الكاميرا.. سلاح فلسطيني لتوثيق وفضح جرائم الاحتلال
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
نابلس- لم يكن أحد ليعرف ما حدث ليلة 13 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي مع المواطن الفلسطيني إياد بنات بعد اقتحام جنود الاحتلال منزله في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، لو لم يصور ما جرى بأدق تفاصيله وينقله للعالم مباشرة بعد أن وثَّق ذلك على حسابه بمنصة "تيك توك".
ويُظهر مقطع فيديو ذاع بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة جنديين إسرائيليين وهما ينهالان بالضرب المبرح على الشاب إياد وسط عائلته وأطفاله، على غرار فيديوهات أخرى بات الفلسطينيون يعمدون لتصويرها ونشرها لفضح جرائم الاحتلال، وأضحى التصوير سبيلهم لحماية أنفسهم من عنف الاحتلال وصلفه.
في تلك الليلة، حاصر جنود الاحتلال منزل عائلة بنات في الحي الجنوبي بمدينة الخليل واقتحموه الساعة الواحدة صباحا، وسارع الشاب لنقل بث مباشر للحادثة عبر هاتفه بعد أن أخفاه عن أعينهم "لإظهار عنفهم أثناء اقتحامهم بيوت الفلسطينيين الآمنة، وتوثيق أي اعتداء يرتكبه الجنود".
ويقول إياد للجزيرة نت "ضربوني بعنف بأيديهم وأرجلهم وبنادقهم، وبالعتلة الحديدية التي فتحوا بها باب المنزل أمام زوجتي وأطفالي الستة الذين كاد الجنود يقتلون أحدهم بعد أن ألقوا الخزانة فوقه".
صدى كبيروإلى خارج المنزل اقتيد إياد وأقارب له من كبار السن واحتُجزوا 4 ساعات، وتم تكبيلهم وتعصيب أعينهم وسط ضرب مبرح أصاب بعضهم بجروح خطيرة.
وعرف التصوير الذي نشره بنات عبر كل منصاته صدى كبيرا، وكان مادة دسمة لمؤسسات حقوقية كثيرة زارته واطلعت عن قرب عما حل به ووثقته، وبالنسبة له كان كافيا كشف جرائم الاحتلال وفضح "الجيش النظامي"، حسب وصفه.
لكن هذه المنصات عاقبته وأغلقت جميع صفحاته، وعندما فتح حسابه على "تيك توك" باسم جديد، أخطروه "بعدم تصوير قوات الأمن العاملة في منطقته، وأن ذلك يحاسب عليه القانون".
ويقول "أدرك جيدا أنه لن تتم محاسبة جنود الاحتلال، لكن ما جرى كان كافيا لردعهم، وأنا أدعو كل مواطن إلى تركيب كاميرات مخفية داخل منزله لتوثيق انتهاكات الاحتلال".
وشاء القدر أن يكتفي الاحتلال بضرب إياد دون إعدامه مثلما حدث مع الشابين رامي العبوشي وثائر شاهين (25 عاما لكل منهما) بمخيم الفارعة قرب مدينة طوباس شمال الضفة في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الجاري، حيث أطلق جنود الاحتلال النار عليهما من مسافة صفر رغم أنهما لم يشكلا أدنى خطر عليهم.
وأظهر تصوير كاميرا مثبتة بجدار منزل الشهيد ثائر وتصوير آخر بالهاتف، اقتراب آليتين عسكريتين وترجل جندي من إحداهما والآخر ظل داخلها وأطلقا قرابة 12 رصاصة صوب رامي وقتلاه، ثم اقتربا من ثائر وأطلقا عليه 4 رصاصات.
ويقول منصور العبوشي عم الشهيد رامي "لم يشكل الشهيدان أدنى خطر على الاحتلال، وكانا بعيدين عن منطقة الحدث، حتى أن رامي أصيب برصاصة من بعد وسقط أرضا، ثم أجهزوا عليه".
أهمية التوثيقالعبوشي كان فقد شقيقه الطفل محمد بحادثة مشابهة لكنها لم توثق عام 1989 بعد أن قنصه جندي إسرائيلي بأحد أزقة المخيم وقتله، يضيف للجزيرة نت "حقق الفيديو انتشارا كبيرا، وتجاوز على تليغرام 20 مليون مشاهدة، وهذا يكفي لفضح الاحتلال، ورغم ادعائه فتح تحقيق عسكري مع الجنود فإنه لن يتم إدانتهم أو محاسبتهم".
وإلى جانب توثيق وفضح وحشية الاحتلال وإعدامه الشهيدين بدم بارد، سيكون التصوير دليلا ملموسا في إجراءات ذويهما القانونية لمحاسبة الجناة.
ويرى كريم جبران الباحث بمؤسسة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية أن مثل هذه التوثيقات مهمة خاصة إذا كانت مرئية، كونها تعكس "وحشية الجنود وممارساتهم غير القانونية، وتفند ادعاءاتهم والأهم أنها تقنع الآخرين بالرواية الفلسطينية".
ويقول جبران -للجزيرة نت- إنهم كمؤسسة حقوقية توثق انتهاكات الاحتلال يعتمدون على التصوير، كما دعموا مشروعا للتوثيق بالتصوير بالكاميرات قبل الهواتف الذكية. وحتى إن لم يحاسب الاحتلال جنوده، فإن هذه المقاطع كافية لفضح وحشيتهم أمام المجتمع الإسرائيلي.
ويرى الباحث ضرورة نشر التصوير عبر المؤسسات وليس الأفراد "ليخرج من محدوديته لديهم، وليكون أكثر مهنية وقوة وانتشارا عالميا، ويصل للإعلام الدولي".
ويتفق إحسان عادل رئيس "منظمة القانون من أجل فلسطين" مع جبران حول أهمية التصوير من الناحية الإعلامية والمناصرة وكشف انتهاكات إسرائيل ودحض "ادعاءات أخلاقية جيشها"، وهو ما يحقق تضامنا وتأثيرا عالميا وخاصة على صناع القرار.
الفلسطينيون يوثقون اعتداءات الاحتلال في مواجهات بقرية اللبن جنوب نابلس بالضفة الغربية (الجزيرة) مساهمة فعالةوعلى المستوى القانوني والحقوقي، يمكن لمنظمات حقوق الإنسان الاستناد لهذه التوثيقات، كما يمكن للجان التحقيق والمحاكم الدولية اعتمادها أيضا، وهو ما يعرف -وفق عادل- "بالمصادر المفتوحة للمعلومات" التي يستعين بها المحققون الدوليون من خلال "بروتوكول بيركلي" بشأن التحقيقات الرقمية المفتوحة المصدر.
وقال للجزيرة نت إن الكثير من المواد التي رفعتها وقدمتها إلى المحكمة الجنائية الدولية منظمات حقوق الإنسان تعتمد جزئيا على المصادر المفتوحة، وإن "فيديوهات المواطنين ساهمت في إظهار حقيقة أن استهداف الصحفية الشهيدة شيرين أبو عاقلة كان من خلال جنود الاحتلال، وليس من حيث وجود الفلسطينيين كما ادعت إسرائيل بداية".
ودعا عادل إلى استثمار هذه الفيديوهات بإيصالها لجهات الاختصاص والمنظمات الحقوقية في فلسطين، وإلى رفعها للمحكمة الجنائية الدولية عبر موقعها الرسمي، وأكد أهمية التصوير بجودة عالية وحفظ مادة التصوير بنسخ احتياطية وتوثيقها بطريقة آمنة ومقبولة دوليا.
ولفت إلى أهمية تدوين اسم المصور ومن يظهر بالفيديو والزمان والمكان الذي يُفضّل أن تُظهر صورة موسعة تُبين جميع معالمه كالمدرسة أو ساحة عامة تسهل التعرف عليه بسهولة، كي لا تُثار الشكوك حول مصداقيته.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: جنود الاحتلال للجزیرة نت بعد أن
إقرأ أيضاً:
مجازر مروعة في غزة وكمائن المقاومة تلاحق جنود الاحتلال بجباليا
#سواليف
ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم الجمعة مجزرعة مروعة في بيت لاهيا شمال قطاع غزة، خلفت 50 شهيدا بينهم 5 من الكادر الطبي في مستشفى كمال عدوان، في حين نفذت المقاومة الفلسطينية عدة كمائن ضد قوات الاحتلال في مخيم جباليا، تسببت في مقتل ضابطين برتبة رائد وإصابة عدد من الجنود.
وقالت وزارة الصحة إن “نحو 50 شخصا بينهم 5 من الكادر الطبي في مستشفى كمال عدوان استشهدوا نتيجة القصف الجوي لطائرات الاحتلال على مبنى مجاور للمستشفى”.
وأوضح البيان أن من بين الشهداء الدكتور أحمد سمور طبيب الأطفال، وإسراء أبو زايدة فنية المختبر، واستُشهد كلاهما أثناء محاولتهما العودة إلى منازلهما. كما استشهد فني أثناء محاولته إنقاذ المصابين.
مقالات ذات صلة الارصاد : كتلة باردة ورأس سنة ماطرة باذن الله 2024/12/27واستشهد أيضا مسعفان قرب المستشفى ولا يزال جثماناهما في الشارع.
كما فجرت قوات الاحتلال الإسرائيلي روبوتا مفخخا رابعا في محيط مستشفى كمال عدوان شمالي قطاع غزة.
وبعد المجزرة بساعات، حاصر جيش الاحتلال مستشفى كمال عدوان وطالب الموجودين داخله بالخروج إلى ساحته.
وأفاد مصدر من داخل المستشفى للجزيرة بأن قوات الاحتلال طلبت من إدارة المستشفى إخراج الطاقم الطبي والمرضى والمرافقين إلى ساحته؛ بالتزامن مع إطلاق نار وقصف من الدبابات في محيطه.
وأمهلت قوات الاحتلال المتواجدين 15 دقيقة للخروج لساحته؛ ولم يتسنى الحصول على مزيد من التفاصيل؛ نظرة لانقطاع الاتصال بشكل شبه كامل.
يشار إلى وجود حوالي 350 شخصاً داخل المستشفى؛ من بينهم 75 مصابًا ومريضًا، بالإضافة إلى مرافقيهم، و180 من الكادر الطبي والعاملين في أقسام المستشفى المختلفة.
مستشفى العودة
وفي سياق متصل، أصيب مدير مستشفى العودة في جباليا و6 من الأطقم الطبية في تفجير جيش الاحتلال روبوتات بمحيط المستشفى.
ودعت وزارة الصحة في غزة المجتمع الدولي للتدخل العاجل لحماية المدنيين والعاملين في القطاع الصحي.
وقال مدير المستشفيات الميدانية بوزارة الصحة الدكتور مروان الهمص إن الاحتلال الإسرائيلي يستهدف المستشفيات في شمال القطاع بشكل شبه يومي.
وأضاف في نشرة سابقة للجزيرة أن الاحتلال يريد تدمير المنظومة الصحية بشكل كامل.
ويحاصر جيش الاحتلال المستشفيات الثلاثة الموجودة في شمال قطاع غزة، وهي الإندونيسي والعودة بجباليا وكمال عدوان في منطقة مشروع بيت لاهيا، ويحول دول وصول الأدوية والمستلزمات الطبية إليها.
وعبر عمليات تفجير قرب المستشفى يهدف الجيش الإسرائيلي إلى إجبار الطواقم الطبية في هذه المستشفيات على مغادرتها، وذلك في إطار تضييقات على من تبقى من فلسطينيي شمال غزة الذين يريد تهجيرهم.
مجازر متواصلة
وفي الأثناء، أفاد مراسل الجزيرة باستشهاد فلسطينيين اثنين وإصابة آخرين في قصف استهدف منزلا في حي التفاح شرقي مدينة غزة. وقال إن الشهداء والجرحى جرى نقلهم إلى مستشفى المعمداني بمدينة غزة.
في مخيم النصيرات وسط القطاع،، شيع الأهالي جثامين 5 صحفيين من “قناة القدس الفضائية” من مستشفى العودة، بعد استهداف قوات الاحتلال بغارة جوية سيارة البث الخاصة بالقناة أمام المستشفى
وفي وقت سابق قال مراسل الجزيرة في غزة إن قصفا استهدف منزلا في محيط بركة الشيخ رضوان غرب مدينة غزة، أسفر عن سقوط 8 شهداء على الأقل وخلف عددا كبيرا من الإصابات. وذكر شهود عيان أن عشرات المواطنين لا يزالون عالقين تحد الأنقاض.
قال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، في بيان، إن الاحتلال الإسرائيلي يواصل ارتكاب جرائم حرب مكتملة الأركان، ويستخدم “روبوتات” مُتفجرة لاستهداف المدنيين والمرافق الحيوية.
وأضاف البيان أن استخدام الاحتلال التكنولوجيا العسكرية المتقدمة في استهداف المدنيين العزل والمرافق المدنية يمثل جريمة حرب مكتملة الأركان، بموجب اتفاقيات جنيف الأربع ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
انفجار عنيف
في الأثناء، أفاد شهود عيان بأن جيش الاحتلال أقدم، مساء أمس الخميس، على تنفيذ عمليات نسف ضخمة لما تبقى من مبان في عدة مناطق شمالي قطاع غزة، سمعت أصداؤها في تل أبيب ووسط إسرائيل بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.
وقال شهود عيان لوكالة الأناضول إن الجيش الإسرائيلي أجرى عمليات نسف ضخمة لمبان في مناطق عدة شمالي القطاع، وخاصة في محيط مستشفيي العودة وكمال عدوان.
وبحسب الشهود، فإن عمليات النسف تمت بواسطة روبوتات مفخخة تقوم الآليات الإسرائيلية بزرعها بين المباني وسط الأحياء السكنية، وتحدث دمارا هائلا.
وكان موقع “والا” الإسرائيلي قال إن شهود عيان في مركز إسرائيل وجنوبها أبلغوا عن سماع دوي انفجارات ضخمة، كما قالت القناة الـ13 الإسرائيلية، إن أصداء الانفجارات جراء عمليات النسف شمالي قطاع غزة، سمعت في تل أبيب ومحيطها.
وفي 5 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اجتاح الجيش الإسرائيلي مجددا شمال قطاع غزة، ويقول الفلسطينيون إن إسرائيل ترغب في احتلال المنطقة وتحويلها إلى منطقة عازلة بعد تهجيرهم منها تحت وطأة قصف دموي ومنع إدخال الغذاء والماء والأدوية.
وتسببت هذه العملية في خروج المنظومة الصحية عن الخدمة بشكل شبه كامل وفق تصريحات مسؤولين حكوميين، فضلا عن توقف عمل جهاز الدفاع المدني ومركبات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني.
كمائن المقاومة
ميدانيا أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل رائد -وهو قائد سرية في الوحدة متعددة المهام- وإصابة ضابط وجندي بجروح خطيرة في معارك شمالي قطاع غزة.
وكانت إذاعة الجيش الإسرائيلي أعلنت مقتل ضابط آخر برتبة رائد برصاص قناص في منطقة نتساريم وسط القطاع، وأصيب خلال الحدث ذاته جندي في نفس الوحدة بجروح خطيرة، فيما أعلن الجيش عن إصابة ضابط وقائد دبابة في شمال القطاع بجروح خطيرة.
وقال المتحدث العسكري باسم الجيش الإسرائيلي إن وحدات من الجيش دمرت نفقا تحت الأرض، يمتد عشرات من الأمتار في منطقة جباليا ومبنى يستخدم لتصنيع المتفجرات، وعددا من الأسلحة والسترات، ومعدات عسكرية تابعة لحركة حماس.
من جانبها، أعلنت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- استهداف مقاتليها قوة هندسية إسرائيلية بقذيفة “تي بي جي” أثناء تقدمها لنسف منازل غرب مخيم جباليا، شمالي قطاع غزة.
كما قالت الكتائب إن مقاتليها استهدفوا قوة صهيونية راجلة قوامها 7 جنود، في مخيم جباليا بعبوة شديدة الانفجار، وأوقعوهم بين قتيل وجريح.
وقالت كتائب القسام إن مجموعة من مقاتليها اشتبكت مع قوة إسرائيلية راجلة من المسافة صفر، وأوقعتهم بين قتيل وجريح، بالقرب من “مسجد علي” جنوب حي الزيتون بمدينة غزة.
كما أكدت كتائب القسام أن مقاتليها فجّروا في المنطقة نفسها دبابة إسرائيلية من نوع “ميركافا” باستخدام عبوة “شواظ”.
من جانبها،، بثت سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي- مشاهد تظهر قصف مقاتليها، بالاشتراك مع “كتائب شهداء الأقصى”، موقع قيادة وسيطرة تابعا للجيش الإسرائيلي في محور “نتساريم”، إضافة إلى مشاهد تظهر سيطرة مقاتليها على مسيرة إسرائيلية أثناء تنفيذها مهام استخبارية وسط قطاع غزة.
وبدعم أميركي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 153 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.