الجزائر ـ العمانية: يتناول د. حميد علاوي، في نصّه المسرحي، الصادر بعنوان «غضبة الباي»، عن دار التنوير للنشر والتوزيع بالجزائر، مرحلة مهمّة من تاريخ الجزائر، وهي التي حكم فيها أحمد باي بن عبدالله المملوك، وهو باي قسنطينة، وحاكم «بايلك الشرق» ضمن أيالة الجزائر في العهد العثماني، وقد حكم مرتين؛ الأولى في شهر فبراير 1818م (1233 هـ)، والثانية في شهر أغسطس 1820م (1235 هـ).

وعرفت فترة حكمه بداية ظهور الأطماع الفرنسية في احتلال الجزائر، والاستيلاء على خيراتها. وعُرف أحمد باي بدفاعه بقوة وحنكة عن الوطن. ويؤكّد د. حميد علاوي، مؤلّف الكتاب، أنّ «هذا النصّ المسرحيّ يندرج في الإبداع المقاوم من خلال تتبُّع مقاومة آخر بآيات الشرق الجزائري، أحمد باي، الذي دافع عن مدينة قسنطينة ببسالة أمام المدّ الاستعماري البشع». ويضيف «إنّ أفضل ما يمكن أن يقال عن شجاعة، وحكمة، وبسالة، أحمد باي ومن معه من الرجال، قد قيل في النصّ، في مشهدية تنبض بالحياة».

وتُصوّر مسرحية «غضبة الباي»، تلك الرحلة المضنية التي عاد فيها أحمد باي من العاصمة الجزائر، التي شهدت هجوم سيدي فرج عام 1830، مرورا بسطيف، ووصولا إلى قسنطينة، عرينه الكبير، حيث تبدأ المقاومة المشهودة، ثم يحتضن الأوراس ويحتضنه في رحلة من البسالة والغضب الذي قلّ نظيره، وشحّ شبيهه، غضبٌ تفجّر ثورة تردّد صداها في كلّ ربوع الجزائر. وقد قدّم لهذا النصّ المسرحيّ الروائيُّ، د. أمين الزاوي، بالقول «اشتقنا لقراءة مسرحية مكتوبة بلغة أدبية راقية، مؤسّسة على شخصيات متكاملة، ومتنوّعة، وحوارات منقوشة وعالية، هي سعادة استثنائية أن تقرأ اليوم مسرحية مكتوبة بأسلوب راق يُذكّرك بمسرحيات توفيق الحكيم، وسعد الله ونوس، ويوسف إدريس، ومحمد الماغوط، وجواد الأسدي، وغيرهم، إنّه الإحساس الأول الذي انتابني وأنا أقرأ مسرحية «غضب الباي» للكاتب الدكتور حميد علاوي. فشكرا أولا على هذه المتعة التي شحّت في زمن كثرت فيه الكتابات، وكثرت فيه الاستعراضات على الركح، في غياب نصوص قادرة على الخلود في أدبيّتها، وفي فلسفتها التاريخية».

ويُضيف الزاوي «كتابة التاريخ مسرحيًّا، هي مثل المشي في حقل ألغام عشوائيّ، كلّما تقدّم الكاتب خُطوة إلا وتوقّع انفجار لغم فيه.

وفي هذا الحقل الملغوم الخطر، اختار الكاتب المسرحي حميد علاوي المغامرة بكلّ ثقة، وهو يكتب مسرحيّته هذه التي عنونها «غضبة الباي»، كان وبذكاء ينزع نحو التخييل الذي يُحرّر «الوقائعي» من برودته، ويمنح متعة للقارئ الراهن». ويؤكّد الزاوي في تقديمه للمسرحية بالقول «تكمن صعوبة مَسْرحَة التاريخ لا في الكتابة بالتزام وصدق في القراءة والتأويل، ولكن التحدّي يكمن أيضا في كيفية تحويل هذا التاريخ المُمَسْرح إلى «فرجة» تنتمي إلى زمن جديد أخلاقيًّا، وسياسيًّا، واجتماعيًّا، ولغويًّا، وكيفية الارتقاء بهذه الفرجة كي تصبح قادرة على أن تشدّ المتفرّج، وتجعله جزءا من التاريخ الذي يُعاينُه وينتمي إليه، من جهة، وعيون الواقع الحاضر الذي يعيشه، من جهة ثانية. إنّها المعادلة الصّعبة التي تمكّنت مسرحيّة «غضبة الباي» من تحقيقها على المستوى النصّي، على مستوى الكتابة».

ويختمُ الزاوي «مسرحيّة «غضبة الباي»، لحميد علاوي، هي سيرة بلد وسيرة بطل؛ السيرة الجماعية والسيرة الفردية، سيرة الجزائر المقاومة للغزو الاستعماري الفرنسي منذ الإنزال الأول بسيدي فرج، وبالأساس حصار قسنطينة، وشجاعة أهلها بقيادة أحمد باي في الدفاع عنها، وهي أيضا سيرة بطل ممثّلا في القائد أحمد باي»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أحمد بای

إقرأ أيضاً:

علاقة حوادث الكون بحقائق التاريخ!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

  أربعة من أبرز  المفكرين  الكُتَّاب فى العصر الحديث كتبوا عن سيد الخلق أجمعين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومازالت كتبهم حتى الآن تعتبر بحق إضافة هامة للفكر الإنسانى.

أولهم عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين حيث ألف فى عام ١٩٣٣ كتاب "على هامش السيرة" وهو عبارة عن سرد مبسط للسيرة النبوية، مكتوب بأسلوب قصصى رائع 

‏والكتاب الثانى  هو "حياة محمد" للدكتور محمد حسين هيكل وقد صدر عام ١٩٣٥ وكتب  تعريفًا فى مقدمته  فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الأزهر آنذاك وقد أثنى فيه علي الكتاب وعلى مُؤلِّفه  الذى تناول سيرة حياة النبي الكريم  من مولده حتى وفاته وما رافق من ذلك من مراحل البعثة والهجرة وكافة التفصيلات الأخرى المتعلقة بحياته صلى الله عليه وسلم.

والكتاب الثالث صدر فى العام التالى ١٩٣٦ لأحد أهمِّ الأسماء اللامعة في جيل روَّاد الأدب العربي الحديث وهو الكاتب الكبير توفيق الحكيم  وقد صدر الكتاب بعنوان " محمد صلى الله عليه وسلم: سيرة حوارية".

أما الذى يهمنا هنا فهو الكتاب الرابع لعملاق الفكر عباس محمود العقاد "عبقرية محمد"  وقد صدر هذا الكتاب عام ١٩٤٢ وفيه  رسم  المفكر صورة شخصية للنبي الكريم بكل جوانبها موضحا تفرد عظمته صلى الله عليه وسلم الخلفية والعقلية والنفسية  دون أن يلتزم بأى تواريخ لأنه لم يكتب سيرة عنه وإنما توقف عند جوانب العظمة فيه صلى الله عليه وسلم  واليك سطورا مما كتبه:

"عريق النسب.. ليس بالوضيع الخامل، فيصغر قدره في أمة الأنساب والأحساب.. فقير وليس بالغني المترف فيطغيه بأس النبلاء والأغنياء، ويغلق قلبه ما يغلق القلوب من جشع القوة واليسار.. يتيم بين رحماء.. فليس هو بالمدلل الذي يقتل فيه التدليل ملكة الجد والارادة والاستقلال، وليس هو بالمهجور المنبوذ الذي تقتل فيه القسوة روح الامل وعزة النفس وسليقة الطموح، وفضيلة العطف على الآخرين.. خبير بكل ما يختبره العرب من ضروب العيش  في البادية والحاضرة.. تربي في الصحراء وألف المدينة، ورعي القطعان واشتغل بالتجارة وشهد الحروب والاحلاف، واقترب من علية القوم  وسادتهم  ولم يبتعد من الفقراء..

 فهو خلاصة الكفاية العربية في خير ما تكون عليه الكفاية العربية.. وهو على صلة بالدنيا التي أحاطت بقومه...فلا هو يجهلها فيغفل عنها، ولا هو يغامسها كل المغامسة فيفرق في لجتها.. أصلح رجل من أصلح بيت في أصلح زمان لرسالة النجاةالمرقوبة، على غير علم من الدنيا التي ترقبها.. ذلك محمد بن عبد الله عليه السلام..

 ‫ قد ظهر والمدينة مهيأة لظهوره لأنها محتاجة اليه، والجزيرة مهيأة لظهوره لأنها محتاجة اليه، والدنيا مهيأة لظهوره لأنها محتاجة اليه، وماذا من علامات الرسالة أصدق من هذه العلامة؟ وماذا من تدبير المقادير أصدق من هذا التدبير؟ وماذا من أساطير المخترعين للأساطير أعجب من هذا الواقع ومن هذا التوفيق؟. علامات الرسالة الصادقة هي عقيدة تحتاج اليها الأمة، وهي أسباب تتمهد لظهورها، وهي رجل يضطلع بأمانتها في أوانها.. فإذا تجمعت هذه العلامات فماذا يلجئنا إلى علامة غيرها؟.. وإذا تعذر عليها أن تجتمع فأي علامة غيرها تنوب عنها أو تعوض ما نقص منها؟

خلق محمد بن عبد الله ليكون رسولا مبشرا بدين، وإلا فلأي شيء خلق؟ ولأي عمل من أعمال هذه الحياة ترشحه كل ها تيك المقدمات والتوفيقات، وكل ها تيك المناقب والصفات؟ 

وقبل أن ينتقل إلى الحديث عن عبقرية الداعي عنده صلى الله عليه وسلم أختتم ما بدأه بقوله: "يوم تأتي الدعوة بالآيات والبراهين غنية عن شهادة الشاهدين وانكار المنكرين.. أما العلاقة التي لا التباس فيها ولا سبيل إلى انكارها، فهي علامة الكون وعلامة التاريخ.. قالت حوادث الكون: لقد كانت الدنيا في حاجة إلى رسالة.. وقالت حقائق التاريخ: لقد كان محمد هو صاحب تلك الرسالة.. ولا كلمة لقائل بعد علامة الكون وعلامة التاريخ.

 

 ‫الأسبوع القادم بإذن الله أكمل القراءة فى كتاب "عبقرية محمد" للمفكر الكبير عباس محمود العقاد 

 

مقالات مشابهة

  • ملعب مولاي الحسن الجديد الذي سيحتضن مباريات الجزائر يقترب من الجاهزية
  • علاقة حوادث الكون بحقائق التاريخ!
  • تزوير التاريخ
  • 8 مارس.. محاكمة ربة منزل بتهمة سرقة المواطنين بالمطرية
  • أقصر حرب في التاريخ.. 38 دقيقة 500 قتيل وجريح
  • اعترافات لص المساكن فى القاهرة؛ نفذت 3 حرائم بأسلوب كسر الكالون
  • أحمد عمر هاشم من الجامع الأزهر: شهر رمضان شهد أعظم الانتصارات في التاريخ الإسلامي
  • أحمد عمر هاشم: شهر رمضان شهد أعظم الانتصارات في التاريخ الإسلامي
  • الحلقة الأولى من مسلسل الكابتن.. دخول أكرم حسني غرفة الرعاية المركزة نتيجة سقوط الطائرة التي يقودها
  • حزب صوت الشعب يستنكر بشدة تواصل الحملة العدائية والتصعيدية التي تخوضها فرنسا ضد الجزائر