المجاهدون والزاحفون على البطون!
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
لقد نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية مقالًا بقلم العقيد المتقاعد، من الجيش البريطاني، ريتشارد كيمب قالَ فيه- معلقًا على انسحاب لواء غولاني الإسرائيلي من أرض المعركة في غزة-:
"ما حدث لقوات لواء النخبة الإسرائيلي- لواء غولاني وانسحابه من غزة بعد أن خسر 45 في المئة من معداته، وقُتِلَ المئات من ضباطه وأفراده، أمام كتيبة من كتائب حماس في حي الشجاعية بغزة- يعد معجزة كبيرة.
فمن غير المعقول أن يواجه أفراد ومجاميع يمتلكون أسلحة بدائية لا تقارن مع ما يمتلكه أقوى جيش في الشرق الأوسط برًا وبحرًا وجوًا، ويقف خلف هذا الجيش أقوى حلف عسكري، وهو حلف الناتو، وبمساندة قوات على الأرض من دول حلف الناتو.
خروج لواء غولاني من المعركة وانسحابه من غزة، إن لم يكن فرارًا فماذا يكون؟، إذ تشير التقارير إلى أن أفراد وضباط اللواء يفرون من أرض المعركة، إذًا ما الذي يمتلكه مقاتلو حماس؟ وما هذا الصمود المذهل؟ ومن أين تأتيهم الشجاعة ورباطة الجأش؟
الجنون الإسرائيليإسرائيل في حالة جنون ومن يقف خلفها في حالة من الحَيرة، إذ لم يبقَ في مخزونهم ومستودعاتهم غير الأسلحة النووية لضرب مجموعة صغيرة ضربت أروع البطولات التي لا يمكن أن تقاس حسب الموسوعة العسكرية المعروفة.
إسرائيل لم تعد تدري ماذا تفعل، وأميركا وأوروبا وأصدقاؤهما من العرب يبحثون عن طرق جديدة للتخلص من ورطة حماس. وحتى وإن انتهت حماس وغزة- (لا سمح الله، وهذه من صاحب المقال)- فإنني أرفع قبعتي تحية لمثل هؤلاء الأبطال الذين رفضوا كل الإغراءات والعيش الرغيد مقابل بيع مبادئهم."
لقد أجاب العقيد كيمب بنفسه عن أسئلته السابقة في الجملة الأخيرة مما كتب: "إنني أرفع قبعتي تحية لمثل هؤلاء الأبطال الذين رفضوا كل الإغراءات والعيش الرغيد مقابل بيع مبادئهم".
هذا هو السر، أيها السادة من جيران غزة، وفي دنيا العرب، يكشفه لنا غريب بعيد عاش في ميادين القتال وأصبح عالمًا بمعادن الرجال وجواهرهم.
هذا هو البيع الرابح دومًا أيها السادة! فأولئك الأبطال الذين يتحدث عنهم ذاك الغريب لا يبيعون إلا لله " إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ..". هذا هو بيعهم الرابح وفوزهم العظيم.
هؤلاء قوم ثامَنهم الله، فأغلى لهم الثمن، كما قال قتادة- رضي الله عنه- حين قرأ الآية.
وهذه هي الآية الوحيدة في كتاب الله التي سبقت فيها الإشارة إلى الأنفس قبل الأموال في سياق الحضّ على الجهاد، وهل هناك وقت أنسب وأفضل من مبايعة مع الله اليوم نصرةً لغزة؟!
هذا هو القول الفصل- أيها السادة- بين نفوس تستمرئ الملذات وتقبل المذلات، وبين نفوس تأبى المذلات وتضحي في سبيل الله بالأرواح والمهج والذوات. وتأملوا معي، إن شئتم، المآلات.
أنا ابن فلسطينولن أذهب بعيدًا، وأنا ابن فلسطين، ما خرجت يومًا من أعماق روحي وما أخرجتها. تأملوا مصير من آثروا العيش الرغيد والسجاد الأحمر والفنادق على الخنادق، ها هم اليوم يتواروْن في مخابئ عيشهم الرغيد، ولا يحركون ساكنًا في مواجهة من يعيثون قتلًا وترويعًا في كل أنحاء ما استبقاه أبطال أوسلو من فلسطين، وإن أطل أحدهم خُلسة برأسه- من وراء درع المذلة الذي يتلبّسه- توعّد بالمحاسبة، ثم ينزوي.
وتأملوا معي مآل كل من آثروا قبل عقود خلت إغراءات الصلح وأوهامه! كلهم غارقون في أوحال الديون ولا يمتلك أحدهم حق السيادة على حدوده فيخرج شربة ماء لغزة. هم يرفلون في أثواب فشلهم ويستعرضون خيباتهم، والعالم يهزأ بهم. ما نجحوا في سِلم ولا في حرب، ولا في تعليم أو صحة أو حكم، فحتى الفشل غدا يستحيي منهم، ولا يريد أن يفتح لهم سجلات جديدة، وهذا هو عزاء مَن بايعوا الله على أنفسهم، أن خذل كل من أغراهم العيش الرغيد، كما قال ذلك الغريب.
وتأملوا معي حال من يرون اليوم في الصلح درع حماية، فلا يجدون من حاخام إلا نَعْتَهم بأقذع الأوصاف؛ إذ هم في نظره البغيض كالأنعام أو أقل.
هؤلاء جميعًا- قديمًا وحديثًا- هم من قال ذلك الغريب عنهم: إنهم أصبحوا في "ورطة حماس"، ويتلاهثون لعلهم يجدون مخرجًا، ولو زحفًا على البطون المتخمة بالعيش الرغيد. ولكن ألا ليت قومنا يعلمون أن أولئك الأبطال، الذين يجاهدون، هم المخرج والأمل للأمة، وهم الورطة والكابوس لأعدائها. وإن من الزاحفين على بطونهم وانتمائهم من يريدون أن يخرج المجاهدون من غزة ويرحلوا، ألا إنهم هم الراحلون حتمًا، وإن غدًا لناظره قريب.
لن يخرج المجاهدون، ولن ترحل غزة، ولن تُبايع فلسطينُ إلا اللهَ! ورحم الله أبا الطيب إذ قال:
وإذا تَرَحَّلْتَ عن قوم وقد قدروا.. ألا تفارقهم فالراحلون هم!
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: هذا هو
إقرأ أيضاً:
الشيخ قاسم: نحيي اليمن السعيد وقائد الثورة والشعب المقاوم لما قدّموه من تضحيات لأجل فلسطين
الثورة نت/
وجه الأمين العام لـ”حزب الله” اللبناني الشيخ نعيم قاسم، التحية إلى “اليمن السعيد وزعيم حركة “أنصار الله” وقائد الثورة السيد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي والشعب اليمني المُقاوم النبيل والشجاع والصامد، لما قدّموه من تضحيات ويدهم على الزناد من أجل فلسطين.
كما وجه في كلمته خلال المؤتمر الدولي الـ13 (غزة رمز المقاومة)، اليوم السبت، التحية إلى العراق الأبي بمرجعيته وشعبه وحشده ومساندته للقضية الفلسطينية.. قائلاً: حيّاكم الله جميعًا وجعلنا من أهل الفوز في طريق الحق بانتصار غزة وبكل انتصارات المقاومين”.
وبارك الشيخ قاسم للشعب الفلسطيني ولأهل غزة وللمقاومين، “هذا الاتفاق الذي لم يتغيّر عمّا كان مطروحًا في مايو سنة 2024، ممّا يدل على ثبات المقاومة، وأنّها أخذت ما تريد، ولم يستطع الصهيوني أن يحصل على ما يريد”.. معتبرًا أنّ “هذا الاتفاق هو انتزاع لمصلحة الفلسطينيين، رغم تكالب الإجرام الصهيوني- الأمريكي على أهلنا في غزة”.
وشدّد على أنّ “الآن كل طفل فلسطيني سيُولد مقاومًا، ويجب أن نقرأ جيدًا خسائر الكيان الضخمة في الجيش والاقتصاد والوضع النفسي والتربوي والسياسي.. “إسرائيل” الآن منبوذة على المستوى الدولي، صورتها قاتمة، وتكفي إدانة المحكمة الجنائية الدولية لنعرف مدى هذا التأثير الكبير الذي أحدثته مقاومة الشعب الفلسطيني، وفضحت فيه هذا الكيان الصهيوني”.
وأكّد أنّ “لبنان قد قدّم الغالي والنفيس من خلال “حزب الله” وحركة “أمل” والشعب اللبناني.. قائلاً: “لقد قدّم لبنان وقدّم “حزب الله” الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله على رأس القائمة، وقدّم السيد هاشم صفي الدين والقادة الجهاديين والشهداء والجرحى والأسرى، كل ذلك مساندة لغزة وصدًّا للعدوان على لبنان”.
وأضاف قاسم: “مواجهة حزب الله في لبنان ساهمت في نصرة غزة، والشباب المقاوم وقفوا سدًّا منيعًا أمام التقدّم على الجبهة بمواجهة أسطورية، وأهاليهم الشرفاء حموا وناصروا ودعموا.. وكذلك عطّل “حزب الله” والمقاومون هدف “إسرائيل” بإنهاء المقاومة في لبنان التي خرجت عزيزة مرفوعة الرأس”.
وأشار إلى أنّ “طوفان الأقصى قد أحيى القضية الفلسطينية ووصل صداها والاهتمام بها إلى بقاع الأرض كافة، حتى أنّنا رأينا التظاهرات في أمريكا وفرنسا وبريطانيا والدول الغربية، وهذا انقلاب حقيقي في المشهد العالمي”.
وركّز، في كلمته على أنّ “حرب “إسرائيل” وأمريكا على غزة هي مشروعهم لفلسطين، مشروعهم مشروع الإبادة وإلغاء اسم فلسطين من خارطة الوجود الدولية.. ويُسجّل للإمام الخميني هذا البعد الإيماني والاستراتيجي في نظرته للاحتلال الصهيوني، عندما قال: “يجب أن تزول “إسرائيل” من الوجود”، لأنّ هذا الكيان هو كيان عدواني وإلغائي لحقوق الشعب الفلسطيني”.
ولفت الشيخ قاسم إلى أنّ “الشعب الفلسطيني المجاهد والشريف بكل أطيافه، بشبابه ورجاله ونسائه وأطفاله ومقاومته الشجاعة والعظيمة، والمقاومين الصامدين الحاضرين في الميدان، هم فخر الأمة وعنوان العزة وصُنّاع مستقبل فلسطين المحرّرة بالقدس إن شاء الله كرمز للتحرير”.
وشدّد على أنّ “المقاومين والشعب الفلسطيني قد أفشلوا مُخطّط “إسرائيل” الخطير، والتضحيات الكبيرة التي قدّموها والصمود الأسطوري هما مُؤشران على جدارة هذا الشعب ومقاومته لاستعادة أرضه، وهو قادر على ذلك، الصمود الآن هو مدماك المستقبل”.
وبين أنّ “التضحيات كانت كبيرة.. اغتيل رئيس المكتب السياسي لـ”حماس” اسماعيل هنية، ورئيس المكتب السياسي الذي تلاه يحيى السنوار، 160,000 بين شهيد وجريح، وهناك تدمير منهجي لغزة، ولكن هذه التضحيات هي التي أوقفت المشروع الآثم ومنعت إلغاء قضية فلسطين، وستؤسّس إن شاء الله للمستقبل”.
كما أوضح أنّ “بديل هذه التضحيات خلال مراحل الحرب، هو الاستسلام.. لقد خرج الشعب عزيزًا والمقاومة حاملة لسلاحها، وحركة “حماس” المجاهدة و”كتائب القسام” أثبتت جدارة بقيادة المقاومة وصمودها، ومعها “الجهاد الإسلامي” و”سرايا القدس” في ميدان العطاء، ومعهما كل فصائل المقاومة والشرفاء والمجاهدين”.
كما ركّز على أنّ “هذا الشعب في الكيان الصهيوني لن يكون مُستقرًّا في فلسطين، انتظروا القادم من الأيام والأشهر لتروا التداعيات.. أما الخلافات الداخلية في داخل الكيان الصهيوني فستزداد إن شاء الله، ولا حلّ في فلسطين إلا بعودة فلسطين إلى أهلها”.
إلى ذلك، أشار الأمين العام لـ”حزب الله” إلى أنّ “التاريخ سيُسجّل كما سجّل الميدان من ساند غزة بالتضحيات والعطاءات وكانت لهم مساهماتهم في كسر مشروع العدو الصهيوني.. وأبرز المساهمين الجمهورية الإسلامية الإيرانية بقياده الإمام علي الخامنئي، الذي لم يترك مناسبة إلا وأكّد فيها على الوقوف مع الشعب الفلسطيني للتحرير من البحر إلى النهر، وقدّم كل أنواع الدعم العسكري والمعنوي والمادي والسياسي ودماء الشهداء من أجل فلسطين”.
وذكر أنّ “حرس الثورة الإسلامية في إيران وفيلق القدس عَمِلا بكل طاقة وقدّما الشهداء على طريق تحرير فلسطين”.. لافتًا إلى أنّ “إيران تُعاقَب منذ عشرات السنين لأنّها وجّهت بوصلتها نحو تحرير القدس”.. ووجّه تحية إلى “الشعب الإيراني الذي ساند ودعم وسار وراء هذه القيادة العظيمة للإمام الخامنئي في نصرة فلسطين”.
وجزم الشيخ قاسم، قائلاً: إنّ “المقاومة في لبنان ستبقى عصية على المشروع الأمريكي- الصهيوني، وهي مستمرة وقوية وجاهزة وأمينة على دماء الشهداء لتحرير الأرض، لتحرير فلسطين.. صَبرنا على الخروقات لإعطاء فرصة للدولة اللبنانية المسؤولة عن هذا الاتفاق، ومعها الرعاة الدوليون، ولكن أدعوكم إلى ألا تختبروا صبرنا، وأدعو الدولة اللبنانية إلى الحزم في مواجهه الخروقات التي تجاوزت المئات، هذا الأمر لا يمكن أن يستمر، الاتفاق حصرًا هو في جنوب نهر الليطاني”.
وأضاف: “إنّنا خرجنا بحمد الله مرفوعي الرأس والسلاح بأيدي المقاومين والقرار 1701 إطار عام.. أما خُطط الاستفادة من المقاومة وسلاحها، فيناقَش ضمن الاستراتيجية الدفاعية وبالحوار من ضمن الحفاظ على قوة لبنان وسيادة لبنان واستقلاله.. لن يتمكن أحد من استثمار نتائج العدوان في السياسة الداخلية، فالمسار السياسي مُنفصل عن وضع المقاومة”.
وتابع قاسم: إنّ “مساهمتنا كحزب الله وحركة أمل هي التي أدّت إلى انتخاب الرئيس بالتوافق، العماد جوزاف عون، ولا يستطيع أحد إقصاءنا من المشاركة السياسية الفاعلة والمؤثرة في البلد، فنحن مُكوّن أساسي في تركيبة لبنان ونهضته. وبعض البلهونيات في إبراز إبعادنا عن المسرح، هي فُقّاعات ستظهر لاحقًا”.