شاع الظلم فماذا يمكن أن يصنع بالظالمين يوم القيامة؟ سؤال أجابه الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك. 

شاع الظلم فماذا يمكن أن يُصنع بالظالمين يوم القيامة؟

 

هناك علاقة بين الظلم والظلام؛ فالظلام يعمى فيه الإنسان ولا يدرك حقيقة ما حوله، والظلم إذا ما ركبه الإنسان أعماه فلا يدرك حقيقة الكون ولا مراد الله منه ،وقد أمرنا ربنا سبحانه وتعالى أن نكون في النور وسمى نفسه نورا ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ ثم بعد ذلك جعل الظلم من الظلمات، وحرم الظلم على نفسه و﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾ .

وسيدنا رسول الله ﷺ يقول : « الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » ينهى ﷺ عن الظلم ويحذر بأن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب « اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ » ويحذر أن دعوة المظلوم تستجاب ولو من الكافر ، فما بالك لو كان المظلوم مسلما موحدا طائعًا لربه! فما بالك لو كان وليًا من أوليائه أو صفيًا من أصفيائه!

علي جمعة: الظلم يعمي الإنسان عن إدراك حقيقة الكون علي جمعة يوضح قدرة الله اللامتناهية وعلمه اللامحدود في جريان الكون


عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا مَرَّ النَّبِىُّ - ﷺ - بِالْحِجْرِ - والحجر نزل به العذاب على قومٍ ظالمين أشركوا بالله سبحانه وتعالى، وكان النبي ﷺ يكره أن يمر في أرض نزل بها عذاب الله ويحذر - قَالَ « لاَ تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ ». ثُمَّ قَنَّعَ رَأْسَهُ وَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى أَجَازَ الْوَادِىَ. ثم قنّع رأسه وأخفاها بالعباءة التي عليه، وكأنه يخاف ﷺ أن ينزل عليهم شئ من السماء، وهو المعصوم، وهو حبيب رب العالمين، وهو سيد الكائنات أجمعين، وهو الذي خلقه الله عنوانًا لتوحيده وختامًا لرسله يُقنع رأسه خوفًا من ربه ويجد في السير حتى يخرج من تلك الأرض التي نزل بها العذاب على قومٍ قد ظلموا أنفسهم ﴿وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾.

ولفت إلى أنه في جواب الظلم شاع فماذا يمكن لهذا الظلم أن يصنع بك يوم القيامة؟ يقول رسول الله ﷺ لأصحابه محذرًا ولمن بعده من أمته مبينًا « هَلْ تَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ؟». قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ. قَالَ «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِى مَنْ يَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَيَامٍ وَصَلاَةٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِى قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، فَيُقْعَدُ فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِىَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَايَا ؛ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِى النَّارِ ». أعرفتم عاقبة الظلم في الآخرة! إفلاسًا وطرحًا في النار.

ماذا يفعل الظالم إذا أراد التوبة؟

يقول سيدنا رسول الله ﷺ : « مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ مِنْ أَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ مَالِهِ ؛ فَلْيَتَحَلَّلْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ حِينَ لاَ يَكُونُ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ ، وَإِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَجُعَلَتْ عَلَيْهِ ».
ويُتوج ذلك كله بحديث أوس بن شراحبيل قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول : «مَنْ مَشَى مَعَ ظَالِمٍ لِيُعِينَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ ظَالِمٌ فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الإِسْلامِ». تنبه أيها المسلم وكن خصيم نفسك فإن العاقل خصيم نفسه قبل الفوت وقبل الموت، وعليك أن ترجع سريعًا إلى نصيحة سيدنا رسول الله ﷺ حتى لا تكون على خطرٍ عظيم وأمرٍ جليل يلخصه حديث أوس «فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الإِسْلامِ». فإنا لله وإنا إليه راجعون.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الظلم يوم القيامة الدكتور علي جمعة یوم القیامة رسول الله ﷺ علی جمعة

إقرأ أيضاً:

هل تقبل صلاتي وأنا كسلان ؟.. عويضة عثمان يجيب

تلقت  دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها الرسمية سؤال يقول صاحبه : "هل تُقبل صلاتي وأنا أشعر بالكسل وأهمل أداء السنن؟"

وردّ الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء، مؤكدًا أن الله تعالى يقبل الصلاة بإذنه، مشددًا على ضرورة عدم ترك الفرائض مهما كانت حالة الشخص، ودعا إلى مجاهدة النفس ومقاومة الكسل، موضحًا أن هذه الحالة يمر بها كثير من الناس، وهي جزء طبيعي من التحديات الروحية اليومية. كما أوصى بالمواظبة على الدعاء إلى الله لطلب حب العبادة والنشاط فيها، والاطلاع على فضل الصلاة وأجرها العظيم كما ورد في السنة النبوية.

وفي سياق متصل، أجاب الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء، على سؤال آخر يتعلق بكيفية التغلب على الكسل عند أداء الصلاة، موضحًا أن الحل الأمثل يكمن في المسارعة إلى الصلاة فور سماع الأذان، مع استحضار شعور الشوق للوقوف بين يدي الله سبحانه وتعالى. واستشهد بالآية الكريمة من سورة النساء: "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً" (النساء: 103)، مشددًا على ضرورة إدراك المسلم لعواقب تأخير الصلاة وما يترتب على ذلك من حرمان حقيقي من الثواب. 

ودعا إلى اجتهاد الفرد في المبادرة والاعتياد على أداء الصلاة في وقتها دون تأجيل.

أما فيما يخص التركيز أثناء الصلاة وتجنب السرحان، فأوضح الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى ومدير إدارة التدريب بدار الإفتاء، أن انشغال الإنسان بمشاغل الحياة اليومية يقلل من أجر الصلاة، وأوصى باتباع خطوتين أساسيتين: ذكر الله تعالى أثناء الصلاة، والتأمل في معاني الآيات القرآنية، بالإضافة إلى التركيز على موضع السجود أو السبابة في التشهد. 

وأشار إلى أن إغماض العينين أثناء الصلاة قد يزيد من فرصة السرحان، لذا يجب الانتباه والتأمل.

هل السحر له حقيقة ويتسبب فى أمراض أم مجرد شعوذة وتخييل؟.. الإفتاء تجيبكيف نرسخ عبودية الله في قلوب الأبناء؟.. الأزهر يوضح

من جانبه، أشار الشيخ محمد وسام، أمين الفتوى، إلى أن الاستعداد النفسي والروحي للصلاة قبل أدائها بدقائق يسهم بشكل كبير في تحقيق الخشوع، مؤكداً أهمية السنة القبلية التي تهيئ النفس لأداء الصلاة، مثل دعاء الاستفتاح: "اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب..."، مشددًا على استحضار عظمة الله سبحانه أثناء الصلاة، والحفاظ على الهدوء الكامل لتحقيق الخشوع التام والاستفادة من الأجر العظيم للصلاة.

واختتمت دار الإفتاء نصائحها بالتأكيد على ضرورة الصبر والمثابرة على أداء الصلاة بانتظام، ومجاهدة النفس لمقاومة الكسل، موضحة أن كل هذه الوسائل تسهم في رفع درجة الخشوع وقبول الصلاة، وتحقيق أعلى درجات الثواب، والارتقاء بالحياة الروحية للمسلم في كل حالاته.

طباعة شارك دار الإفتاء الصلاة الكسل الخشوع

مقالات مشابهة

  • يتملكني الخوف دائما من المستقبل وأشعر بعدم الأمان فماذا أفعل؟ أمين الفتوى ينصح
  • هل تقبل صلاتي وأنا كسلان ؟.. عويضة عثمان يجيب
  • علي جمعة: الابتلاء والفتنة سنة لا تقتصر على الظالمين والمفسدين وإنما تشمل الصالحين والأبرار
  • علي جمعة: الإنجاز بلا أخلاق خطر يهدد الإنسان والحضارة
  • فتاوى وأحكام| كيف تأخذ أجر قيام الليل وأنت في سريرك؟..م ن هو أول من يُكسى من الخلائق يوم القيامة ؟.. الحكمة من عدّة المُطلقة والمُتوفى عنها زوجها
  • علي جمعة: الذكر والتفكّر أساس بلوغ مرتبة الإحسان
  • الغنيمة الباردة.. علي جمعة فضل هذه العبادة في فصل الشتاء
  • من هو أول من يُكسى من الخلائق يوم القيامة ؟
  • 4 أعداء يعوقون سير الإنسان إلى ربِّه.. تعرف عليهم وجاهدهم
  • علي جمعة يكشف عن سبب شيوع الفساد والفتن بين الناس