سودانايل:
2024-06-30@13:30:18 GMT

الفرق بيننا وبين البلابسة المستهبلين (٨)

تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT

أيها البرهان، ويا حميدتي: أرجوكما تفاوضا لأجلِ الشعب السوداني وليس إنابةً عن أحد !!

د. بشير إدريس محمدزين..

• إنَّ ما حدث، وما يزال يحدث حتى هذه اللحظة، في ولاية الجزيرة، وسط السودان من جرائم وإستباحات وإنتهاكات لهيَ جرائمٌ فاقت حد البشاعة والعار كما وصفها أحد قادة الدعم السريع أنفسهم.
لقد أُستبيح كلُّ شئ، وكل أحد، وكل حي، وكل ميت، وكل هواء، وكل شجر، وكل بحر، وكل نهر في ولاية الجزيرة !!
لقد دخلت الإستباحات -كما ذكر لي أصدقائي من الجزيرة- حتى القرى الفقيرة البائسة النائية التي لا تعرف الحكومة، ولا تعرفها الحكومة، ولم يسمع بها حتى أهلُ الجزيرة أنفسُهم، فهل في هذه القرى فلولٌ أو كيزان أو جيش يطارده الدعمُ السريع ؟! لا بل هل فيها عربات أو كنوز أو ذهب وأهلُ هذه القرى بالكاد يأكلون ويشربون ؟!

• لا شك أن هذا الذي يحدث في ولاية الجزيرة هو مثل أو ربما أبشع مما حدث في الخرطوم، فالخرطوم غابةٌ من الأسمنت والدهاليز والسراديب والشواهق، وأما الجزيرةُ، بما فيها عاصمتها واد مدني، فهي سهولٌ سهلة ومنبسطة وكلها فاتحةٌ ومفتوحةٌ على السماء، ولهذا، فإذا لم يتم توقيف ما يجري بلا رحمةٍ في الجزيرة الآن، وفوراً، وعند هذا الحد من التخريب، فإنها ستصبح، وفي أيامٍ معدودات أرضاً خرِبةً بلا ناس وبلا حياة، مسجاةً على الدمار الكامل، وشاهدةً على العار والعوار مدى الدهر، وستمدد الحربُ منها نحو الجنوب والشرق في سرعة النار في الهشيم !

• ومع هذا كله، فلابد لنا هنا أن نذكِّر السودانيين أن هذا الذي يجري في الجزيرة الآن، وقد جرى مثله أو قريباً منه في الخرطوم، وفي الجنينة، وفي نيالا، وفي كل حاضرةٍ دخلتها الحرب، ليس شيئاً جديداً مستحدثاً، وإنما هو ممارسةٌ قديمة وراسخة ظل يمارسها ذات الدعم السريع، وبمباركة ورضا ورعاية (جيشهم السوداني) في دارفور، ولقد جنَّد هذا الجيشُ أنفار الدعم السريع في دار فور ليقوموا له، وبتوجيهه، بأعمال القتل والسحل والحرق والإبادة هذه ذاتها في دارفور منذ أكثر من عشرين سنة، وحين تجرأت جهاتٌ مدنيةٌ وسياسيةٌ في الخرطوم (البعيدة من دار فور) لتجأر بفضح ما يحدث هناك، وبإيقافه، تمَّ قمعُها بواسطة (جيشهم وسلطاته الأمنية والعسكرية) وكُممت أفواهها، ووُضع قادتُها في السجون.

وفي الحقيقة فإنَّ هذه الحرب الملعونة الجارية الآن ظلت مستعرةً تطحنُ إنسانَ دار فور منذ أكثر من عقدين، ولكن أكثر الناس لا يعلمون، أو لا يصدِّقون !!

• صحيحٌ، ومعلومٌ جداً أنّ كثيراً من هذه الإستباحات البشعة والسرقات، في الخرطوم، وفي ولاية الجزيرة، وفي كل مكان طالته هذه الحرب، يقوم بها مرافقو إكتساحات الدعم السريع من اللصوص والمجرمين، وبعض بؤساء الأحياء السكنية المجاورة، ولكن فإنَّ الصحيحَ جداً أيضاً، والمعلومَ جداً أنَّ كثيرين جداً من جنود الدعم السريع هم مع من يقتل أبرياء المدن بشراسة، ويستبيح بيوتهم وأملاكهم وأعراضهم بقوة السلاح الباطشة التي يمتلكونها، ويبطشون بها بلا تردد، فالدعمُ السريع إذن، هو المسؤول عن تلك الجرائم، بلا شك، سواء أرتكبها جنودُه، أو المتفلتون واللصوص والمجرمون في المناطق التي يدخلها ويبسط سيطرته عليها !!

• إننا نؤمن أن كل ما يحدثُ في بلادنا من تهجير وتقتيل وإنتهاكات إنما هو من آثار الحرب، ومن لوازمها اللازمة لها، في غالب الأحوال، ولن تتوقف كلها أو بعضُها إلا بتوقفِ الحرب، وإلى أن يتم ذلك فعلى قادة الدعم السريع خصوصاً والجيش كذلك أن يوقفوا كل أشكال الإضرار بالحياة المدنية من قتل للأبرياء وترويع لهم، وتهجير وإستلاب وإنتهاك.

• ولا نشكُّ أبداً أن هذه الفرصةَ السانحةَ الآن للقاءِ قائدي الجيش والدعم السريع، في يوغندا، ربما تكون من أخريات الفرص المتاحة لوقف الدمار والهلاك للبلاد والعباد، وإذا لم يحسنا إستغلالها، أو تحججا بعدم المسؤولية واللجاج الأهوج المعهود وبخاصة من قائد الجيش فستنصبُ عليهما لعناتُ الله والناس أجمعين، وسيُكتبهما التاريخُ في سجلِّ الأشقياء الخاسرين..
•••
bashiridris@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی ولایة الجزیرة فی الخرطوم

إقرأ أيضاً:

السودانيون.. بيننا

 

السودانيون.. بيننا

زياد بهاء الدين

 

الحرب الدائرة فى السودان منذ عام وثلاثة أشهر (من منتصف إبريل العام الماضى) واحدة من أكثر الحروب دمارًا من بين كل الصراعات الدائرة فى منطقتنا تعيسة الحظ. ويزيد من مأساتها أنها باتت الحرب «المنسية» التى لا يتابعها- بخلاف أهل البلد- إلا القليل من المهتمين

عدد القتلى غير واضح، ولكن لا يقل عن عشرين ألفًا (بعض التقديرات تذهب لأضعاف ذلك)، بينما أعداد المصابين غير معروفة.. ثم- وانتبهوا للرقم القادم- حوالى عشرة ملايين باتوا مشردين ولاجئين فى بلدهم وفى بلدان الجوار.. نعم، عشرة ملايين يمثلون ٢٠٪ من مجموع السكان، بخلاف مخاطر نقص الغذاء التى قد تتحول لمجاعة واسعة النطاق.

وإذا كانت الحرب الجارية قد بدأت بالصدام بين قوات الجيش النظامى وميليشيا الدعم السريع من خمسة عشر شهرًا، فإن أصل المأساة السودانية يرجع لسنوات بل عقود سابقة على ذلك، تحمَّل خلالها أهل البلد، المعروفون بالأصالة والنبل والكرم والثقافة، الكثير نتيجة كل الاستبداد والفساد والانقسام والقبلية والطائفية، قبل أن يصبح وطنهم ساحة لصراعات القوى الإقليمية والدولية.

■ ■ ■

فماذا عن أشقائنا السودانيين فى مصر، الوافدين إليها مؤخرًا، والمقيمين فيها من عشرات السنين؟

■ ■ ■

الأرقام فى مثل هذه المواقف لا تكون دقيقة، ولكن الأكيد أننا نتحدث عن بضعة ملايين، ربما أربعة ملايين مقيمون من الأصل، وأقل من مليون آخرين وفدوا مؤخرًا هروبًا من جحيم الحرب الأهلية. (هذه أرقام تقريبية استنادًا لتقارير دولية وتصريحات المسؤولين المصريين، وهى أكبر بكثير من عدد اللاجئين الرسميين المقيدين فى منظومة الأمم المتحدة).

حكومتنا مؤخرًا صرحت أكثر من مرة، وبصيغ مختلفة، بالحاجة للمساندة الدولية لدعم اللاجئين السودانيين والعرب. وهذا طبيعى، ولا عيب على الإطلاق أن تلجأ مصر لِطَرْق أبواب التعاون الاقتصادى الدولى والدبلوماسية فى هذا المجال.. ولكن مؤخرًا، ارتفعت أصوات قليلة تنبه إلى ارتفاع عدد اللاجئين السودانيين فى مصر، وزيادة استهلاكهم للخدمات العامة، ودخولهم لسوق العمل، وانتشارهم فى بعض مناطق القاهرة والجيزة والإسكندرية.. ومع اقتناعى بأن هذه الأصوات لا تعبر عن الغالبية الساحقة للشعب المصرى المحب بطبيعته لأهلنا فى الجنوب، إلا أن الرد عليها ضرورى لوأد أى فتنة فى مهدها، حتى لا تنمو وتصبح شوكة فى جنب العلاقة الحميمة بين الشعبين الأكثر من شقيقين.

■ ■ ■

فمصر والسودان ليستا مجرد بلدين متجاورين تفصل بينهما حدود سياسية ومساحات طبيعية، بل هما فى الواقع وطن واحد وشعب واحد، يجمع بينهما الجيرة واللغة والدين والثقافة و«العِشرة»، وتربطهما تاريخيًا مياه النيل المتدفقة شمالًا، والحضارة الفرعونيّة حينما امتدّت جنوبًا، وقبائل جالت عبر الحدود لقرون طويلة قبل أن تُعرف الحدود، ومصاهرات وعائلات، وعلاقات تجارية ومصالح اقتصادية قديمة وممتدة، وتاريخ مشترك فى مقاومة الاستعمار، وعادات وطقوس متقاربة، ومودة طبيعية.

وإذا كانت ظروف أهل السودان الراهنة دفعتهم للهجرة واللجوء لمصر خلال العامين السابقين، فإن أعدادًا أكبر بكثير منهم استقروا من عشرات السنين، فسكنوا وعملوا وتعلموا وربوا أولادهم وبناتهم دون أن يُعرف عنهم ضجيجًا ولا إزعاجًا ولا توترًا، بل اندمجوا معنا وبيننا وصاروا منا وأضافوا لنا الكثير.

السودانيون اليوم فى محنة، بل فى كابوس لا تبدو له نهايات قريبة، ولا أحد مهتم به. ولكن الأكيد أن لكل كابوس- مهما طال- أجلًا، وأن أهل السودان سيعودون يومًا لبلدهم لأنهم، مثلنا بالضبط، تربطهم بمواطنهم وأصولهم وقراهم ومدافن جدودهم ذات الرابطة السحرية الكامنة فينا، وتجعل الفلاح والعامل والموظف المصرى المغترب، مهما طال غيابه، لا يحلم كل مساء إلا بالعودة والجلوس بين أهله.

وحينما يحين موعد الرجوع، أتمنى أن يحمل كل سودانى معه ذكريات يرويها لأحفاده عن الشهور أو السنوات التى قضاها بيننا، ذكريات بأنه كان آمنًا، مُرحبًا به، قادرًا على علاج أبيه وأمه، وعلى تعليم أولاده وبناته، ومشتغلًا فيما ينفعه وينفع أسرته، وأن مصر- حينما ضاقت به السبل- كانت حاضرة وحاضنة وفاتحة ذراعيها لأشقائنا الأعزاء.

  نقلا عن “المصري اليوم”

الوسومالسودانيين ترحيل مصر ملايين

مقالات مشابهة

  • المواطنون الأبرياء بين مطرقة الدعم السريع ومحرقة الحرب
  • أفريكا إنتليجنس: الحرس القديم لعمر البشير في صفوف حميدتي
  • تصفية الأسرى في حرب السودان.. ما خفي أعظم!!
  • السودان والأسئلة المفتوحة
  • السودان..اغتيال طبيب بطريقة بشعة
  • وزارة الصحة: مليشيا الدعم السريع اغتالت استشاري التخدير بمستشفى الحصاحيصا
  • السودانيون.. بيننا
  • تجدد الاشتباكات بالفاشر وتحذيرات من مجاعة كارثية بالسودان
  • الدعم السريع تقصف الفاشر تحذيرات من خطر المجاعة في 14 منطقة سودانية
  • الأمم المتحدة: أكثر من نصف السودانيين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد