تمثل الضربات الأمريكية في العراق ومثيلتها الإسرائيلية في سوريا وهجمات الحوثيين في البحر الأحمر، تحذيرات على أن حرب إسرائيل في غزة تهدد بالتوسع إلى صراع أوسع نطاقا، بينما ترى تل أبيب أن هذا الصراع بدأ بالفعل، بحسب إيان مارلو في تحليل بوكالة "بلومبرج" الأمريكية (Bloomberg) ترجمه "الخليج الجديد".

وتضامنا مع قطاع غزة الذي يواجه منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي حربا إسرائيلية مدمرة بدعم أمريكي، تعرضت أهداف إسرائيلية و/ أو أمريكية لهجمات شنتها جماعات مدعومة من إيران، بينها "حزب الله" في لبنان والحوثيون في اليمن وجماعات أخرى في الجارتين سوريا والعراق.

وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، في وقت متأخر الإثنين، إن قواتها شنت ضربات على ثلاث منشآت في العراق مرتبطة بكتائب "حزب الله" العراقي.

واشنطن أعلنت أن هذه الجماعة، المدعومة من إيران، كانت وراء هجوم أدى إلى إصابة ثلاثة عسكريين أمريكيين، أحدهم في حالة حرجة.

ومعتبرا الضربات الأمريكية رد فعل "ضروري ومتناسب"، قال وزير الدفاع لويد أوستن، في بيان: "على الرغم من أننا لا نسعى إلى تصعيد الصراع في المنطقة، إلا أننا ملتزمون ومستعدون تماما لاتخاذ المزيد من الإجراءات الضرورية لحماية شعبنا ومنشآتنا".

اقرأ أيضاً

قيادي حوثي: توجيه عمليات عسكرية ضد اليمن سيجعلها حربا إقليمية كارثية

هجمات جديدة

والثلاثاء، أصابت جماعة الحوثي بصواريخ سفينة الحاويات "MSC United VIII " أثناء مرورها في البحر الأحمر، بعد رفضها الاستجابة لنداءات متكررة من الحوثيين، بحسب بيان للجماعة.

وتضامنا مع غزة، استهدفت جماعة الحوثي بالصواريخ وطائرات مسيّرة سفن شحن في البحر الأحمر مملوكة و/ أو تشغلها شركات إسرائيلية و/ أو تنقل بضائع من وإلى إسرائيل.

وقالت القيادة المركزية الأمريكية، عبر منصة "إكس" الثلاثاء، إن مدمرة أمريكية وطائرات مقاتلة من طراز F/A-18 أسقطت 12 طائرة مسيّرة هجومية أطلقها الحوثيون فوق جنوب البحر الأحمر، مضيفة أنه لم تحدث أضرار مادية ولا خسائر بشرية.

وفي 18 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أعلن أوستن عن تشكيل قوة عمل بحرية من 10 دول، بينها دولة عربية واحدة هي البحرين، بهدف مواجهة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.

وقال مارلو إنه "على الرغم من نفي إيران مساعدة المسلحين في مهاجمة السفن التجارية، إلا أن طهران تعهدت بأن تدفع إسرائيل ثمن غارة جوية في سوريا الاثنين أسفرت عن مقتل (رضي موسوي) قائد كبير في الحرس الثوري الإيراني".

اقرأ أيضاً

حرب إقليمية محتملة.. ماذا ستفعل إيران؟ وكيف يساعد الحوثيون؟

صراع أوسع

وبحسب آرون ديفيد ميلر، زميل في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي ومسؤول أمريكي سابق، فإنه "من الواضح أنه كلما طال أمد الحرب بين إسرائيل و(حركة) حماس بهذا النوع من القوة، زاد احتمال حدوث بعض التصعيد".

وخلّفت الحرب الإسرائيلية على غزة حتى أمس الثلاثاء 20 ألفا و915 شهيدا، و54 ألفا و918 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.

وأضاف ميلر أن "عدد الجماعات غير التابعة لدول، فضلا عن عدم القدرة على التنبؤ بالعمليات العسكرية الإسرائيلية وردود إيران المحتملة، يجعل من الصعب التنبؤ بالوقت الذي قد تتحول فيه حوادث معينة إلى تصعيد أوسع.. وربما تضطر واشنطن إلى رد أقوى بكثير إذا تمكنت مجموعة إقليمية من قتل عسكريين أمريكيين".

ومنذ اندلاع الحرب، قدمت الولايات المتحدة للاحتلال أقوى دعم عسكري واستخباراتي ودبلوماسي ممكن، حتى بات منتقدون يعتبرون واشنطن "شريكة" في "جرائم الحرب" الإسرائيلية بغزة.

ووفقا لمارلو فإن "الهجمات والتطورات الأخرى في جميع أنحاء المنطقة تسلط الضوء على التوازن الصعب بشكل متزايد بالنسبة لإدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن، التي تحاول دعم إسرائيل ضد حماس".

وردا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، شنت "حماس" في 7 أكتوبر الماضي هجوم "طوفان الأقصى" ضد قواعد عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في محيط غزة.

وقتلت "حماس" في الهجوم نحو 1200 إسرائيلي وأسرت حوالي 240، بادلت قرابة 110 منهم مع الاحتلال، الذي يحتجز في سجونه أكثر من 7800 فلسطيني، وذلك خلال هدنة استمرت أسبوعا حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، بوساطة قطرية مصرية.

وقال مارلو إن "المسؤولين الأمريكيين مارسوا أيضا ضغوطا على إسرائيل لإنهاء عملياتها المكثفة في غزة".

وتابع: "بالنسبة للمسؤولين الإسرائيليين القلقين بشأن مقاتلي حزب الله في لبنان المجاور والجماعات الأخرى في المنطقة، فإن الصراع الحالي يبدو بالفعل مثل الحرب الأوسع التي تقول الولايات المتحدة إنها تحاول منعها".

ومنذ 8 أكتوبر الماضي، يتبادل "حزب الله" وفصائل فلسطينية في لبنان قصفا يوميا متقعها مع جيش الاحتلال؛ مما أسفر عن عشرات القتلى والجرحى على جانبي "الخط الأزرق" الفاصل.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت في الكنيست، مؤخرا، إن إسرائيل في خضم "حرب متعددة الجبهات"، بعد أن تعرضت بالفعل للهجوم من سبع ساحات مختلفة، هي غزة ولبنان وسوريا والضفة الغربية والعراق واليمن وإيران.

وتعتبر كل من طهران وتل أبيب العاصمة الأخرى العدو الأول لها، وتواصل إسرائيل منذ عقود احتلال أراضٍ في كل من فلسطين وسوريا ولبنان.

اقرأ أيضاً

3 فجوات من الثقة.. حرب غزة تكبد واشنطن خسائر إقليمية وعالمية

المصدر | إيان مارلو/ بلومبرج- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: هجمات إقليمية ضربات أمريكية إسرائيلية حرب أوسع غزة حماس فی البحر الأحمر حزب الله

إقرأ أيضاً:

أمريكا وسياستها في البحر الأحمر

 

 

تمضي إسرائيل اليوم ومن ورائها أمريكا وبريطانيا والدول دائمة العضوية بمجلس الأمن إلى تنفيذ فكرة الشرق الجديد، وتنفيذ الخطط الاقتصادية، ومنها الخطط المتعلقة بحركة التجارة العالمية، والسيطرة على مساراتها، وهم ماضون في تحقيق الحلم القديم الذي نشأ بعد تأميم قناة السويس في عام 1956م والمتمثل في إنشاء قناة بن غوريون التي تعمل على تسهيل الحركة بين البحرين الأحمر والأبيض المتوسط في مسارين دون توقف أو إعاقة في حركة منسابة وسهلة لا يمكن لقناة السويس توفيرها بسبب الجغرافيا، والمشروع كبير ويدر دخلا قوميا كبيرا جدا وفق خططه ودراساته المتوفرة .

وقد برزت أهمية البحر الأحمر في منظور السياسة الأمريكية في أعقاب حرب أكتوبر 1973م حين استخدم العرب النفط كسلاح سياسي في سياق المعركة بينهم وبين إسرائيل، وكان للتوسع الأمريكي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1990م دور كبير أثناء رسم السياسات الدولية وتحديد خطوطها الرئيسية، وقد تزايد اهتمام أمريكا بالمنطقة العربية بعد تفردها بحكم العالم حيث يشكل البحر الأحمر أحد محاورها المهمة لكونه يمثل طريقا استراتيجيا لحركة المواصلات العالمية، وله علاقة بالعديد من النزاعات الإقليمية والدولية كالصراع العربي الإسرائيلي، والصراع الإيراني الأمريكي، والصراع الأمريكي الصيني، وسعي العديد من القوى الدولية إلى إقامة قواعد عسكرية على سواحله الممتدة لعشرات الآلاف من الكيلومترات.

وتأتي أهمية البحر الأحمر لكونه بحراً عربياً بنسبة تفوق التسعين بالمئة من سواحله، ومن ناحية أهميته في اعتماد التجارة الدولية بين شرق وغرب الكرة الأرضية على استخدام مياهه واحتواء أغلب الدول المطلة عليه على ثروات معدنية وطبيعة خلابة وسواحل مرجانية فضلا عن احتوائه على كميات كبيرة من النفط والمعادن الأخرى.

ومن هنا كان لا بد للولايات المتحدة من مبررات ودوافع تمكنها من السيطرة على هذا الممر المائي المهم على المستويين السياسي والاقتصادي وقد “أعلنت البحرية الأمريكية تأسيس “قوة مهام جديدة”، مع دول حليفة، تقوم بدوريات في البحر الأحمر، وحُددت مهمتها “تعزيز الأمن في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن”، وبشكل أدق “التصدي لتهريب الأسلحة إلى اليمن”، وهي ذرائع لمطامع استعمارية وصهيونية خطيرة.

ويمثل البحر الأحمر أهمية ذات بعد استراتيجي بسبب ارتباطه بمنطقة الخليج، فأمريكا ترى ضرورة استمرار تأمين خطوط الملاحة التي يمر بها النفط والغاز عبر البحر الأحمر وقناة السويس، سعيا منها إلى أن تكون أكثر سيطرة على طرق النفط وعلى منابع النفط حتى تحد من دول الاتحاد الأوروبي، ومن خلال تواجدها في البحر الأحمر وفرض هيمنتها عليه تسعى أمريكا إلى إعادة ترتيب المنطقة طبقا لمصالحها الحيوية والفاعلة، كما أن البحر الأحمر يمثل أهمية عسكرية في حال تهديد المصالح الأمريكية من أي قوة عسكرية محتملة تهدد مصالحها، والأهم وجود مصالح استراتيجية مشتركة بين إسرائيل وأمريكا إذ تلتزم أمريكا بضمان أمن إسرائيل في مواجهة أي احتمال عسكري أو اقتصادي يهدد وجود إسرائيل في المنطقة .

” وحضور أمريكا المباشر قد يكون مزمناً بتثبيت تواجدها وتكريس صهيونية البحر الأحمر حتى يكتمل تحالف ” الناتو العربي الصهيوني” ليقوم بمهمة السيطرة على المنطقة وضمان المصالح الأمريكية، حينئذ محتمل أن تقلص الولايات المتحدة من حضورها المباشر في البحر الأحمر، أما في الظروف الراهنة فلا زالت الجزيرة العربية بالغة الأهمية لها، وخاصة مع سعي كل من روسيا والصين إلى فرض نظام متعدد الأقطاب وبالتالي إعادة رسم خارطة التوازنات العالمية ومعها الانتشار العسكري، فالولايات المتحدة منذ انتصارها على المعسكر الاشتراكي أعلنت “الشرق الأوسط” منطقتها العسكرية المركزية ونشرت فيها أساطيلها وهيمنت عبر الخونة والعملاء عليها” .

“خلف هذا التحرك عاملان: استراتيجي، وتكتيكي، الاستراتيجي: وهو متعلق بالسياسة الأمريكية الصهيونية في ضرورة السيطرة على المضايق البحرية وعلى البحر الأحمر بشكل خاص وعلى منابع النفط، فالبحر الأحمر وفق هذه الاعتبارات يقع في قلب الاستراتيجية الأمريكية الصهيونية .

أما البعد التكتيكي، فهو متعلق بتضاعف القوة اليمنية في البحر الأحمر، واستباق احتمالات التسوية السياسية في اليمن لترسيخ الوجود الأمريكي كأمر واقع، وكذلك تفاقم الأزمة الغربية الروسية الصينية وما يرتبط بها من تحركات لهذه الدول على مستوى العالم أشبه ما يكون بتسجيل نقاط في رقعة شطرنج، في الوقت الذي تحتكر فيه روسيا الحضور العسكري في البحر الأسود حتى الآن وتزداد التصريحات الصينية بأحقية سيادتها في بحر الصين الجنوبي. ”

والخلاصة تريد أمريكا أن تضمن ثلاثة أهداف استراتيجية من خلال فرض هيمنتها على البحر الأحمر هي:

– ضمان عدم سيطرة القوى التي تراها معادية لمشروعها في المنطقة وخاصة محور المقاومة وجل ما تخشاه أن يحدث تحالف بين الصين ودول المنطقة أو بين الدول المطلة على البحر الأحمر وروسيا.

– الهدف الثاني: هو ضمان بقاء إسرائيل واستمرارها في المنطقة، فهي تفرض حمايتها لإسرائيل، فاللوبي الصهيوني الضاغط في أروقة البيت الأبيض والمتحكم في مفاصل الدولة والاقتصاد يفرض مثل هذه السياسة على أمريكا فهي مجبرة لا بطلة في الأمر.

– الهدف الثالث: هو ضمان تدفق النفط والغاز عبر البحر الأحمر وعبر المضايق دون أي قلق وهي اليوم أشد حرصا منها بالأمس بعد أن أشعل الدب الروسي فتيل المعركة في جزيرة القرم وتسبب ذلك في تأثر سوق الطاقة في أوروبا، وتركت الحرب أثرا على اقتصاد دول الاتحاد الأوروبي وعلى أمريكا نفسها، لذلك تخوض حربا مع روسيا بالوكالة من خلال أوكرانيا فهي مع دول الاتحاد الأوربي يدعمون أوكرانيا لوجستيا وعسكريا ويقودون المعركة من خلف جدر أو من بروج مشيدة.

تلك الأهداف كانت وراء تعثر المفاوضات السياسية وبقاء الحال على ما هو عليه حتى تضمن لها موقع قدم في البحر الأحمر دون تهديد من أي قوة عسكرية، فهي ترى أنصار الله كقوة وطنية تحررية معادية لمشروعها لذلك تحاول أن تُفشل أي تقارب سياسي بين صنعاء ودول التحالف العربي ولعلها بعدوانها اليوم تفصح عن هذه الأهداف دون مواربة أو شك.

 

 

مقالات مشابهة

  • أمريكا تعترف بفشل حملتها على اليمن: صنعاء تفرض معادلة الردع البحري وتربك الاستراتيجيات العسكرية الأمريكية
  • ترومان تفر من البحر الأحمر.. الهزيمة الأمريكية تتكرّس تحت وقع الضربات اليمنية
  • أمريكا وسياستها في البحر الأحمر
  • مجلة إيطالية: المسيرات “الحوثية” كشفت هشاشة المدمرات الأمريكية في البحر الأحمر
  • مخاوف إسرائيلية أمريكية من امتلاك إيران النووي
  • لبنان.. العفو الدولية تتهم إسرائيل بشن هجمات عشوائية على المدنيين
  • تقرير: هجمات الحوثيين في اليمن تمثل تهديدا مباشرا للولايات المتحدة
  • أمريكا: وقف هجمات البحر الأحمر يمهد الطريق لتسوية يمنية
  • عقوبات أمريكية جديدة على إيران وتأجيل المباحثات إلى السبت
  • إعادة تموضع لإيران واستراتيجية جديدة لا تتخلى فيها عن الحوثيين على وقع الضربات الأمريكية المستمرة