زلزال تركيا وسوري والمغرب الأسوأ.. وفيضان ليبيا  أودي بحياة أكثر من 11 ألف شخص

إعصار أوتيس ضرب الساحل المكسيكي على المحيط الهادي بأقصي سرعة للرياح

تزداد وتيرة الظواهر الجوية المتطرفة في كل دول العالم، ورؤية مأساوية للعقود المقبلة مع سوء تغذية وانعدام الأمن المائي وأوبئة يُحدثها التغير المناخي، ويعاني حاليا أكثر من نصف سكان العالم من انعدام الأمن المائي، وتأثيرات المناخ ستؤدي بلا شك إلى تفاقم هذا الوضع.

غضب الطبيعة.. زلازل عنيفة

إن أقوى الكوارث الطبيعية التي شهدتها منطقتنا خلال عام 2023 كان زلزال تركيا وسوريا الذي وقع في  فبراير الماضي، وكان بقوة 7.8 درجة على مقياس ريختر، وتلاه زلزال آخر بقوة 7.7 درجة، وهو ما تسبب بتفاقم الكارثة ليصل عدد الضحايا في المجمل إلى أكثر من 50 ألف شخص، مع ضِعف هذا العدد من الجرحى وملايين النازحين عن المناطق المتضررة.

و تلا ذلك زلزال آخر ضرب المغرب بقوة 6.8 درجة على مقياس ريختر، وكان مركز الزلزال على بُعد نحو 75 كلم جنوب غرب مراكش قرب بلدة إغيل في جبال الأطلس، وتسبب بوفاة قرابة ثلاثة آلاف شخص، وبحسب هيئة المسح الجيولوجي الأمريكي فمنذ عام 1900 لم يقع أي زلزال بقوة 6 أو أقوى ضمن مسافة 500 كلم من هذا الزلزال.

ومن المغرب وتركيا إلى أفغانستان التي شهدت في أكتوبر الماضي زلزالا تسبب بمقتل أكثر من 2400 شخص في مناطق ترتفع فيها بالفعل احتمالات وقوع الزلازل، حيث تقف جميعها أعلى  "الحزام الألبي"، وهو حزام زلزالي وجبلي يمتد لأكثر من 15 ألف كيلومتر على طول الهامش الجنوبي من قارتي آسيا وأوروبا.

ثم أعنف زلزال شهدته الصين منذ 9 سنوات، ضرب الزلزال الذي بلغت قوته 6.2 درجة منطقة جبلية ليلة الاثنين الماضي تقع بين مقاطعتي قانسو وتشينغهاي على بعد حوالي 1300 كيلومتر (800 ميل) جنوب غرب العاصمة الصينية بكين.

وكشفت وكالة أنباء "أسوشيتيد برس" الأمريكية، أن الزلزال المدمر الذي ضرب شمال غرب الصين أدى إلى مقتل 148 شخصًا على الأقل، وتسبب في خسائر اقتصادية تقدر بعشرات الملايين في قطاعي الزراعة وصيد الأسماك.

وأفادت الوكالة، في تقرير أعدته حول هذا الشأن، أن قناة CCTV الحكومية الصينية أعلنت أن المسئولين في مقاطعة قانسو أجروا تقييمات أولية أظهرت أن الصناعات الزراعية وصيد الأسماك في المقاطعة خسرت 532 مليون يوان (أي حوالي 74.6 مليون دولار).

مرورا بزلزال عنيف يضرب تشيلي، وقال مركز رصد الزلازل الأوروبي المتوسطي إن زلزالا بقوة 5.8 درجة وقع قبالة ساحل منطقة بيو بيو في تشيلي.

الفيضاناتالفيضانات الكارثية

وهناك كوارث أخرى قاسية غمرت عام 2023، يعتقد العلماء أنها تتأثر بشكل مباشر أو غير مباشر بالتغير المناخي، حيث يستمر ارتفاع متوسط درجات الحرارة بشكل متسارع، وسجلت بعض المصادر البحثية عام 2023 على أنه الأكثر حرارة في تاريخ القياس.

وبحسب تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، بات من الواضح أن التغير المناخي أثر بشكل ملحوظ في العديد من المتغيرات المرتبطة بالمياه مثل هطول الأمطار ونشاط الرياح الشديدة، وهي ظواهر ترفع من شدة وسرعة وتيرة الفيضانات.

ويظهر ذلك في عدد من الفيضانات الكارثية في عام 2023 وعلى رأسها فيضانات ليبيا التي أودت بحياة أكثر من 11 ألف شخص.

وكذلك فإنه ابتداء من 29 يوليو شهدت 16 مدينة ومقاطعة على الأقل في شمال شرق الصين هطول أمطار وفيضانات قياسية بسبب إعصار دوكسوري، وشهدت بكين أشد هطول للأمطار منذ قرابة قرن ونصف.

وللأسف لم تتوقف الأمطار الغزيرة والأعاصير، بل امتدت بكثافة خلال شهر أغسطس فتعرضت جميع أنحاء الصين للكثير من الانهيارات الطينية والفيضانات المفاجئة.

وفي هاييتي تسبب الطقس المضطرب بضرب سبع من المقاطعات العشر في البلاد ونزوح أكثر من 13 ألف شخص خلال يونيو 2023، وتعرضت عدة بلدان لفيضانات كبيرة من ثلاثة أنهار أودت بحياة أكثر من 50 شخصا.

وربما كانت الفيضانات هي الكارثة الطبيعية الأكثر تكرارا في 2023، حيث شهدت دول مثل البرازيل وغانا والهند والمملكة المتحدة وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية والإكوادور والكونغو الديمقراطية وموزمبيق وزامبيا فيضانات خلال هذا العام.

الأعاصيرالأعاصير المرعبة

التغير المناخي تسبب في ارتفاع درجة حرارة سطح الماء في بحار ومحيطات العالم، مما أدى إلى زيادة شدة ومعدلات وطول الأعاصير، حيث يستقي أي إعصار طاقته من حرارة المحيط، ويستخدمها لتغذية دورانه مما يرفع من سرعة رياحه، ولذلك فإنه أصبح من المؤكد بالنسبة للعلماء، أنه كلما ارتفعت درجة الاحتباس الحراري، أصبحت الأرض عرضة لأعاصير أكثر قسوة وسرعة عن ذي قبل.

ويظهر ذلك بوضوح في عدة كوارث طبيعية وقعت في عام 2023، منها مثلا إعصار أوتيس الذي ضرب الساحل المكسيكي على المحيط الهادي في 25 أكتوبر الماضي مع رياح تبلغ سرعتها 250 كيلومترا في الساعة، متجاوزا إعصار باتريشيا كأقوى إعصار مسجل يصل إلى اليابسة.

وأدى هذا الإعصار إلى تدمير ما يقرب من 80% من الفنادق و96% من الشركات في مدينة أكابولكو المكسيكية التي مر خلالها.

وشهدت بعض الدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية موسم عواصف استثنائي دفع بعض الوكالات مثل الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي لإعلان 2023 على أنه العام الأكثر كلفة من حيث إدارة الكوارث الطبيعية.

فقد تأكد ما لا يقل عن عشرات الأعاصير الموثقة في عام 2023 داخل الولايات المتحدة، وتجاوزت الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2023 المتوسط، وكان عام 2023 واحدا من أعلى الأعوام المسجلة في الولايات المتحدة بالنسبة لعدد الوفيات بسبب العواصف مع 76 حالة وفاة.

حرائق الغاباتحرائق الغابات

تسبب التغير المناخي بارتفاع تردد الموجات الحارة وموجات الجفاف حول العالم، ومع الجفاف تخزن النباتات كمية أقل من الماء وتنمو ببطء، ويؤدي ذلك إلى المزيد من تساقط الأوراق الجافة الخاصة بها وموت الأشجار نفسها سريعا، ما يوفر بيئة مناسبة لانتشار الحرائق.

عام 2023 من السنوات التي سجلت حالات قاسية من حرائق الغابات، نتذكر مثلا حرائق الغابات في الجزائر، خلال  شهر يوليو الماضي، حيث شهدت البلاد قرابة 100 حريق في 16 ولاية تسببت بمقتل 34 شخصا على الأقل بينهم 10 جنود، ولعب الطقس الحار والرياح الشديدة دورا في تأجج تلك الحرائق، حيث وصلت درجة الحرارة أثناءها إلى 48 درجة مئوية.

وإلى جانب حرائق الغابات في الجزائر، اندلعت حرائق الغابات بمستوى غير مسبوق في دول عدة، ففي أوروبا مثلا سجلت اليونان أقوى موجة من انبعاثات الغازات الدفيئة صادرة من حرائق الغابات على الإطلاق خلال 2023، وفي المحيط الهادي أصبح الحريق الذي اندلع في جزيرة ماوي بهاواي هو أشد حرائق الغابات فتكا في الولايات المتحدة منذ أكثر من قرن.

كما كانت حرائق الغابات في تشيلي، والتي بدأت في يناير 2023، واحدة من الحالات المتطرفة كذلك، حيث تطورت لتصل لما لا يقل عن 406 حرائق، وصُنفت العشرات منها على أنها حرائق خطيرة، قضت في مجموعها على أكثر من مليون فدان، وأسفرت عن مقتل 24 شخصا، مما دفع الحكومة إلى إعلان حالة الطوارئ في مناطق متعددة من البلاد.

التغير المناخيالتغيرات المناخية

تغير المناخ هو أي تغيير مؤثر وطويل المدى في معدل حالة الطقس يحدث لمنطقة معينة، يمكن أن يشمل معدل حالة الطقس معدل درجات الحرارة ومعدل التساقط وحالة الرياح، كما يمكن أن يكون تغير المناخ ناتجًا عن التغيرات الطبيعية في النظام المناخي للأرض، مثل التغيرات في نشاط الشمس أو الانفجارات البركانية الكبيرة.

ويساهم تغيّر المناخ بشكل مباشر في حدوث حالات الطوارئ الإنسانية الناجمة عن موجات الحر وحرائق الغابات والفيضانات والعواصف الاستوائية والأعاصير، التي تتزايد من حيث الحجم والتواتر والشدة، ومنذ القرن التاسع عشر، كانت الأنشطة البشرية هي المحرك الرئيسي لتغير المناخ، ويرجع ذلك أساسًا إلى حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز.

وتعد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتراكمة هي العامل الأكثر تأثيرا في التغير المناخي، وقد بدأت هذه الانبعاثات في الارتفاع خلال الثورة الصناعية (خاصة بعد عام 1850)، مما يعني أن البلدان الأكثر تقدما مثل الولايات المتحدة، والتي انتقلت مبكرا إلى نظام اقتصادي قائم على الوقود الأحفوري بشكل كبير، لها دور كبير في التأثيرات المناخية التي نراها اليوم حول العالم.

عندما يتم حرق الوقود الأحفوري، يتم إطلاق الغازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان إلى الغلاف الجوي، التي تعمل هذه الغازات على حبس الحرارة، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات حرارة الأرض.

يقدر خبراء التغير المناخي أن الفرق بين متوسط درجة حرارة الأرض اليوم ومتوسط درجات الحرارة في العصور الجليدية هو 5 درجات مئوية فقط، لكن درجة واحدة أو درجتين في حرارة الأرض كافية لإحداث حرائق في الغابات وجفاف في المزروعات وفيضانات في البحار والأنهار.

الدول الأكثر مساهمة في التغير المناخي

إن أكثر الدول التي ينبعث منها غاز ثاني أكسيد الكربون هي على التوالي: الصين والولايات المتحدة والهند وروسيا واليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية وإيران وإندونيسيا وكندا.

ويحذر تقرير لصندوق النقد الدولي من أن نحو 60% من سكان العالم حاليا يعيشون في بلدان معرضة لعواقب تغير المناخ، وهو رقم من المتوقع أن يرتفع إلى 75% بحلول نهاية القرن الحالي.

وقالت الأمم المتحدة إن ثلث سكان العالم، لا سيما في البلدان الأقل نموا والدول الجزرية الصغيرة النامية، ليس لديها نظام إنذار مبكر، موضحة على سبيل المثال أن 60% من سكان أفريقيا معرضون تماما لتأثيرات الكوارث المناخية.

التغيرات المناخية تضرب دول العالم

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: غضب الطبيعة الكوارث التغيرات المناخية زلازل الفيضانات الأعاصير حرائق الغابات التغير المناخي الولایات المتحدة التغیر المناخی حرائق الغابات ألف شخص أکثر من عام 2023

إقرأ أيضاً:

مساعدة أممية وخدمة أوروبية لدعم إطفاء الحرائق باللاذقية

أعلنت الأمم المتحدة مساعدات طارئة بينما فعّل الاتحاد الأوروبي خدمة "كوبرنيكوس" لتوفير خرائط أقمار اصطناعية محدثة، وذلك للمساعدة في إطفاء حرائق الغابات التي تتواصل منذ 10 أيام في اللاذقية غربي سوريا.

وأعلن المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا آدم عبد المولى، عن تخصيص مبلغ 625 ألف دولار من صندوق سوريا الإنساني لدعم جهود الاستجابة الطارئة للأشخاص المتضررين من حرائق الغابات في محافظة اللاذقية.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن هذه الأموال ستمكن الشركاء في العمل الإنساني -وفي المقام الأول الهلال الأحمر العربي السوري- من تقديم المساعدة العاجلة لآلاف الأشخاص المتضررين من الحرائق.

وأفاد المكتب بأنه بينما تستمر عمليات التقييم في 60 مجتمعا، تشير التقارير الأولية إلى أن الحرائق أدت إلى نزوح مئات الأفراد، وتدمير الأراضي الزراعية والبنية التحتية الحيوية، وتعطيل سبل عيش المجتمعات في المنطقة الساحلية بشدة.

وأوضح أن الأمم المتحدة تقوم بالتنسيق الوثيق مع السلطات المحلية والشركاء في العمل الإنساني على الأرض، وهي على استعداد لحشد المزيد من الدعم حسب الحاجة.

أوروبا تساهم

من جهة أخرى، أعلن الاتحاد الأوروبي تفعيل خدمة "كوبرنيكوس" لتوفير خرائط أقمار اصطناعية محدثة، لتستخدمها فرق الاستجابة لتوجيه العمليات بدقة، ويمكن تكبيرها حتى مستوى القرى لتقييم حجم الأضرار.

وقد أوضحت الوكالة السورية العربية للأنباء (سانا) أن فرق الإطفاء والدفاع المدني تعمل على 3 محاور أساسية لمواجهة انتشار النار في غابات ريف اللاذقية الشمالي، برج زاهية، وغابات الفرنلق، ومنطقة نبع المر قرب مدينة كسب، وهي المحاور الأصعب في العمل بسبب كثافة الغابات ووعورة التضاريس والانتشار الكبير للألغام ومخلفات الحرب.

إعلان

وأوضح الدفاع المدني أمس في قناته على تليغرام أن قوة الرياح أدت لتجدد انتشار الحرائق بعد الظهر وتوسعها رغم تمكن الفرق من وقف امتداد النيران صباحا.

وحذر وزير الطوارئ وإدارة الكوارث رائد الصالح من أن حرائق الغابات لا تزال تتوسع في ريف اللاذقية، رغم الجهود المكثفة المبذولة من فرق الإطفاء، حيث تجاوزت المساحة المتضررة حتى الآن 15 ألف هكتار.

ويشارك في عمليات الإخماد أكثر من 150 فريقا من الدفاع المدني وأفواج الإطفاء، إضافة لفرق من المؤسسات والوزارات وفرق تطوعية مدعومين بـ300 آلية إطفاء وعشرات آليات الدعم اللوجيستي.

كما تشارك في العمليات فرق إطفاء برية من تركيا والأردن، وفي الجانب الجوي تسهم 16 طائرة من سوريا وتركيا والأردن ولبنان في تنفيذ عمليات الإخماد الجوي، في إطار تنسيق مشترك لمواجهة الكارثة.

وتسهم الرياح القوية في تسريع انتشار النيران، في حين تعيق الألغام ومخلفات الحرب حركة الفرق، وقد تسببت انفجارات بعضها في نشوب حرائق جديدة.

كما أعلنت السلطات السورية، أمس الجمعة، عن أضرار واسعة بمنازل وأراض زراعية خلفها حريقان اندلعا في ريف حماة (وسط).

مقالات مشابهة

  • مساعدة أممية وخدمة أوروبية لدعم إطفاء الحرائق باللاذقية
  • الطوارئ السورية: حرائق الغابات باللاذقية امتدت على مساحة 15 ألف هكتار
  • التغيرات المناخية المفاجئة.. رئيس مركز المعلومات يكشف عن الأسباب
  • حرائق الغابات تمتد إلى أحراش كسب بريف اللاذقية في سوريا
  • عمليات إجلاء غرب أميركا جراء حرائق غابات
  • الأمم المتحدة تدعم سوريا لمواجهة الحرائق المدمرة في اللاذقية
  • خبير بيئي يوضح أسباب التغيرات المناخية وأضرار تجاهل الانبعاثات الكربونية
  • حرارة شديدة قاتلة.. موجة أكثر فتكا تضرب العالم | ما القصة؟
  • وزير الري: نعمل على تعزيز قدرة السواحل الشمالية على مواجهة مخاطر التغيرات المناخية
  • «المركزي الأوروبي» يحذر من تكلفة الكوارث المناخية على القارة