الاستنفار أرقى أدوات الوعي الشعبي
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
انتظمت عملية الاستنفار الشعبي في العديد من ولايات السودان، بهدف أن يتحمل المواطن الدفاع عن منزله و ممتلكاته و عرضه من عناصر الميليشيا التي روعت الناس في العديد من الإقاليم ،و أخرها دخولها أقليم الجزيرة، حيث انتشرت هذه العناصر في القرى و نجوع الجزيرة بهدف النهب و السرقة و الاغتصابات. و عدم قدرة الجيش أن يغطي مساحات واسعة كان لابد للناس أن يستنفروا انفسهم في مواجهة هجمات المليليشيا.
كل دول العالم توجد فيها خدمة إلزامية للمواطن يتدرب فيها على عدد من أنواع الإسلحة، بهدف إذا احتاجة إليه الدولة لمساعدة الجيش، و التجنيد الإجباري لا يخضع لدواعي أيديولوجية حزبية أو غيرها، أنما هي قضية وطنية خالصة. و الآن أوكرانيا استدعت كل الاحتياطي من المجندين حتى أسرائيل في حرب مع قطاع غزة استدعن مئات الآلاف من المجندين، و في زمن الإنقاذ تم تجنيد العديد من الطلاب في التجنيد الإجباري، و أيضا دعوة القائد العام للجيش للاستنفار الشعبي، و كل هؤلاء بعيدا عن الانحيازات الحزبية يجب أن يستنفروا انفسهم دفاعا عن ممتلكاتهم و اسره. هناك البعض الذين يعتقدون أن الاستنفار سوف يقود إلي حرب أهلية. هذه مقولة غير صحيحة لأن الاستنفار غير موجه إلي قبيلة أو مناطقية موجهة إلي عناصر جاءت من دول أخرى تريد أن تستوطن في البلاد و أخرى جاءت من أجل النهب و السرقة تحت راية " البحث عن الغنائم" هؤلاء لا يمثلون عشائرهم بل هؤلاء خارجين عن القانون، و يجب التصدي لهم بقوة و رباط الخيل.
و أيضا هناك الذين ينتقدون الاستنفار باعتباره دعوة من قبل " الفلول" الهدف منها محاولة لتغيب وعي الجماهير، و أيضا تعتبر لوي لعنق الحقيقة، كان الأجدرعلى هؤلاء أن يدينوا ما تفعله الميليشيا بدل البحث عن مبررات لمواقف سالبة. أن الاستنفار ليس مرتبط فقط أن يدافع المواطن عن منطقته، بل هو الزحف إلي أي منطقة من مناطق السودان يحتاج مواطنيها للمساعدة في مواجهة هذه العناصر، أن الحرب الدائرة الآن في السودان معركة وطن يكون أو لا يكون، و هذه قضية مرتبطة ليست بمؤسسة واحدة، و لكنها قضية كل الوطن و المواطنين. ليس هناك من يرغب في استمرار الحرب من أجل الحرب، و لكن مادامت قد اندلعت يجب العمل من قبل الكل على أن تبرز عوامل إندلاعها مرة أخرى، و لابد من معرفة الأسباب التي أدت إليها. فالحرب يجب أن تكون علامة فاصلة بين عهدين ما قبل الحرب و ما بعد الحرب.
أن الاستنفار الشعبي يعتبر أرقى درجات الوعي الوطني الي يجعل كل المواطنين السودانيين أن يقاتلوا صفا واحدا عدوا واحدا يهدد حياتهم و استقرارهم و ممتلكاتهم، أن التلاحم الوطني في ساحات المعركة هي أقوى أعمدة الوطنية التي سوف يشيدها الدفع الشعبي في كل ولايات السودان، هي فترة تتراجع فيها المصالح الحزبية و الشخصية الضيقة من أجل تحقيق مصالح وطنية ينعم بها كل السودان في كل مناطقه، و الاستنفار يمثل مرحلة تخلق جديدة للوطن، لنبذ الفرقة و الجهوية و العنصرية، أن السودان على مفترق الطرق بين أن يكون موحدا أو تقسمه الدول التي وراء دعم الميليشيا حسب مصالحها. و الجيش وحده لا يستطيع أن يقف في وجه هذه المؤامرة لابد من استنفار الجماهير.
هناك أيضا البعض الذين يعتقدون أن البلاد سوف تخضع إلي التدخل الدولي، و هذا أيضا نوع من التخويف المضلل، في ظل صراع الإستراتيجيات العالمية للدول الكبرى، علمنا التاريخ لا يمكن أن يجاز قرار في المنظمة الدولية إلا إذا انقسم آهل البلد الواحد، و لكن الأغلبية سوف تهزم مثل هذه المخططات، فإذا كانت الحرب و أفرازاتها تدفع لذلك كانت أوقفت حرب أوكرانيا و روسيا أو حرب الفلسطينيين و إسرائيل. أن الاستنفار الذي بدأ في السودان سوف يرفع راية الانتباه لأي دولة تحاول أن تعبث بمصالحه، أن الدول لا تحتل أو تضيع مصالحها إلا إذا كانت هناك أيادي من ابناء الوطن تستخدم من أجل ذلك. أن الاستنفارة حالة وعي شعبي انتظمت البلاد كلها، و هي لا تشكل خطورة إلا على الميليشيا، و الذين يتعاونون معها. و نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
/////////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: العدید من من أجل
إقرأ أيضاً:
المدنيون وقدرتهم في إيجاد حل لحرب السودان الضروس
عبد المجيد دوسه المحامي
majeedodosa@gmail.com
معلوم أن المدنيين لا يملكون عصّا ولا نبلة، فان ملكوا تلك الأدوات لأصبحوا جنودا، بل مليشيات أخرى، ولكن هل يستطيع مثل هؤلاء اسكات صوت البنادق وهم لا حول لهم ولا قوة في أن يقولوا أرضا سلاح لقادة وضعوا العقل جانبا، بل حاربوه وأخذتهم عزّة السلاح بالإثم؟ الإجابة باختصار شديد نعم!
هنا يحتدم النقاش وينبري الانصرافيون الكذبة، ليحبطوا همم الناس، حتى لا يزّج المدنيون في هذه الأمور الفنية التي يجيد فك طلاسمها العسكريون الحذّاق الذين استطاعوا بعد عامين من القتال المرير تحرير مبنى إذاعة امدرمان! ويردفون ألم تسموا صوت هنا أمدرمان بالأمس أم أن بكم صمم؟
بعد هذا الجدل العقيم الذي أدخلنا فيه الانصرافيون الكذبة، تمكّنا من اقناع عدد غير قليل، ليطرحوا سؤالا واحدا على استحياء، حين استفسروا أن كيف لهؤلاء المدنيون إيجاد حل لهذه الحرب العبثية؟ وهل هناك حرب استطاع أناس عزّل حلها؟ كررنا نعم، ثم نعم فقط أعيرونا سمعكم، لتسمعوا حديثا حلوا دون سكر... الحركات المدنية تستطيع إيقاف الحروب والاتيان بسلام آمن، متى ما اتبعوا مسالك قويمة لا اعوجاج ولا عرج ولا عوج فيها.
وفي سبر غور التاريخ القريب، نجد أن ثمة جماعات مدنية استطاعت أن تخرج بلادها من أتون حروب لا تقل عن حرب السودان ضراوة، وهاك بعضا من الأمثلة:
أولا: الحرب الليبيرية التي نشبت في العام 1999 وانتهت في العام 2003 (عام نشوب حرب دارفور الأولى)، كونت نساء ليبريا منظمة اسموها (المجموعة النسائية الليبيرية من أجل السلام)، وهي جماعة ذات خلفيات طبقية واثنية ودينية مختلفة، استطاعت أن توقف الحرب وتصل ببلادها الى اتفاقية سلام شامل.
ثانيا: في سيراليون، التأمت جماعة من أئمة المسلمين وقسيسين ورهبان، وهم بالطبع مسالمون عزّل وكونوا ما عرفت بجماعة الاتصال من أجل التسامح الديني ............
Interfaith Contact Group
يمكن ترجمتها بتحفظ مجموعة الاتصال من أجل التسامح الديني، نجحت هذه الجماعة في إيصال المتحاربين الى توقيع عقد اتفاق لومي في السابع من يوليو 1999، بعد اقتتال دام زهاء العشر سنوات، وعلى الرغم من فشل الاتفاقية بسبب مصالح الطرفين المتحاربين وتورطهما في التعدين غير الشرعي لمعدن الماس النفيس.
ثالثا: حرب ساحل العاج، قام فريق كرة القدم القومي لساحل العاج، بعد تأهلهم لكأس العالم عام 2005، حيث انحنى الفريق كله، مطالبين الفريقين المتحاربين بإيقاف الحرب والتوجه الى التفاوض من أجل سلام ساحل العاج وشعبه. وبعد أن قبل أطراف الحرب توسل الفريق، نكثوا على رؤوسهم الى حيث تكمن مصالحهم الشخصية المتمثلة في تجارة الكاكاو غير المشروع.، وبذلك فشلت المحاولة على الرغم من أنها استطاعة إيقاف الحرب لهدنة قصيرة.
هذا غيض من فيض الأمثلة الكثيرة التي قامت بها جماعات مدنية لا تملك عصا ولا نبلة بإيقاف الحروب في بلادهم، لذا لا نستهين بالمجتمع المدني السوداني ان حاول جادا فعل شيء من هذا القبيل. اذ لا نقلّ شأوا من هذه الدول الافريقية، بل مجتمعنا المدني أكثر غزارة فهناك حركة مدنية مستنيرة واحزاب عريقة رغم أمراضها اللعينة المتمثلة في التفكير على محاصصة حكم لم يأت ولم يلّح في الأفق بعد، ، الى جانب وجود حركة نسوية ذات شأن ، لدينا الإدارات الاهلية الضاربة اطنابها في القدم وطرق صوفية، الى جانب تنظيمات المهنيين والفنانين بل ومبدعين وكتاب وصحفيين(الذين لم يعرضوا أقلامهم وقيمهم المهنية في سوق النخاسة، اذا استصحبنا كل هؤلاء وركزنا على قول واحد لا للحرب نعم للسلام فلن يستطع كائنا من كان الوقوف أمام هذا الطوفان.
ولكن علينا التمسك بتلابيب آلياتنا ووسائل عملنا، ممثلة في وساطة هادئة بين طرفي النزاع، متلافين الأسلوب الذي قامت به تنسيقية تقدم في بحثها عن اعلان مبادئ اسيء فهه بل ووئد في الحال ... تنسيقية تقدم كانت مخطئة حين حاولت محاورة الطرفين من على البعد، كان حريّ بها أن تحاول جمعهما في بلد محايد، حتى ولو استدعى الحال في بقائهما في غرف مختلفة، وبذلك يسهل انتزاع التوقيع منهما، تفاديا لتدخل شياطين الكيزان وافساده وهو ما حدث.
ثاني الوسائل هو نشر ثقافة السلام ونبذ الحرب في المجتمع، وخلق اتصالات دولية من أجل إيجاد قوة لحفظ السلام سرا حتى تقوى عودها. فخطأ تنسيقية تقدم حينما جهرت بالمطالبة بقوة حفظ السلام حتى قبل الاتصال بأي طرف دولي لتتلقفها أبالسة الكيزان وتسوقّها على أساس أنها دعوة لتدخل دولي، فمعظم حروب الأرض تدخل فيها المجتمع الدولي، اذ لا للحلول للمشاكل دون أجاويد، فأجاويد اليوم، هم المجتمع الدولي ودولها المحبة للسلام.
ولكي ننجح في كبح جماح المتحاربين وإيقاف الحرب بشكل مستدام علينا التقيد بما يلي:
أ – الابتعاد عن التورط أو الميل لأحد طرفي النزاع، هذا ليس موبقة ارتكبتها تنسيقية تقدم، ولكن الكيزان الصقوها بالتقدم ونعتوها بأقدح النعوت، بل وقادتهم عقلوهم السقيمة الى القول بأن تقدم هي الذراع السياسي للدعم السريع، أكاذيب وانصرا فيات، وبذاك أسكتوا الكثير من أصوات أعضاء تقدم مخافة هذا القذف.
الضغط المستمر على المنظمات الدولية الإنسانية، للفت نظر العالم بمأساة المجاعة وطلب الاغاثات، ومد يد العون.. لأهمية تلك المطالبات في بلاد تموت من الحرب والجوع والمرض انسانها.
ب - الضغط على المجتمع الدولي. المسألة ليست فقط لفت الانتباه للمأساة والمجاعة وجرائم الحرب، بل ضغط متواصل على المنظمات والجمعيات ذات الصيت والنفوذ في بلادها الى جانب برلمانات الدول ودور الصحافة الحرة لنقل آهات المنكوبين بمختلف اللغات التي أجادها السودانيون في مهاجرهم.
بذلك أدينا الواجب المستطاع، وبعدها يقضي الله أمرا كان مفعولا.
عبد المجيد دوسة المحامي
Majeedodosa@gmail.com