مع بداية العدّ العكسي لانتهاء سنة هي من بين أسوأ السنوات، والاقتراب من سنة جديدة لا يعرف أحد ما ستحمله معها من مفاجآت، مع أن المؤشرات لا تسمح بكثير من التفاؤل مع إصرار العدو الإسرائيلي على دكّ قطاع غزة بكل أنواع الأسلحة المدّمرة، ومع تصميم تل أبيب على جرّ لبنان إلى حرب واسعة، وذلك من خلال تقصدّها مواصلة استفزازاتها، التي خرجت منذ فترة عمّا كان سائدًا مع بداية توتير الوضع على طول الخط الأزرق، والتي كانت تندرج تحت مسمّى "قواعد الاشتباك"، التي أصبح مصيرها كمصير القرار 1701.

وهذا يعني بـ "العربي المشبرح" أن الوضع في الجنوب كما هو عليه الآن لا يدعو إلى الطمأنينة، ولا يوحي بأن الأيام الآتية ستكون أفضل مما سبقها. 
فسنة 2023، التي بدأت تضبضب "كلاكيشها"، كانت حافلة بالمآسي والكوارث، منها ما هو ناتج عن عوامل طبيعية، ومنها ما هو من صنع الانسان. أمّا النتيجة فواحدة، وهي زيادة معاناة الانسان حيثما تحّل الكوارث. وقد تكون معاناة أهل غزة هي الأشدّ مرارة لأنها مستمرّة بوتيرة عالية نتيجة العنف غير المسبوق، الذي يتعرّضون له، ومن دون توقّف. وهي ستسلّم بعد أيام ما لديها من ذخائر للسنة الجديدة الزاحفة إلينا عبر أرقام جديدة تُضاف تلقائيًا، ومن دون استئذان، إلى تراكم الأعداد الألفية، وهي في عين الله كالأمس الذي عبر. 
ما يعطي لكل سنة ترحل معنى لطيفًا لعدم التحسّر، وما يضفي على ما هو آت من أيام من أسرار، هو ما يسبق النهاية والبداية. هو عيد الأمل بتجدّد الحياة، وهو عيد أصبح مشتركًا، أقّله في لبنان، من حيث ما يرمز إليه من فرح بات اللبنانيون في أمسّ الحاجة إليه. 
فمع كل نهاية أمل جديد. ومع كل بداية توق إلى الأحسن والأفضل. ومع انتهاء سنة وبداية سنة جديدة تتوالى المواعيد، ومعها تكبر التوقعات، وتطغى الامنيات على الواقع. ولولا هذا الأمل بتجدّد دائم لتشابهت الأيام، على رغم ما فيها من مشتركات في الرتابة والنظم المتحكّمة بمصائر البشر، ومع ما فيها من قواعد ملزمة لانتظام الدورة الطبيعية للحياة اليومية وما فيها من تعقيدات ومشاكل وهموم لا عدّ لها ولا حصر. 
وإذا كانت هموم الناس العاديين، الذين يعيشون حياة طبيعية في "كواكب" لا تشبه كوكبنا  تُقاس بمدى ما يحققونه من طموحات، وما يرتقون إليه من رفاهية وسعادة، فإن أقصى طموحات اللبنانيين هي ألا تنقطع الكهرباء منتصف ليلة رأس السنة، وألا يستقبلوا سنتهم الجديدة على ضوء الشمعة، أو ألا يغرقوا على الطرقات، أو ألا يقضوا ساعتين في الطريق من الدورة إلى جونية، وهي مسافة لا يحتاج اجتيازها إلى أكثر من عشر دقائق في البلاد المنظّم فيه السير، والمحترمة فيه قوانين المرور، أو ألا يضطرّوا إلى الاستعانة بـ "نقلة" مياه لإكمال جلي الصحون، وألا يصادفهم من "يصطاد" مما تبقى في المحفظة أو الحقيبة. 
أقصى ما يريده اللبنانيون عشية رأس السنة هو أن ينعموا بالقليل القليل من طمأنينة مفقودة، وأن يكون لديهم رئيس لجمهوريتهم المتهالكة كسائر شعوب العالم. فهل ما يتمنونه بعد سنة كاملة من فراغ قاتل هو بعيد المنال، وهل ستحمل سنة 2024 معها تباشير انتهاء الشغور الرئاسي؟ 
المتفائلون يؤكدون ذلك. أما الواقعيون فيردّون بأن الأمور محكومة بخواتيمها استنادًا إلى ما يردّده الرئيس بري عند مفترق كل استحقاق "ما تقول فول حتى يصير بالمكيول".  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

أمير سعودي يدعو لإنشاء اتحاد خليجي أو جزيري وضم اليمن إليه

دعا الأمير تركي الفيصل الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات السعودية، يوم الأربعاء 26 فبراير 2025، للوصول إلى اتحاد خليجي أو “جزيري” يضم اليمن بعد أن تستقر أوضاعه، لما تمثله من عمق تاريخي وبشري، وبما يسهم في ضمان استقرار المنطقة.

وقال الأمير الفيصل وهو رئيس مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، خلال كلمته في المؤتمر الدولي للمركز السعودي للتحكيم التجاري، إن تجربة دول مجلس التعاون الخليجي رائدة في العالم العربي وتدعو للتفاؤل، وعلينا تطويرها والسير قدما نحو التكامل الاقتصادي في كل المجالات، وتجاوز كل ما يعيق هذا الهدف للوصول لقيام اتحاد خليجي، أو جزيري يضم اليمن إليه بعد أن تستقر أوضاعه الحالية لما تمثله من عمق بشري وتاريخي وبما يسهم بضمان أمن هذه المنطقة الحيوية.

وأضاف: أنه نظرا لتمتع هذه المنطقة بمكانة جيواستراتيجية حالية ومستقبلية؛ نظراً لمخزونها النفطي الهائل ولموقعها الجغرافي المتميز، فإن وحدتها ستسهم بتقوية دورها في حماية مصالحها ورسم مستقبلها وتجعلها شريكا فاعلا في أي ترتيبات تخصّها.

وأشار الأمير تركي الفيصل، أن المملكة وبعض شقيقاتها الخليجية والعربية ما زالت صامدة بوجه التحديات وتعمل على مواجهتها والسعي لتجاوزها، حيث نجحت المملكة بقيادتها الحكيمة خلال عقود طويلة في الحفاظ على الاستقرار والأمن الوطني رغم ما واجهته من تحديات خطيرة، حيث واصلت سياستها التنموية في جميع الأصعدة وستستمر في نموها وتطورها بما يحقق تطلعات شعبها.

ولفت إلى أن النظام الدولي يعيش اليوم حالة من الاضطراب وعدم اليقين والبنية الدولية، والأمم المتحدة ومبادئها التي حكمت العلاقات الدولية خلال العقود الثمانية الماضية تتعرض لامتحان البقاء، في ظل الاستقطاب الدولي الراهن بين الدول الكبرى، وفي ظل التنافس الدولي على مناطق النفوذ السياسي والاقتصادي، وكذلك تجاهل القواعد والقوانين الدولية الراسخة.

مقالات مشابهة

  • محمد بن راشد: دبي لا تنتظر المستقبل بل تذهب إليه بخطوات استباقية تختصر الزمن
  • بطرس يطمئن اللبنانيين مع بداية شهر رمضان: الدواجن متوفرة بوفرة والاسعار مستقرة
  • أمير سعودي يدعو لإنشاء اتحاد خليجي أو جزيري وضم اليمن إليه
  • الشارقة تعتمد اللوحات الجديدة لأرقام المركبات بداية من 3 مارس
  • ضيفٌ نحبه كثيرًا
  • كنعان: اذا أعطينا الثقة للحكومة فسنعطيها لأمل اللبنانيين في الإنقاذ
  • قليل من المخالفات كثير للسلع المخفضة.. اللمسات الأخيرة للحكومة استعدادًا لرمضان
  • دياب لـ سانا: أدعو الشركات التي كانت تعمل في مجال النفط سابقاً إلى العودة لسوريا والمساهمة في تطوير هذا القطاع الحيوي بخبراتها واستثماراتها التي سيكون لها دور مهم في تحقيق التنمية والنهوض بقطاع النفط والغاز
  • رئيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني ماهر علوش: شهدت التحضيرات التي شاركت فيها شخصيات وكفاءات وطنية عالية حوارات بناءة تؤكد الحرص على بناء الدولة السورية الجديدة
  • هذا ما تسعى إليه إسرائيل خلال المرحلة الحالية