الجزيرة:
2025-01-31@02:23:42 GMT

الشهيد سامر أبو دقة وكاميرته المقاومة بامتياز

تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT

الشهيد سامر أبو دقة وكاميرته المقاومة بامتياز

لعلّ البؤرة الأهمّ والمذهلة والملهمة والمشرقة- فيما سمعناه عن شخصية الشاهد بحق على القضيّة، والشهيد بجدارة في صراع المخرز والكفّ سامر أبو دقّة- هي اختياره المكان الملتهب بالقصف والدمار- المكان الذي تنتشر فيه رائحة الموت والرعب الملتحم بالنار والدم- على مكان آمن ومستقر، تتوفّر فيه كل سبل العيش الرغيد والسّعيد المسمّى بلجيكا.

الحسابات الذاتية الخاصّة والرغبات الشخصيّة الراتعة بكلّ ملذّات هذه الحياة تختار الخيار الثاني، ولكن لا شيء يعدل حبّ الوطن، كما قال شوقي، غلبت كفّة الوطن عند سامر وزاغ عن قلبه كلّ شيء سوى ذلك.

حالة التفاني هذه لم تكن عادية أو شعارًا نظريًا يقال في الرخاء، ويختفي في وقت الشدّة، وإنما كانت الثبات بقناعة راسخة رسوخ الجبال، والتعبير عنها بتطبيقات عملية على محكّ صعب، بل في أقسى درجات الصعوبة، وهذا ما ترجمه من خلال الكاميرا المقاوِمة، الكاميرا التي يسخّرها صاحبها أعظم تسخير، ويجعل منها أداة من أهم أدوات المقاومة.

كان لكاميرا سامر نصيب كبير في هذا الفضح لحقيقة الاستعمار، فساهمت مساهمة عظيمة في اكتمال الصورة، ورفع كلّ حجب الزيف والادعاء عنها، لذلك أغاظ أعداء الحقّ

سامر ردّ على الأراجيف الصهيونيّة بقدرته العالية على التقاط الصورة المعبّرة عن واقع الحال، والمتضمّنة رسالة وروح القضيّة المحقّة العادلة، والقادرة على مواجهة ظلمات روايتهم المنكَرة الباطلة، بصورة احترافية، ومن عمق الهولوكوست الصهيونية التي نُصبت للشعب الفلسطيني، من هناك تخرج الصورة لسامر فتضيء سماء الكون، ولتضرب جحافل المعتدين، وتخلخل أسسهم الضيّقة.

جاء السابع من أكتوبر بعزّة مفعمة بكلّ المشاعر النبيلة والإرادة المنتصرة، وبروح قوية عالية، بعنفوان الحق في مراغمة الباطل، والقدرة على تحقيق الكرامة الوطنية الخالدة، فشقّ طريقه لقلوب الأحرار، ليسكن هناك في أعماقها.

انتابت الناس نشوة عزيزة سامية وحلّقت بهم في علّيين بالسماوات السبع، وكان لا بدّ من الكاميرا الحيّة التي تلتقط هذا المشهد العظيم، ثم تكالبت الدنيا على هذا النبض العالي بحرب ضروس لا تبقي ولا تذر.

جاءت أميركا بقضّها وقضيضها، ومن يلف لفّها من دول استعمارية غاشمة، مارست الاستعمار وما زالت تمارسه بطرق ملتوية ناعمة تارة، وخشنة تارة أخرى بما يقتضيه الحال والمآل، وقفت الكاميرا لترسم هذا الوجه القبيح، ولتزيل عنه كل الزيف والادعاء.

وكان لكاميرا سامر نصيب كبير في هذا الفضح لحقيقة الاستعمار، فساهمت مساهمة عظيمة في اكتمال الصورة، ورفع كلّ حجب الزيف والادعاء عنها. لذلك أغاظ أعداء الحقّ فكان لهم أن يستبيحوا دمه، وأن يجعلوه ينزف قطرةً قطرةً، تحوّل من صرامة المادّة إلى نقاوة الروح وطهر السماء، أصبح نورًا يسري في كلّ نور، وروحًا تدخل أرواحنا بسلاسة وجمال ودون استئذان.

ولا بدّ هنا من التنويه بأنّ قيام الجيش الإسرائيلي باغتيال الصحفي المصوّر في قناة الجزيرة، فإنه يرتكب جريمة مركّبة؛ أي عدة جرائم في جريمة واحدة:

أوّلًا: القتل عن سبق الإصرار والترصد؛ كونه فلسطينيًا مدنيًّا، وهم بعدوانهم هذا- فيما لا يقبل مجالًا للشكّ- يتعمّدون قتل المدنيين. ثانيًا: كونه صحفيًا يلبس علامات بارزة تظهر مهنته بكل وضوح، وفي ذلك ما فيه من مخالفة قوانين عالمية واضحة في حماية الصحفيين.  ثالثًا: تركه ينزف دون إسعاف ما يزيد على خمس ساعات.  رابعًا: استهداف وتعمد الدور الذي يقوم به؛ حيث إنّ إسرائيل تعتبر نشر صور الجريمة التي تقوم بها يعزّز صورتها المتوحّشة أمام العالم، وبالتالي يصبح سامر هدفًا مشروعًا للقضاء على هذه الصورة، خاصة أنه يعمل لصالح شبكة الجزيرة التي تتميّز بهذا الدور، وبطريقة احترافية عالية.  خامسًا: إصرار الاحتلال على هذا النهج القاتل لصوت وصورة المأساة الفلسطينية، وما يقوم به من جرائم لا حدود لها في الكمّ والنوع، ودرجات الساديّة والتوحّش، وخير مثال قتله شيرين أبوعاقلة، ولامبالاته بالفضيحة المدوّية وحجم الإدانة الهائل لهذه الجريمة النكراء على المستوى العالمي.

لذلك ولغيره، يجب أن يفهم العالم أنّ سامر وغيره من الشهداء ليسوا أرقامًا بل هم بشر لهم حياة كاملة الأركان، كما لبقية البشر، ولهم أسرة وأبناء ينتظرونهم كلّ يوم وكلّ مساء.

ولقد رأينا أبناءه وهم يغنّون بأرقى الألحان الإنسانية النبيلة، ويعبّرون عن لوعة الفراق وشوق اللقاء، وقد رأيناهم بعد الشهادة، وقد تقطّعت بهم السبل، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، لم تسع الأرض أحزانهم واحتاجت إلى سعة السماء، لولا يقين برحمة ربّ غفور، لما استطاعت هذه القلوب المكلومة أن تحمل أثقال هذه الأحزان.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ة التی

إقرأ أيضاً:

محالج مشروع الجزيرة ورجالات العصر الذهبي (٢)

بقلم صلاح الباشا

ويتواصل حديثنا عن الجهود الضخمة التي بذلها عمنا الراحل السيد عبدالمجيد عبد الرحيم في تأهيل وتطوير محالج مشروع الجزيرة حيث كان حلج قطن الجزيرة والمناقل ( طويل التيلة) وتصديره الي الخارج حسب طلبات الشراء والحجوزات القادمة من شركات ومصانع النسيج والغزول العالمية تشكل ٨٠ بالمائة من صادرات السودان التي تأتي يالعملات الصعبة التي تغطي احتاجات التنمية والخدمات الصحية والتعليمية والامنية في هذا القطر المترامي الاطراف. مما شجع إدارة المشروع الي إنشاء محلجين جديدين بأحدث الطرق والتصنيع من المحالج الانجليزية التقليدية القديمة.
فاشرف السيد عبدالمجيد عبدالرحيم في بداية ستينيات القرن الماضي علي إنشاء محلج ألماني بمارنجان وآخر بالحصاحيصا.. الشيء الذي ساعد في توفير اكبر كمية من بالات القطن المحلوج وبالتالي فقد زادت الصادرات منه اضعافا مضاعفة مما زاد من دخل البلاد القومي.
ونواصل هنا مسيرة هذا الرجل بتوضيح المزيد من تفاصيل خدماته الجليلة المتتابعة في هذا المجال الحيوي بالمشروع كما نتطرق الي نشاطاته الاخري سواء في المجال الاجتماعي او الرياضي الذي عرف به
• فقد سافر لجمهورية الصين الشعبية كمؤسس لجمعية الصداقة السودانية الصينية في العام 1965 بدعوة من الزعيم الصيني الأكثر شهرة (ماوتسي تونج)
و للتهنئة بالثورة الشعبية للصين.
• كما سافر مرة أخرى لجمهورية الصين الشعبية في عام 1968.
• وفي جانب المهام الرياضية القومية فقد سافر الي أديس أبابا في العام 1969 حيث كان رئيسا لبعثة المنتخب القومي السوداني لكرة القدم للمشاركة في المنافسات كأس الامم الافريقية.
• وقد اكسبه عمله ووظيفته في ان يلتقى بالعديد من الرؤساء والملوك والزعماء العرب والعالميين الذين يزورن السودان وتأتي زيارتهم لمشروع الجزيرة ولرؤيةكيفية حلج الاقطان وتعتبر من اهم برامج زياراتهم الرسمية للبلاد ولمحالج مشروع الجزيرة.
ونذكر منهم السيد إسماعيل الأزهري رئيس مجلس السيادة الاسبق و الرئيس الفريق إبراهيم عبّود وذلك بمرافقتهم لضيوف البلاد من الزعماء الزائرين مثل الرئيس تيتو (رئيس يوغسلافيا) و برجنيف (الرئيس الروسي) و جمال عبد الناصر و الملك فيصل والامبراطور هيلاسلاسي إمبراطور اثيوبيا المعروف سابقا و الملكة اليزبيث الثانية ملكة بريطانيا و زوجها الأمير فيليب .و قد اهدته الملكةصورتها ممهورة بإمضائها وبرفقتها خطابا من السفير البريطاني في الخرطوم تشكره على ما قدمه لهم من شرح و هدايا بعد زيارتها للمحالج بمارنجان في العام ١٩٦٥م.
كما نشير الي اسهاماته الأدبية في حياته ..
فكان أديباً و مثقفاً و مطلعاً, يحب القراءة و الاطلاع علي الأدب العربي و الانجليزي و يصرف من ماله الكثير لاغتناء الإصدارات من الكتب و المجلات
و المنشورات الأدبية , و كانت له مكتبة ذاخرة بالكتب المختلفة.
• ونذكر هنا ايضا انه حين كان محاسبا برئاسة السكة الحديد في مدينة عطبرة كان رئيسه الأديب اللغوي الكبير الشيخ الطيب السرّاج و صديقه و زميله الأستاذ مصطفى أبو شرف و السيد عباس عبّادي والذين يكنّ لهم الكثير من المحبّة و المودّة و الاحترام.
• كما كان يحضر ندوات الأديب عباس محمد العقّاد في صالون العقّاد الشهير عند زيارته الي مصر في العام 1954 وقد أهدى له العقاد كتابا من كتبه و صورة ممهورة بامضائه.
ومن المعروف ان الراحل السيد عبدالمجيد عبدالرحيم كان ناشطا رياضيا ويفهم قوانين كرة القدم تماما مما اهله ليتم اختياره رئيسا للاتحاد المحلي لكرة القدم في مدينة ودمدني طوال فترة الستينيات.
ولانه رجل اجتماعي وناشط من الطراز الممتاز فقد تم انتخابه رئيسا لاهم مرفق اجتماعي للموظفين بودمدني وهو نادي الجزيرة العريق و المعروف والواقع بشارع النيل في تلك الفترات من حقبة الستينات.
كما ترأس جمعيّة فلاحة البساتين بالجزيرة.
• وقد تم اختياره ايضا كاول مؤسس لجمعيّة الصداقة السودانية الصينية و رئيسها في كل السودان فضلا عن رئاسته لها في مدينة ود مدني.
وعند انتقاله للسكن بالعاصمة بعد نزوله الي المعاش من خدمته بمشروع الجزيرة فقد تم إختياره عضوا للجنة الاستئنافات بالاتحاد العام لكرة القدم في الخرطوم طوال فترة السبعينيات.
ومن جانب آخر فقد اهدته جمهورية الصينالشعبية معدات كاملة لنادي التربية البدنية بودمدني في ذلك الزمان.
وقد ظل المرحوم السيد عبدالمجيد عبدالرحيم خلال إقامته بأم درمان لصيق الصلة باصدقائه من رموز المجتمع مثل صديقه المهندس والمقاول المعروف في ذلك الزمان سيّد عبدالله السيّد والرقم السياسي والدبلوماسي الكبير عبدالكريم ميرغني وقد كانوا يجتمعون اسبوعيا كادباء كل يوم جمعة لمناقشة أمور الأدب والشعر واصدارات الكتب.
نتوقف هنا ونواصل عرض الكثير من الاضواء لسيرة هذا الرجل الذي اعطي ولم يستبق شيئا سواء كان ذلك لمشروع الجزيرة او للانشطة القومية الاخري التي ذكرناها سابقا .
وإلي اللقاء في الحلقة القادمة والاخيرة؛؛؛؛

abulbasha009@gmail.com

   

مقالات مشابهة

  • رئيس برلمان الجزائر يدعو لتمرير مشروع قانون تجريم الاستعمار الفرنسي
  • الاتفاق ينهي علاقته بـ جيرارد رسميًا
  • انتشار كتائب القسام أمام منزل الشهيد المشتبك يحيى السنوار في خانيونس / صور
  • وقفات احتجاجية في جنيف تطالب بتعويض الشعوب الأفريقية عن سنوات الاستعمار الغربي
  • محالج مشروع الجزيرة ورجالات العصر الذهبي (٢)
  • الكاميرا ترصد جريمة في مصر.. تخلصت من رضيعتها في المنور
  • خالد عكاشة: الأحزاب المصرية وطنية بامتياز .. ولديها ثوابت تمس الأمن القومي
  • الجزيرة يوقع عقوداً احترافية مع 9 لاعبين
  • مجلس كنائس الشرق الأوسط يهنّئ سامر لحّام لانتخابه عضوًا بمجلس إدارة "آكت الليانس"
  • عائدون لديارنا المدمرة.. غزة مخيلة عصية على الاستعمار