يهدد حياة الملايين.. ما مصير المساعدات الإنسانية لسوريا عبر الحدود بعد الفيتو الروسي؟
تاريخ النشر: 15th, July 2023 GMT
شمال سوريا- يشعر محمد كفرماتي بالقلق وذلك بعد سماعه خبرا عن استخدام روسيا حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن، لمنع إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود لمناطق شمال غرب سوريا.
محمد هو نازح في أحد مخيمات كفر لوسين بالقرب من الحدود مع تركيا، يعتمد في معيشته على السلال الغذائية التي يحصل عليها من قِبل برنامج الغذاء العالمي.
وفي حديثه للجزيرة نت، يقول محمد إن "هناك مجاعة ستحصل في حال لم يتم إدخال المساعدات عبر الأمم المتحدة"، موضحا أنه ومعظم من يقطن مخيمه ليس لديهم عمل ويعتمدون على المساعدات.
وأضاف أن سكان المخيمات يحصلون على سلة غذاء وسلة نظافة شهرية وكذلك على المياه بشكل مجاني، وجميعها ستتوقف بعد قرار إيقاف المساعدات من المعبر، ولذلك فإن الوضع سيصبح كارثيا لأنه ليس هناك بدائل، وفق وصفه.
روسيا استخدمت حقّ النقض (الفيتو) للاعتراض على تجديد عملية أممية لإرسال مساعدات إلى شمال غرب سوريا لمدة 9 أشهر (الجزيرة) فيتو روسياستخدمت روسيا الفيتو ضد قرار لمجلس الأمن الدولي يسعى إلى تمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود التركية لمدة 9 أشهر، بعد انتهاء التفويض وفق هذه الآلية في العاشر من يوليو/تموز الجاري.
وصوّت أعضاء مجلس الأمن الـ13 لصالح القرار، الذي قدمته كل من البرازيل وسويسرا، وهما الدولتان المعنيتان بصياغة القرارات حول الملف الإنساني السوري في مجلس الأمن، في حين امتنعت الصين عن التصويت.
وتُصر روسيا على تمديد التفويض الأممي لمدة 6 أشهر فقط، وقدمت قرارا منافسا في هذا الشأن.
ويعني القرار أنه لم يعد مسموحا لوكالات الأمم المتحدة مواصلة استخدام معبر "باب الهوى" على الحدود السورية التركية لتقديم المساعدات الإنسانية في شمال غرب سوريا.
حمزة الهزاع مدير المكتب الإقليمي في مؤسسة الشام الإنسانية العاملة شمال غرب سوريا، اعتبر أن إيقاف آلية إدخال المساعدات عبر معبر باب الهوى سيؤثر بشكل كبير على الوضع المعيشي وتنفيذ المشاريع الإغاثية وتقديم المساعدات للنازحين والمحتاجين في شمال غرب سوريا، وخاصة بعد الزلزال الذي لم يتم التعافي من آثاره حتى الآن، إضافة إلى أن الوضع بالأصل صعب والمساعدات التي يتم تقديمها غير كافية.
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف الهزاع أنه "في حال توقفت هذه الآلية، ستتوقف عندنا المشاريع الممولة من برامج الأمم المتحدة بما يشمل قطاعات الصحة والخدمات وغيرها، وذلك سيكون له أثر كارثي على حياة ملايين السوريين في المنطقة".
وبالنسبة لبدائل الدعم الأممي، أشار الهزاع إلى أنه لا يوجد بدائل يمكن أن تسد العجز حاليا، لذلك لا بد من تمديد آلية إدخال المساعدات، ولكن في حال بقيت روسيا على موقفها الرافض في مجلس الأمن، لا بد من إيجاد حلول وهذه الحلول ممكن أن تكون عن طريق تشكيل منصة دعم دولية خارج إطار الأمم المتحدة لتعويض انقطاع الدعم.
تحذيرات إنسانية من تسبب وقف آلية المساعدات الدولية في كارثة غذائية فضلا عن توقف قطاعات الصحة والخدمات (الجزيرة) آلية المساعدات الدوليةوناشد ناشطون الأممَ المتحدة والدول الغربية لإيجاد آلية بديلة عن المعبر الحدودي، لكي يتم إيصال المساعدات للمحتاجين.
وتسمح هذه الآلية الإنسانية، التي بدأت عام 2014، بإيصال المساعدات إلى نحو 4 ملايين شخص في سوريا، ويتم تجديدها سنويا.
وشدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، على أنه لن يتخلى عن احتمال إبقاء معبر باب الهوى مفتوحا لإيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا، معربا عن خيبة أمله لإخفاق مجلس الأمن الدولي في التوصل لاتفاق لتمديد تفويض دخول المساعدات عبر الحدود إلى سوريا.
مسؤول في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، قال للجزيرة نت إن كل المساعدات الأممية ستتوقف عن الدخول من معبر باب الهوى، بما يشمل منظمات الفاو واليونيسيف والصحة العالمية، أما المنظمات التي تتلقى دعما من دول فإنها تستطيع إدخال المساعدات عبر الهلال الأحمر التركي.
وأضاف المسؤول الأممي أن المساعدات سوف تنخفض إلى الربع بعد وقف تمديد إدخالها عبر معبر باب الهوى، حيث إن منظمة الغذاء العالمي تُدخل شهريا 260 ألف سلة لمناطق شمال غرب سوريا، وهذه جميعها ستتوقف اعتبارا من هذا الشهر، وكذلك مشاريع التعليم والمياه المقدمة من "منظمة الهجرة الدولية" (IOM) والتي يستفيد منها عشرات آلاف النازحين.
ولفت إلى أنه "كذلك ستتوقف مشاريع بناء الكرفانات ومشاريع الصرف الصحي وترحيل القمامة، وكلها مشاريع مدعومة من قبل وكالات الأمم المتحدة، وسيبدأ تأثير هذا التوقف قريبا".
النظام السوري اشترط على مجلس الأمن وجوب تسليم المساعدات الإنسانية إلى حكومته (الجزيرة) تسليم المساعدات للنظام السوريوقد اشترط النظام السوري على مجلس الأمن وجوب تسليم المساعدات الإنسانية إلى سوريا بالتعاون والتنسيق الكاملين مع حكومة النظام.
كما بعثت حكومة النظام رسالة إلى مجلس الأمن الدولي تفيد بعزمه السماح بإدخال المساعدات الإنسانية من بوابة "باب الهوى" التركية الحدودية لمدة 6 أشهر.
جاء ذلك -وفق ما ذكرت وكالة "الأناضول"- في بيان أدلى به المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أول أمس الخميس، وقال فيه "أستطيع أن أؤكد أننا تلقينا الرسالة وبدأنا بدراستها".
وقد أكد محمد نجار مدير مكتب الهيئة العالمية للإغاثة والتنمية (انصر)، أن إغلاق معبر باب الهوى أو إيقاف المساعدات عن طريق معبر باب الهوى وتحويلها للحكومة السورية، له آثار كبيرة وسلبية على النازحين في الشمال السوري، كذلك العديد من المنظمات ستُوقف عملها، وهذا سيؤدي إلى فصل الكثير من الموظفين وتوقف مصادر دخلهم.
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح نجار أن الآثار ليست فقط في وقف السلة الشهرية، إنما انقطاع رواتب الموظفين والعمال، وهذا يعتبر مصدر دخل معظم الشباب في الشمال السوري.
وأضاف "ستتوقف المشاريع التنموية وغيرها وبالتالي سيتأثر ملف التعليم في الشمال السوري، خاصة أن التعليم بدأ يدخل في مرحلة تصاعدية بعد 2018".
ولفت في حديثه إلى أنه "بالنسبة للحلول البديلة، يمكن لبعض المنظمات التي لديها دعم من دول عربية أن تعتمد على التوريد الداخلي، لكنه حل مؤقت، فإذا أغلقت تركيا أبوابها؛ يعني ذلك إيقاف كل شيء حتى التجاري، مما يسبب مجاعة كبيرة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المساعدات الإنسانیة إدخال المساعدات معبر باب الهوى شمال غرب سوریا المساعدات عبر الأمم المتحدة للجزیرة نت مجلس الأمن عبر الحدود إلى أن
إقرأ أيضاً:
كيف يدفع الاحتلال الإسرائيلي إلى الفوضى بغزة عبر عصابات النهب المنظم؟
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للصحفيين آدم راسجون وآرون بوكسرمان من القدس بناء على أكثر من 20 مقابلة مع مسؤولين وعمال إغاثة ورجال أعمال وسكان غزة قالا فيه إن العصابات تملأ الفراغ الذي خلفه الاحتلال الإسرائيلي في بعض أجزاء جنوب غزة، وتختطف المساعدات التي يحتاج إليها السكان الفلسطينيون بشدة.
فبينما كان حازم إسليم، سائق شاحنة فلسطيني، يمر عبر أنقاض جنوب غزة الشهر الماضي بشاحنة محملة بالمساعدات نصب له لصوص مسلحون كمينا لقافلة الشاحنات التي كان فيها.
وقال، عبر الهاتف من غزة، إن أحد المسلحين اقتحم شاحنته، وأجبره على القيادة إلى حقل قريب حيث تم تفريغ آلاف الأرطال من الدقيق المخصص للفلسطينيين الجائعين. وبحلول صباح اليوم التالي، كانت العصابة قد جردت كل الإمدادات تقريبا من القافلة التي تضم نحو مئة شاحنة من المساعدات التابعة للأمم المتحدة، والتي تكفي لإطعام عشرات الآلاف من الناس، فيما وصفته الأمم المتحدة بأنه أحد أسوأ حلقات الحرب.
وقال إسليم، 47 عاما، الذي احتجزه اللصوص لمدة 13 ساعة أثناء نهبهم للدقيق: "لقد كان الأمر مرعبا. ولكن الجزء الأسوأ هو أننا لم نتمكن من توصيل الطعام إلى الناس".
وينتشر الجوع على نطاق واسع بالقطاع، كما فرض الاحتلال الإسرائيلي قيودا على دخول المساعدات إلى غزة ومنع حركة شاحنات المساعدات بين الشمال والجنوب.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) هذا الشهر إنها لن تسلم المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم، وهو المعبر الحدودي الرئيسي بين الاحتلال وجنوب غزة، بسبب انهيار القانون والنظام. وتتراكم مئات الشاحنات المحملة بمواد الإغاثة عند المعبر جزئيا لأن جماعات الإغاثة تخشى أن تتعرض للنهب.
وقال جورجيوس بيتروبولوس، وهو مسؤول كبير في الأمم المتحدة ومقره مدينة رفح الجنوبية، إن ما بدأ كمحاولات أصغر حجما للاستيلاء على المساعدات في وقت مبكر من العام ــ غالبا من قِبَل سكان غزة الجائعين ــ أصبح الآن "نهبا منهجيا وتكتيكيا ومسلحا من قِبَل عصابات الجريمة" المنظمة. وأضاف: "هذه مجرد سرقة واضحة".
ويستند هذا التقرير إلى أكثر من عشرين مقابلة مع مسؤولين إسرائيليين ومن الأمم المتحدة، وعمال إغاثة، وسكان غزة، ورجال أعمال فلسطينيين. كما استعرضت صحيفة نيويورك تايمز مذكرات داخلية للأمم المتحدة ناقش فيها المسؤولون عمليات النهب وعواقبها.
تدهور الوضع في غزة بعد أن دخول الاحتلال الإسرائيلي رفح في أيار/ مايو الماضي، سعيا في القضاء على المقاومة في أحد معاقلها الأخيرة٬ واستغلت العصابات المنظمة ـ دون أن يوقفها أحد ـ الفراغ الذي حدث بعد غياب الإدارة المدنية٬ في اعتراض شاحنات المساعدات أثناء توجهها من معبر الحدود الرئيسي إلى جنوب غزة. وتقول منظمات الإغاثة إن هذه العصابات تقوم بسرقة الدقيق والزيت وغير ذلك من السلع وبيعها بأسعار فلكية.
وفي جنوب غزة، ارتفع سعر كيس الدقيق الذي يزن 55 رطلا إلى ما يصل إلى 220 دولارا. وفي شمال غزة، حيث تقل حالات انقطاع المساعدات، قد يكلف نفس الكيس 10 دولارات فقط.
وقد اتهم عمال الإغاثة الدوليون الاحتلال الإسرائيلي بتجاهل المشكلة والسماح للصوص بالتصرف دون عقاب. ولا تسمح الأمم المتحدة للجنود الإسرائيليين بحماية قوافل المساعدات، خوفا من أن يؤدي ذلك إلى المساس بحيادها، وقد دعا مسؤولوها إسرائيل إلى السماح لشرطة غزة، التي تخضع لسلطة حماس، بتأمين قوافلها.
وقد استهدف الاحتلال مرارا وتكرارا شرطة حماس، مما أدى إلى إضعافها بشدة، ويقول السكان إنه نادرا ما يُرى ضباط الشرطة في معظم أنحاء غزة.
وعلى مدى الأسبوعين الماضيين، سمح الاحتلال لبعض شاحنات المساعدات بالسفر على طول حدود غزة مع مصر، وهو طريق جديد تسيطر عليه بالكامل القوات العسكرية الإسرائيلية. وتمكنت وكالات الأمم المتحدة من تجنب اللصوص وتقديم بعض الإغاثة.
ولكن هذا لم يكن كافيا لمعالجة النقص في المساعدات، كما تقول جماعات الإغاثة والسكان. وقد ساهمت الأسعار المرتفعة للسلع التي يبيعها اللصوص في خلق مشاهد يائسة بين سكان غزة العاديين الذين يكافحون من أجل الحصول على القليل من الطعام المتاح بأسعار معقولة.
في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تجمعت الحشود بالفعل عند مخبز "زادنا" في مدينة دير البلح بوسط غزة قبل ساعات من افتتاحه، على أمل شراء كيس من الخبز يحتوي على عشرين قطعة بسعر دولار واحد تدعمه الأمم المتحدة. وفجأة، اندلعت الفوضى عندما اندفع الناس العاديون في الحشد ــ بعضهم يحمل السكاكين ــ للوصول إلى مقدمة الصف، بحسب ما قاله عبد الحليم عوض، صاحب المخبز.
وأثناء الاضطرابات، دوت طلقات نارية. وقال إن امرأتين قتلتا وأصيبت أخريات، وتوفيت امرأة ثالثة في وقت لاحق متأثرة بجراحها. ومع تصاعد الاضطرابات، أغلقت جميع المخابز التي تدعمها الأمم المتحدة في جنوب ووسط غزة أبوابها في الوقت الحالي.
وقال عوض: "اليوم، أصبح حلم المواطن الغزي العادي وطموحه هو الحصول على قطعة خبز. لا أستطيع أن أقول أي شيء أكثر حزنا من ذلك".
يقول أصحاب شركات النقل في غزة وسائقو الشاحنات ومنظمات الإغاثة إن عصابات متعددة شاركت في عمليات النهب مؤخرا. لكن العديد من الأشخاص المشاركين في توصيل المساعدات أطلقوا على ياسر أبو شباب، 35 عاما، اسم الرجل الذي يدير العملية الأكثر تعقيدا.
يقولون إن عصابة أبو شباب تهيمن على جزء كبير من حي النصر في شرق رفح، والذي حولته الحرب إلى أرض قاحلة. ووصفه بيتروبولوس، المسؤول الأممي، بأنه "صاحب النفوذ في شرق رفح".
قال إسليم، سائق الشاحنة الذي تعرض لكمين في رفح، إن اللصوص الذين أسروه أخبروه أن أبو شباب هو رئيسهم. وقال عوض عبيد، وهو نازح من غزة حاول شراء الدقيق من عصابة أبو شباب في رفح، إنه رأى مسلحين يحرسون مستودعات تحتوي على صناديق مسروقة من المساعدات التي تحمل علامة الأمم المتحدة. وقال عابد: "طلبت من أحدهم كيسا من الدقيق لإطعام أطفالي، فرفع مسدسا في وجهي".
ونفى أبو شباب نهب شاحنات المساعدات على نطاق واسع، رغم أنه اعترف بأن رجاله ـ المسلحين ببنادق كلاشينكوف الهجومية ـ قاموا بمداهمة عددا من الشاحنات منذ بداية الحرب.
وقال في مقابلة هاتفية: "نحن نأخذ الشاحنات حتى نتمكن من الأكل، وليس حتى نتمكن من البيع"، مدعيا أنه كان يطعم أسرته وجيرانه. "كل شخص جائع يأخذ المساعدات".
إن سيطرة اللصوص على الإمدادات وارتفاع الأسعار تقوض حماس في المناطق التي لا تزال تسيطر عليها. وفي 25 من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، داهمت قوات الأمن التابعة لحماس الحي الذي يقطنه أبو شباب، فقتلت أكثر من عشرين شخصا، من بينهم شقيقه، حسبما قال أبو شباب.
وأفادت وسائل الإعلام الرسمية التابعة لحماس في ذلك الوقت أن قواتها قتلت عشرين عضوا من "عصابات اللصوص الذين كانوا يسرقون المساعدات".
ومع انتشار عمليات النهب في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل ظاهريا، اقترح سائقو الشاحنات وعمال الإغاثة أن الجيش الإسرائيلي يغض الطرف في الغالب عن هذه العمليات.
وقال بيتروبولوس: "إن القوات الإسرائيلية تتسامح باستمرار مع كميات غير مقبولة من عمليات النهب في المناطق التي تخضع ظاهريا وفعليا لسيطرتها العسكرية".
وفي بعض الأحيان، تنتشر الدبابات الإسرائيلية على طول الطرق الرئيسية التي تسافر عليها شاحنات المساعدات. وقال الوزراء الإسرائيليون إنهم ناقشوا تفويض شركات الأمن الخاصة بحماية قوافل المساعدات الدولية داخل غزة.