مع نهاية العام 2023، تبدو هناك تغييرات مثيرة على الأسعار بالأسواق المصرية، ما يشير لاحتمال انتقال أزمات العام المنصرم إلى العام 2024، بل وتفاقمها بنسب أكبر لتصبح أشد وطأة، ما يدعو لقراءة السيناريوهات المحتملة التي قد يواجهها أكثر من 105 ملايين مصري بالعام الجديد.

مثال إحدى تلك المؤشرات المرعبة، وفقا لرصد خبراء ومراقبين ومتحدثين لـ"عربي21"، هو ارتفاع سعر الذهب بنحو 150 جنيها في يوم واحد، وارتفاع سعر الدولار واليورو مقابل الجنيه إلى مستويات قياسية وبخسارة للعملة المحلية في يومين بنحو 3 جنيهات.



وقبل نحو عام سجل سعر جرام الذهب عيار 21 نحو 1640 جنيه، لكنه في الثلاثاء 26 كانون الأول/ ديسمبر 2023، وصل لـ 3300 جنيه، بنسبة ارتفاع أكثر من 92 بالمئة.

"ارتفاع تاريخي للذهب"
ما دفع الخبير الاقتصادي الدكتور علي عبدالعزيز، للقول عبر "فيسبوك" إنه "ارتفاع تاريخي متوقع وليس الأخير"، مضيفا: "بهذا المعدل ولنفس الأسباب بعد عام وفي نهاية 2024، قد يصل سعر الجرام من نفس العيار لـ 6048 جنيه".

وسخر الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب، بقوله: "إنجاز تاريخى غير مسبوق، والقادم أكثر وأكثر"، موضحا أن "10 آلاف جنيه اليوم، تعادل ثمن دبلة خطوبة، إما للعريس أو للعروسة"، مؤكدا أن "ما نمر به حاليا أسوأ من الاحتمال، فما بالنا لو كان هناك أسوأ"، في إشارة لمستقبل الاقتصاد المصري في 2024.


وارتفعت أسعار الذهب بنحو 44 بالمئة، أو ما يعادل ألفي جنيه منذ عملية طوفان الأقصى 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، متأثرة بعد عوامل منها اتساع الفجوة بسعر الدولار بين السوقين الرسمي والموازي، وتجاوز الدولار في السوق السوداء 53 جنيها فيما بلغ في تسعير "الصاغة" نحو 54 جنيها، بحسب صحيفة "البورصة".

"الجنيه والدولار"
وفي ملف العملة المحلية مقابل العملات الصعبة، شهدت أسعار الدولار مقابل الجنيه، ارتفاعات قوية في السوق السوداء خلال تعاملات الاثنين الماضي ليقفز من مستويات 51 جنيها إلى 54 جنيها.

كما حددت الثلاثاء، شهادات إيداع البنك التجاري الدولي في بورصة لندن سعر الدولار مقابل الجنيه عند 54 جنيها، بينما يواصل البنك المركزي المصري تثبيت أسعار الدولار مقابل الجنيه عند مستويات 30.95 جنيه.

الأستاذ بجامعة مينيسوتا الأمريكية محمد الشريف، وعبر موقع "إكس"، أشار إلى تفاقم أسعار الدولار الذى يستخدم في استيراد مستلزمات الإنتاج من خارج البنوك، مخاطبا المصريين بقوله "استعدوا لموجة غلاء جديدة، ولا تقولوا جشع التجار".

عارفين الدولار الذى يستخدم فى استيراد مستلزمات الإنتاج من خارج البنوك النهارده وصل سعره كام جنيه؟
استعدوا لموجة غلاء جديدة، ولا تقولوا جشع التجار — Mohamed ElSherif (@MhdElsherif) December 26, 2023
"الحديد والدواء"
وفي السياق، ارتفع الثلاثاء، أيضا، سعر طن "حديد عز" إلى 41619 جنيها، بزيادة قدرها 262 جنيها، وسعر طن الحديد الاستثماري إلى 39039 جنيها، بزيادة 73 جنيها، في يوم واحد.

وفي قطاع الدواء، كشف المدير التنفيذي لمركز "الحق في الدواء"، ورئيس مجلس إدارة موقع "الحرية" الإخباري، أن هناك "زيادة بأسعار الأدوية متتالي هذا الشهر (كانون الأول/ ديسمبر) للمستحضرات الحيوية المطلوبة، خاصة للأمراض المزمنة، بلغت نسبته 150 بالمئة من بعض الأصناف".

وكشف مدير إحدى شركات الأجهزة الكهربائية والمنزلية والمفروشات وأجهزة العرائس، عن "حالة خوف واضطراب في السوق لدى التجار من فقدان بضائعهم بسعر سوف يرتفع بعد أيام، في الوقت الذي لن يستطيعوا فيه توفير تلك البضائع من مصدرها بالسعر السابق، ما يعتبره التجار أزمة تدفعهم لتقليل البيع".

ولفت في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "حركة المشترون تزداد مع نهاية كل عام نظرا لما تقدمه الشركات من خصومات سنوية بالتزامن مع العام الجديد، ولكن الحركة خلال الأيام الماضية زادت بشكل كبير مع مخاوف الأهالي من ارتفاع الأسعار وانخفاض الجنيه في العام الجديد".

"أزمات من 2023 إلى 2024"
ووفق مراقبين، تدخل مصر العام 2024، ومعها أزمة مؤثرة شهدتها نهاية 2023، والخاصة بانخفاض 40 بالمئة في حركة عبور السفن بمضيق باب المندب، مع هجمات الحوثيين على السفن الإسرائيلية دعما للمقاومة الفلسطينية، ما دفع شركات شحن عالمية لتغيير مسارها لطريق رأس الرجاء الصالح، ما يهدد دخل قناة السويس.


وفي السياق، تراجعت تحويلات المصريين العاملين بالخارج 30.8 بالمئة لتهبط إلى 22.1 مليار دولار العام المالي الماضي، مقابل 31.9 مليار دولار، وذلك في انخفاض يأتي بعد ارتفاع دام 3 سنوات متتالية، وسط توقعات باستمرار التراجع في 2024.

ومع قرار حكومي بتخفيف أحمال الكهرباء وقطع التيار يوميا عن ملايين المصريين منذ صيف 2023، يبدو أن الأزمة ممتدة في 2024، حيث صرح مسئول بوزارة الكهرباء أن الغاز المورد من وزارة البترول لتشغيل المحطات لا يكفي، وأن وقف تخفيف الأحمال مرتبط بعودة مستويات الغاز"، بحسب جريدة "البورصة".

ارتفاع التضخم لمستويات قياسية أزمة كبيرة شهدها 2023، وبلوغ الأساسي منه 36 بالمئة على أساس سنوي في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، يشير وفقا لتأكيدات البعض لارتفاعات قياسية أخرى منتظرة في أسعار جميع السلع في 2024، خاصة مع تراجع مرتقب بقيمة العملة المحلية.

"استمرار ذات السياسات"
واختتمت حكومة السيسي العام 2023، ببيع حصص في 7 فنادق تاريخية منها "كتراكت" بأسوان، و"قصر الشتاء" بالأقصر، و"مينا هاوس" بالقاهرة، و"سيسيل" بالإسكندرية، لرجل الأعمال المصري هشام طلعت مصطفى ومستثمرين إماراتيين ودوليين، مقابل 800 مليون دولار.

ومن المتوقع أن تواصل حكومة السيسي، ذات النهج في 2024، تنفيذا لوثيقة ملكية الدولة التي تم إعلانها في 2022، وتنفيذا لمطالب صندوق النقد الدولي ببيع الأصول العامة وزيادة حصص القطاع الخاص.

كما أنه من المتوقع استمرار ذات السياسات نحو الاقتراض الخارجي، من صندوق النقد الدولي ومؤسسات التمويل الدولية، مع طرح سندات "الساموراي" اليابانية، و"الباندا" الصينية، و"الروبية" الهندية، وذلك للوفاء بخدمة دين تصل 26 مليار دولار بالنصف الأول من 2024، و16 مليار دولار  بالنصف الثاني من العام.

ومن المتوقع أيضا وفقا لمراقبين تأزم موقف الدين الخارجي لمصر في 2024، حيث أنه بات مطلوبا من البلاد سداد 42.3 مليار دولار وفقا للبنك المركزي المصري، للوفاء بخدمة الدين الخارجي من فوائد وأقساط ومتأخرات.

وفي 2023، لم يعلو صوت أزمة فوق صوت أزمة العملة المحلية، حيث ارتفع سعر صرف الدولار من 24.7 جنيه بنهاية 2022 إلى 31 جنيه رسميا، ومن 35 إلى 53 جنيه في السوق السوداء، وسط توقعات بارتفاعات كبيرة في 2024، وخاصة بالسوق السوداء إلى معدل يقترب من 100 جنيها، وإلى 60 جنيها بالسوق الرسمية.

وعبر صفحته بـ"فيسبوك"، توقع الخبير الاقتصادي المصري جمال الشحات، أن المراجعات القادمة لقرض صندوق النقد الدولي بعد زيادته إلى 6 مليارات دولار ، تقود لزيادة السعر الرسمي للدولار من 31 جنيه بنهاية 2023، بنسبة 100 بالمئة ليتجاوز السعر 60 جنيها في 2024.

وفي الوقت الذي خفضت فيه وكالات التصنيف الائتماني الدولية قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها مثل خفض وكالة "ستاندرد أند بورز" تصنيف القاهرة من (B إلى -B)، وتخفيض "فيتش" و"موديز" من (B3 إلى CAA1)، من المرجح مواصلة ذات الانخفاض، وبالتالي تراجع تدفق الاستثمارات الأجنبية للبلاد.
وتشير التوقعات لاستمرار انخفاض نسبة النمو لاقتصاد البلاد، الذي جرى تقديره من عدة جهات دولية بين 3 و4 بالمئة، خلال 2023 و2024.

بل إن الأمر، قد يصل إلى أزمات أوسع في ملف مياه النيل، وهو المؤشر الذي يدعمه تصريح لوزير الري المصري هاني سويلم.

الوزير قال فيه قبل أيام، إن "إثيوبيا خصمت من حصة مصر 26 مليار متر مكعب من مياه النيل الأزرق في الملء الرابع لسد النهضة، بما يعادل 53 بالمئة من حصة مصر"، ما قد يؤثر على الإنتاج الزراعي للبلاد، خاصة مع فرض إثيوبيا قرارها بالملء الخامس منتصف 2024، منفردة.


وفي ظل قراءتهم لمؤشرات الاقتصاد المصري وللارتفاعات الحالية بالأسعار في الأيام الأخيرة من 2023، تحدث خبراء إلى "عربي21"، عن مدى اعتبارها مؤشرات لما قد يطال المصريين من أزمات في 2024، مسجلين توقعاتهم لما قد يحدث بملف الأسعار والسلع.

كما تطرقوا إلى السيناريوهات المحتملة لملفات مصر الاقتصادية مثل الديون وفوائدها وأقساطها، وأزمة الدولار  والجنيه، وملف بيع الأصول، والاستثمار، وأيضا الفقر والبطالة وأوضاع المصريين في 2024، وأجابوا على التساؤل: كيف يمكن إنقاذ المصريين من أزمات محتملة بالعام القادم؟.

"الانفجار قادم"
وقال الخبير الاقتصادي والأكاديمي المصري الدكتور أحمد ذكرالله، إن "ارتفاع سعر جرام الذهب بمثل هذا الارتفاع الكبير ليس مستغربا؛ لأنه مازالت مشكلة أسعار الصرف قائمة بشكل كبير بالسوق المحلية".

وأكد لـ"عربي21"، أن "هذه المشكلة أدت لتعطيل الواردات المصرية من الخارج، وأدت أيضا إلى إغلاق العديد من المصانع، البعض يقدرها بالمئات والآخر  بالآلاف التي أغلقت لأنها لا تجد احتياجاتها من قطع الغيار والعدد والآلات والخامات".

وأضاف: "إذا هناك مشكلة قائمة في 2023، وما قبلها، هذه المشكلة بشكل أو بآخر تؤثر على قفزات في الأسعار، وتظهر بصورة كبيرة في تلك السلع المرتبطة بالخارج والدولار والذهب وخلافه، وبالتالي ليس عجيبا أن نستيقظ لنجد زيادة كبيرة في أسعار الذهب قد تكون بمئات الجنيهات".

ويرى أننا "أمام مشكلة ليس لها حل حتى الآن؛ لأن الحل خارج سياق الاقتصاد الداخلي ويعتمد على أمور سياسية من الخارج، وبالتالي يمكن التوقع ببساطة طالما لا توجد حلول سياسية من الخارج لمسألة بيع الأصول أو للاقتراض الخارجي الجديد فإن مشكلة الدولار وهي المشكلة الرئيسية ستظل قائمة في 2024".

وتابع: "في ظل تصميم الدولة على عدم إعلان الإفلاس أو جدولة الديون الفترة الماضية، فإن عدم القدرة على الاستيراد الخارجي ستستمر، وبالتالي من الطبيعي توقع ارتفاعات متتالية للأسعار المختلفة في 2024، بينها الذهب وغيره من السلع الرئيسية".

وقال إن "ملفات الديون الخارجية أصل البلاء، فحجم المطلوب في 2024، أكبر بكثير من قدرات البلاد على إيجاده، وأعتقد أن الحكومة يمكن أن تسير في ظل الأوضاع الحالية 6 أشهر من العام الجديد على الأكثر، لكن المشكلة ستنفجر في النصف الثاني من العام 2024".

وفي رؤيته، فإن "الحكومة في 2024، لن تستطيع تلبية احتياجاتها من النقد الأجنبي، ولن تستطيع التحميل على الوضع الداخلي، وجمع الدولار من الداخل والذهب من الأسواق المحلية وبيعه بالخارج، لن تستطيع في ذلك كثيرا إن استطاعت قليلا".

ويعتقد ذكرالله، أن "الأولى بالحكومة إيجاد حلول جذرية في مسألة الديون الخارجية وأقساطها"، موضحا أن "الجزء الأول سياسي، والثاني يتعلق بمسألة إعلان الإفلاس وجدولة الديون مرة أخرى بالفترة المقبلة"، مبينا أن "السيناريو الثاني مرجح لحد كبير، بأن نرى خلال أشهر  إعادة جدولة للديون".

وبشأن رؤيته لكيفية حدوث انفراجة بالعام الجديد بملفات الديون، والدولار ، وبيع الأصول، والاستثمار، والفقر والبطالة وأوضاع المصريين، أكد على ضرورة "حلحلة هذه الملفات وإيجاد حلا لها"، موضحا أنه "بدون وجود حلول جذرية لملف الديون وإعادة الجدولة وإيجاد مصادر جديدة للنقد الأجنبي فإن مسألة الحلول ستتأجل لبعد 2024".

"إذلال 2024.. ونية السيسي"
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي المصري الدكتور مصطفى شاهين، إن "الأمر في غاية الصعوبة، والآن الناس في صراع شديد على شراء الذهب، بل هناك تخوف شديد جدا في ألا يجد المشترون الذهب وهم الآن في طوابير أمام محلات الصاغة التي لا تبيع ذهبا جديدا".

وتوقع في حديثه لـ"عربي21"، أن "أزمات الاقتصاد المصري في 2024، ليست في انفراج بل إلى تصاعد"، مؤكدا أننا "نحن ندخل على السيناريو الأرجنتيني، الذي يعني مزيدا من المديونية وهو الأمر الذي تعالجه الحكومة بمزيد من القروض".


وأضاف: "لذا ستكون مصر تحت رحمة المقرضين"، معربا عن أسفه من أن "هذا ما ستكون عليه أوضاع المصريين في 2024"، بل ذهب إلى توقعه دخول مصر  السيناريو اللبناني أو اليوناني أيضا.

وأرجع السبب، لأنه "الآن أي حلول مقترحة لحل الأزمة المصرية مع الديون لا تجدي في الأجل القصير فأنت تتحدث في معدل 5 سنوات لو أن هناك نية للإصلاح، لكن السيسي ليس لديه هذه النية، بل وأشعر أن هناك إذلال لمصر وللمصريين بأن يكونوا بهذا الوضع الصعب للغاية، وهذا توقعي".

وقال إن "آخر التقارير حول ملف الديون والأقساط والفوائد تقول إن الفوائد أكبر من جميع إيرادات مصر بالكامل، ومعنى ذلك أن هنالك تزايد في المديونية بالمرحلة المقبلة، وأن مصر في 2024، ستطبع نقودا جديدة ليزيد المعروض النقدي".

ولفت إلى أن هذا الأمر، "يؤدي لارتفاع الأسعار  بالسوق المصري ارتفاعا شديدا للغاية، يبخس معه قيمة الجنيه في الفترة المقبلة، وخلال 2024".

ويرى شاهين، أن "عدم استقرار قيمة الجنيه أو عدم ثبات سعر الدولار في مصر، لن يأتي بأي استثمارات أجنبية، لكن الاستثمار الوحيد سيأتي إذا قامت الحكومة برفع أسعار الفائدة لجلب استثمارات خارجية؛ لكن هذا أيضا سيفاقم الأزمة ويضخمها في مصر خلال 2024".

ولفت في نهاية حديثه إلى أن "انهيار قيمة الجنيه مجددا في 2024، بلا شك سيؤدي لارتفاع الأسعار بالعام الجديد، وحتما سيزيد من نسب ومعدلات الفقر في البلاد التي ستشهد زيادات كبيرة بهذه الشريحة في 2024".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المصرية الجنيه الاقتصاد المصري السيسي مصر السيسي الجنيه الاقتصاد المصري المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الخبیر الاقتصادی السوق السوداء مقابل الجنیه العام الجدید سعر الدولار ملیار دولار فی السوق

إقرأ أيضاً:

41.6 ألف رخصة اقتصادية هندية دخلت السوق الإماراتية في 2024

 

أبوظبي (الاتحاد)
أكد معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد، أن العلاقات الإماراتية الهندية تتميز بمسيرة ممتدة لعقود من التعاون الاقتصادي القائم على المصالح المتبادلة في مختلف المجالات ذات الأولوية، وذلك في ظل رؤية القيادة الرشيدة في الدولتين الصديقتين، مشيراً إلى أن الإمارات والهند تمتلكان قواسم مشتركة في الرؤى والاستراتيجيات الهادفة إلى التوسع في قطاعات الاقتصاد الجديد والمستدام.
وقال معاليه: «يشهد التعاون الاقتصادي المشترك نمواً متزايداً، حيث وصل إجمالي عدد الرخص الاقتصادية الهندية الجديدة التي دخلت الأسواق الإماراتية خلال العام 2024 إلى أكثر من 41.6 ألف رخصة، ليبلغ إجمالي عدد الرخص الهندية في الدولة أكثر من 247 ألف رخصة بنهاية العام الماضي، والتي تعمل في أنشطة اقتصادية وتجارية متنوعة، كما تعد الهند من أكبر الأسواق المصدرة للسياحة إلى الإمارات، حيث يزور الدولة أكثر من مليوني سائح هندي سنوياً، وهو ما يشير إلى عمق ومتانة العلاقات الاقتصادية الثنائية».
جاء ذلك خلال مشاركة معاليه في نسخة جديدة لـ «قمة كيرلا للاستثمار العالمي» التي انطلقت أمس في ولاية كيرلا الهندية، بمشاركة عدد من كبار المسؤولين، وقادة الأعمال، والمستثمرين الدوليين، حيث تركز هذه النسخة على استثمار التقنيات المستدامة والابتكار في القطاعات الاقتصادية المستقبلية، واستكشاف الفرص الاستثمارية الجديدة في المجالات التنموية المختلفة، بما يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية.
وأشار معاليه إلى أن هذه القمة تُمثل منصة حيوية لتعزيز الشراكات التجارية والاستثمارية المشتركة، والاستفادة من الفرص المتاحة، بما يسهم في بناء مستقبل اقتصادي أكثر ازدهاراً واستدامة لكلا البلدين، وقال مستعرضاً الفرص التي تتمتع بها كل من دولة الإمارات وولاية كيرلا الهندية: «إن كلا الجانبين يوفران بيئة استثمارية جاذبة ترتكز على الابتكار والاستدامة، مما يعزز من فرص التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما».
وأضاف معاليه خلال كلمته التي ألقاها في القمة «إن دولة الإمارات تعد واحدة من أكثر الاقتصادات جاذبية للاستثمارات العالمية، حيث توفر بيئة تنظيمية مرنة، وبنية تحتية عالمية المستوى، وحوافز استثمارية تدعم ريادة الأعمال والابتكار، كما تعمل الإمارات على تعزيز شراكاتها الدولية عبر قطاعات رئيسية مثل الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا المتقدمة، والخدمات المالية، والفضاء، إلى جانب مشاريع استراتيجية في الأمن الغذائي والنقل، مما يفتح فرصاً أكبر للتعاون بين مجتمعي الأعمال الهندي والإماراتي في المستقبل».
وأوضح ابن طوق أن كيرلا تتمتع بموقع استراتيجي على المحيط الهندي، إلى جانب بنية تحتية متطورة وقوى عاملة مؤهلة، مما يجعلها وجهة مثالية للمستثمرين الدوليين، خاصة في قطاعات التكنولوجيا المستدامة والصحة والسياحة والتكنولوجيا المالية والأمن الغذائي والمياه والنقل والطاقة، بما يتماشى مع رؤية الإمارات في تنويع اقتصادها، ما يفتح المجال أمام شراكات مثمرة بين رواد الأعمال من البلدين.
ودعا معالي بن طوق مجتمع الأعمال الهندي إلى الاستفادة من الفرص التي تتيحها بيئة الأعمال في دولة الإمارات، وتوسيع شراكاتهم مع القطاع الخاص الإماراتي الذي بات يتمتع بحضور عالمي قوي، وقدرة تنافسية عالية، وخبرة في إدارة المشاريع الكبرى عبر مختلف القطاعات الحيوية.
كما سلط معالي بن طوق الضوء على المشروع الفضائي المشترك بين الإمارات والهند في إطار مبادرة (I2U2)، والتي تهدف إلى تطوير حلول تكنولوجية متقدمة لمواجهة التحديات البيئية والمناخية، ما يعكس عمق التعاون الاقتصادي والتقني المشترك.
وفي سياق آخر، شارك معالي بن طوق في افتتاح مركز كاليكوت الصحي، واطلع معاليه على أحدث الحلول الرقمية والتقنيات المتقدمة في مجال الرعاية الصحية، الذي يعد اليوم من أبرز القطاعات الاقتصادية الواعدة، حيث يشهد تطوراً مستمراً مدفوعاً بالتكنولوجيا والابتكار، مما يجعله قطاعاً استثمارياً جاذباً يساهم في تحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز الاستدامة ودعم الاقتصادات الحديثة، من خلال خلق فرص العمل، وتحفيز البحث والتطوير، وتحسين جودة الحياة.

 

أخبار ذات صلة انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي الأول لحقوق النسخ في الإمارات الإمارات تستعرض مبادرات العمل العربي المشترك

مقالات مشابهة

  • 41.6 ألف رخصة اقتصادية هندية دخلت السوق الإماراتية في 2024
  • «التعبئة والإحصاء»: ارتفاع الصادرات المصرية إلى السعودية خلال 2024 بنسبة 26%
  • كيف تتأثر مؤشرات البورصة إذا خفض «البنك المركزي المصري» سعر الفائدة اليوم؟ خبير يُجيب
  • 3.7 مليون مستفيد.. 80.5 مليار جنيه تمويلات المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر
  • الرقابة المالية: 298.2 مليار جنيه صافي استثمارات شركات التأمين في 2014
  • كيف ولماذا طرح الفلسطينيون حل الدولة الواحدة؟ قراءة في كتاب
  • الرقابة المالية: 82 مليار جنيه أقساط تأمينية خلال العام المالي الماضي
  • بقيمة 80 مليار جنيه.. «المركزي المصري» يطرح أذون خزانة مع اجتماع لجنة الفائدة غداً
  • محفظة ودائع البنك التجاري الدولي تنمو لـ 967.89 مليار جنيه العام الماضي
  • صافي الأرباح المجمعة للبنك التجاري الدولي عند 77.136 مليار جنيه بنهاية 2024