تناول تقرير نشرته مجلة "موذر جونز" الأميركية قضية الأخبار والمعلومات المضللة المتعلقة بالمناخ وأسباب سطوة هذه المعلومات على عقول الناس وانتشارها بينهم، وعرض بعض الأفكار حول مكافحتها.

وأشار التقرير، الذي كتبته كيت يودر محررة الأخبار في موقع "غريست" الإخباري المتخصص في شؤون البيئة وتغيّر المناخ ومقره سياتل الأميركية، إلى إجماع العلماء منذ عام 1995 على وجود "تأثير بشري" على درجات حرارة الأرض مع عواقب "لا رجعة فيها"، وعلى أن حرق الوقود الأحفوري أدى إلى اختلال مناخ الأرض.

وقالت يودر إنه بعد مرور نحو 30 عاما على هذا التحذير، وفي هذا العام -وهو الأكثر سخونة على وجه الأرض منذ 125 ألف سنة- لا يزال الناس يُجادلون بأن العلم غير جدير بالثقة وأن التهديد غير حقيقي ولا ينبغي للبشر التدخّل.

وأضافت أن بحثا حديثا أظهر أن فهم السبب وراء اقتناع الناس بالأخبار الكاذبة يساعد في معرفة كيفية تحصين الناس منها.

وأوردت آراء للفيلسوف الأميركي آندي نورمان، الذي شارك في تأسيس "مشروع المناعة العقلية" الهادف إلى حماية الناس من المعلومات الزائفة، قال فيها إن الناس يقتنعون بالمعلومات المغلوطة لأسباب مختلفة.

ومن بين ما قاله نورمان إن الأمر يمكن أن ينتهي بالناس إلى تجاهل الحقائق المزعجة عندما يواجهون الحجج التي تدعم معتقداتهم، وإنه كلما زاد الاعتماد على المعتقدات المفيدة على حساب المعتقدات الحقيقية، أصبح التفكير أكثر اضطرابا، وإن انجذاب الناس إلى نظريات المؤامرة يعود إلى شعورهم بأنهم أمام سر كبير وراء التغيير في العالم. فعلى سبيل المثال، يعتقد المقتنعون بنظرية أن الأرض مسطحة أنهم يرون ما هو أبعد من "الأوهام" التي لا تراها الغالبية العظمى.

جاذبية الأخبار المضللة

وبينت الكاتبة أن جزءا من المشكلة هو الجاذبية الحقيقية للأخبار الزائفة. فقد وجدت دراسة حديثة نُشرت في مجلة "نيتشر هيومن بهيفير" أن المعلومات المضللة بشأن تغير المناخ كانت أكثر إقناعا من الحقائق العلمية.

وكان الباحثون في جامعة جنيف في سويسرا قد نفذوا تجربة على 7 آلاف شخص من 12 دولة بما في ذلك الولايات المتحدة ونيجيريا والهند، وتتلخص التجربة في قراءة المشاركين فقرة تهدف إلى تعزيز دفاعاتهم العقلية بالتذكير بالإجماع العلمي حول تغير المناخ، أو مصداقية العلماء، أو المسؤولية الأخلاقية عن التصرف، على سبيل المثال.

ثم تعرّض المشاركون، بعد ذلك، إلى وابل من 20 تغريدة حقيقية ألقت باللوم في ارتفاع درجات الحرارة على الشمس والتيار النفاث، وتحدثت عن مؤامرات بشأن "خدعة المناخ التي ابتكرتها الأمم المتحدة"، وحذرت من أن النخب "تريدنا أن نأكل الحشرات".

تأثير كبير لسيل الأخبار الكاذبة

ونقلت الكاتبة عن توبيا سبامباتي، المشرفة على الدراسة والباحثة في علم الأعصاب في جامعة جنيف، قولها إن التدخلات العلمية لم تنجح كما كان مأمولا، إذ كان لسيل الأخبار الزائفة تأثير كبير.

وأوضحت أن قراءة التغريدات عن المؤامرات أدت إلى انخفاض اعتقاد الناس بحدوث تغير المناخ، وتراجع دعمهم الشخصي للعمل من أجل الحد من الانبعاثات، وإن المعلومات المضللة كانت ببساطة أكثر إقناعا من الحقائق العلمية.

وأرجعت الباحثة ذلك جزئيا إلى أن المعلومات المضللة تتلاعب بمشاعر الناس (مما يثير الغضب تجاه النخب التي تريد منك أن تأكل الحشرات، على سبيل المثال). وكانت الفقرة الوحيدة التي ساعدت الناس على التعرف على الأكاذيب هي تلك الفقرة التي دفعتهم إلى تقييم دقة المعلومات التي كانوا يرونها، وهي دفعة أعادت بعض الناس إلى الواقع.

جرعة مخففة من الأخبار الكاذبة

وقال الفيلسوف نورمان إنه من المهم أن يأتي أي تدخل لوقف انتشار المعلومات المضللة مع "جرعة مخففة" من هذه المعلومات المضللة، لمساعدة الناس على فهم سبب استفادة شخص ما من الكذب. فعلى سبيل المثال، عندما علمت إدارة بايدن بخطط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للحرب على أوكرانيا أواخر عام 2021، بدأ البيت الأبيض يحذر العالم من أن روسيا ستنشر رواية كاذبة لتبرير الحرب.

وقالت الكاتبة إنه بالنسبة لتغير المناخ، ربما لا ينجح هذا النهج. فقد أثّرت عقود من حملات التضليل الممولة من شركات النفط على الجمهور بالفعل.

ونقلت عن إيما فرانسيس بلومفيلد، أستاذة الاتصالات في جامعة "نيفادا" في لاس فيغاس قولها إنه "من الصعب حقا التفكير في شخص لم يتعرض للتشكيك في المناخ أو المعلومات المضللة من صناعات الوقود الأحفوري. فهي منتشرة للغاية".

القيّم والمصالح

وترى بلومفيلد أن المعلومات المضللة تنتشر لأسباب عديدة، ومجرد إخبار الأشخاص الذين يقعون ضحية لها بأن هناك إجماعا علميا على ذلك، ليس كافيا، موضحة أنهم "يشكون في تغير المناخ لأنهم يشكون في الهيئات العلمية. إنهم يتخذون قرارات بشأن البيئة، ليس بناء على الحقائق أو العلوم، وإنما بناء على قيمهم أو أشياء أخرى مهمة ولهم فيها مصلحة ما".

ومن الأسباب أيضا أن إنكار تغيّر المناخ يسمح للناس برؤية أنفسهم كأبطال، على حد تعبير بلومفيلد، وليس عليهم أن يغيّروا تصرفاتهم، بل وربما يرون أن قيادة شاحنة كثيرة الاستهلاك للوقود جزء من القدر.

وقالت بلومفيلد إن من ينشرون الشكوك حول الحقائق العلمية لديهم مصالح مالية كبيرة مثل شركات الوقود الأحفوري، ومتصيّدي منصات التواصل الاجتماعي، وحتى بعض الدول، وإن "نشر الشك أسهل وأرخص بكثير من نشر اليقين".

منع حدوثها في المقام الأول

وأشارت الكاتبة إلى أن شركات النفط، بما في ذلك شركة "شل" و"إكسون موبيل" و"بي بي"، أنفقت هذا العام نحو 4 إلى 5 ملايين دولار على إعلانات فيسبوك المتعلقة بالقضايا الاجتماعية والسياسية.

وقالت الباحثة توبيا سبامباتي إن الطريقة المباشرة لمحاربة المعلومات المضللة هي منع حدوثها في المقام الأول. ولكن حتى لو تمكنت الهيئات التنظيمية من إقناع منصات التواصل الاجتماعي بمحاولة وقف انتشار نظريات المؤامرة والأكاذيب، فإن إزاحتها قصة مختلفة. ويسعى أحد الأساليب الواعدة، وهو "الفحص العميق"، إلى إقناع الناس من خلال محادثات فردية غير قضائية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المعلومات المضللة الأخبار الکاذبة على سبیل المثال تغیر المناخ

إقرأ أيضاً:

شراكة بين مؤسسة التمويل الدولية والبنك التجاري الدولي لدعم الحد من الانبعاثات الكربونية

أعلنت مؤسسة التمويل الدولية اليوم عن عقد شراكة مع البنك التجاري الدولي (CIB) لدعم خفض الانبعاثات الكربونية وزيادة التمويل المقدَّم لمشروعات الطاقة الخضراء في القطاعات الاقتصادية كثيفة الانبعاثات في مصر.

وفي إطار هذه الشراكة، ستقوم مؤسسة التمويل الدولية، من خلال برنامجها الاستشاري لتمويل الأنشطة المناخية، بدعم البنك التجاري الدولي لمساعدة عملائه في القطاعات كثيفة الانبعاثات الكربونية، مثل النفط والغاز والنقل والعقارات على الحد من انبعاثاتهم الكربونية، فضلاً عن زيادة قدرتهم التنافسية في الأسواق المحلية والعالمية.

وسيساند هذا المشروع تحوّل مصر إلى اقتصاد منخفض الكربون، بالإضافة إلى دعمها لتحقيق أهدافها المناخية. ومن خلال تعزيز القدرة على الصمود والتكيف في مختلف قطاعات الاقتصاد، يمكن لمصر الاستفادة على نحو أفضل من مواردها الطبيعية المحدودة، وخلق وظائف وفرص في إطار التحول إلى اقتصاد أخضر.

صرح عمرو الجنايني، نائب الرئيس التنفيذي وعضو مجلس الإدارة التنفيذي للبنك التجاري الدولي، "أن الشراكة بين البنك التجاري الدولي (CIB) ومؤسسة التمويل الدولية تدفع عجلة التخطيط للانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون، استناداً الي سجلهما الناجح، بما في ذلك إصدار أول سندات خضراء للشركات في مصر، سيؤدي هذا التعاون الي تعظيم الاستفادة من خبرات مؤسسة التمويل الدولية لوضع إستراتيجية شاملة للبنك بهدف الحد من الانبعاثات الكربونية، مع التركيز على 7 قطاعات رئيسية كثيفة الانبعاثات الكربونية". وأضاف قائلاً: "إن الهدف الرئيسي من هذه الشراكة هو تعزيز قدرة الشركات على التغلب على تحديات تغير المناخ، وفتح آفاق جديدة للابتكار، وبناء مستقبل أكثر ازدهارا للقطاعات في مصر، بما يعزز من الوضع الاقتصادي في البلاد".

ومن جانبه صرح أليو مايغا، المدير الإقليمي لمجموعة المؤسسات المالية لمنطقة إفريقيا بمؤسسة التمويل الدولية قائلاً: "تمثل هذه الشراكة بين مؤسسة التمويل الدولية والبنك التجاري الدولي خطوة مهمة نحو مساعدة القطاع الخاص في مصر على الحد من الانبعاثات والمخاطر المرتبطة بالمناخ”، مضيفا أن الأدلة تشير إلى أن استخدام الموارد الطبيعية وتخصيصها على نحو أكثر كفاءة لا يقلل فقط من آثار تغير المناخ على الناس والشركات ومؤسسات الأعمال، بل يمكن أيضاً أن يعزز النمو والاستدامة، فضلاً عن زيادة القدرة التنافسية للصناعات".

جدير بالذكر أن مؤسسة التمويل الدولية لديها شراكة استراتيجية طويلة الأمد مع البنك التجاري الدولي، ساعدت على إصدار أول سند أخضر من جانب القطاع الخاص في مصر في عام 2021، وذلك بهدف دعم أنظمة وجهود التكيف مع تغير المناخ، ومشروعات كفاءة استخدام الطاقة والبناء الأخضر، فضلاً عن تطوير وتنفيذ إطار المؤسسة لإدارة المخاطر المناخية في عام 2023.

يأتي هذا المشروع، الذي تدعمه الوزارة الاتحادية للشؤون الاقتصادية وحماية المناخ في ألمانيا، كما يتسق مع التزام مجموعة البنك الدولي بالتصدي لتغير المناخ من خلال مواءمة 100% من جميع عمليات التمويل الجديدة مع أهداف اتفاق باريس بحلول عام 2025.

ومنذ بداية عملها في مصر في 1975، قامت مؤسسة التمويل الدولية باستثمار وتعبئة نحو 9 مليارات دولار في مشروعات استثمارية، ولديها محفظة عمليات استشارية تبلغ قيمتها 22 مليون دولار.

وركز دعم مؤسسة التمويل الدولية للقطاع الخاص في مصر على التكنولوجيا المالية، وتمويل العمل المناخي، والصناعات التحويلية، ومشروعات البنية التحتية، والطاقة المتجددة، والرعاية الصحية، والمساواة بين الجنسين، وغيرها من القطاعات الأخرى.

اقرأ أيضاًبـ 75 مليون دولار.. تحالف مصرفي من 4 بنوك يغطي قرضاً مشتركاً

الجنيه الإسترليني ينخفض بعد قرار بنك إنجلترا المركزي

انخفاض عائد السندات الهندية لأجل 10 سنوات إلى أدنى مستوى

مقالات مشابهة

  • شراكة بين مؤسسة التمويل الدولية والبنك التجاري الدولي لدعم الحد من الانبعاثات الكربونية
  • «يناير2025» الأعلى على الإطلاق.. تغير المناخ يدفع «الحرارة» لمستويات غير مسبوقة
  • المدن الاسفنجية..مساحات خضراء تواجة مخاطر تغير المناخ
  • دراسة تربط بين تغير المناخ ومرض الخرف
  • تقرير جديد لـ معلومات الوزراء حول تداعيات تغير المناخ على مستقبل الطاقة
  • تقرير جديد لـ "معلومات الوزراء" حول تداعيات تغير المناخ على مستقبل الطاقة
  • معلومات الوزراء يستعرض تقريرا جديدا حول تداعيات «تغير المناخ على مستقبل الطاقة»
  • حار بي الدليل لمن أشكو
  • رئيس جنوب إفريقيا يبحث هاتفيا مع إيلون ماسك "المعلومات المضللة" عن بلاده
  • دراسة: تغير المناخ ساهم في تكاثر أعداد القوارض في مدن مثل أمستردام ونيويورك وتورنتو