دعوة لإطفاء نار الفتنة القبلية وعدم تفكيك السودان
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
من بين مقالاتي الأخيرة جاء مقالي" رسالتي لمثقفي وعقلاء دارفور"، وكنت قد دعوت فيه كل مثقفي ونخب دارفور بلا فرز بأن يظهروا في الملاء ويعلنوها داوية برفضهم للحرب بكل أشكالها، باعتبار انهم يمثلون النخب المثقفة التي تؤمن بالحوار والسلام والمدنية وترفض الحرب وما تجر إليه من خراب و دمار.
منذ فجر التاريخ، لم ولن تكن الحرب في يوم من الأيام حل لاختلاف رأي او نزاع او صراع، بل بعد كل القتل والدماء والخسائر كانت الأطراف المتصارعة ترجع للتفاوض وتقديم التنازلات واختيار السلم.
كنت ومازلت ككثير من المثقفين غيري من الرافضين وبشدة للحرب في جنوب السودان وفي دارفور وفي جبال النوبة لإيماننا بان السلاح الحربي يرفع فقط للدفاع عن الوطن ضد أي غزو او عدوان خارجي. وماعدا ذلك من نزاعات يحل بالنقاش والتفاوض.
لا ينكر احد ان غالبية قوات الدعم السريع هي من اقليم دارفور وحتى داخل الاقليم هناك غالبية تتمثل فيما تعارف عليه بالعرب ويقصد بها القبائل ذات الاصول العربية وهي كغيرها من القبائل الحدودية في السودان لها امتداد غير منقطع في دول الجوار.
الذي يحدث اليوم ان قوات الدعم السريع او ما تسميه هي بالمتفلتين تسببوا في قتل و تهجير سكان الخرطوم واحتلال منازلهم ونهب اموالهم، وهاهو الامر يمتد الى مدينة ود مدني وكل قرى الجزيرة، وقد يمتد الامر لمدينة سنار وكل قرى ومدن السودان، فأذا اضفنا لذلك التمدد والامتداد تصريحات عدة منها تصريح حميدتي "..العمارات دي الا تسكنها الكدايس"، او رد د. جبريل إبراهيم لأحد مناصريه "العمارات ما تهدوها، شيلوها"، بالاضافة الى كثير من التصريحات في الوسائط الاجتماعية التي اصبحت بديل "للحكامات" في جانب تسعير الحرب؛ نجد ان هذه التصريحات تنضح بالعنصرية والفتنة القبلية النتنة وتعمل على صب الزيت على النار!
يبقى واجب شرعي ووطني واخلاقي لكل زعماء وعمد القبائل في دارفور ان يصدروا تصريحات واضحة بأنهم ضد الحرب وخاصة وهم يروون ان الحرب بدأت باإرهاب وقتل وتشريد للمواطنيين في الخرطوم ومدني بصفة عامة وهي مدن كبرى جمعت افراد واسر من كل القبائل والمجموعات السودانية بلا فرز. ولكن هذه الحرب بدأت تتحول قليلا قليلا الى حرب عنصرية وقبلية نتنة خاصة وان امتداد الحرب للقرى يعني مهاجمة بطن او قبيلة معينة لان كل قرى السودان بغلب على سكانها الانتماء لقبيلة او قبيلتين بالمنطقة. مما يعني تحول وتحور الحرب لقبلية واثنية وجهوية.
ندائي اليوم استمرار لقناعتي الدائمة برفض الحرب بكل اشكالها، وان الواجب اليوم على الجميع المساهمة في إطفاء نار الحرب قبل ان تتحول لحرب قبلية كاملة تقود لتقسيم السودان لأقاليم متناحرة لن تقوم لاي منها قائمة بل ستستمر في صراع لانهائي قد ينتهي بصوملة السودان ، وتظل دعواتي نفسها متجددة لأهل الصومال بأن يعود لهم الأمن والاستقرار والرخاء.
wadrawda@hotmail.fr
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
عادل الباز يكتب: سياسة ترمب تجاه السودان
1 يترقب العالم ما ستتخذه إدارة ترمب من سياسات في كثير من القضايا التي تثير الجدل في الساحة الدولية، وقد بدأت بعض القرارات التي أصدرها ترمب في أول يوم لتنصيبه تتدفق وتعصف بكثير من السياسات التي كانت إدارة بايدن تتبناها. ما يهمنا هو تلك السياسات التي يمكن أن يتخذها ترمب وفريقه في فترة رئاسته الثانية تجاه السودان وطرق تعامله المنتظرة.
2
بالطبع، ستكون سياسته تجاه السودان ضمن سياساته تجاه أفريقيا، وهي السياسات التي ارتبطت في الفترة الأولى بالمصالح، بعيدًا عن قيم حقوق الإنسان والديمقراطية والترهات التي لا يؤمن بها ترمب. وقد تم تحقيق تلك المصالح عبر الصفقات بسبب عجز الولايات المتحدة عن منافسة الصين وروسيا والإمارات، كما يقول الكاتب بدورية فورين بوليسي، كين أوبالو، في مقال له في ديسمبر الماضي:
(سياسة ترمب تجاه أفريقيا من المرجح أن تجعل المعاملات قصيرة الأجل من الصعب على الولايات المتحدة التنافس على النفوذ مع الصين أو روسيا أو حتى الإمارات العربية المتحدة. فقد سعت هذه البلدان إلى بناء علاقات طويلة الأجل مع النخب الأفريقية، مما يدل على موثوقيتها. وعلى النقيض من ذلك، فإن التركيز المحتمل لترامب على إبرام الصفقات قصيرة الأجل من شأنه أن يجعل من الصعب على واشنطن تعزيز العلاقات الثنائية أو حل الأزمات في القارة).
3
وتشير كل التحليلات إلى أن أفريقيا ستظل كمّا مهمَلًا في إدارة ترمب، ولن تحظى بأية أولوية خارج فكرة الصفقات السياسية والاقتصادية التي يمكن أن يعقدها ترمب. قد تختلف السياسات تجاه السودان نوعًا ما، إذ يمكن أن يتمتع السودان بقدر من المعاملة المختلفة من إدارة ترمب، فهناك أكثر من عامل يجعله موضع اهتمام.
4
أولها أن ترمب يسعى في ولايته الثانية لإحياء اتفاقيات إبراهام، وهي الاتفاقية التي وقعتها أربع دول عربية، من بينها السودان، في 6 يناير 2021. ويسعي ترمب الان مجددًا لإحياء تلك الاتفاقية، الأمر يجعل السودان ضمن أولويات إدارته، ولذا يمكن أن تتأسس علاقة خاصة مع الخرطوم ليبقى على موقفه السابق.العلاقة مع السودان في ولاية ترمب الأولى شهدت رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب بصفقة اقتصادية، إذ دفع السودان مقابل ذلك مبلغ 335 مليون دولار، وجرى ذلك في عهد حمدوك في قضية لا علاقة للسودان بها أصلًا. ولذا، فإن إدارة ترمب لها مصلحة في استمرار السودان ليكون جزءًا من اتفاقية إبراهام،ولذ يمكن ان يحظى بالعناية اللازمة ما دامت تلك الاتفاقيات تحقق مصالح ربيبتها إسرائيل.
5
يطرح ترمب نفسه كصانع سلام عالمي، وهو يراهن الآن على وضع حد للحرب الأوكرانية – الروسية، كما ضغط قبل تسلمه منصب رئيس الولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وقد نجح في ذلك. فقد تغريه تلك الفكرة بالتدخل لإيقاف الحرب في السودان. وفي الأنباء أن ترمب عيَّن مستشاره بيتر لورد مبعوثًا خاصًا مؤقتًا للسودان، خلفًا للسيئ الذكر توم بيريللو.
ما يعيق هذا التدخل أو يجعله صعبًا أو معقدًا هو تقاطعه مع الموقف الذي تتخذه الإمارات من دعم مستمر للمتمردين في الحرب الجارية في السودان. وكان وزير خارجية ترمب الجديد، ماركو روبيو، قد أعلن في إفادة له في الكونغرس الأميركي نهاية العام الماضي أن قوات الدعم السريع ارتكبت جريمة الإبادة الجماعية.
6
الإمارات تلعب دورًا مركزيًا في تبني وتسويق اتفاقيات إبراهام مع إسرائيل، وهي الاتفاقيات التي تتمتع بأولوية قصوى في السياسة الخارجية الأميركية، خاصة أن أغلب الوزراء الأساسيين في حكومة ترمب من اليهود الصهاينة. لذا، فإن الضغط على الإمارات لوقف دعمها للجنجويد يبدو أمرًا صعبًا، لأنه يدخل في معادلة الشرق الأوسط المعقدة. أضف إلى ذلك أن الإمارات وتابعيها من رهط “تقدم” يرددون الأكاذيب لإثارة مخاوف الغرب بأوهام عودة الإسلاميين إلى الحكم حال انتصر الجيش، وهذا الادعاء – للعجب – يجد من يصدقه، حتى بين الخبراء الأميركيين، أمثال كاميرون هدسون المهتم بالملف السوداني، فما بالك بالرجرجة من دهماء الكُتَّاب والسياسيين الأميركيين؟.
7
هناك عامل آخر يحفز التدخل الأميركي في السودان، وهو سعي أميركا لتحجيم العلاقات السودانية – الروسية – الايرانية المتنامية، إضافة إلى العلاقة مع إيران. تلك العلاقات تزعج الأميركيين، بالإضافة إلى الأوروبيين وبعض دول الجوار العربية على حد سواء.
ستسعى أميركا لاستعادة دورها في السودان واتخاذ سياسات بعيدة عن تلك التي تبنتها إدارة بايدن بواسطة جنجويد (مولي في، وفكتوريا لنا لاند)، والتي قادت السودان إلى كارثة الحرب.
تلك هي العوامل المحفزة للتدخل الأميركي في السودان ومحاولة فرض سيناريوهات محددة لنهاية الحرب، كما سيُفرض مزيد من الضغوط والإغراءات لمنع تطور العلاقات السودانية – الروسية أو السودانية – الإيرانية. كذلك، ستجري محاولات لهندسة السياسة الداخلية، عبر محاولة استبعاد الإسلاميين وإعادة قحت إلى الساحة مجددًا.
السؤال الذي ينبغي أن يُطرح الآن: هل نحن مستعدون للتعامل مع سياسات ومواقف وصفقات إدارة ترمب؟ وهل هناك أي تصورات وخطط سياسية ودبلوماسية للتعامل مع السياسات التي يمكن أن تطرحها إدارة ترمب، سواء على صعيد الحرب الجارية حاليًا أو السياسات الداخلية أو محاولاتها لفرض توجه معين في علاقات السودان الخارجية؟ أرجو أن تتمكن الحكومة الحالية من اتخاذ التدابير والسياسات اللازمة، حتى لا نفاجأ بقرارات مربكة لم نكن مستعدين لها.
عادل الباز
إنضم لقناة النيلين على واتساب