مقتدى الصدر.. مخير أم مسير!
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
آخر تحديث: 27 دجنبر 2023 - 9:39 ص بقلم:أسعد الموسوي تمتاز الساحة السياسية العراقية بعد عام 2003، بكثير من الأمور الغريبة والتي لا علاقة لها بالمنطق، وهذا لا يختص بمنطقة أو مكون أو حزب، لكن أغربها وأكثرها إثارة للعجب والحيرة هو ما يتعلق بزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر..تميز هذا الرجل ومنذ سقوط نظام البعث على يد القوات الأمريكية، بمواقف تقلبت بين أقصى اليمين حتى أطراف اليسار، وغموض وعدم وضوح ناهيك عن غياب الثبات فيها، ولم يترك له صديقا إلا وإنقلب عليه، والحجج جاهزة كحب الوطن والدين والإيمان.
. وغيرها من الكلمات والخطب الرنانة، التي لا تنطلي إلا على بعض من أتباعه السذج.. أتباع مقتدى الصدر هم حكاية أخرى، فبعد أن إلتف حوله كثير من محبي أبيه الذي أغتيل على يد البعثيين، أعاد مقتدى الصدر إحتضان عشرات البعثيين وأبنائهم، وخصوصا ممن كانوا مطلوبين للعراقيين، بسبب إرتكابهم لمختلف الجرائم والإعتداءات أبان حكم الطاغية، ويضيف لهم أعداد ممن لا يحترمهم المجتمع لمختلف الأسباب، ممن يبحثون عن قيمة قد يجدونها في عيون المجتمع، حتى لو كان عن طريق تخويف وإرعاب المجتمع.. وهذا ما دفع معظم أتباع أبيه لهجرته وتركه، بعد أن تكشفت لهم الحقائق خلال بضعة أشهر.. تحالف الرجل مع فصائل مسلحة سنية بدعوى “مقاومة المحتل” رغم قيامهم بكثير من أعمال التفجير والقتل لمختلف الطوائف، بل وجاء بهم لمدينة النجف أقدس مدن الشيعة، وليبتز زعماء وساسة الشيعة، ليحصل على حضوة ومناصب ما كان ليحلم بها يوما، ثم عاد وأنقلب عليهم، وأرتكب مذابح بحجة الدفاع عن الشيعة، على يد عدد من قادته من المجرمين أمثال “أبو درع” والأخر ” أبو سجاد” وغيرهم ممن لا زالوا أحرارا طليقين، رغم ثبوت ارتكابهم لعشرات الجرائم ضد أبرياء! إنطلق بعدها ليتحالف مع عمار الحكيم، ليعود ويستغله وينقلب عليه ويهاجمه، ويشهر به وبعائلته بأقذع الطرق وأقذرها، ثم تحالف مع المالكي وأنقلب عليه، وليتقاتلا لاحقا في البصرة، وتحالف مع العامري وإنقلب عليه وسقطه دون تردد، ثم ليقوم بخطوة هائلة، بالتحالف مع الحلبوسي وخميس الخنجر، وهو من كان يتهمها بالفساد والإرهاب، ويكمل اللعبة بضم البارزاني للتحالف.. وكعداته إنقلب عليهم، وليعلن إقالة نوابه وإنسحابه من العملية السياسية بعد محاولة إنقلاب فاشلة، عندما سعى لإحتلال المنطقة الخضراء حيث رأس الحكومة ومركز قرارها، بعد فشل مليشياته “سرايا السلام” في إقتحامها، بهزيمتهم على يد قوة صغيرة تكاد لا تذكر من حيث العدد والعدة، رغم وجود تنسيق مع رئيس الوزراء السابق الكاظمي، كما نقلت وكالات أنباء ومصادر! ما الذي يملكه هذا الرجل من مصادر قوة، تتيح له إبتزاز الحكومة والقوى الشيعية، بل وكل القوى السياسية، وحتى المرجعية الشيعية وإيران، ربما تتماهيان مع ما يريده هذا الرجل النزق!من الواضح أن الرجل بالإضافة إلى إمتلاكه لمليشيات لها قدرة إرتكاب أي جريمة دون تردد، وتهديد السلم المجتمعي لأي منطقة في العراق، فان قدرته على إشاعة الفوضى وإرعاب الناس، وإمتلاكه لمجموعة رغم أنها ليست كبيرة لكنها مطيعة له تماما لإرتباط مصيرها به، هما مصدر قوته الأعظم.. وأما عن زعامته الدينية ووراثته لأبيه فهي ” خدع ساذجة” لا يصدقها أحد. الأخطر ما في هذه المجموعة “التيار الصدري” ليست وجود مقتدى الصدر على نزقه وإنفعاليته، فهو رجل يمكن السيطرة عليه بسهولة.. لكنهم الحلقة التي تلي هذا الرجل من مستشارين ومقربين ومحيطين به، ممن تؤكد جهات كثيرة وجود إرتباطات وثيقة لهم، مع مخابرات دول كبرى وخليجية مؤثرة ينفذون من خلالها، توجيهات وأجندات تلك الدول.ينقل زعيم سياسي شيعي، عن حديث لمقتدى الصدر معه في جلسة خاصة قوله: أنه يخاف أن يغتاله أقرب الناس إليه وأنه ” هم من يخاف منهم” وهي قضية توضح كثيرا من أسرار ذلك التيار، وما نشهده من تقلب في المواقف وتبدل في الشخصيات.. يؤكد مقربون وقيادات وسطى من داخل التيار الصدري، أن كل ما يحدث من تحركات أو قرارات للتيار الصدري، إنما هي من أفراد عددهم صغير من المقربين، بل وأن كثير منها يعود لقرارات قيادات وسطى، صارت تأخذ مناطق مجتمعة كرهينة لسلطتها، فحاكم الزاملي لديه منطقة يحكمها وعون النبي كذلك وغيرهم عشرات.. ومن يوصفون بأنهم ” أعقل” من غيرهم أمثال “صلاح العبيدي، ووليد الكريماوي” فيتم إستبعادهم بصمت، لأنهم يعرقلون تكوين أمبراطوريات هؤلاء المقربين.ضعف مقتدى الصدر أمام من يسيره والمتحكمين فيه وفي أتباعه، خصوصا ممن سبق لهم إرتكاب عشرات الجرائم، يجعلهم جهة خطرة جدا لصعوبة التعامل مع هكذا شخصيات، لا يهمها إراقة الدماء أو تدمير البلد لفرض سطوتها وقرارها عليه، أو بحثا عن مكسب مالي أو سلطوي فحسب. رغم أن الحكومة العراقية بزعامة السوداني تزداد قوة يوما بعد أخر، بحكم ما تحققه من منجزات على قلتها، وهذا يمنحها شرعية مجتمعية وسياسيا لكنها وكما يبدو تتردد في مجابهة أتباع الصدر، ولا تريد أن تنجر لساحة هو أعتاد العيش فيها حيث الفوضى والقتل والإجرام لأتفه الأسباب، فقوة الحكومة بمقدار الاستقرار وما تحققه من إنجازات ضمن هذا الإستقرار.هكذا ظواهر غير سوية تتلبس بثوب الدين والسياسية نهايتها واحدة ومعروفة، فمهما فعلت من تأثير تدميري وسلبي على المجتمع والبلد لكنها عاجلا أو أجلا ستقع تحت قبضة القانون، لأنها تتبجح بما تفعله من إجرام، ويوما ما أغلب أتباعها سيتركونها لمصلحة أكبر، وعندها سيكون أمثال هؤلاء وحتى زعيمهم فريسة سهلة يمكن إصطيادها بكل سهولة، وعندها سيكون من يسيرونه الان هم أول من سيتخلى عنه بل وسيكونون في مقدمة اللاعنين له ولأفعاله.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: مقتدى الصدر هذا الرجل على ید
إقرأ أيضاً:
المرأة.. ذلك الكاىٔن المحير!!
فى رائعة أناتول فرانس، «الرجل الذى تزوج امرأة بكماء»، نجد أحد القضاة ذوى السمعة الحسنة والعقل الراجح قد تزوج بإحدى النساء ذوات الحسب الرفيع، لكنها للأسف كانت بكماء لا تنطق بكلمة، فتمنى من شغاف قلبه أن يعالجها، فقد كانت غاية فى الفتنة والأنوثة، وكل ما كان ينقصها هو صوتها الذى تخيله عذباً رقراقاً وكان على استعداد أن يضحى بالغالى والنفيس فى سبيل أن تستعيد قدرتها على التحدث، وبالفعل حقق الله أمنيته إذ عثر على مبتغاه فى صورة طبيب بارع استطاع أن يعالج تلك الزوجة الفاتنة.
ولكن -واأسفاه- فقد تبخرت أحلام الزوج فى السعادة، إذ فوجئ بأن زوجته الفاتنة تلك ما إن استعادت صوتها حتى تحولت إلى كائن ثرثار أنانى، إذ كل ما كان يشغل عقللها زينتها وملابسها وأحدث الصيحات.. إلخ. وطفقت تثرثر طوال الوقت فيما ينفع وما لا ينفع فبدت له كائناً أجوف يعذبه بالثرثرة الفارغة التى كاد يفقد عقله على أثرها!! ولم يجد حلاً لإنهاء عذابه هذا سوى بأن جعل الطبيب الذى عالج زوجته من قبل يعطيه دواء أصابه بالصمم، كى لا يسمع زوجته الثرثارة إلى الأبد!!
وبعيداً عن سخرية «أناتول» اللاذعة فى روايته تلك وإظهاره للمرأة فى تلك الصورة التى قد تغضب عزيزاتى ذوات تاء التأنيث، نجد أن المرأة كاىٔن محير منذ أن خلقه الله من ضلع آدم الأعوج، وبغض النظر عن أنها كانت سبباً رئيسياً فى خروج آدم من الجنة، فإنه لا يمكن أن تختزل كل مثالبها في مجرد الثرثرة.
فالمرأة قد تكون سبباً في أن يعيش الرجل حياة أشبه بالنعيم وتزخر بالنجاح بما حباه الله لها من الفطنة والعقل والذكاء يصدق فيها قول رسولنا الكريم: «خير متاع الدنيا الزوجة الصالحة»، أو تكون على النقيض من ذلك، إذ تحول حياة الرجل إلى عذاب مقيم، فتكون سبباً فى شقاىٔه الأبدى، بكثرة طلباتها ونزواتها وغيرتها ممن حولها من النساء، وتكون غير قنوع بما رزقها الله به، للدرجة التى قد يجن معها الزوج، خصوصاً فى هذا الزمان الأغبر الذى طال فيه الغلاء كل شىء وتحول الرجل إلى مجرد كائن مسكين إزاء متطلبات المعيشة التى تكوى الجباه وتحنى الظهور، ما جعل حديث رسولنا الكريم «رفقاً بالقوارير» ينطبق على الرجال قبل النساء!!
وقد شاع العديد من النظريات والافتراضات الطريفة فى محاولة لفهم المرأة ومدى اختلافها عن الرجل، ولعل أطرفها ما تصوره الطبيب النفسى الأمريكى جون جراى من أن النساء قادمات من كوكب مغاير للذى جاء منه الرجال، فالنساء جئن من كوكب «الزهرة»، فى حين أن الرجال أتوا من «المريخ»، لذا فهما كائنان من كوكبين مختلفين صفاتهما مختلفة ومشاعرهما مختلفة رغم تشابههما فى نسق التكوين العام، فعقل المرأة يختلف كلياً عن الرجل ومشاعر المرأة جياشة تختلف تماماً عن الرجل الذى يميل إلى التفكير بعقله لا من خلال العاطفة، لذا يجب ألا تقاس الأمور من خلال منظور واحد لأى منهما، فهما كائنان مختلفان تمام الاختلاف ينتميان إلى كوكبين مختلفين، التقيا على كوكب ثالث وهى الأرض، لذا فكل منهما يجب أن يقدم على فهم الآخر باعتبار أنه كائن مغاير له فى كل شىء ومن هنا يتلاقيان فى نقطة مشتركة يسودها التفاهم والود والتعاطف ما يحقق السعادة لكل منهما على السواء.
لذا لا تجزع أيها الرجل، فبعيداً عن تلك الثرثارة فى رائعة أناتول فرانس التى أفقدت زوجها عقله، فثمة فرصة سانحة كى تحيا بسعادة مع ذلك المخلوق الزهرى المحير المسمى بـ«المرأة» دون أن تصيب نفسك بالصمم!!