لهذه القيامة إلَّا بنصرة القضيَّة الفلسطينيَّة، الَّتي أصبحت هي القضيَّة الأولى الَّتي تتصدر عواصم الدوَل الَّتي كانت ماضيًا تقف مع دَولة الاحتلال، والآن عرفت الحقيقة وأصبح «الإسرائيلي» مكروهًا بعد أن وُصم بالهمجيَّة والعنصريَّة ومشاهدة شعوب العالَم لجُثَث الأطفال والنِّساء والعجائز الأبرياء الباحثين عن مكان يوارى الثرى بعد أن ضاقت عَلَيْهم الحياة وهُمْ أحياء، ولهؤلاء أقول: عامٌ مضَى وأنتُم شهداء تنعمون بالجَنَّة وبصحبة الأنبياء، وعامٌ آتٍ والنَّصر يُحلِّق مع رائحتكم الذكيَّة، بفضل رجال ليسوا ككُلِّ الرجال.

جودة مرسي
godamorsi4@yahoo.com
من أسرة تحرير «الوطن»

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

إطلاق كتاب «الأَلَقُ الشّعريّ - قراءة نقديّة في شعر سلطان بن علي العويس»

أبوظبي (الاتحاد)

أخبار ذات صلة «خليفة التربوية»: «أبوظبي للكتاب» منصة دولية تستقطب مفكري العالم كتاب وتربويون: الشعر الغنائي ينمي خيال وقاموس الطفل اللغوي معرض أبوظبي الدولي للكتاب تابع التغطية كاملة

نظمت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية حفلاً لتوقيع كتاب «الأَلَقُ الشّعريّ - قراءة نقديّة في شعر سلطان بن علي العويس» للدكتور سمر روحي الفيصل، وذلك مساء يوم الأحد 27 أبريل في جناحها بمعرض أبوظبي الدولي للكتاب، بحضور نخبة من الوجوه الثقافية الإماراتية والعربية، في مقدمتهم عبدالحميد أحمد، الأمين العام لمؤسسة العويس الثقافية.
بدايةً، تحدث د. سمر روحي الفيصل عن اطلاعه الواسع على ما سبق نشره من دراسات، عن شعر سلطان وأبدى اهتماماً واضحاً بنوعية القصائد وتحليلها بشكل ممنهج، من خلال المقارنة الدقيقة لقصائد سلطان التي تميل إلى الرشاقة في حجمها وشكلها، وكذلك موضوعاتها التي كان الحب والوجدانيات العفيفة في مقدمتها، معرجاً على اللغة البسيطة التي تقارب لغة الحياة المعاصرة، دون استعراض أو ثرثرة، وهو ما أضفى على الكتاب الرصانة البحثية.
يتوزع الكتاب على مقدّمة تمهيدية تشتمل على النظرة الكلية للكتاب وأربعة فصول، يتضمن الأول مدخلاً إلى شعر العويس، حيث يتناول المؤلف دواوين الشاعر واختلاف نسخها، وتحديد المصطلحات المستعملة في الكتاب، والموقف النقدي من شعره. بينما يتناول الفصل الثاني الاتجاه المضموني في شعره، وتقديم صور المرأة والحياة والطبيعة ودلالاتها. ويشتمل الفصل الثالث على قراءة معمقة في الاتجاه الفني في شعر سلطان العويس، محلّلاً موقف هذا الشعر فنياً من المجاز ودلالات الصورة الشعرية ووظائفها، وأنواع الصور ومصادرها، والأشكال البلاغية المستخدمة، والعروض والمعجم الشعري، أما الفصل الرابع فيستقرئ تحليلياً وبنيوياً استقبال شعر العويس وتلقّيه في الكتب والدراسات والمقالات التي كُتبت عنه، وما ضمّته هذه الكتب والدراسات والمقالات من استقبال عناوين القصائد والصور والأنساق اللغوية، ويختتم الناقد بتذييل يذكر فيه أبرز ما وصل إليه في قراءته النقدية ومقترحاته في نهوض قراءات نقدية أخرى بدراسة شعر العويس. 

مقالات مشابهة

  • الشاباك: أحبطنا 17 محاولة تجسس لصالح إيران واعتقلنا 32 إسرائيليا منذ بداية الحرب
  • الأونروا: "إسرائيل" اعتقلت أكثر من 50 موظفًا من الوكالة منذ بداية الحرب
  • ما حكم وضع اليد على الآية عند قراءة القرآن من المصحف؟.. الإفتاء تجيب
  • الأونروا: إسرائيل اعتقلت أكثر من 50 موظفا من الوكالة منذ بداية الحرب
  • قراءة نقدية لمقال المجتمع الدولي والسودان
  • فعالية لغرس الأشجار في المقر الرئيسي لـ"العز الإسلامي" احتفالا بـ"يوم الأرض"
  • الإبادة العرقية.. وجه الغرب الخفي في تدمير الحضارات.. قراءة في كتاب
  • إطلاق كتاب «الأَلَقُ الشّعريّ - قراءة نقديّة في شعر سلطان بن علي العويس»
  • الشتات بوصفه مَجازًا مضادًا: قراءة نقدية في أطروحة “الشتات قيد التشكل في أستراليا”
  • أرقام قياسية ونهاية مأساوية.. ماذا قدم كولر مع الأهلي؟