سواليف:
2025-01-30@05:51:47 GMT

“إنتَ زَلَمة” / آلاء الظَّريف

تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT

“إنتَ زَلَمة”

كيف يمكن لهذا المسكِ أن يُعطِّرَ المكان؟! حتى أنه لا توجد بقعةٌ من الأرض إلا وخالَطها.
أرجلٌ كثيرةٌ، أصواتٌ متداخلة ومختلفة، أنوارٌ محترقة، صوتُ #الصافرة يَطغى على كل ذلك، لا أستطيعُ أن آخذ نفسًا من شدة تركيز ذلك المسك، أسعى لأن آخذَ العالم معي لينتبهوا إلى جمال رائحته، إنهم لا يلاحظونها مثلي لربما ليس لديهم أيّة معلومات عنه.


ومن بين #زحمة #الأصوات صوتًا ينادي: “يا الله” كنتُ أحملُ صاحبَ الصوت على ظهري، لا أدري إلى أين أحملُه، ليس لدي أيّة فكرة كيف أنجو به.
المكان المُفترَض أن أنقلَهُ إليه ليس آمنًا، وبينما ألتقطُ أنفاسي متلهثًا من حُرقتي عليه أسمع صوتًا قويًّا قادمًا نَحوِي بعد أن صدرَ صوتٌ أشبهُ بضرب فرامل السيارة، وأنا حينها ما زلت واقفًا أمام المشفى في حالةِ إدراكٍ لذلك الصوت. يتعالى التكبير بلحظتها، لم أعدْ أسمعُ شيئًا، حتى أصبحتُ ملقًى على الأرض أسمع كلامًا من بعيد وكأنه من خلف فولاذ: “ما لنا غيرك يا الله”.
أحاولُ أن استيقظَ لأرى ماذا يحدث، لكنَّني لم أستطع، كنتُ أشعر بصعوبة التنفس، أريد أن أتنفس.
صوت آخر يقول: “لا نستطيع أن نوقف النزيف، نحتاج إلى دم”. فجأةً، شعرتُ وكأن رأسي في بلورة زُجاج باردة جدًا، كان نفَسي قليلًا جدا حتى وجدتُ نفسي على سرير أبيض يسير في ممرٍ طويل مُضيء. أطباء على يمين السرير وشماله، لا أعرف جنسَ هؤلاءِ ذكورًا أم أناثًا! حتى وصلتُ لآخر الممر وإذا أنا أمام فوَّهَة كبيرة وصلت بي إلى السماء الباردة، شعرتُ بالسعادة والفرح وتأملتُ النجوم؛ فكانت وكأنها طاقاتٌ مريحةٌ جدًا، كنتُ أشعرُ أنني ضخمٌ جدًا حتى شدني شيءٌ ما أخذني إلى غرفة في مشفى، رأيتُ الناسَ يستلقون على الأرض بين جريح وقتيل، بين مُقطَّعٍ وفاقدٍ لعضو، والخوفُ والذُّعر يسيطرُ على المكان الأطباء منهكون، الأمهات تركض في الممرات تسأل بين الغرف عن ذويها، الأسماء مكتوبة على كل يد، نظرتُ في زاوية الغرفة وجدتُ عمي “صالح” يقفُ بجانب جسدي ويقول: “شد حيلك يا أبو ناجي إنتَ زَلَمة”.
“كرهان يدخلك ناجي الفردوس بإيده”؟.
“نياله كان عم يحاول ينقذ الشب”.
كان عمي يردِّدُ هذه الكلمات، ووالدي بالجانب الآخر يبكي بحُرقة.
تذكرتُ أنني كنت أحمل شابًا على ظهري، أُغرِقَ بالمسك حتى لم نتعرَّفْ على ملامحه.

“لا يكون أنا متت”، صوتٌ أجاءَني إلى الحقيقة، كنتُ سعيدًا جدًّا، ليتني أستطيعُ أن أُخبرَ أبي بمدى راحتي التي أشعرُ بها، ليتني أستطيع أن أُوصلَ لهم شعورَ الحريةِ الذي يحتويني، لم أستطع أن أخبرَهم أنني حيٌّ، أسمعُ ما يقولونه بكل تفاصيله، خرجتُ من الغرفة إلى ساحة المشفى، رأيتُ نساءً تبكي، وأطفالًا خائفين، ورجالًا يسجدون شكرًا لله على فقد أبناءئِهم.
الأقمشة البيضاء كثيرة، مرصوصةٌ فوق بعضها، كُتِبَ عليها مجهول، وأرقام وتواريخ ووداعات أخيرة، غطَّت وجوهًا مبتسمةً وأصابعَ مرفوعةً نحو السماء.
حين رأيتُ تلك الوجوه عرفتُ أنهم قد ذاقوا شعوري، وفجأةً، قوةٌ تشدُّني إلى الأعلى، كنتُ خفيفًا جدًا، ابتعدتُ عن المشفى، ثم عن المدينة، ثم عن الكرة الأرضية. شعورُ الأمان يحاصرني، إنني أعرفُ الطريق، سعيدٌ لأنني ذاهبٌ إلى شيء جميل أُحبُّهُ وأنتمي إليه، وكأنهُ بيتي، كنتُ حيًّا، وكانوا جميعَهم أمواتًا.
فأنا الشهيدُ لكلِّ أرضٍ خُلِقَتْ للسلام، ولم تعرفِ السلامَ يومًا.
مقالات ذات صلة وجهة نظر .. قصة قصيرة جدا 2023/12/25

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الصافرة زحمة الأصوات

إقرأ أيضاً:

رافينيا ينبعث من رماده.. تعرف على كلمة السر

يعيش الدولي البرازيلي رافينيا دياز موسماً استثنائياً مع برشلونة تحت قيادة المدرب الألماني هانسي فليك، وذلك بعد أن كان حبيس مقاعد البدلاء في فترة تشافي هيرنانديز التدريبية.

يقدم جناح برشلونة البالغ من العمر 28 عاماً هذا الموسم مستويات مميزة جعلته واحداً من أفضل اللاعبين في الدوريات الخمس الكبرى وقطعة أساسية في تشكيل "البلوغرانا" التي لا غنى عنها.

وقاد رافينيا فريقه هذا الموسم إلى فوز كاسح على الغريم التقليدي ريال مدريد في مناسبتين، الأولى في الدوري الإسباني والثانية في نهائي كأس السوبر الإسباني بالعاصمة السعودية الرياض.

كما توهج "راقص السامبا" في دوري أبطال أوروبا، وساهم في تحقيق البارسا لـ "ريمونتادا" ملحمية أمام بنفيكا في الجولة السابعة من "التشامبيونز ليغ".

وسجل قائد الفريق الكتالوني 12 هدفاً في الدوري الإسباني منها هدفه الأخير في مرمى فالنسيا، أمس الأحد، في مباراة شهدت مهرجان أهداف لبرشلونة أمام "الخفافيش".

وقال رافينيا، في مقابلة مع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا": "أشعر بسعادة غامرة وامتياز، كوني أحد قادة برشلونة".

وتابع: "في ذلك الوقت على المستوى الفردي لم أشعر بالثقة ولم يكن أدائي ثابتاً في المباريات، ولكنني كنت دائماً مقاتلًا في الملعب وأحاول تقديم أفضل ما لدي".

وأضاف: "وبسبب الصعوبات التي واجهتها الموسم الماضي، بدأت في البحث عن شخص محترف يساعدني فيما أمر به وأفهم ما كنت أشعر به، هذا الموسم تغيرت ثقتي بنفسي وتغيرت طريقة تفكيري، أنا أعيش أفضل الأوقات في مسيرتي".

وخاض رافينيا 30 مباراة مع البارسا هذا الموسم، منها 21 في "الليغا" و7 في دوري أبطال أوروبا، واثنين في كأس السوبر الإسباني، وسجل البرازيلي 22 هدفاً، وقدم 9 تمريرات حاسمة.
 
 

 

 

مقالات مشابهة

  • “على بلاطة”
  • ليفاندوفسكي: أريد إثبات أن العمر مجرد رقم
  • استمرار أعمال إعادة تأهيل عدد من الأقسام والأجنحة في المشفى الجامعي بحلب
  • عيشوا لحظات الحب من جديد في “ذي رستورانت” العنوان دبي مول
  • “لقاء الأربعاء”
  • كاتب تركي من معرض الكتاب: أشعر أنني في بلدي الثاني
  • الكاتب التركي Ali Aycil بمعرض الكتاب: أشعر أنني في بلدي الثاني
  • عبده عطيف يشيد بتكريم نادي الشباب: شعور لا يوصف.. فيديو
  • مساعدات طبية لتعزيز خدمات مشفى نوى الوطني بريف درعا ‏
  • رافينيا ينبعث من رماده.. تعرف على كلمة السر