إن الزواج من نِعَمِ الله على الإنسان، فوجب على الإنسان أن يشكر الله على نعمه، ولكن على مَنْ يُقْدِمَ على الزواج أن يستعد لهذا الأمر خلقيًّا وماديًّا ومعنويًّا، وأن يتعلم أحكام الفقه الضرورية فى باب النكاح، وليعلم أن النكاح قد لا يخلو من بعض الآفات، ومن ذلك العجز عن طلب الحلال، فلربما امتدَّتْ يدُ المتزوج إلى ما ليس له، خاصة إذا كانت الزوجة كثيرة النفقات، أو زوجة مبذِّرة، والزوج ينقاد خلفَها ويسعى لإرضائها، فَلَكَمْ جَمَعَ كثيرٌ من الأزواج المالَ الحرامَ لتلبية رغبة الزوجات، ومن آفات النكاح القصورُ عن القيام بحقوق النساء، والصبر عليهن إذا صدر منهن ما يؤذى الزوجَ؛ ولذلك ينبغي على الرجل ألا يُقَصِّرَ فى حق زوجته، وينبغى على المرأة ألا تقصر هي الأخرى فى حق زوجها، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ) قَالَ:(أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا، وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْهُمْ، وَعَبْدُ الرَّجُلِ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْهُ، أَلاَ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) (أخرجه البخارى).


وينبغى على الزوج أن يتنبه إلى أمر كبير، وهو ألا يكون الأهلُ، والولدُ يشغلونه عن ذكر الله عز وجل، فيقضى ليله ونهاره فى التمتع بذلك، فلا يتفرغ القلبُ للفكر فى الآخرة والعمل لها، وإذا وضع الرجلُ هذه الأمورَ فى حسبانه فينظر المصلحةَ بين الزواج والعزوبة، ويسأل نفسَه:
هل يستطيع القيام بواجباته دون إخلال ويوازن بين المصالح والمفاسد، وينظر فى نفسه إلى القدرة على القيام بكل تلك الحقوق؛ لأنها مسؤولية كبيرة، بدءًا من الزوجة، ثم الأبناء والبنات، والرعاية بالتربية والتعليم.. ونحوها من تكاليف الأبوة والأمومة، وما يتطلَّبانه.
إن المسلم إذا احتاج إلى الزواج لَزِمَهُ السعيُ له؛ حتى لا يقع في الحرام، فالزواج يسكِّن الشهوة، ويقوِّم الخُلُقَ وهذا من فوائد النكاح، وعليه أن يتعلمَ آدابَ المعاشرةِ الزوجية، وأن يحسن اختيار الزوجة، على أن يراعي في اختيارها مواصفاتٍ، سوف نذكرها إن شاء الله فيما يستجدُّ من الكتابة بعون الله، وعليه أن يتحرَّى الحلال فى الكسب والمعاش، فإن ذلك أَدْعَى إلىتربية الذرية الصالحة التي تَنْبُتُ، وتنشأ من الحلال، وعليه أن يتعهد زوجته، وأولاده بالعلمالنافع، وقراءة القرآن، والمحافظة على الصلاة في أوقاتها، وأن يتابع أقوالهم وأفعالهم، فإن صدر منهم الخير شجَّعهم على هذا، وإن صدر منهم السوءَ قَوَّمَ ألسنَتَهُمْ وأفعالهم، فإن المرءعلى ما يُعَوَّدُ عليه، والطفلُ على ما يَشِبُّ عليه، وأن ينزعَ منهم صفاتِ الأنانية والحقد والحسد والسوء، وأن يربِّيَ أولاده على مكارم الخلاق ومحاسن الشيم، وعلى سيرة النبى (صلى الله عليه وسلم) وصحابته الكرام.

د. أحمد طلعت حامد سعد
كلية الآداب ـ جامعة بورسعيد بجمهورية مصر العربية
AHMEDTHALAT468@GMAIL.COM

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: م س ؤ ول الله ع

إقرأ أيضاً:

البحوث الإسلامية ينعي الشيخ سلامة كامل جمعه عضو لجنة مراجعة طباعة المصحف

ينعى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، بمزيدٍ من الرضا بقضاء الله وقدره الشيخ سلامة كامل جمعه؛ عضو لجنة مراجعة طباعة المصحف الشريف، والذي أسهم بكثير من الجهود في خدمة القرآن الكريم.

أمين البحوث الإسلامية: القرآن كتاب الله الخالد وحجته البالغة اليوم.. البحوث الإسلامية يستضيف مفتي الجمهورية للحديث حول: وجود الله.. بين الفطرة والدليل

ويتقدَّم المجمع بخالص العزاء وصادق المواساة إلى الأسرة الكريمة للفقيد، داعيًا المولى -عز وجل- أن يتغمَّد الراحل العزيز بواسع رحمته ومغفرته، وأن يجعل ما قدَّمه في خدمة القرآن الكريم في ميزان حسناته، وأن يرزق أهلَه وذويه الصبر والسلوان. 
 

أمين البحوث الإسلامية: القرآن كتاب الله الخالد وحجته البالغة 

وشارك الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية د. محمد الجندي في فعاليات تكريم حفظة القرآن الكريم، الذي نظمه رواق الجامع الأزهر فرع أسيوط، وذلك بمدينة العدوة تحت رعاية الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب - شيخ الأزهر، وبإشراف وكيل الأزهر أ.د. محمد الضويني.

وقال الأمين العام خلال كلمته التي ألقاها بالاحتفال، إن فضائل القرآن كثيرة جدًّا لا تعد ولا تحصى؛ فالقرآن الكريم عند المسلمين هو الكتاب الذي أنزله الله تعالى على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، هداية ورحمة للناس جميعًا، وهو كتاب الله الخالد، وحجته البالغة، وهو باق إلى أن تَفنى الحياة على الأرض، وأن قراءة القرآن فضلها عظيم، فبها يحصل المسلم الحسنات، وينال الأجر العظيم، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (آلم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف»، ولحافظ القرآن أجر عظيم عند الله؛ فإن القرآن يشفع لصاحبه يوم القيامة، ويعلي منزلته ودرجته في الجنة؛ فيكون مع الملائكة السفرة الكرام البررة.
أضاف الأمين العام أن من فضائل تعلم القرآن وتعليمه أن جعل الله مَن تعلم القرآن وعلمه غيره خير الناس وأفضلهم، مضيفًا أن القرآن الكريم هو الكتاب الذي أنزله الله تعالى على محمد صلى الله عليه وسلم، هداية ورحمة للناس جميعًا، وفيه سعادتهم وفلاحهم، وهو كتاب الله الخالد وحجته البالغة، وهو باق إلى أن تفنى الحياة على الأرض، وفيه أنزل الله شريعته وحُكمه التام الكامل؛ ليتخذه الناس شرعة ومنهاج حياة، وهو معجزة محمد صلى الله عليه وسلم التي عجز الجن والإنس جميعًا عن أن يأتوا بمثلها بعد أن تحداهم الله بذلك؛ فقال الله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}، والقرآن الكريم له منزلة عظيمة جدًّا عند الله، حتى أنه تبارك وتعالى أقسم به فقال: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ}.

أوضح الجندي أنه يستحب للمسلم أن يداوم على تلاوة القرآن الكريم، وأن يكثر منها، وهو بذلك يتبع سنة جليلة من سنن الإسلام، وقد بين الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم فضل تلاوة القرآن، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ} [سورة فاطر، آية: 29] وقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده"، وكذلك من فضل قراءة القرآن: تحصيل الحسنات، ونيل الأجر العظيم، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف"، وأيضًا علو شأن قارئ القرآن، ووصوله إلى المكانة العالية والدرجة الرفيعة التي لا تُعطَى لغيره، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يُقال لصاحب القرآن: اقرأ، وارْقَ، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا؛ فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها"، مشيرًا إلى أن حفظ القرآن الكريم له فضل كبير وأجر عظيم عند الله؛ فإن القرآن يشفع لصاحبه يوم القيامة، ويُعلي منزلته ودرجته في الجنة؛ فيكون مع الملائكة السفرة الكرام البررة، ويتعدى نفعه لغيره في الدنيا والآخرة، ويكون له عظيم الأثر في حياته وبعد مماته، وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة"، وغيرها من الفضائل العظيمة التي تناله.

وبين الأمين العام أن علماء المسلمين ذهبوا إلى أن حفظ القرآن الكريم واجب كفائي على الأمة، حتى لا تدخله يد التحريف، فإن حفظته فئة من المسلمين سقط الواجب عن الباقي، وإن لم يحفظه أحد أثموا جميعًا، وكذلك تعليم القرآن للناس له نفس الحكم، ومن فضائل تعلم القرآن وتعليمه أن جعل الله من تعلم القرآن وعلمه غيره خير الناس وأفضلهم، وأن المعرفة بفضل القرآن الكريم تجعل المسلم مقبلًا على مصاحبة القرآن؛ فمعرفته بثمرة تعلم القرآن يزيد تعظيمه لكتاب الله، ومراعاته لحرمته، ومعرفته بمكانته، والمؤمن الحق يتخذ القرآن هاديًا ومنيرًا ليميز به بين الحق والباطل؛ فيطمئن إليه وتسكن روحه عند تلاوته، وإذا وسوس له الشيطان ليصرفه عن تلاوته، فإن تذكره لفضل القرآن يجعله أكثر تمسكًا به؛ لرسوخ القرآن في قلبه، وهذا يجعله حريصًا على تعلم علومه؛ فيزيده فقهًا في الدين، ويجعله أعظم دراية بأحكامه، مشيرًا إلى إن الهدف من المداومة على قراءة القرآن هي الوصول إلى فهمه وتدبر آياته والعمل بما فيها من أوامر واجتناب ما فيها من نواهي في واقع الحياة حتى نكون من المهتدين إلى طريق الحق. وقد دلنا الله على صفات من هداهم إليه تعالى، فقال: ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾.

مقالات مشابهة

  • وفاء رجل لزوجته: لها قدر في قلبي حتى بعد وفاتها.. فيديو
  • هل يجوز الزواج أقل من المستوى الاجتماعي؟.. أيمن الفتوى يجيب
  • خبراء ومفكرون في الجزائر يطالبون بتطوير الصّيغ التمويلية للمصارف الإسلامية
  • البحوث الإسلامية ينعي الشيخ سلامة كامل جمعه عضو لجنة مراجعة طباعة المصحف
  • سياسي أنصار الله: الثورة الإسلامية الإيرانية جسدت التغيير الاستراتيجي في المنطقة
  • أمين الفتوى بدار الإفتاء: اتباع الموضة جائز بشرط الالتزام بضوابط الشريعة
  • أمين البحوث الإسلامية: القرآن كتاب الله الخالد وحجته البالغة
  • ناطق أنصار الله يبارك لإيران ذكرى انتصار الثورة الإسلامية
  • إيران تحيي ذكرى مرور 46 عاما على الثورة الإسلامية
  • الإعجاز العلمي بالبحوث الإسلامية: النباتات لديها القدرة على التواصل بين بعضها