سواليف:
2024-11-16@13:49:37 GMT

“إنتَ زَلَمة” / آلاء الظَّريف

تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT

“إنتَ زَلَمة”

كيف يمكن لهذا المسكِ أن يُعطِّرَ المكان؟! حتى أنه لا توجد بقعةٌ من الأرض إلا وخالَطها.
أرجلٌ كثيرةٌ، أصواتٌ متداخلة ومختلفة، أنوارٌ محترقة، صوتُ #الصافرة يَطغى على كل ذلك، لا أستطيعُ أن آخذ نفسًا من شدة تركيز ذلك المسك، أسعى لأن آخذَ العالم معي لينتبهوا إلى جمال رائحته، إنهم لا يلاحظونها مثلي لربما ليس لديهم أيّة معلومات عنه.


ومن بين #زحمة #الأصوات صوتًا ينادي: “يا الله” كنتُ أحملُ صاحبَ الصوت على ظهري، لا أدري إلى أين أحملُه، ليس لدي أيّة فكرة كيف أنجو به.
المكان المُفترَض أن أنقلَهُ إليه ليس آمنًا، وبينما ألتقطُ أنفاسي متلهثًا من حُرقتي عليه أسمع صوتًا قويًّا قادمًا نَحوِي بعد أن صدرَ صوتٌ أشبهُ بضرب فرامل السيارة، وأنا حينها ما زلت واقفًا أمام المشفى في حالةِ إدراكٍ لذلك الصوت. يتعالى التكبير بلحظتها، لم أعدْ أسمعُ شيئًا، حتى أصبحتُ ملقًى على الأرض أسمع كلامًا من بعيد وكأنه من خلف فولاذ: “ما لنا غيرك يا الله”.
أحاولُ أن استيقظَ لأرى ماذا يحدث، لكنَّني لم أستطع، كنتُ أشعر بصعوبة التنفس، أريد أن أتنفس.
صوت آخر يقول: “لا نستطيع أن نوقف النزيف، نحتاج إلى دم”. فجأةً، شعرتُ وكأن رأسي في بلورة زُجاج باردة جدًا، كان نفَسي قليلًا جدا حتى وجدتُ نفسي على سرير أبيض يسير في ممرٍ طويل مُضيء. أطباء على يمين السرير وشماله، لا أعرف جنسَ هؤلاءِ ذكورًا أم أناثًا! حتى وصلتُ لآخر الممر وإذا أنا أمام فوَّهَة كبيرة وصلت بي إلى السماء الباردة، شعرتُ بالسعادة والفرح وتأملتُ النجوم؛ فكانت وكأنها طاقاتٌ مريحةٌ جدًا، كنتُ أشعرُ أنني ضخمٌ جدًا حتى شدني شيءٌ ما أخذني إلى غرفة في مشفى، رأيتُ الناسَ يستلقون على الأرض بين جريح وقتيل، بين مُقطَّعٍ وفاقدٍ لعضو، والخوفُ والذُّعر يسيطرُ على المكان الأطباء منهكون، الأمهات تركض في الممرات تسأل بين الغرف عن ذويها، الأسماء مكتوبة على كل يد، نظرتُ في زاوية الغرفة وجدتُ عمي “صالح” يقفُ بجانب جسدي ويقول: “شد حيلك يا أبو ناجي إنتَ زَلَمة”.
“كرهان يدخلك ناجي الفردوس بإيده”؟.
“نياله كان عم يحاول ينقذ الشب”.
كان عمي يردِّدُ هذه الكلمات، ووالدي بالجانب الآخر يبكي بحُرقة.
تذكرتُ أنني كنت أحمل شابًا على ظهري، أُغرِقَ بالمسك حتى لم نتعرَّفْ على ملامحه.

“لا يكون أنا متت”، صوتٌ أجاءَني إلى الحقيقة، كنتُ سعيدًا جدًّا، ليتني أستطيعُ أن أُخبرَ أبي بمدى راحتي التي أشعرُ بها، ليتني أستطيع أن أُوصلَ لهم شعورَ الحريةِ الذي يحتويني، لم أستطع أن أخبرَهم أنني حيٌّ، أسمعُ ما يقولونه بكل تفاصيله، خرجتُ من الغرفة إلى ساحة المشفى، رأيتُ نساءً تبكي، وأطفالًا خائفين، ورجالًا يسجدون شكرًا لله على فقد أبناءئِهم.
الأقمشة البيضاء كثيرة، مرصوصةٌ فوق بعضها، كُتِبَ عليها مجهول، وأرقام وتواريخ ووداعات أخيرة، غطَّت وجوهًا مبتسمةً وأصابعَ مرفوعةً نحو السماء.
حين رأيتُ تلك الوجوه عرفتُ أنهم قد ذاقوا شعوري، وفجأةً، قوةٌ تشدُّني إلى الأعلى، كنتُ خفيفًا جدًا، ابتعدتُ عن المشفى، ثم عن المدينة، ثم عن الكرة الأرضية. شعورُ الأمان يحاصرني، إنني أعرفُ الطريق، سعيدٌ لأنني ذاهبٌ إلى شيء جميل أُحبُّهُ وأنتمي إليه، وكأنهُ بيتي، كنتُ حيًّا، وكانوا جميعَهم أمواتًا.
فأنا الشهيدُ لكلِّ أرضٍ خُلِقَتْ للسلام، ولم تعرفِ السلامَ يومًا.
مقالات ذات صلة وجهة نظر .. قصة قصيرة جدا 2023/12/25

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الصافرة زحمة الأصوات

إقرأ أيضاً:

“على بلاطة”

 

 

‏فلسطين مجرد البداية، المخطط الحقيقي يسعى خلف مكة المكرمة والمدينة المنورة.
قد يطول شرح هذا الأمر، لذا أتمنى أن تصبروا عليّ في هذه الرحلة وألا تغادروا في منتصف الطريق .
احزموا امتعتكم .. اربطوا احزمتكم ..
اقرأوا دعاء السفر .. توكلوا على الله ولا تنسوا البسملة !
بسم الله الرحمن الرحيم .. فلنبدأ ..
حسناً .. لفهم هذه المسألة علينا معرفة الحقيقة المجردة لهذا الصراع .
ولمعرفة ذلك يتوجب علينا العودة إلى أولى صفحات التاريخ، إلى تلك اللحظة بالتحديد!
لحظة إعلان العداء المطلق من قبل إبليس وقوله تعالى موضحاً ما جاء على لسان الرجيم :
{قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}
ثم قوله تعالى مخاطباً أبانا آدم وإبليس:
{قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}
هنا بدأ كل شيء .. دُشّن الصراع .. أقيمت ركائزه
ارتسمت ملامحه .. حُددت أطرافه .. أُعلنت أهدافه .
هذه حرب أعلنها إبليس على الآدمية بُغية إغوائهم .. نقطة على السطر!
ما يعني أن حقيقة وأصل وعمق الصراع الدائر
على هذه الأرض «ديني – عقائدي»، ديني عقائدي …
لا «ديانات ومعتقدات» عليكم التفريق بين ذلك وتلك!
يسعى إبليس لتحريف وتهجين الفكر والعقيدة التي جبلنا الله عليها ومحو كل
(( أثر وسبيل ومعلم مادي يقودنا إليها ))
«ما بين القوسين ركيزة موضوعنا، احفظوه جيدًاً»
واستبدالها بواحدة من صنيعته، وتحقيق غايته .
هذا ما عنيته بالصراع «الديني العقائدي» بالطبع نتج عنه تفرعات عديدة «اقتصادية – شخصية – توسعية – طموحات – سلطة – ثروات – مصالح وما شابه» لكنها كلها امتدادات لأصل عتيق وغطاءات لهدف وحيد ووسائل عدة بررتها غاية واحدة، تم توضيحها أعلاه .
الآن بعد معرفتنا بأن حقيقة الصراع «ديني – عقائدي»
لنأخذ جولة سريعة في المكان!!
لنذهب إلى بيت المقدس تحديداً !
«القدس – أورشليم – أرض الميعاد – سموها ما شئتم»
لنلقِ نظرة على تاريخها الحافل!!
قد يفاجئكم هذا الأمر .. أو ربما لن يفعل!
لقد تعرضت هذه المدينة للاحتلال 44 مرة!!
هوجمت 52 مرة ودُمرت مرتين!!
هذا ما حملته كتب التاريخ ناهيكم عما سقط عنها!!
نحن أمام رقم قياسي لن تحطمه أية مدينة أخرى!
السؤال هنا .. ما المميز في القدس ؟!
لِمَ يسعى الجميع للاستحواذ عليها ؟!
لِمَ لم تمر إمبراطورية من كتب التاريخ والجغرافيا إلا واحتلت القدس، بدءاً ببابل وانتهاءً بالتاج البريطاني والولايات المتحدة الأمريكية!!
ما السبب ؟!
سيقول البعض بسبب موقعها الجغرافي ..
خط التجارة .. الأهمية الاستراتيجية!!
ترهات .. ولو حملت بعض الصحة إلا أنها لا تتعدى حقيقة كونها مجرد ترهات!
السبب الحقيقي وراء ذلك أنها لطالما شكلت عاصمة العقيدة وقبلة الدين وموطن الأنبياء ومستقر آثارهم وبقية ميراثهم وكثير مما تركوه وخلفوه!
ولأن الصراع «ديني – عقائدي»
فعلى المستوى التاريخي :
يجب عليك احتلالها .. تدميرها .. طمس معالمها ..
محو كل دليل يثبت بأن دين الله ليس بخرافة!
أما على المستوى الجغرافي :
إذا أردت هزيمة عدوك فعليك أخذ عاصمته!
إذاً ما الذي تغير اليوم ولمِ هي مجرد «بداية»،
ثم ما علاقة كل هذا بمكة والمدينة ؟!
ألم يخبروكم أن كل ما كان في القدس قد انتقل إليهما !
أثناء البعثة المحمدية أصبحت مكة المكرمة عاصمة العقيدة وقبلة الدين!
أما المدينة فكانت مستقر الأثر وبقية الميراث وكثير مما ترك وخلف!
لذا باتتا هما الهدف القادم!
وبالطبع إبليس ليس أحمق ليدفع أحداً للقيام باحتلالهما بشكل مباشر!
لذا سيأخذ فلسطين أولاً بذريعة إرث اليهود التاريخي!
ومنها سيشق طريقه إليهما!
بعد تدجين مجتمعاتها وغزوهم فكرياً وثقافياً وسياسياً معتمداً على كيانه الذي بات أمراً واقعاً لايمكن تجاهله!
الأن … ألا تجدون هذا مثيراً للريبة ؟!
إن كلاً من الفكر الصهيوني والوهابي قد نشآ في القرن السابع عشر !!
كذلك هو حال الانتداب البريطاني لفلسطين وتأسيس النظام السعودي في شبه الجزيرة .. حدث ذلك في العقد نفسه!
محاولات هدم مرقد النبي .. هدم منازله .. فتاوى هدم الكعبة باعتبارها صنماً .. محاولات محو كل أثر مادي .. زرع العداوة بين المسلمين .. حالة الانفلات والانحلال التي يعيشها المجتمع السعودي اليوم!
ألا ترون أوجه التشابه وما الذي يجري التحضير له ؟!
سيقومون بتهويد مقدساتنا في مكة والمدينة كما قاموا بتهويدها في بيت المقدس!
لا أستبعد أنهم باتوا يملكون أراضي واسعة تحيط بمقدساتنا في المدينتين!
لذا نعم .. فلسطين مجرد البداية، والعين على المكرمة والمنورة .. وسيفعلونها، لا اعني باستخدام عملائهم!
بل بأنفسهم وبشكل مباشر، وما سياسات المملكة الرعناء التي تسببت بنبذها من قبل محيطها العربي والإسلامي إلا لضمان تركها وحيدة عند وقوع الكارثة!
هذه حرب على دين الله ومقدساته، وآيات الله بالقتال والدفاع عن دينه لم تأتِ من عبث!

مقالات مشابهة

  • وليد الفراج : مانشيني كان واضح ” والبيئة كانت مسمومة “
  • نذر الشتاء “القارص”!
  • شياخة: “أشعر بخيبة أمل لعدم فوزنا لكني سعيد بمشاركتي مع المنتخب”
  • شياخة: “أشعر بخيبت أمل لعدم فوزنا لكني سعيد بمشاركتي مع المنتخب”
  • من وحي ” علم النفس “
  • بيان هام حول “عدل 3”
  • حجز 3240 قرص “صاروخ” وتوقيف مروجين في وهران
  • مُوظّفو “زين” شاركوا في رحلة العمرة السنوية
  • “على بلاطة”
  • شاهد| فلاش.. “هذا الجمع سيبدده الله”